Loading...
error_text
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: کتابخانه عربی
اندازه قلم
۱  ۲  ۳ 
بارگزاری مجدد   
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: كتاب الصلاة

كتاب الصلاة كتاب الصلاة

وهي التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهي عمود الدين، إن قُبلت قُبل ما سواها، وإن رُدّت رُدّ ما سواها.

فصل في مقدّمات الصلاة

وهي ستّ:

المقدّمة الاُولى: في أعداد الفرائض ومواقيت اليومية ونوافلها

(مسألة 1): الصلاة واجبة ومندوبة:
فالواجبة خمس: اليوميّة، ومنها الجمعة، وكذا قضاء ولد الأكبر عن والده، وصلاة الآيات، والطواف الواجب، والأموات، وما التزمه المكلّف بنذر أو إجارة أو غيرهما. وفي عدّ الأخيرة في الواجب مسامحة، إذ الواجب هو الوفاء بالنذر ونحوه، لا عنوان الصلاة.
والمندوبة أكثر من أن تحصى، منها الرواتب اليوميّة: وهي ثمانِ ركعات للظهر قبله، وثمان للعصر قبله، وأربع للمغرب بعده، وركعتان من جلوس للعشاء بعده تُعدّان بركعة، تُسمّى بالوتيرة، ويمتدّ وقتها بامتداد وقت صاحبها، وركعتان للفجر قبل الفريضة، ووقتهما الفجر الأوّل، ويمتدّ إلى أن يبقى من طلوع الحمرة مقدار أداء الفريضة، ويجوز دسّهما في صلاة الليل قبل الفجر ولو عند نصف الليل، بل لا يبعد أن يكون وقتهما بعد مقدار إتيان صلاة الليل من انتصافها، ولكن الأحوط عدم الإتيان بهما قبل الفجر الأوّل إلاّ بالدسّ في صلاة الليل، وإحدى عشرة ركعة نافلة الليل ; صلاة الليل ثمان ركعات، ثمّ ركعتا الشفع، ثمّ ركعة الوتر، وهي مع الشفع أفضل صلاة الليل، وركعتا الفجر أفضل منهما، ويجوز الاقتصار على الشفع والوتر، بل على الوتر خاصّة عند ضيق الوقت، وفي غيره يأتي به رجاءً، ووقت صلاة الليل نصفها إلى الفجر الصادق، والسحر أفضل من غيره، والثلث الأخير من الليل كلّه سحر، وأفضله القريب من الفجر، وأفضل منه التفريق كما كان يصنعه النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، فعدد النوافل ـ بعد عدّ الوتيرة ركعة ـ أربع وثلاثون ركعة ضعف عدد الفرائض، وتسقط في السفر الموجب للقصر ثمانيةُ الظهر وثمانيةُ العصر، وتثبت البواقي، والأحوط الإتيان بالوُتَيرة رجاءً ([299]).

(مسألة 2): الأقوى ثبوت استحباب صلاة الغفيلة، وليست من الرواتب([300])، وهي ركعتان بين صلاة المغرب وسقوط الشفق الغربي على الأقوى، يقرأ في الاُولى بعد الحمد:(وَذَا النُّون إذ ذهبَ مُغاضِباً فظَنَّ أن لَن نقدِرَ عليهِ فنادى في الظُّلماتِ أن لا إله إلاّ أنتَ سُبحانَكَ إنِّي كنتُ من الظَّالمينَ، فاستجَبنا لهُ ونجَّيناهُ من الغمِّ وكذلكَ نُنجي المُؤمنين).

وفي الثانية بعد الحمد:(وعندَهُ مفاتِحُ الغَيبِ لا يَعلَمُها إلاّ هو ويعلَمُ ما في البَرِّ والبَحرِ وما تَسقُطُ من ورَقَة إلاّ يعلمُها ولا حَبَّة في ظُلماتِ الاَْرْضِ ولا رطب ولا يابسِ إلاّ في كتاب مُبين).
فإذا فرغ رفع يديه وقال: «اللّهُمَّ إنّي أسألك بمفاتِح الغيبِ التي لا يَعلمُها إلاّ أنتَ أن تُصلّيَ على مُحمّد وآلِ مُحمّد وأن تفعلَ بي كذا وكذا»، فيدعو بما أراد، ثمّ قال: «اللّهمَّ أنتَ وليُّ نعمتِي والقادِرُ على طلِبتي تَعلَمُ حاجتي فأسألُكَ بحقِّ محمَّد وآلِ محمّد عليهِ وعليهِم السَّلامُ لمَّا قضيتَها لي»، وسأل الله حاجته، أعطاه الله عزّوجلّ ما سأله إن شاء الله.

(مسألة 3): يجوز إتيان النوافل الرواتب وغيرها جالساً حتّى في حال الاختيار، لكن الأولى حينئذ عدّ كلّ ركعتين بركعة حتّى في الوتر، فيأتي بها مرّتين كلّ مرّة ركعة.

(مسألة 4): وقت نافلة الظهر من الزوال إلى الذراع ـ أي سبعي الشاخص ـ والعصر إلى الذراعين ـ أي أربعة أسباعه([301]) ـ فإذا وصل إلى هذا الحدّ يقدّم الفريضة.

(مسألة 5): لا إشكال في جواز تقديم نافلتي الظهر والعصر على الزوال في يوم الجمعة، بل يزاد على عددهما أربع ركعات، فتصير عشرين ركعة، وأمّا في غير يوم الجمعة فعدم الجواز لا يخلو من قوّة، ومع العلم بعدم التمكّن من إتيانهما في وقتهما فالأحوط الإتيان بهما رجاءً ([302]). ويجوز تقديم نافلة الليل على النصف للمسافر والشابّ الذي يخاف فوتها في وقتها، بل وكلّ ذي عذر كالشيخ وخائف البرد أو الاحتلام([303])، وينبغي لهم نيّة التعجيل لا الأداء.

(مسألة 6): وقت الظهرين من الزوال إلى المغرب([304])، ويختصّ الظهر بأوّله مقدار أدائها بحسب حاله، والعصر بآخره كذلك، وما بينهما مشترك بينهما. ووقت العشاءين للمختار من المغرب إلى نصف الليل، ويختصّ المغرب بأوّله بمقدار أدائها، والعشاء بآخره كذلك بحسب حاله، وما بينهما مشترك بينهما. والأحوط لمن أخّرهما([305]) عن نصف الليل ـ اضطراراً ; لنوم أو نسيان أو حيض أو غيرها، أو عمداً ـ الإتيان بهما إلى طلوع الفجر بقصد ما في الذمّة، ولو لم يبقَ إلى طلوعه بمقدار الصلاتين يأتي بالعشاء احتياطاً، والأحوط قضاؤهما مترتّباً بعد الوقت. وما بين طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس وقت الصبح.

ووقت فضيلة الظهر من الزوال إلى بلوغ الظلّ الحادث مثل الشاخص، كما أنّ منتهى فضيلة العصر المِثلان، ومبدأ فضيلته إذا بلغ الظلّ أربعة أقدام ـ أي أربعة أسباع الشاخص ـ على الأظهر، وإن لا يبعد أن يكون مبدؤها بعد مقدار أداء الظهر.

ووقت فضيلة المغرب من المغرب إلى ذهاب الشفق، وهو الحمرة المغربيّة، وهو أوّل فضيلة العشاء إلى ثلث اللّيل، فلها وقتا إجزاء: قبل ذهاب الشفق، وبعد الثلث إلى النصف. ووقت فضيلة الصبح من أوّله إلى حدوث الحُمرة المشرقيّة، ولعلّ حدوثها يساوق مع زمان التجلّل والإسفار وتنوّر الصُّبح المنصوص بها.

(مسألة 7): المراد باختصاص الوقت: عدم صحّة الشريكة فيه مع عدم أداء صاحبتها بوجه صحيح، فلا مانع من إتيان غير الشريكة فيه كصلاة القضاء من ذلك اليوم أو غيره، وكذا لا مانع من إتيان الشريكة فيه، إذا حصل فراغ الذمّة من صاحبة الوقت، فإذا قدم العصر سهواً على الظهر، وبقي من الوقت مقدار أربع ركعات، يصحّ إتيان الظهر في ذلك الوقت أداءً، وكذا لو صلّى الظهر قبل الزوال بظنّ دخول الوقت، فدخل الوقت قبل تمامها، لا مانع من إتيان العصر بعد الفراغ منها، ولا يجب التأخير إلى مُضيّ مقدار أربع ركعات، بل لو وقع تمام العصر في وقت الظهر صحّ على الأقوى([306])، كما لو اعتقد إتيان الظهر فصلّى العصر، ثمّ تبيّن عدم إتيانه، وأنّ تمام العصر وقع في الوقت المختصّ بالظهر، لكن لا يُترك الاحتياط فيما لم يُدرك جزءً من الوقت المشترك.

(مسألة 8): لو قدّم العصر على الظهر أو العشاء على المغرب عمداً، بطل ما قدّمه، سواء كان في الوقت المختصّ أو المشترك، ولو قدّم سهواً وتذكّر بعد الفراغ، صحّ ما قدّمه([307])، ويأتي بالاُولى بعده، وإن تذكّر في الأثناء عدل بنيّته إلى السابقة، إلاّ إذا لم يبقَ محلّ العدول، كما إذا قدّم العشاء وتذكّر بعد الدخول في ركوع الرابعة، والأحوط حينئذ الإتمام ثمّ الإتيان بالمغرب ثمّ العشاء، بل بطلان العشاء([308]) لا يخلو من قوّة.

(مسألة 9): إن بقي للحاضر مقدار خمس ركعات إلى الغروب وللمسافر ثلاث، قدّم الظهر وإن وقع بعض العصر في خارج الوقت، وإن بقي للحاضر أربع ركعات أو أقلّ، وللمسافر ركعتان أو أقلّ، صلّى العصر، وإن بقي للحاضر إلى نصف الليل خمس ركعات أو أكثر، وللمسافر أربع ركعات أو أكثر، قدّم المغرب، وإن بقي للحاضر والمسافر إليه أقلّ ممّا ذكر قدّم العشاء، ويجب المبادرة إلى إتيان المغرب بعده إن بقي مقدار ركعة أو أزيد، والظاهر كونه أداءً، وإن كان الأحوط عدم نيّة الأداء والقضاء.

(مسألة 10): يجوز العدول من اللاحقة إلى السابقة بخلاف العكس، فلو دخل في الظهر أو المغرب، فتبيّن في الأثناء أنّه صلاّهما، لا يجوز له العدول إلى اللاحقة، بخلاف ما إذا دخل في الثانية بتخيّل أنّه صلّى الاُولى، فتبيّن في الأثناء خلافه، فإنّه يعدل إلى الاُولى إن بقي محلّ العدول.

(مسألة 11): لو كان مسافراً وبقي من الوقت مقدار أربع ركعات، فشرع في الظهر مثلاً ثمّ نوى الإقامة في الأثناء، بطلت صلاته، ولا يجوز له العدول إلى اللاحقة فيقطعها ويشرع فيها، كما أنّه إذا كان في الفرض ناوياً للإقامة، فشرع في اللاحقة، ثمّ عدل عن نيّة الإقامة، يكون العدول إلى الاُولى مُشكلاً ([309]).

(مسألة 12): يجب على الأحوط([310]) على ذوي الأعذار تأخير الصلاة عن أوّل وقتها مع رجاء زوالها في الوقت، إلاّ في التيمّم، فإنّه يجوز فيه البدار إلاّ مع العلم بارتفاع العذر فيه، كما مرّ في بابه.

(مسألة 13): الأقوى جواز التطوّع في وقت الفريضة ما لم يتضيّق، وكذا لمن عليه قضاؤها.

(مسألة 14): لو تيقّن بدخول الوقت فصلّى، أو عوّل على أمارة معتبرة كشهادة العدلين، فإن وقع تمام الصلاة قبل الوقت بطلت، وإن وقع بعضها فيه ـ ولو قليلاً منها ـ صحّت.

(مسألة 15): لو مضى من أوّل الوقت مقدار أداء الصلاة وتحصيل مقدّماتها، كالطهارة المائيّة أو الترابيّة وغيرها على حسب حاله، ثمّ حصل أحد الأعذار كالجنون والحيض، وجب عليه القضاء، وإلاّ لم يجب. نعم لو كانت المقدّمات حاصلة أوّل الوقت، كفى فيه مقدار أدائها حسب حاله وتكليفه الفعلي، وإن ارتفع العذر في آخر الوقت فإن وسع الطهارة والصلاتين وجبتا، أو الطهارة وصلاة واحدة وجبت صاحبة الوقت، وكذا الحال في إدراك ركعة مع الطهور، فإن بقي مقدار تحصيل الطهور وإدراك ركعة أتى بالثانية، وإن زاد عليها بمقدار ركعة مع تحصيل الطهور وجبتا معاً.

(مسألة 16): يعتبر لغير ذي العذر العلمُ بدخول الوقت حين الشروع في الصلاة، ويقوم مقامه شهادة العدلين إذا كانت شهادتهما عن حسّ كالشهادة بزيادة الظلّ بعد نقصه، ولا يكفي الأذان ولو كان المؤذّن عدلاً عارفاً بالوقت على الأحوط([311]). وأمّا ذو العذر: ففي مثل الغيم ونحوه من الأعذار العامّة يجوز له التعويل على الظنّ به، وأمّا ذو العذر الخاصّ كالأعمى والمحبوس، فلا يترك الاحتياط([312]) بالتأخير إلى أن يحصل له العلم بدخوله.

المقدّمة الثانية: في القبلة
(مسألة 1): يجب الاستقبال مع الإمكان في الفرائض، يوميّة كانت أو غيرها حتّى صلاة الجنائز، وفي النافلة إذا أتى بها على الأرض حال الاستقرار، وأمّا حال المشي والركوب وفي السفينة فلا يعتبر فيها.

(مسألة 2): يعتبر العلم بالتوجّه إلى القبلة حال الصلاة، وتقوم البيّنة([313]) مقامه على الأقوى([314]) مع استنادها إلى المبادئ الحسّيّة، ومع تعذّرهما يبذل تمام جهده ويعمل على ظنّه، ومع تعذّره وتساوي الجهات صلّى إلى أربع جهات([315]) إن وسع الوقت، وإلاّ فبقدر ما وسع، ولو ثبت عدمها في بعض الجهات بعلم ونحوه، صلّى إلى المحتملات الاُخر، ويعوّل على قبلة بلد المسلمين ـ في صلاتهم وقبورهم ومحاريبهم ـ إذا لم يعلم الخطأ.

(مسألة 3): المتحيّر ـ الذي يجب عليه الصلاة إلى أزيد من جهة واحدة ـ لو كان عليه صلاتان، فالأحوط أن تكون الثانية إلى جهات الاُولى، كما أنّ الأحوط أن يتمّ جهات الاُولى ثمّ يشرع في الثانية، وإن كان الأقوى جواز إتيان الثانية عقيب الاُولى في كلّ جهة.

(مسألة 4): من صلّى إلى جهة بطريق معتبر، ثمّ تبيّن خطؤه، فإن كان منحرفاً عنها إلى ما بين اليمين والشمال، صحّت صلاته، وإن كان في أثنائها مضى ما تقدّم منها واستقام في الباقي، من غير فرق بين بقاء الوقت وعدمه. وإن تجاوز انحرافه عمّا بينهما، أعاد في الوقت دون خارجه وإن بان استدباره، إلاّ أن الأحوط القضاء مع الاستدبار بل مطلقاً. وإن انكشف في الأثناء انحرافه عمّا بينهما، فإن وسع الوقت حتّى لإدراك ركعة قطع الصلاة وأعادها مستقبلاً، وإلاّ استقام للباقي، وصحّت ـ على الأقوى ـ ولو مع الاستدبار، والأحوط قضاؤها أيضاً.

المقدّمة الثالثة: في الستر والساتر
(مسألة 1): يجب مع الاختيار ستر العورة في الصلاة وتوابعها، كالركعة الاحتياطيّة، وقضاء الأجزاء المنسيّة([316]) على الأقوى، وسجدتي السهو على الأحوط([317])، وكذا في النوافل، دون صلاة الجنازة وإن كان أحوط فيها أيضاً، ولا يترك الاحتياط في الطواف.

(مسألة 2): لو بدت العورة ـ لريح أو غفلة أو كانت منكشفة من أوّل الصلاة وهو لا يعلم ـ فالصلاة صحيحة، لكن يبادر إلى الستر إن علم في الأثناء، والأحوط الإتمام ثمّ الاستئناف، وكذا لو نسي سترها في الصورتين.

(مسألة 3): عورة الرجل في الصلاة عورته في حرمة النظر وهي: الدُّبُر والقضيب والاُنثيان، والأحوط ستر الشبح الذي يُرى من خلف الثوب من غير تميّز للونه. وعورة المرأة في الصلاة جميع بدنها حتّى الرأس والشعر، ما عدا الوجه الذي يجب غسله في الوضوء، واليدين إلى الزندين، والقدمين إلى الساقين، ويجب عليها ستر شيء من أطراف المُستَثنيات مقدّمة.

(مسألة 4): يجب على المرأة ستر رقبتها وتحت ذقنها حتّى المقدار الذي يُرى منه عند اختمارها على الأحوط.

(مسألة 5): الأَمَة والصبيّة كالحرّة والبالغة، إلاّ أنّه لا يجب عليهما ستر الرأس والشعر والعنق.

(مسألة 6): لا يجب التستّر من جهة التحت. نعم لو وقف على طرف سطح أو شبّاك يتوقّع وجود ناظر تحته، بحيث تُرى عورته لو كان هناك ناظر فالأحوط ـ بل الأقوى ـ التستّر من جهته أيضاً وإن لم يكن ناظر فعلاً، وأمّا الشبّاك الذي لا يتوقّع وجود الناظر تحته ـ كالشبّاك على البئر ـ فلا يجب على الأقوى إلاّ مع وجود ناظر فيه.

(مسألة 7): الستر عن النظر يحصل بكلّ ما يمنع عن النظر، ولو باليد أو الطلي بالطين أو الولوج في الماء، حتّى أنّه يكفي الأليتان في ستر الدُّبُر. وأمّا الستر في الصلاة فلا يكفي فيه ما ذكر حتّى حال الاضطرار([318]). وأمّا الستر بالورق والحشيش والقطن والصوف غير المنسوجين، فالأقوى جوازه مطلقاً وإن لا ينبغي ترك الاحتياط في تركه في الأوّلين، والأقوى لمن لا يجد شيئاً يصلّي فيه ـ حتّى مثل الحشيش والورق ـ جواز إتيان صلاة فاقد الساتر، وإن كان الأحوط لمن يجد ما يطلي به الجمع بينه وبين واجده.

(مسألة 8): يعتبر في الساتر بل مطلق لباس المصلّي اُمور:

الأوّل: الطهارة إلاّ فيما لا تتمّ الصلاة فيه منفرداً كما تقدّم.

الثاني: الإباحة([319])، فلا يجوز في المغصوب مع العلم بالغصبيّة، فلو لم يعلم بها صحّت صلاته، وكذا مع النسيان إلاّ في الغاصب نفسه([320])، فلا يُترك الاحتياط بالإعادة.

(مسألة 9): لا فرق بين كون المغصوب عين المال أو منفعته أو متعلَّقاً لحقّ الغير كالمرهون، ومن الغصب عيناً ما تعلّق به الخمس أو الزكاة، مع عدم أدائهما ولو من مال آخر.

(مسألة 10): إن صُبِغ الثوب بصبغ مغصوب، فمع عدم بقاء عين الجوهر الذي صبغ به ـ والباقي هو اللون فقط ـ تصحّ الصلاة فيه على الأقوى، وأمّا لو بقي عينه فلا تصحّ على الأقوى([321]). كما أنّ الأقوى عدم صحّتها في ثوب خيط بالمغصوب وإن لم يمكن ردّه بالفتق، فضلاً عمّا يمكن. نعم لا إشكال في الصحّة فيما إذا اُجبر الصبّاغ أو الخيّاط على عمله، ولم يُعطَ اُجرته، مع كون الصبغ والخيط من مالك الثوب. وكذا إذا غسل الثوب بماء مغصوب أو اُزيل وسخه بصابون مغصوب مع عدم بقاء عين منهما فيه، أو اُجبر الغاسل على غسله ولم يُعطَ اُجرته.

الثالث: أن يكون مذكّىً([322]) من مأكول اللحم، فلا تجوز الصلاة في جلد غير المذكّى، ولا في سائر أجزائه التي تحلّه الحياة، ولو كان طاهراً من جهة عدم كونه ذا نفس سائلة ـ كالسمك ـ على الأحوط، وتجوز فيما لا تحلّه الحياة من أجزائه كالصوف والشعر والوَبَر ونحوها.

وأمّا غير المأكول فلا تجوز الصلاة في شيء منه وإن ذُكّي، من غير فرق بين ما تحلّه الحياة منه أو غيره، بل يجب إزالة الفضلات الطاهرة منه، كالرطوبة والشعرات الملتصقة بلباس المصلّي وبدنه. نعم لو شكّ في اللباس ـ أو فيما عليه ـ في أنّه من المأكول أو غيره، أو من الحيوان أو غيره، صحّت الصلاة فيـه، بخلاف ما لو شكّ فيما تحلّه الحياة من الحيوان أنّه مذكّىً أو ميتة، فإنّه لا يصلّي فيه حتّى يُحرز التذكية([323]). نعم ما يؤخذ من يد المسلم أو سوق المسلمين، مع عدم العلم بسبق يد الكافر عليه، أو مع سبق يده مع احتمال أنّ المسلم ـ الذي بيده ـ تفحّص عن حاله، بشرط معاملته معه معاملة المذكّى ـ على الأحوط ـ محكوم بالتذكية، فتجوز الصلاة فيه.

(مسألة 11): لا بأس بالشمع والعسل والحرير الممتزج، وأجزاء مثل البقّ والبرغوث والزنبور، ونحوها ممّا لا لحم لها، وكذلك الصدف.

(مسألة 12): استثني ممّا لا يؤكل الخزُّ، وكذا السنجاب على الأقوى، ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط في الثاني، وما يسمّونه الآن بالخزّ ولم يُعلم أنّه منه واشتبه حاله، لا بأس به وإن كان الأحوط الاجتناب عنه.

(مسألة 13): لا بأس بفضلات الإنسان كشعره وريقه ولبنه، سواء كان للمصلّي أو لغيره، فلا بأس بالشعر الموصول بالشعر، سواء كان من الرجل أو المرأة.

الرابع: أن لا يكون الساتر ـ بل مطلق اللباس ـ من الذهب للرجال في الصلاة ولو كان حُليّاً كالخاتم ونحوه، بل يحرم عليهم في غيرها أيضاً.

(مسألة 14): لا بأس بشدّ الأسنان بالذهب، بل ولا بجعله غلافاً لها أو بدلاً منها في الصلاة بل مطلقاً. نعم في مثل الثنايا ممّا كان ظاهراً وقصد به التزيين، لا يخلو من إشكال، فالأحوط الاجتناب([324])، وكذا لا بأس بجعل قاب الساعة منه واستصحابها فيها. نعم إذا كان زنجيرها منه وعلّقه على رقبته أو بلباسه يُشكل الصلاة معه([325])، بخلاف ما إذا كان غيرمعلّق ـ وإن كان معه في جيبه ـ فإنّه لابأس به.

الخامس: أن لا يكون حريراً محضاً للرجال، بل لا يجوز لبسه لهم في غير الصلاة أيضاً، وإن كان ممّا لا تتمّ الصلاة فيه منفرداً، كالتكّة والقلنسوة ونحوهما على الأحوط([326]). والمراد به ما يشمل القزّ. ويجوز للنساء ولو في الصلاة، وللرجال في الضرورة وفي الحرب.

(مسألة 15): الذي يحرم على الرجال خصوص لبس الحرير، فلا بأس بالافتراش والركوب عليه والتدثّر به ـ أي التغطّي به عند النوم ـ ولابزرّ الثياب وأعلامها والسفائف والقياطين الموضوعة عليها، كما لا بأس بعصابة الجروح والقروح وحفيظة المسلوس، بل ولا بأس بأن يرقّع الثوب به، ولا الكفّ به ; لو لم يكونا بمقدار يصدق معه لبس الحرير، وإن كان الأحوط في الكفّ أن لا يزيد على مقدار أربع أصابع مضمومة، بل الأحوط ملاحظة التقدير المزبور في الرقاع أيضاً.

(مسألة 16): قد عرفت أنّ المحرّم لبس الحرير المحض، أي الخالص الذي لم يمتزج بغيره، فلا بأس بالممتزج. والمدار على صدق مسمّى الامتزاج، الذي يخرج به عن المحوضة ولو كان الخليط بقدر العشر، ويشترط في الخليط ـ من جهة صحّة الصلاة فيه ـ كونه من جنس ما تصحّ الصلاة فيه، فلا يكفي مزجه بصوف أو وَبَر ما لا يؤكل لحمه، وإن كان كافياً في رفع حرمة اللبس. نعم الثوب المنسوج من الإبريسم المفتول بالذهب يحرم لبسه، كما لا تصحّ الصلاة فيه.

(مسألة 17): لبس لباس الشهرة وإن كان حراماً على الأحوط([327])، وكذا ما يختصّ([328]) بالنساء للرجال وبالعكس على الأحوط، لكن لا يضرّ لبسهما بالصلاة.

(مسألة 18): لو شكّ في أنّ اللباس أو الخاتم ذهب أو غيره يجوز لبسه والصلاة فيه، وكذا ما شكّ أنّه حرير أو غيره ـ ومنه ما يُسمّى بالشعري ـ لمن لا يعرف حقيقته، وكذا لو شكّ في أنّه حرير محض أو ممتزج وإن كان الأحوط الاجتناب عنه.

(مسألة 19): لا بأس بلبس الصبيّ الحرير، فلا يحرم على الوليّ إلباسه، ولا يبعد صحّة صلاته فيه أيضاً.

(مسألة 20): لو لم يجد المصلّي ساتراً ـ حتّى الحشيش والورق ـ يصلّي عرياناً قائماً على الأقوى([329]) إن كان يأمن من ناظر محترم، وإن لم يأمن منه صلّى جالساً، وفي الحالين يومئ للركوع والسجود، ويجعل إيماءه للسجود أخفض، فإن صلّى قائماً يستر قُبُله بيده، وإن صلّى جالساً يستره بفخذيه.

(مسألة 21): يجب على الأحوط تأخير الصلاة عن أوّل الوقت إن لم يكن عنده ساتر، واحتمل وجوده في آخره، ولكن عدم الوجوب لا يخلو من قوّة.

المقدّمة الرابعة: في المكان
(مسألة 1): كلّ مكان يجوز الصلاة فيه إلاّ المغصوب عيناً أو منفعة، وفي حكمه ما تعلّق به حقّ الغير، كالمرهون، وحقّ الميّت إذا أوصى بالثلث ولم يُخرج بعدُ، بل ما تعلّق به حقّ السبق، بأن سبق شخص إلى مكان من المسجد أو غيره للصلاة مثلاً ولم يُعرض عنه على الأحوط([330]). وإنّما تبطل الصلاة في المغصوب إن كان عالماً بالغصبيّة وكان مختاراً، من غير فرق بين الفريضة والنافلة، أمّا الجاهل بها والمضطرّ والمحبوس بباطل فصلاتهم ـ والحالة هذه ـ صحيحة، وكذا الناسي لها إلاّ الغاصب نفسه، فإنّ الأحوط بطلان صلاته([331])، وصلاة المضطرّ كصلاة غيره بقيام وركوع وسجود.

(مسألة 2): الأرض المغصوبة المجهول مالكها لا يجوز الصلاة فيها، ويرجع أمرها إلى الحاكم الشرعي، ولا تجوز ـ أيضاً ـ في الأرض المشتركة إلاّ بإذن جميع الشركاء.

(مسألة 3): لا تبطل الصلاة تحت السقف المغصوب، وفي الخيمة المغصوبة، والصهوة والدار التي غصب بعض سورها إذا كان ما يصلّي فيه مباحاً، وإن كان الأحوط الاجتناب في الجميع.

(مسألة 4): لو اشترى داراً بعين المال الذي تعلّق به الخمس أو الزكاة، تبطل الصلاة فيها، إلاّ إذا جعل الحقّ في ذمّته بوجه شرعي كالمصالحة مع المجتهد، وكذا لا يجوز التصرّف مطلقاً في تركة الميّت، المتعلَّقة للزكاة والخمس وحقوق الناس كالمظالم قبل أداء ما عليه([332]).
وكذا إذا كان عليه دين([333]) مستغرق للتركة، بل وغير المستغرق، إلاّ مع رضا الديّان، أو كون الورثة بانين على الأداء غير متسامحين. والأحوط الاسترضاء من وليّ الميّت أيضاً.

(مسألة 5): المدار في جواز التصرّف والصلاة في ملك الغير على إحراز رضاه وطيب نفسه وإن لم يأذن صريحاً، بأن علم ذلك بالقرائن وشاهد الحال، وظواهر تكشف عن رضاه كشفاً اطمئنانيّاً ([334]) لا يُعتنى باحتمال خلافه، وذلك كالمضايف المفتوحة الأبواب والحمّامات والخانات ونحو ذلك.

(مسألة 6): يجوز الصلاة في الأراضي المتّسعة، كالصحاري والمزارع والبساتين التي لم يُبنَ عليها الحيطان، بل وسائر التصرّفات اليسيرة ممّا جرت عليه السيرة، كالاستطراقات العاديّة غير المضرّة، والجلوس والنوم فيها وغير ذلك، ولا يجب التفحّص عن ملاّكها، من غير فرق بين كونهم كاملين أو قاصرين كالصغار والمجانين. نعم مع ظهور الكراهة والمنع عن ملاّكها ولو بوضع ما يمنع المارّة عن الدخول فيها، يشكل جميع ما ذكر وأشباهها فيها إلاّ في الأراضي المتّسعة جدّاً، كالصحاري التي من مرافق القرى وتوابعها العرفيّة ومراتع دوابّها ومواشيها، فإنّه لا يبعد فيها الجواز حتّى مع ظهور الكراهة والمنع.

(مسألة 7): المراد بالمكان الذي تبطل الصلاة بغصبه، ما استقرّ عليه المصلّي ولو بوسائط على إشكال فيه، وما شغله من الفضاء في قيامه وركوعه وسجوده ونحوها، فقد يجتمعان كالصلاة في الأرض المغصوبة، وقد يفترقان كالجناح المباح الخارج إلى فضاء غيرمباح، وكالفرش المغصوب المطروح على أرض غير مغصوبة.

(مسألة 8): الأقوى صحّة صلاة كلّ من الرجل والمرأة مع المحاذاة أو تقدّم المرأة، لكن على كراهية بالنسبة إليهما([335]) مع تقارنهما في الشروع، وبالنسبة إلى المتأخّر مع اختلافهما([336])، لكن الأحوط ترك ذلك. ولا فرق فيه بين المحارم وغيرهم، ولا بين كونهما بالغين أو غير بالغين أو مختلفين، بل يعمّ الحكم الزوج والزوجة أيضاً.
وترتفع الكراهة بوجود الحائل وبالبعد بينهما([337]) عشرة أذرع بذراع اليد، والأحوط في الحائل كونه بحيث يمنع المشاهدة، كما أنّ الأحوط في التأخّر كون مسجدها وراء موقفه، وإن لا تبعد كفاية مطلقهما.

(مسألة 9): الظاهر جواز الصلاة مساوياً لقبر المعصوم(عليه السلام)، بل ومقدّماً عليه، ولكن هو من سوء الأدب([338])، والأحوط الاحتراز منهما. ويرتفع الحكم بالبعد المفرط على وجه لا يصدق معه التقدّم والمحاذاة، ويخرج عن صدق وحدة المكان، وكذا بالحائل الرافع لسوء الأدب، والظاهر أنّه ليس منه الشُّبّاك والصندوق الشريف وثوبه.

(مسألة 10): لا يعتبر الطهارة في مكان المصلّي، إلاّ مع تعدّي النجاسة غير المعفوّ عنها إلى الثوب أو البدن. نعم تعتبر في خصوص مسجد الجبهة كما مرّ. كما يعتبر فيه ـ أيضاً ـ مع الاختيار كونه أرضاً أو نباتاً أو قرطاساً، والأفضل التربة الحسينيّة التي تخرق الحجب السبع، وتنوّر إلى الأرضين السبعة على ما في الحديث، ولا يصحّ السجود على ما خرج عن اسم الأرض من المعادن، كالذهب والفضّة والزجاج والقير ونحو ذلك، وكذا ما خرج عن اسم النبات كالرماد([339]). والأقوى جوازه على الخزف والآجر والنورة والجِصّ ولو بعد الطبخ، وكذا الفحم، وكذا يجوز على طين الأرمني وحجر الرحى، وجميع أصناف المرمر، إلاّ ما هو مصنوع ولم يعلم أنّ مادّته ممّا يصحّ السجود عليها. ويعتبر في جواز السجود على النبات أن يكون من غير المأكول والملبوس، فلايجوز على ما في أيدي الناس من المآكل والملابس، كالمخبوز والمطبوخ والحبوب المعتاد أكلها من الحنطة والشعير ونحوهما، والفواكه والبقول المأكولة، والثمرة المأكولة ولو قبل وصولها إلى زمان الأكل. ولا بأس بالسجود على قشورها بعد انفصالها عنها، دون المتّصل بها إلاّ مثل قشر التفّاح والخيار، ممّا هو مأكول ولو تبعاً أو يؤكل أحياناً، أو يأكله بعض الناس، وكذا قشور الحبوب ممّا هي مأكولة معها تبعاً على الأحوط. نعم لا بأس بقشر نوى الأثمار إذا انفصل عن اللبّ المأكول، ومع عدم مأكوليّة لبّه ولو بالعلاج لا بأس بالسجود عليه مطلقاً، كما لا بأس بغير المأكول كالحنظل والخرنوب ونحوهما، وكذلك لا بأس بالتبن والقصيل ونحوهما. ولا يمنع شرب التتن من جواز السجود عليه. والأحوط ترك السجود([340]) على نخالة الحنطة والشعير، وكذا على قشر البطّيخ ونحوه، ولا يبعد الجواز على قشر الاُرز والرُّمّان بعد الانفصال.
والكلام في الملبوس كالكلام في المأكول، فلا يجوز على القُطن والكتان ولو قبل وصولهما إلى أوان الغَزل. نعم لا بأس على خشبتهما وغيرها، كالورق والخوص ونحوهما ممّا لم يكن معدّاً لاتّخاذ الملابس المعتادة منها، فلا بأس حينئذ بالسجود على القبقاب والثوب المنسوج من الخوص مثلاً، فضلاً عن البوريا والحصير والمروحة ونحوها. والأحوط ترك السجود على القنب، كما أنّ الأحوط الأولى تركه على القرطاس المتّخذ من غير النبات، كالمتّخذ من الحرير والإبريسم، وإن كان الأقوى الجواز مطلقاً.

(مسألة 11): يعتبر فيما يسجد عليه ـ مع الاختيار ـ كونه بحيث يمكن تمكين الجبهة عليه، فلا يجوز على الوَحل غير المتماسك، بل ولا على التراب الذي لا يتمكّن الجبهة عليه، ومع إمكان التمكين لا بأس بالسجود على الطين وإن لصق بجبهته، لكن تجب إزالته للسجدة الثانية لو كان حاجباً، ولو لم يكن عنده إلاّ الطين غير المتماسك، سجد عليه بالوضع من غير اعتماد.

(مسألة 12): إن كانت الأرض والوحل بحيث لو جلس للسجود والتشهّد يتلطّخ بدنه وثيابه، ولم يكن له مكان آخر، يصلّي قائماً مومئاً للسجود والتشهّد على الأحوط الأقوى.

(مسألة 13): إن لم يكن عنده ما يصحّ السجود عليه، أو كان ولم يتمكّن من السجود عليه لعذر ـ من تقيّة ونحوها ـ سجد على ثوب القُطن أو الكتّان، ومع فقده سجد على ثوبه من غير جنسهما، ومع فقده سجد على ظهر كفّه، وإن لم يتمكّن فعلى المعادن.

(مسألة 14): لو فقد ما يصحّ السجود عليه في أثناء الصلاة قطعها في سعة الوقت، وفي الضيق سجد على غيره بالترتيب المتقدّم.

(مسألة 15): يعتبر في المكان الذي يصلّي فيه الفريضة أن يكون قارّاً غير مضطرب، فلو صلّى ـ اختياراً ـ في سفينة أو على سرير أو بَيدر، فإن فات الاستقرار المعتبر بطلت صلاته، وإن حصل بحيث يصدق أنّه مستقرّ مطمئنّ صحّت صلاته وإن كانت في سفينة سائرة وشبهها كالطيّارة والقطار ونحوهما، لكن تجب المحافظة على بقيّة ما يعتبر فيها من الاستقبال ونحوه. هذا كلّه مع الاختيار. وأمّا مع الاضطرار فيصلّي ماشياً وعلى الدابّة وفي السفينة غير المستقرّة ونحوها، مراعياً للاستقبال بما أمكنه من صلاته، وينحرف إلى القبلة كلّما انحرف المركوب مع الإمكان، فإن لم يتمكّن من الاستقبال إلاّ في تكبيرة الإحرام اقتصر عليه، وإن لم يتمكّن منه أصلاً سقط، لكن يجب عليه تحرّي الأقرب إلى القبلة فالأقرب. وكذا بالنسبة إلى غيره ممّا هو واجب في الصلاة، فإنّه يأتي بما هو الممكن منه أو بدله، ويسقط ما تقتضي الضرورة سقوطه.

(مسألة 16): يستحبّ الصلاة في المساجد، بل يُكره عدم حضورها بغير عذر كالمطر، خصوصاً لجار المسجد، حتّى ورد في الخبر: «لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد». وأفضلها المسجد الحرام، ثمّ مسجد النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، ثمّ مسجد الكوفة والأقصى، ثمّ مسجد الجامع، ثمّ مسجد القبيلة، ثمّ مسجد السوق. والأفضل للنساء([341]) الصلاة في بيوتهنّ، والأفضل بيت المخدع. وكذا يستحبّ الصلاة في مشاهد الأئمّة(عليهم السلام)، خصوصاً مشهد أميرالمؤمنين(عليه السلام) وحائر أبي عبدالله الحسين(عليه السلام).

(مسألة 17): يُكره تعطيل المسجد، وقد ورد أنّه أحد الثلاثة الذين يشكون إلى الله عزّوجلّ يوم القيامة، والآخران عالم بين جهّال، ومصحف معلّق قد وقع عليه الغبار لا يُقرأ فيه، وورد «إنّ من مشى إلى مسجد من مساجد الله، فله بكلّ خطوة خطاها ـ حتّى يرجع إلى منزله ـ عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيّئات، ورفع له عشر درجات».

(مسألة 18): من المستحبّات الأكيدة بناء المسجد، وفيه أجر عظيم وثواب جسيم، وقد ورد أنّه قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): «من بنى مسجداً في الدنيا أعطاه الله بكلّ شبر منه ـ أو قال: بكلّ ذراع منه ـ مسيرة أربعين ألف عام مدينة من ذهب وفضّة ودرّ وياقوت وزُمُرّد وزَبَرجَد ولُؤلؤ» الحديث.

(مسألة 19): عن المشهور اعتبار إجراء صيغة الوقف في صيرورة الأرض مسجداً، بأن يقول: «وقفتها مسجداً قربة إلى الله تعالى»، لكن الأقوى كفاية البناء بقصد كونه مسجداً، مع قصد القربة، وصلاة شخص واحد فيه بإذن الباني، فتصير مسجداً.

(مسألة 20): تكره الصلاة في الحمّام حتّى المسلخ منه، وفي المزبلة والمجزرة والمكان المتّخذ للكنيف ـ ولو سطحاً متّخذاً مبالاً ـ وبيت المسكر، وفي أعطان الإبل. وفي مرابط الخيل والبغال والحمير والبقر ومرابض الغنم، والطرق إن لم تضرّ بالمارة، وإلاّ حرمت([342])، وفي قُرى النمل ومجاري المياه وإن لم يتوقّع جريانها فيها فعلاً، وفي الأرض السبخة، وفي كلّ أرض نزل فيها عذاب، وعلى الثلج، وفي معابد النيران، بل كلّ بيت اُعدّ لإضرام النار فيه، وعلى القبر وإليه وبين القبور. وترتفع الكراهة في الأخيرين بالحائل، وببعد عشرة أذرع. ولا بأس بالصلاة خلف قبور الأئمّة(عليهم السلام) وعن يمينها وشمالها، وإن كان الأولى الصلاة عند الرأس على وجه لا يساوي الإمام(عليه السلام). وكذا تكره وبين يديه نار مُضرَمة أو سراج أو تمثالُ ذي روح، وتزول في الأخير بالتغطية. وتكره وبين يديه مصحف أو كتاب مفتوح، أو مقابله باب مفتوح، أو حائط ينزّ من بالوعة يبال فيها، وترتفع بستره. والكراهة في بعض تلك الموارد محلّ نظر، والأمر سهل.

المقدّمة الخامسة: في الأذان والإقامة
(مسألة 1): لا إشكال في تأكّد استحبابهما للصلوات الخمس، أداءً وقضاءً، حضراً وسفراً، في الصحّة والمرض، للجامع والمنفرد، للرجال والنساء، حتّى قال بعض بوجوبهما، والأقوى استحبابهما مطلقاً وإن كان في تركهما حرمان عن ثواب جزيل.

(مسألة 2): يسقط الأذان في العصر والعشاء إذا جمع بينهما وبين الظهر والمغرب، من غير فرق بين موارد استحباب الجمع، مثل عصر يوم الجمعة وعصر يوم عرفة وعشاء ليلة العيد في المُزدَلِفة، حيث إنّه يستحبّ الجمع بين الصلاتين في هذه المواضع الثلاثة وبين غيرها. ويتحقّق التفريق المقابل للجمع بطول الزمان بين الصلاتين، وبفعل النافلة([343]) الموظّفة بينهما على الأقوى، فبإتيان نافلة العصر بين الظهرين ونافلة المغرب بين العشاءين، يتحقق التفريق الموجب لعدم سقوط الأذان. والأقوى أنّ سقوط الأذان في حال الجمع في عصر يوم عرفة وعشاء ليلة العيد بمزدلفة عزيمة([344])، بمعنى عدم مشروعيّته، فيحرم إتيانه بقصدها، والأحوط الترك في جميع موارد الجمع.

(مسألة 3): يسقط الأذان والإقامة في مواضع: منها: الداخل في الجماعة التي أذّنوا وأقاموا لها، وإن لم يسمعهما ولم يكن حاضراً حينهما.

ومنها: من صلّى في مسجد فيه جماعة لم تتفرّق، سواء قصد الإتيان إليها أم لا، وسواء صلّى جماعة إماماً أو مأموماً أم منفرداً، فلو تفرّقت، أو أعرضوا عن الصلاة وتعقيبها وإن بقوا في مكانهم، لم يسقطا عنه، كما لا يسقطان لو كانت
الجماعة السابقة بغير أذان وإقامة، ولو كان تركهم لهما من جهة اكتفائهم بالسماع من الغير، وكذا فيما إذا كانت باطلة، من جهة فسق الإمام مع علم المأمومين به أو من جهة اُخرى، وكذا مع عدم اتّحاد مكان الصلاتين عرفاً، بأن كانت إحداهما داخل المسجد والاُخرى على سطحه، أو بعدت إحداهما عن الاُخرى كثيراً. وهل يختصّ الحكم بالمسجد أو يجري في غيره أيضاً ؟ محلّ إشكال، فلا يُترك الاحتياط بالترك مطلقاً في المسجد وغيره، بل لا يبعد عدم الاختصاص بالمسجد. وكذا لا يترك فيما لم تكن صلاته مع الجماعة أدائيّتين، بأن كانت إحداهما أو كلتاهما قضائيّة عن النفس أو الغير على وجه التبرّع أو الإجارة، وكذا فيما لم تشتركا في الوقت، كما إذا كانت الجماعة السابقة عصراً وهو يريد أن يصلّي المغرب، والإتيان بهما في موارد الإشكال رجاءً لا بأس به.

المقدّمة السادسة
ينبغي للمصلّي إحضار قلبه في تمام الصلاة أقوالها وأفعالها، فإنّه لا يُحسب للعبد من صلاته إلاّ ما أقبل عليه، ومعناه الالتفات التامّ إليها وإلى ما يقول فيها، والتوجّه الكامل نحو حضرة المعبود جلّ جلاله، واستشعار عظمته وجلال هيبته، وتفريغ قلبه عمّا عداه، فيرى نفسه متمثّلاً بين يدي ملك الملوك عظيم العظماء، مخاطباً له مناجياً إيّاه، فإذا استشعر ذلك وقع في قلبه هيبة يهابه، ثمّ يرى نفسه مقصّراً في أداء حقّه فيخافه، ثمّ يلاحظ سعة رحمته فيرجو ثوابه، فيحصل له حالة بين الخوف والرجاء، وهذه صفة الكاملين، ولها درجات شتّى ومراتب لا تُحصى على حسب درجات المتعبّدين، وينبغي له الخضوع والخشوع، والسكينة والوقار، والزيّ الحسن والطيب والسواك قبل الدخول فيها والتمشيط، وينبغي أن يصلّي صلاة مودّع، فيجدّد التوبة والإنابة والاستغفار، وأن يقوم بين يدي ربّه قيام العبد الذليل بين يدي مولاه، وأن يكون صادقاً في مقالة:(إيَّاكَ نَعبُدُ وإيّاكَ نَستَعينُ)، لا يقول هذا القول وهو عابد لهواه، ومستعين بغير مولاه. وينبغي له ـ أيضاً ـ أن يبذل جهده في التحذّر عن موانع القبول، من العُجب والحسد والكبر والغيبة وحبس الزكاة وسائر الحقوق الواجبة، ممّا هو من موانع القبول.

فصل في أفعال الصلاة
وهي واجبة ومسنونة. والواجب أحد عشر: النيّة، وتكبيرة الإحرام، والقيام، والركوع، والسجود، والقراءة، والذكر، والتشهّد، والتسليم، والترتيب، والموالاة.
وسيأتي أنّ بعض ما ذكر ركن تبطل الصلاة بزيادته ونقصانه عمداً وسهواً، لكن لا يتصوّر الزيادة في النيّة بناء على الداعي، وبناء على الإخطار غير قادحة، وغير الركن من الواجبات لا تبطل الصلاة بزيادته أو نقصانه سهواً دون عمد.

القول في النيّة
(مسألة 1): النيّة: عبارة عن قصد الفعل، ويعتبر فيها التقرّب إلى الله تعالى وامتثال أمره، ولا يجب فيها التلفّظ ; لأنّها أمر قلبيّ، كما لا يجب فيها الإخطار، أي الحديث الفكري والإحضار بالبال، بأن يرتّب في فكره وخزانة خياله، مثلاً: اُصلّي صلاة فلانيّة امتثالاً لأمره، بل يكفي الداعي: وهو الإرادة الإجماليّة المؤثّرة في صدور الفعل، المنبعثة عمّا في نفسه من الغايات، على وجه يخرج به عن الساهي والغافل، ويدخل فعله في فعل الفاعل المختار، كسائر أفعاله الإراديّة والاختياريّة، ويكون الباعث والمحرّك للعمل الامتثال ونحوه.

(مسألة 2): يعتبر الإخلاص في النيّة، فمتى ضمّ إليها ما ينافيه بطل العمل، خصوصاً الرياء، فإنّه مفسد على أيّ حال، سواء كان في الابتداء أو الأثناء، في الأجزاء الواجبة أو المندوبة، وكذلك في الأوصاف المتّحدة مع الفعل، ككون الصلاة في المسجد أو جماعة ونحو ذلك. ويحرم الرياء المتأخّر وإن لم يكن مبطلاً، كما لو أخبر بما فعله من طاعة رغبة في الأغراض الدنيويّة من المدح والثناء والجاه والمال، فقد ورد في المرائي عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)أنّه قال: «المرائي يُدعى يوم القيامة بأربعة أسماء: يا فاجر يا كافر يا غادر يا خاسر حبط عملك، وبطل أجرك، ولا خلاص لك اليوم، التمس أجرك ممّن كنت تعمل له».

(مسألة 3): غير الرياء من الضمائم المباحة أو الراجحة، إن كانت مقصودة تبعاً، وكان الداعي والغرض الأصلي امتثال الأمر الصلاتي محضاً، فلا إشكال، وإن كان بالعكس بطلت بلا إشكال، وكذا إذا كان كلٌّ منهما جزءً للداعي، بحيث لو لم ينضمّ كلٌّ منهما إلى الآخر لم يكن باعثاً ومحرّكاً، والأحوط بطلان العمل في جميع موارد اشتراك الداعي، حتّى مع تبعيّة داعي الضميمة، فضلاً عن كونهما مستقلّين([345]).

(مسألة 4): لو رفع صوته بالذكر أو القراءة لإعلام الغير، لم تبطل الصلاة بعدما كان أصل إتيانهما بقصد الامتثال. وكذلك لو أوقع صلاته في مكان أو زمان خاصّ لغرض من الأغراض المباحة، بحيث يكون أصل الإتيان بداعي الامتثال، وكان الداعي على اختيار ذلك المكان أو الزمان لغرض كالبرودة ونحوها.

(مسألة 5): يجب تعيين نوع الصلاة التي يأتي بها في القصد ولو إجمالاً، بأن ينوي مثلاً ما اشتغلت به ذمّته إذا كان متّحداً، أو ما اشتغلت به ذمّته أوّلاً أو ثانياً إذا كان متعدّداً.

(مسألة 6): لا يجب قصد الأداء والقضاء، بعد قصد العنوان الذي يتّصف بصفتي القضاء والأداء ـ كالظهر والعصر مثلاً ـ ولو على نحو الإجمال، فلو نوى الإتيان بصلاة الظهر الواجبة عليه فعلاً، ولم يشتغل ذمّته بالقضاء يكفي. نعم لو اشتغلت ذمّته بالقضاء أيضاً لابدّ من تعيين ما يأتي به، وأنّه فرض لذلك اليوم أو غيره، ولو كان من قصده امتثال الأمر المتعلّق به فعلاً، وتخيّل أنّ الوقت باق، فنوى الأداء، فبان انقضاء الوقت، صحّت ووقعت قضاءً، كما لو نوى القضاء بتخيّل خروج الوقت فبان عدم الخروج، صحّت ووقعت أداءً.

(مسألة 7): لا يجب نيّة القصر والإتمام في موضع تعيّنهما، بل ولا في أماكن التخيير، فلو شرع في صلاة الظهر مثلاً مع الترديد والبناء على أنّه بعد التشهّد الأوّل: إمّا يسلّم على الركعتين، أو يلحق بهما الأخيرتين، صحّت. بل لو عيّن أحدهما لم يلتزم به على الأظهر، وكان له العدول إلى الآخر. بل الأقوى عدم التعيّن بالتعيين، ولا يحتاج إلى العدول، بل القصر يحصل بالتسليم بعد الركعتين، كما أنّ الإتمام يحصل بضمّ الركعتين إليهما خارجاً من غير دخل القصد فيهما، فلو نوى القصر فشكّ بين الاثنتين والثلاث بعد إكمال السجدتين، يبني على الثلاث، ويعالج صلاته عن الفساد من غير لزوم نيّة العدول، بل لا يبعد أن يتعيّن العمل بحكم الشكّ. ولا ينبغي ترك الاحتياط بنيّة العدول في أشباهه ثمّ العلاج ثمّ إعادة العمل.

(مسألة 8): لا يجب قصد الوجوب والندب، بل يكفي قصد القربة المطلقة، والأحوط قصدهما.

(مسألة 9): لا يجب حين النيّة تصوّر الصلاة تفصيلاً، بل يكفي الإجمال.

(مسألة 10): لو نوى في أثناء الصلاة قطعها، أو الإتيان بالقاطع مع الالتفات إلى منافاته للصلاة، فإن أتمّ صلاته في تلك الحال بطلت، وكذا لو أتى ببعض الأجزاء، ثمّ عاد إلى النيّة الاُولى واكتفى بما أتى به. ولو عاد إلى الاُولى قبل أن يأتي بشيء لم يبطل، كما أنّ الأقوى عدم البطلان مع الإتمام أو الإتيان ببعض الأجزاء في تلك الحال ; لو لم يلتفت إلى منافاة ما ذُكر للصلاة. والأحوط على جميع التقادير الإتمام ثمّ الإعادة.

(مسألة 11): لو شكّ فيما بيده أنّه عيّنها ظهراً أو عصراً، ويدري أنّه لم يأتِ بالظهر، ينويها ظهراً في غير الوقت المختصّ بالعصر، وكذا لو شكّ في إتيان الظهر على الأقوى. وأمّا في الوقت المختصّ به، فإن علم أنّه لم يأتِ بالعصر، رفع اليد عنها واستأنف العصر إن أدرك ركعة من الوقت، وقضى الظهر بعده. وإن لم يُدرك رفع اليد عنها وقضى الصلاتين. والأحوط ـ الذي لا يُترك ـ إتمامها عصراً مع إدراك بعض الركعة ثمّ قضاؤهما. وإن لم يدرِ إتيان الظهر فلا يبعد جواز عدم الاعتناء بشكّه، لكن الأحوط قضاؤه أيضاً. ولو علم بإتيان الظهر قبل ذلك يرفع اليد عنها ويستأنف العصر. نعم لو رأى نفسه في صلاة العصر، وشكّ في أنّه من أوّل الأمر نواها أو نوى الظهر، بنى على أنّه من أوّل الأمر نواها.

(مسألة 12): يجوز العدول من صلاة إلى اُخرى في مواضع:

منها: في الصلاتين المرتّبتين ـ كالظهرين والعشاءين ـ إذا دخل في الثانية قبل الاُولى سهواً أو نسياناً، فإنّه يجب أن يعدل إليها إن تذكّر في الأثناء ولم يتجاوز محلّ العدول. بخلاف ما إذا تذكّر بعد الفراغ، أو بعد تجاوز محلّ العدول، كما إذا دخل في ركوع الركعة الرابعة من العشاء، فتذكّر ترك المغرب، فلا عدول، بل يصحّ اللاحقة، فيأتي بعدها بالسابقة في الفرض الأوّل ـ أي التذكّر بعد الفراغ ـ بل في الفرض الثاني ـ أيضاً ـ لا يخلو من قوّة، وإن كان الأحوط الإتمام ثمّ الإتيان بالمغرب والعشاء مترتّباً. وكذا الحال في الصلاتين المقضيّتين المترتّبتين، كما لو فات الظهران أو العشاءان من يوم واحد، فشرع في قضائهما مقدِّماً للثانية على الاُولى فتذكّر. بل الأحوط ـ لو لم يكن الأقوى([346]) ـ أنّ الأمر كذلك في مطلق الصلوات القضائيّة.

ومنها: إذا دخل في الحاضرة فذكر أنّ عليه قضاءً، فإنّه يستحبّ أن يعدل إليه مع بقاء المحلّ إلاّ إذا خاف فوت وقت فضيلة ما بيده، فإنّ في استحبابه تأمّلاً، بل عدمه لا يخلو من قوّة.

ومنها: العدول من الفريضة إلى النافلة، وذلك في موضعين:

أحدهما: في ظهر يوم الجمعة لمن نسي قراءة سورة الجمعة، وقرأ سورة اُخرى، وبلغ النصف أو تجاوز.

ثانيهما: فيما إذا كان متشاغلاً بالصلاة واُقيمت الجماعة وخاف السبق، فيجوز له العدول إلى النافلة وإتمامها ركعتين ليلحق بها.

(مسألة 13): لا يجوز العدول من النفل إلى الفرض، ولا من النفل إلى النفل حتّى فيما كان كالفرائض في التوقيت والسبق واللحوق. وكذا لا يجوز من الفائتة إلى الحاضرة، فلو دخل في فائتة ثمّ ذكر في أثنائها أنّ الحاضرة قد ضاق وقتها، قطعها وأتى بالحاضرة، ولا يجوز العدول عنها إليها.
وكذا لا يجوز في الحاضرتين المرتّبتين من السابقة إلى اللاحقة، بخلاف العكس، فلو دخل في الظهر بتخيّل عدم إتيانه، فبان في الأثناء إتيانه، لم يجز له العدول إلى العصر، وإذا عدل في موضع لا يجوز العدول، لا يبعد القول بصحّة المعدول عنه لو تذكّر قبل الدخول في ركن، فعليه الإتيان بما أتى بغير عنوانه بعنوانه.

(مسألة 14): لو دخل في ركعتين من صلاة الليل مثلاً بقصد الركعتين الثانيتين، فتبيّن أنّه لم يصلِّ الأوّلتين، صحّت وحُسبت له الأوّلتان قهراً. وليس هذا من باب العدول ولا يحتاج إليه، حيث إنّ الأوّليّة والثانويّة لا يعتبر فيها القصد، بل المدار على ما هو الواقع.

القول في تكبيرة الإحرام
وتسمّى تكبيرة الافتتاح أيضاً، وصورتها «الله أكبر»، ولا يجزي غيرها ولا مرادفها من العربيّة، ولا ترجمتها بغير العربية. وهي ركن تبطل الصلاة بنقصانها عمداً وسهواً، وكذا بزيادتها([347])، فإذا كبّر للافتتاح ثمّ زاد ثانية له أيضاً بطلت الصلاة واحتاج إلى ثالثة، فإن أبطلها برابعة احتاج إلى خامسة وهكذا. ويجب في حالها القيام منتصباً، فلو تركه عمداً أو سهواً بطلت، بل لابدّ من تقديمه عليها مقدّمة، من غير فرق في ذلك بين المأموم الذي أدرك الإمام راكعاً وغيره، بل ينبغي التربّص في الجملة حتّى يعلم وقوع التكبير تامّاً قائماً منتصباً. والأحوط أنّ الاستقرار في القيام كالقيام في البطلان بتركه عمداً أو سهواً ([348])، فلو ترك الاستقرار سهواً أتى بالمنافي احتياطاً، ثمّ كبّر مستقرّاً، وأحوط منه الإتمام ثمّ الإعادة بتكبير مستقرّاً.

(مسألة 1): الأحوط ترك وصلها([349]) بما قبلها من الدعاء ليحذف الهمزة من «الله»، والظاهر جواز وصلها بما بعدها من الاستعاذة أو البسملة، فيظهر إعراب راء «أكبر»، والأحوط تركه أيضاً. كما أنّ الأحوط تفخيم اللام والراء، وإن كان الأقوى جواز تركه.

(مسألة 2): يستحبّ زيادة ستّ تكبيرات على تكبيرة الإحرام قبلها أو بعدها أو بالتوزيع، والأحوط الأوّل، فيجعل الافتتاح السابعة.
والأفضل أن يأتي بالثلاث وِلاءً، ثمّ يقول: «اللّهُمَّ أنتَ المَلِكُ الحقُّ المُبينُ، لا إلهَ إلاّ أنتَ سُبحانَكَ إنِّي ظلمتُ نفسي، فاغفِر لي ذنبي; إنَّهُ لا يغفِرُ الذنُوبَ إلاّ أنتَ»، ثمّ يأتي باثنتين فيقول: «لبّيكَ وسعديكَ، والخيرُ في يديكَ، والشَّرُّ ليسَ إليكَ، والمهدِيُّ من هديتَ، لا ملجأَ منكَ إلاّ إليكَ، سبحانكَ وحنانيكَ، تباركتَ وتعاليتَ، سُبحانكَ ربَّ البيتِ»، ثمّ كبّر تكبيرتين، ثمّ يقول: «وجَّهتُ وجهي لِلّذي فطرَ السَّماواتِ والأرض، عالِم الغيبِ والشهادةِ، حنيفاً مُسلماً وما أنا من المُشركينَ، إنَّ صلاتي ونُسكي ومحيايَ ومماتي للهِ ربِّ العالمينَ، لا شريكَ لهُ، وبذلك اُمِرتُ وأنا من المُسلمينَ»، ثمّ يشرع في الاستعاذة والقراءة.

(مسألة 3): يستحبّ للإمام الجهر بتكبيرة الإحرام بحيث يسمع من خلفه، والإسرار بالستّ الباقية.

(مسألة 4): يستحبّ رفع اليدين عند التكبير إلى الاُذنين، أو إلى حِيال وجهه، مبتدئاً بالتكبير بابتداء الرفع ومنتهياً بانتهائه. والأولى أن لا يتجاوز الاُذنين، وأن يضمّ أصابع الكفّين، ويستقبل بباطنهما القبلة.

(مسألة 5): إذا كبّر ثمّ شكّ وهو قائم في كونه تكبيرة الإحرام أو الركوع، بنى على الأوّل.

القول في القيام
(مسألة 1): القيام ركن في تكبيرة الإحرام التي تقارنها النيّة، وفي الركوع، وهو الذي يقع الركوع عنه، وهو المعبّر عنه بالقيام المتّصل بالركوع، فمن أخلّ به في هاتين الصورتين عمداً أو سهواً ـ بأن كبّر للافتتاح وهو جالس، أو صلّى ركعة تامّة من جلوس، أو ذكر حال الهُويّ إلى السجود تَركَ الركوع وقام منحنياً بركوعه، أو ذكر قبل الوصول إلى الركوع وقام متقوّساً وغير منتصب ولو ساهياً ـ بطلت صلاته. والقيام في غيرهما واجب ليس بركن، لا تبطل الصلاة بنقصانه إلاّ عن عمد، كالقيام حال القراءة، فمن سها وقرأ جالساً ثمّ ذكر وقام فصلاته صحيحة، وكذا بزيادته، كمن قام ساهياً في محلّ القعود.

(مسألة 2): يجب مع الإمكان الاعتدال في القيام والانتصاب بحسب حال المصلّي، فلو انحنى أو مال إلى أحد الجانبين بحيث خرج عن صدقه بطل. بل الأحوط الأولى نصب العنق، وإن كان الأقوى جواز إطراق الرأس. ولا يجوز الاستناد إلى شيء حال القيام مع الاختيار. نعم لا بأس به مع الاضطرار، فيستند إلى إنسان أو غيره. ولا يجوز القعود مستقلاّ مع التمكّن من القيام مستنداً.

(مسألة 3): يعتبر في القيام عدم التفريج الفاحش بين الرجلين، بحيث يخرج عن صدق القيام، بل وعدم التفريج غير المتعارف وإن صدق عليه القيام على الأقوى.

(مسألة 4): لا يجب التسوية بين الرجلين في الاعتماد. نعم يجب الوقوف على القدمين على الأقوى، لا على قدم واحدة، ولا على الأصابع، ولا على أصلهما.

(مسألة 5): إن لم يقدر على القيام أصلاً، ولو مستنداً أو منحنياً أو متفرّجاً ـ وبالجملة لم يقدر على جميع أنواع القيام، حتّى الاضطراري منه بجميع أنحائه ـ صلّى من جلوس. ويعتبر فيه الانتصاب والاستقلال، فلا يجوز فيه الاستناد والتمايل مع التمكّن من الاستقلال والانتصاب، ويجوز مع الاضطرار. ومع تعذّر الجلوس رأساً صلّى مضطجعاً على الجانب الأيمن كالمدفون، فإن تعذّر منه فعلى الأيسر عكس الأوّل، فإن تعذّر صلّى مستلقياً كالمحتضر.

(مسألة 6): لو تمكّن من القيام ولم يتمكّن من الركوع قائماً، صلّى قائماً ثمّ جلس وركع جالساً. وإن لم يتمكّن من الركوع والسجود أصلاً، ولا من بعض مراتبهما الميسورة حتّى جالساً، صلّى قائماً وأومأ للركوع والسجود. والأحوط([350]) فيما إذا تمكّن من الجلوس أن يكون إيماؤه للسجود جالساً، بل الأحوط وضع ما يصحّ([351]) السجود عليه على جبهته إن أمكن.

(مسألة 7): لو قدر على القيام في بعض الركعات دون الجميع، وجب أن يقوم إلى أن يعجز فيجلس، ثمّ إذا قدر على القيام قام وهكذا.

(مسألة 8): يجب الاستقرار في القيام وغيره من أفعال الفريضة كالركوع والسجود والقعود، فمن تعذّر عليه الاستقرار، وكان متمكّناً من الوقوف مضطرباً، قدّمه على القعود مستقرّاً، وكذا الركوع والذكر ورفع الرأس، فيأتي بكلٍّ منها مضطرباً، ولا ينتقل إلى الجلوس وإن حصل به الاستقرار.

القول في القراءة والذكر
(مسألة 1): يجب في الركعة الاُولى والثانية من الفرائض قراءة الفاتحة وسورة كاملة عقيبها. وله ترك السورة في بعض الأحوال، بل قد يجب مع ضيق الوقت والخوف ونحوهما من أفراد الضرورة. ولو قدّمها على الفاتحة عمداً استأنف الصلاة، ولو قدّمها سهواً وذكر قبل الركوع، فإن لم يكن قرأ الفاتحة بعدها أعادها بعد أن يقرأ الفاتحة، وإن قرأها بعدها أعادها دون الفاتحة.

(مسألة 2): يجب قراءة الحمد في النوافل كالفرائض، بمعنى كونها شرطاً في صحّتها. وأمّا السورة فلا تجب في شيء منها وإن وجبت بالعارض بنذر ونحوه. نعم النوافل التي وردت في كيفيّتها سور خاصّة يعتبر في تحقّقها تلك السور، إلاّ أن يعلم أنّ إتيانها بتلك السور شرط لكمالها، لا لأصل مشروعيّتها وصحّتها.

(مسألة 3): الأقوى جواز قراءة أزيد من سورة واحدة في ركعة من الفريضة على كراهية، بخلاف النافلة فلا كراهة فيها. والأحوط تركها في الفريضة.

(مسألة 4): لا يجوز قراءة ما يفوت الوقت بقراءته من السور الطوال، فإن فعله عامداً بطلت صلاته على إشكال([352])، وإن كان سهواً عدل إلى غيرها مع سعة الوقت، وإن ذكر بعد الفراغ منها وقد فات الوقت أتمّ صلاته. وكذا لا يجوز قراءة إحدى السور العزائم في الفريضة([353])، فلو قرأها نسياناً إلى أن قرأ آية السجدة، أو استمعها وهو في الصلاة، فالأحوط أن يومئ إلى السجدة وهو في الصلاة، ثمّ يسجد بعد الفراغ، وإن كان الأقوى جوازَ الاكتفاء بالإيماء في الصلاة، وجوازَ الاكتفاء بالسورة.

(مسألة 5): البسملة جزء من كلّ سورة ـ فيجب قراءتها ـ عدا سورة البراءة.

(مسألة 6): سورة الفيل والإيلاف سورة واحدة، وكذلك والضحى وأَلَم نشرَح، فلاتُجزي واحدة منها، بل لابدّ من الجمع مرتّباً مع البسملة الواقعة في البين.

(مسألة 7): يجب تعيين السورة([354]) عند الشروع في البسملة على الأقوى. ولو عيّن سورة ثمّ عدل إلى غيرها تجب إعادة البسملة للمعدول إليها. وإذا عيّن سورة عند البسملة، ثمّ نسيها ولم يدرِ ما عيّن أعاد البسملة مع تعيين سورة معينة. ولو كان بانياً من أوّل الصلاة على أن يقرأ سورة معيّنة، فنسي وقرأ غيرها، أو كانت عادته قراءة سورة فقرأ غيرها، كفى ولم يجب إعادة السورة.

(مسألة 8): يجوز العدول اختياراً من سورة إلى غيرها ما لم يبلغ النصف([355])، عدا التوحيد والجحد، فإنّه لا يجوز العدول منهما إلى غيرهما، ولا من إحداهما إلى الاُخرى بمجرّد الشروع. نعم يجوز العدول منهما إلى الجمعة والمنافقين في ظهر يوم الجمعة([356])، وفي الجمعة على الأقوى إذا شرع فيهما نسياناً ما لم يبلغ النصف([357]).

(مسألة 9): يجب الإخفات بالقراءة عدا البسملة في الظهر والعصر، ويجب على الرجال الجهر بها في الصبح واُوليي المغرب والعشاء، فمن عكس عامداً بطلت صلاته. ويُعذر الناسي، بل مطلق غير العامد والجاهل بالحكم من أصله غير المتنبّه للسؤال، بل لا يعيدون ما وقع منهم من القراءة بعد ارتفاع العذر في الأثناء. أمّا العالم به في الجملة الذي جهل محلّه أو نساه، والجاهل بأصل الحكم المتنبّه للسؤال عنه، فالأحوط لهما الاستئناف، وإن كان الأقوى الصحّة مع حصول نيّة القربة منهما. ولا جهر على النساء، بل يتخيّرنَ بينه وبين الإخفات مع عدم الأجنبي، ويجب عليهنّ الإخفات فيما يجب على الرجال، ويُعذَرنَ فيما يُعذَرون فيه.

(مسألة 10): يستحبّ للرجال الجهر بالبسملة في الظهرين للحمد والسورة، كما أنّه يستحبّ لهم الجهر بالقراءة في ظهر يوم الجمعة، ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالإخفات.

(مسألة 11): مناط الجهر والإخفات ظهور جوهر الصوت وعدمه، لا سماع من بجانبه وعدمه. ولا يجوز الإفراط في الجهر كالصياح، كما أنّه لا يجوز الإخفات بحيث لا يسمع نفسه مع عدم المانع.

(مسألة 12): يجب أن تكون القراءة صحيحة، فلو أخلّ عامداً بحرف أو حركة أو تشديد أو نحو ذلك بطلت صلاته. ومن لا يحسن الفاتحة أو السورة يجب عليه تعلّمهما.

(مسألة 13): المدار في صحّة القراءة على أداء الحروف من مخارجها، على نحو يَعُدّه أهل اللسان مؤدّياً للحرف الفلاني دون حرف آخر، ومراعاة حركات البِنية وماله دَخل في هيئة الكلمة، والحركات والسكنات الإعرابيّة والبنائيّة على وفق ما ضبطه علماء العربيّة، وحذف همزة الوصل في الدرج كهمزة «ألـ» وهمزة «إهدِنَا» على الأحوط([358])، وإثبات همزة القطع كهمزة «أَنعَمتَ». ولا يلزم مراعاة تدقيقات علماء التجويد في تعيين مخارج الحروف، فضلاً عمّا يرجع إلى صفاتها، من الشِّدّة والرخوة والتفخيم والترقيق والاستعلاء وغير ذلك. ولا الإدغام الكبير، وهو إدراج الحرف المتحرّك ـ بعد إسكانه ـ في حرف مماثل له مع كونهما في كلمتين، مثل (يَعلَمُ ما بينَ أيدِيهِم)بإدراج الميم في الميم، أو مقارب له ولو في كلمة واحدة كـ (يَرزُقُكُم)و (زُحزِحَ عَنِ النَّارِ) بإدراج القاف في الكاف والحاء في العين. بل الأحوط ترك مثل هذا الإدغام، خصوصاً في المقارب بل ولا يلزم مراعاة بعض أقسام الإدغام الصغير، كإدراج الساكن الأصلي فيما يقاربه، كـ (مِن ربِّكَ)بإدراج النون في الراء. نعم الأحوط مراعاة المدّ اللازم، وهو ما كان حرف المدّ وسبباه ـ أي الهمزة والسكون ـ في كلمة واحدة، مثل «جآء» و «سوء» و «جيء» و «دآبّة» و «ق» و «ص». وكذا ترك الوقف على المتحرّك، والوصل مع السكون، وإدغام التنوين والنون الساكنة في حروف «يرملون»، وإن كان المترجّح في النظر عدم لزوم شيء ممّا ذكر.

(مسألة 14): الأحوط عدم التخلّف عن إحدى القراءات السبع([359]). كما أنّ الأحوط عدم التخلّف عمّا في المصاحف الكريمة الموجودة بين أيدي المسلمين، وإن كان التخلّف في بعض الكلمات ـ مثل (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) و(كُفُواً أَحَدٌ) ـ غير مضرّ، بل لا يبعد جواز القراءة بإحدى القراءات.

(مسألة 15): يجوز قراءة (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) و(مَلِكِ يَو مِ الدِّينِ)، ولا يبعد أن يكون الأوّل أرجح، وكذا يجوز في (الصِّراط) أن يقرأ بالصاد والسين، والأرجح بالصاد. وفي (كُفُواً أَحَدٌ) وجوه أربعة: بضمّ الفاء وسكونه مع الهمزة أو الواو، ولا يبعد أن يكون الأرجح بضمّ الفاء مع الواو.

(مسألة 16): من لا يقدر إلاّ على الملحون أو تبديل بعض الحروف، ولا يستطيع أن يتعلّم أجزأه ذلك، ولا يجب عليه الائتمام وإن كان أحوط، ومن كان قادراً على التصحيح والتعلّم ولم يتعلّم، يجب عليه على الأحوط الائتمام مع الإمكان([360]).

(مسألة 17): يتخيّر فيما عدا الركعتين الاُوليين من الفريضة بين الذكر والفاتحة، ولا يبعد أن يكون الأفضل للإمام القراءة، وللمأموم الذكر([361])، وهما للمنفرد سواء، وصورته: «سبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلاّ اللهُ واللهُ أكبر». وتجب المحافظة على العربيّة. ويجزي مرّة واحدة، والأحوط الأفضل التكرار ثلاثاً، والأولى إضافة الاستغفار إليها. ويجب الإخفات في الذكر والقراءة حتّى البسملة على الأحوط([362]). ولا يجب اتّفاق الركعتين الأخيرتين في الذكر أو القراءة.

(مسألة 18): لو قصد التسبيح مثلاً فسبق لسانه إلى القراءة ـ من غير تحقّق القصد إليها ولو ارتكازاً ـ فالأقوى عدم الاجتزاء بها، ومع تحقّقه فالأقوى الصحّة. وكذا الحال لو فعل ذلك غافلاً من غير قصد إلى أحدهما، فإنّه مع عدمه ولو ارتكازاً فالأقوى عدم الصحّة، وإلاّ فالأقوى الصحّة.

(مسألة 19): لو قرأ الفاتحة بتخيّل أنّه في الاُوليين فتبيّن كونه في الأخيرتين يجتزئ بها. وكذا لو قرأها بتخيّل أنّه في الأخيرتين فتبيّن كونه في الاُوليين.

(مسألة 20): الأحوط أن لايزيد على ثلاثة تسبيحات إلاّ بقصد الذكر المطلق.

(مسألة 21): يستحبّ قراءة (عَمَّ يتَساءلون) أو (هل أتى) أو الغاشية أو القيامة وأشباهها في صلاة الصبح، وقراءة (سبّح اسم) أو (والشمس) في الظهر و(إذا جاءَ نصرُ اللهِ) و(ألهاكُمُ التَّكاثُر) في العصر والمغرب. والأولى اختيار قراءة «الجمعة» في الركعة الاُولى من العشاءين، و«الأعلى» في الثانية منهما في ليلة الجمعة، وقراءة سورة «الجمعة» في الركعة الاُولى، و«المنافقين» في الثانية في الظهر والعصر من يوم الجمعة، وكذا في صبح يوم الجمعة، أو يقرأ فيها في الاُولى «الجمعة»، و«التوحيد» في الثانية، وفي المغرب في ليلة الجمعة في الاُولى «الجمعة»، وفي الثانية «التوحيد». كما أنّه يستحبّ في كلّ صلاة قراءة سورة «القدر» في الاُولى و«التوحيد» في الثانية.

(مسألة 22): قد عرفت أنّه يجب الاستقرار حال القراءة والأذكار، فلو أراد حالهما التقدّم أو التأخّر أو الانحناء لغرض، يجب تركهما حال الحركة، لكن لا يضرّ مثل تحريك اليد أو أصابع الرجلين وإن كان الترك أولى. ولو تحرّك حال القراءة قهراً فالأحوط إعادة ما قرأه في تلك الحالة.

(مسألة 23): لو شكّ في صحّة قراءة آية أو كلمة، يجب إعادتها إذا لم يتجاوز، ويجوز بقصد الاحتياط مع التجاوز، ولو شكّ ثانياً أو ثالثاً لا بأس بالتكرار ما لم يكن عن وسوسة، وإلاّ فلا يعتني بشكّه.

القول في الركوع
(مسألة 1): يجب في كلّ ركعة من الفرائض اليوميّة ركوع واحد، وهو ركن تبطل الصلاة بزيادته ونقصانه عمداً وسهواً، إلاّ في الجماعة للمتابعة بتفصيل يأتي في محلّه. ولابدّ فيه من الانحناء المتعارف بحيث تصل يده إلى ركبته، والأحوط وصول الراحة إليها، فلا يكفي مسمّى الانحناء.

(مسألة 2): من لم يتمكّن من الانحناء المزبور اعتمد، فإن لم يتمكّن ولو بالاعتماد أتى بالممكّن منه، ولا ينتقل إلى الجلوس وإن تمكّن منه جالساً. نعم لو لم يتمكّن من الانحناء أصلاً انتقل إليه، والأحوط صلاة اُخرى بالإيماء قائماً. وإن لم يتمكّن من الركوع جالساً أجزأ الإيماء حينئذ، فيومئ برأسه قائماً، فإن لم يتمكّن غمض عينيه للركوع، وفتحهما للرفع منه. ويتحقّق ركوع الجالس بانحنائه بحيث يساوي وجهه ركبتيه([363])، والأفضل الأحوط الزيادة على ذلك بحيث يحاذي مسجده.

(مسألة 3): يعتبر في الانحناء أن يكون بقصد الركوع، فلو انحنى بقصد وضع شيء على الأرض مثلاً لا يكفي في جعله ركوعاً، بل لابدّ من القيام ثمّ الانحناء له.

(مسألة 4): من كان كالراكع ـ خِلقةً أو لعارض ـ إن تمكّن من الانتصاب ولو بالاعتماد ـ لتحصيل القيام الواجب ليركع عنه ـ وجب، وإن لم يتمكّن من الانتصاب التامّ فلابدّ منه في الجملة وما هو أقرب إلى القيام. وإن لم يتمكّن أصلاً، وجب أن ينحني أزيد من المقدار الحاصل إن لم يخرج بذلك عن حدّ الركوع. وإن لم يتمكّن منه ـ بأن لم يقدر على زيادة الانحناء، أو كان انحناؤه بالغاً أقصى مراتب الركوع، بحيث لو زاد خرج عن حدّه ـ نوى الركوع بانحنائه([364])، ولا يُترك الاحتياط بالإيماء بالرأس إليه أيضاً، ومع عدم تمكّنه من الإيماء، يجعل غمض العينين ركوعاً وفتحهما رفعاً على الأحوط، وأحوط منه أن ينوي الركوع بالانحناء مع الإيماء وغمض العين مع الإمكان.

(مسألة 5): لو نسي الركوع فهوى إلى السجود، وتذكّر قبل وضع جبهته على الأرض، رجع إلى القيام ثمّ ركع، ولا يكفي أن يقوم منحنياً إلى حدّ الركوع، ولو تذكّر بعد الدخول في السجدة الاُولى، أو بعد رفع الرأس منها، فالأحوط([365]) العود إلى الركوع ـ كما مرّ ـ وإتمام الصلاة ثمّ إعادتها([366]).

(مسألة 6): لو انحنى بقصد الركوع، ولمّا وصل إلى حدّه نسي وهوى إلى السجود، فإن تذكّر قبل أن يخرج من حدّه، بقي على تلك الحال مطمئنّاً وأتى بالذكر. وإن تذكّر بعد خروجه من حدّه، فإن عرض النسيان بعد وقوفه في حدّ الركوع آنأمّا، فالأقوى([367]) السجود بلا انتصاب([368])، وإلاّ فلا يترك الاحتياط بالانتصاب ثمّ الهُوِيّ إلى السجود وإتمام الصلاة وإعادتها.

(مسألة 7): يجب الذكر في الركوع، والأقوى الاجتزاء بمطلقه، والأحوط([369]) كونه بمقدار الثلاث من الصغرى أو الواحدة من الكبرى، كما أنّ الأحوط مع اختيار التسبيح اختيار الثلاث من الصغرى، وهي «سبحانَ الله» أو الكبرى الواحدة، وهي «سُبحانَ ربِّيَ العظيمِ وبحمدِهِ»، والأحوط الأولى اختيار الأخيرة، وأحوط منه تكرارها ثلاثاً.

(مسألة 8): يجب الطمأنينة حال الذكر الواجب، فإن تركها عمداً بطلت صلاته، بخلافه سهواً، وإن كان الأحوط الاستئناف معه أيضاً. ولو شرع في الذكر الواجب عامداً قبل الوصول إلى حدّ الركوع، أو بعده قبل الطمأنينة، أو أتمّه حال الرفع قبل الخروج عن اسمه أو بعده، لم يجز الذكر المزبور قطعاً، والأقوى بطلان صلاته، والأحوط إتمامها ثمّ استئنافها، بل الأحوط ذلك في الذكر المندوب أيضاً، لو جاء به كذلك بقصد الخصوصيّة، وإلاّ فلا إشكال. ولو لم يتمكّن من الطمأنينة ـ لمرض أو غيره ـ سقطت، لكن يجب عليه إكمال الذكر الواجب قبل الخروج عن مسمّى الركوع، ويجب ـ أيضاً ـ رفع الرأس منه حتّى ينتصب قائماً مطمئنّاً، فلو سجد قبل ذلك عامداً بطلت صلاته.

(مسألة 9): يستحبّ التكبير للركوع وهو قائم منتصب، والأحوط عدم تركه. ويستحبّ رفع اليدين حال التكبير، ووضع الكفّين مُفرّجات الأصابع على الرُّكبتين حال الركوع، والأحوط عدم تركه مع الإمكان. وكذا يستحبّ ردّ الرُّكبتين إلى الخلف وتسوية الظهر ومدّ العنق والتجنيح بالمِرفَقين، وأن تضع المرأة يديها على فخذيها فوق الركبتين، واختيار التسبيحة الكبرى، وتكرارها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً بل أزيد، ورفع اليدين للانتصاب من الركوع، وأن يقول بعد الانتصاب: «سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَهُ»، وأن يكبّر للسجود ويرفع يديه له. ويكره أن يطآطئ رأسه حال الركوع، وأن يضمّ يديه إلى جنبيه، وأن يُدخل يديه بين ركبتيه.

القول في السجود
(مسألة 1): يجب في كلّ ركعة سجدتان، وهما معاً ركن ; تبطل الصلاة بزيادتهما معاً في الركعة الواحدة ونقصانهما كذلك عمداً أو سهواً، فلو أخلّ بواحدة ـ زيادةً أو نقصاناً ـ سهواً فلابطلان. ولابدّ فيه من الانحناء ووضع الجبهة على وجه يتحقّق به مسمّاه. وهذا مدار الركنيّة والزيادة العمديّة والسهويّة.

ويُعتبر فيه اُمور اُخر لا مدخلية لها في ذلك:

منها: السجود على ستّة أعضاء: الكفّين والرُّكبتين والإبهامين. والمعتبر باطن الكفّين، والأحوط الاستيعاب([370]) العرفي، هذا مع الاختيار. وأمّا مع الاضطرار فيُجزي مسمّى الباطن، ولو لم يقدر إلاّ على ضمّ الأصابع إلى كفّه والسجود عليها يجتزئ به، ومع تعذّر ذلك كلّه يجزي الظاهر، ومع عدم إمكانه أيضاً ـ لقطع ونحوه ـ ينتقل إلى الأقرب من الكفّ. وأمّا الركبتان فيجب صدق مسمّى السجود على ظاهرهما وإن لم يستوعبه. وأمّا الإبهامان فالأحوط مراعاة طرفيهما([371]). ولا يجب الاستيعاب في الجبهة، بل يكفي صدق السجود على مسمّاها، ويتحقّق بمقدار رأس الأنمُلة، والأحوط أن يكون بمقدار الدرهم، كما أنّ الأحوط كونه مجتمعاً لا متفرّقاً، وإن كان الأقوى عدم الفرق، فيجوز على السبحة إذا كان ما وقع عليه الجبهة بمقدار رأس الأنمُلة. ولابدّ من رفع ما يمنع من مباشرتها لمحلّ السجود من وسخ أو غيره فيها أو فيه، حتّى لو لصق بجبهته تربة أو تراب أو حصاة ونحوها في السجدة الاُولى، تجب إزالتها للثانية على الأحوط لو لم يكن الأقوى. والمراد بالجبهة هنا: ما بين قصاص الشعر وطرف الأنف الأعلى والحاجبين طولاً، وما بين الجبينين عرضاً.

(مسألة 2): الأحوط الاعتماد([372]) على الأعضاء السبعة، فلا يجزي مجرّد المماسّة([373])، ولا يجب مساواتها فيه. كما لا تضرّ مشاركة غيرها معها فيه، كالذراع مع الكفّين، وسائر أصابع الرجلين مع الإبهامين.

ومنها: وجوب الذكر على نحو ما تقدّم في الركوع، والتسبيحة الكبرى هاهنا: «سُبْحانَ ربِّيَ الأَعلى وبِحَمْدِهِ».

ومنها: وجوب الطمأنينة حال الذكر الواجب نحو ما سمعته في الركوع.

ومنها: وجوب كون المساجد السبعة في محالّها حال الذكر، فلا بأس بتغيير المحلّ فيما عدا الجبهة أثناء الذكر الواجب حال عدم الاشتغال، فلو قال: «سُبحانَ الله»، ثمّ رفع يده لحاجة أو غيرها ووضعها، وأتى بالبقيّة، لا يضرّ.

ومنها: وضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه على ما مرّ في مبحث المكان.

ومنها: رفع الرأس من السجدة الاُولى والجلوس مطمئنّاً معتدلاً.

ومنها: أن ينحني للسجود حتّى يساوي موضعُ جبهتِهِ موقِفَه، فلو ارتفع أحدهما على الآخر لا تصحّ، إلاّ أن يكون التفاوت بينهما قدر لبنة ـ موضوعة على سطحها الأكبر ـ في اللبن المتعارفة، أو أربع أصابع كذلك مضمومات. ولا يعتبر التساوي في سائر المساجد لابعضها مع بعض، ولابالنسبة إلى الجبهة، فلايقدح ارتفاع مكانها أو انخفاضه ما لم يخرج به السجود عن مسمّاه.

(مسألة 3): المراد بالموقف ـ الذي يجب عدم التفاوت بينه وبين موضع الجبهة بما تقدّم ـ الركبتان والإبهامان على الأحوط، فلو وضع إبهاميه على مكان أخفض أو أعلى من جبهته بأزيد ممّا تقدّم، بطلت صلاته على الأحوط وإن ساوى موضعُ رُكبتيه موضعَ جبهته.

(مسألة 4): لو وقعت جبهته على مكان مرتفع أزيد من المقدار المغتفر، فإن كان الارتفاع بمقدار لا يصدق معه السجود عرفاً، فالأحوط الأولى رفعها ووضعها على المحلّ الجائز، ويجوز جرّها أيضاً، وإن كان بمقدار يصدق معه السجود عرفاً فالأحوط الجرّ إلى الأسفل، ولو لم يمكن فالأحوط الرفع([374]) والوضع، ثمّ إعادة الصلاة بعد إتمامها.

(مسألة 5): لو وضع جبهته من غير عمد على الممنوع من السجود، عليه جرّها عنه إلى ما يجوز السجود عليه، وتصحّ صلاته، وليس له رفعها عنه. ولو لم يمكن إلاّ الرفع المستلزم لزيادة السجود، فالأحوط إتمام صلاته ثمّ استئنافها من رأس([375])، سواء كان الالتفات إليه قبل الذكر الواجب أو بعده. نعم لو كان الالتفات بعد رفع الرأس من السجود كفاه الإتمام.

(مسألة 6): من كان بجبهته علّة كالدمل، فإن لم تستوعبها وأمكن وضع الموضع السليم منها على الأرض ـ ولو بحفر حفيرة وجعل الدمل فيها ـ وجب. وإن استوعبتها، أو لم يمكن وضع الموضع السليم منها على الأرض، سجد على أحد الجبينين، والأولى تقديم الأيمن على الأيسر، وإن تعذّر سجد على ذقنه، وإن تعذّر فالأحوط تحصيل هيئة السجود بوضع بعض وجهه أو مقدّم رأسه على الأرض، ومع تعذّره فالأحوط تحصيل ما هو الأقرب إلى هيئته.

(مسألة 7): لو ارتفعت جبهته من الأرض قهراً وعادت إليها قهراً، فلا يبعد أن يكون عوداً إلى السجدة الاُولى، فيحسب سجدة واحدة، سواء كان الارتفاع قبل القرار أو بعده، فيأتي بالذكر الواجب، ومع القدرة على الإمساك بعد الرفع يحسب هذا الوضع سجدة واحدة مطلقاً، سواء كان الرفع قبل القرار أو بعده.

(مسألة 8): من عجز عن السجود، فإن أمكنه تحصيل بعض المراتب الميسورة من السجدة، يجب محافظاً على ما عرفت وجوبه، من وضع المساجد في محالّها مع التمكّن والاعتماد والذكر والطمأنينة ونحوها، فإذا تمكّن من الانحناء فعل بمقدار ما يتمكّن، ورفع المسجد إلى جبهته واضعاً لها عليه، مراعياً لما تقدّم من الواجبات، وإن لم يتمكّن من الانحناء أصلاً أومأ إليه برأسه([376])، وإن لم يتمكّن فبالعينين، والأحوط([377]) له رفع المسجد مع ذلك إذا تمكّن من وضع الجبهة عليه، ومع عدم تحقّق الميسور من السجود لا يجب وضع المساجد في محالّها وإن كان أحوط.

(مسألة 9): يستحبّ التكبير حال الانتصاب من الركوع للأخذ في السجود وللرفع منه، والسبق باليدين إلى الأرض عند الهُوِيّ إليه، واستيعاب الجبهة على ما يصحّ السجود عليه، والإرغام بمسمّاه بالأنف على مسمّى ما يصحّ السجود عليه، والأحوط عدم تركه، وتسوية موضع الجبهة مع الموقف، بل جميع المساجد، وبسط الكفّين مضمومتي الأصابع ـ حتّى الإبهام ـ حذاء الاُذُنين موجّهاً بهما إلى القبلة، والتجافي حال السجود، بمعنى رفع البطن عن الأرض، والتجنيح: بأن يرفع مرفقيه عن الأرض، مفرّجاً بين عضديه وجنبيه، مبعّداً يديه عن بدنه جاعلاً يديه كالجناحين، والدعاء بالمأثور قبل الشروع في الذكر وبعد رفع الرأس من السجدة الاُولى، واختيار التسبيحة الكبرى وتكرارها، والختم على الوتر، والدعاء في السجود ـ أو الأخير منه ـ بما يريد من حاجات الدنيا والآخرة، سيّما طلب الرزق الحلال، بأن يقول: «يا خَيرَ المسؤولينَ ويا خيرَ المُعطيِنَ ارزُقني وارزُق عيالي من فَضلِكَ فإنّك ذُو الفضلِ العظيم»، والتورّك في الجلوس بين السجدتين وبعدهما، بأن يجلس على فخذه الأيسر جاعلاً ظهر القدم اليمنى على بطن اليسرى، وأن يقول بين السجدتين: «أستغفِرُ الله ربِّي وأتُوبُ إليه»، ووضع اليدين حال الجلوس على الفخذين، اليمنى على اليمنى، واليسرى على اليسرى، والجلوس مطمئنّاً بعد رفع الرأس من السجدة الثانية قبل أن يقوم، وهو المسمّى بالجلسة الاستراحة، والأحوط لزوماً عدم تركها([378])، وأن يقول إذا أراد النهوض إلى القيام: «بِحولِ اللهِ وقوّتِه أقُومُ وأقعُد»، وأن يعتمد على يديه عند النهوض من غير عجن بهما، أي لا يقبضهما، بل يبسطهما على الأرض.

(مسألة 10): تختصّ المرأة في الصلاة بآداب: الزينة بالحليّ والخضاب، والإخفات في قولها، والجمع بين قدميها حال القيام، وضمّ ثدييها بيديها حاله، ووضع يديها على فخذيها حال الركوع، غير رادّة ركبتيها إلى ورائها، والبدأة للسجود بالقعود، والتضمّم حاله لاطئةً بالأرض فيه غير متجافية، والتربّع في جلوسها مطلقاً.

القول في سجدتي التلاوة والشكر
(مسألة 1): يجب السجود عند تلاوة آيات أربع في السور الأربع: آخر «النجم» و«العلق»، و(لا يستكبرون) في (ألم تَنزِيل) و(تعبدون) في (حم فُصِّلَتْ)، وكذا عند استماعها دون سماعها على الأظهر، ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط. والسبب مجموع الآية، فلا يجب بقراءة بعضها، ولو لفظ السجدة منها وإن كان أحوط، ووجوبها فوريّ لا يجوز تأخيرها، وإن أخّرها ولو عصياناً يجب إتيانها ولا تسقط.

(مسألة 2): يتكرّر السجود بتكرّر السبب مع التعاقب وتخلّل السجود قطعاً، وهو مع التعاقب بلا تخلّله لا يخلو من قوّة، ومع عدم التعاقب لا يبعد عدمه.

(مسألة 3): إن قرأها أو استمعها في حال السجود يجب رفع الرأس منه ثمّ الوضع، ولا يكفي البقاء بقصده، ولا الجرّ إلى مكان آخر، وكذا فيما إذا كان جبهته على الأرض لابقصد السجدة، فسمع أو قرأ آية السجدة.

(مسألة 4): الظاهر أنّه يعتبر في وجوبها على المستمع، كون المسموع صادراً بعنوان التلاوة وقصد القرآنيّة، فلو تكلّم شخص بالآية لابقصدها لا تجب بسماعها، وكذا لو سمعها من صبيّ غير مميّز أو نائم أو من حبس صوت، وإن كان الأحوط ذلك، خصوصاً في النائم.

(مسألة 5): يعتبر في السماع تمييز الحروف والكلمات، فلا يكفي سماع الهمهمة وإن كان أحوط.

(مسألة 6): يعتبر في هذا السجود بعد تحقّق مسمّاه النيّة وإباحة المكان والأحوط وضع المواضع السبعة، ووضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه، وإن كان الأقوى عدم اللزوم. نعم الأحوط ترك السجود على المأكول والملبوس، بل عدم الجواز لا يخلو من وجه، ولا يعتبر فيه الاستقبال، ولا الطهارة من الحدث والخبث، ولا طهارة موضع الجبهة، ولا ستر العورة.

(مسألة 7): ليس في هذا السجود تشهّد ولا تسليم ولا تكبيرة افتتاح. نعم يستحب التكبير للرفع عنه، ولا يجب فيه الذكر، بل يستحبّ، ويكفي مطلقه، والأولى أن يقول: «لا إلهَ إلاّ اللهُ حقّاً حقّاً، لا إلهَ إلاّ اللهُ إيماناً وتصديقاً، لا إلهَ إلاّ الله عُبودِيَّةً ورِقّاً، سَجَدتُ لَكَ ياربِّ تعبُّداً ورِقّاً، لا مُستنكِفاً ولا مُستكبراً، بل أنا عبدٌ ذليلٌ خائفٌ مستجيرٌ».

(مسألة 8): السجود لله تعالى في نفسه من أعظم العبادات، وقد ورد فيه: «أنّه ما عُبد الله بمثله»، و«أقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد»، ويستحبّ أكيداً للشكر لله عند تجدّد كلّ نعمة، ودفع كلّ نقمة، وعند تذكّرهما، وللتوفيق لأداء كلّ فريضة أو نافلة، بل كلّ فعل خير حتّى الصلح بين اثنين. ويجوز الاقتصار على واحدة، والأفضل أن يأتي باثنتين، بمعنى الفصل بينهما بتعفير الخدّين أو الجبينين، ويكفي في هذا السجود مجرّد وضع الجبهة مع النيّة، والأحوط فيه وضع المساجد السبعة، ووضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه، بل اعتبار عدم كونه ملبوساً أو مأكولاً لا يخلو من قوّة، كما تقدّم في سجود التلاوة. ويستحبّ فيه افتراش الذراعين وإلصاق الجؤجؤ والصدر والبطن بالأرض. ولا يشترط فيه الذكر، وإن استُحبّ أن يقول: «شكراً للهِ» أو «شُكراً شُكراً» مائة مرّة، ويكفي ثلاث مرّات، بل مرّة واحدة.
وأحسن ما يقال فيه ما ورد عن مولانا الكاظم(عليه السلام): «قل وأنت ساجد: اللّهمَّ إنّي اُشهِدُكَ، واُشهِدُ ملائِكتَكَ وأنبياءَكَ ورُسُلكَ، وجميعَ خلقِكَ: أ نّكَ أنتَ الله ربِّي، والإسلامَ ديني، ومُحمّداً نبيِّي وعَليّاً والحسَنَ والحُسينَ ـ تعدّهم إلى آخرهم ـ أئمَّتي بهم أتوَلّى، ومِن أعدائِهم أتبرّأ. اللّهُمَّ إنِّي اُنشدُكَ دمَ المظلوم ـ ثلاثاً ـ اللّهمَّ إنِّي اُنشدُك بإيوائِكَ على نفسِكَ لأعدائِكَ لتُهلكنَّهُم بأيدينا وأيدي المُؤمِنين. اللهمَّ إنِّي اُنشدُك بإيوائِكَ على نفسك لأوليائِك لَتُظفرَنَّهُم بعدوِّك وعدوِّهم، أن تُصلِّي على مُحمَّد وعلى المُستحفظينَ من آلِ محمّد ـ ثلاثاً ـ اللّهُمَّ إنِّي أسألُكَ اليُسر بعد العُسر; ثلاثاً. ثمّ تضع خدّك الأيمن على الأرض وتقول: يا كَهفي حينَ تُعييني المذاهِبُ، وتضيقُ عليَّ الأرضُ بِما رَحُبَت، يا بارئَ خَلقي رَحمَةً بي وقَد كُنتَ عن خلقِي غنيّاً، صلِّ عَلى مُحمّد وعَلى المُستَحفظينَ من آلِ محمّد. ثمّ تضع خدّك الأيسر وتقول: يا مُذِلَّ كُلِّ جبَّار ويا مُعِزَّ كُلِّ ذَلِيل قد وَعِزَّتِكَ بَلَغَ مجهودِي ـ ثلاثاً ـ ثمّ تقول: يا حنّانُ يا مَنّانُ يا كاشِفَ الكُربِ العِظامِ ثمّ تعود للسجود فتقول مائة مرّة: شُكراً شُكراً، ثمّ تسأل حاجتك تُقضى إن شاء الله».

القول في التشهّد
(مسألة 1): يجب التشهّد في الثنائيّة مرّة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة، وفي الثلاثيّة والرباعيّة مرّتين: الاُولى بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة في الركعة الثانية، والثانية بعد رفع الرأس منها في الركعة الأخيرة. وهو واجب غير ركن تبطل الصلاة بتركه ـ عمداً لا سهواً ـ حتّى يركع وإن وجب عليه قضاؤه، كما يأتي في الخلل.
والواجب فيه أن يقول: «أشهَدُ أن لا إلهَ إلاّ اللهُ وحدَهُ لا شرِيكَ لهُ، وأشهَدُ أنَّ مُحمّداً عبدهُ ورسولُهُ، اللّهُمَّ صَلِّ على مُحمّد وآلِ مُحمَد» ويستحبّ الابتداء بقوله: «الحمدُ لله» أو «بِسمِ الله وباللهِ، الحمدُ للهِ، وخيرُ الأسماءِ للهِ ـ أو ـ الأسماءُ الحسنى كلّها لله» وأن يقول بعد الصلاة على النبيّ وآله: «وتقبَّل شفاعتَهُ في اُمَّتهِ وارفع درَجَتَهُ». والأحوط([379]) عدم قصد التوظيف والخصوصيّة به في التشهّد الثاني. ويجب فيه اللفظ الصحيح الموافق للعربية، ومن عجز عنه وجب عليه تعلّمه.

(مسألة 2): يجب الجلوس مطمئنّاً حال التشهّد بأيّ كيفيّة كان. ويُكره الإقعاء، وهو أن يعتمد بصدر قدميه على الأرض، ويجلس على عقبيه، والأحوط تركه. ويستحبّ فيه التورّك، كما يستحبّ ذلك بين السجدتين وبعدهما، كما تقدّم.

القول في التسليم
(مسألة 1): التسليم واجب في الصلاة، وجزء منها ظاهراً، ويتوقّف تحلّل المنافيات والخروج عن الصلاة عليه. وله صيغتان: الاُولى: «السَّلامُ علَينا وعلى عِبادِ الله الصّالحِينَ»، والثانية: «السَّلامُ عليكُم» بإضافة «ورحمَةُ الله وبركاتُهُ» على الأحوط، وإن كان الأقوى استحبابه، والثانية على تقدير الإتيان بالاُولى جزء مستحبّ، وعلى تقدير عدمه جزء واجب على الظاهر. ويجوز الاجتزاء بالثانية، بل بالاُولى أيضاً، وإن كان الأحوط عدم الاجتزاء بها. وأمّا «السَّلامُ عليكَ أيُّها النبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ»، فهي من توابع التشهّد لا يحصل بها تحلّل، ولا تبطل الصلاة بتركها عمداً ولا سهواً، لكن الأحوط المحافظة عليها، كما أنّ الأحوط الجمع بين الصيغتين بعدها مقدِّماً للاُولى.

(مسألة 2): يجب في التسليم بكلٍّ من الصيغتين العربيّة والإعراب، ويجب تعلّم إحداهما مع الجهل، كما أنّه يجب الجلوس حالته مطمئنّاً، ويستحبّ فيه التورّك.

القول في الترتيب

(مسألة 3): يجب الترتيب في أفعال الصلاة، فيجب تقديم تكبيرة الإحرام على القراءة، والفاتحة على السورة، وهي على الركوع، وهو على السجود وهكذا، فمن صلّى مقدِّماً للمؤخّر وبالعكس عمداً بطلت صلاته، وكذا سهواً لو قدّم ركناً على ركن. أمّا لو قدّم ركناً على ما ليس بركن سهواً ـ كما لو ركع قبل القراءة ـ فلا بأس، ويمضي في صلاته. وكذا لو قدّم غير ركن على ركن سهواً ـ كما لو قدّم التشهّد على السجدتين ـ فلا بأس، لكن مع إمكان التدارك يعود إلى ما يحصل به الترتيب، وتصحّ صلاته. كما أنّه لا بأس بتقديم غير الأركان بعضها على بعض سهواً، فيعود أيضاً إلى ما يحصل به الترتيب مع الإمكان وتصحّ صلاته.

القول في الموالاة
(مسألة 1): يجب الموالاة في أفعال الصلاة: بمعنى عدم الفصل بين أفعالها على وجه تنمحي صورتها، بحيث يصحّ سلب الاسم عنها، فلو ترك الموالاة بالمعنى المزبور ـ عمداً أو سهواً ـ بطلت صلاته. وأمّا الموالاة ـ بمعنى المتابعة العرفيّة ـ فواجبة ـ أيضاً ـ على الأحوط، فتبطل الصلاة بتركها عمداً على الأحوط، لا سهواً.

(مسألة 2): كما تجب الموالاة في أفعال الصلاة بعضها مع بعض، كذلك تجب في القراءة والتكبير والذِّكر والتسبيح بالنسبة إلى الآيات والكلمات، بل والحروف، فمن تركها عمداً في أحد المذكورات الموجب لمحو أسمائها، بطلت صلاته فيما إذا لزم من تحصيل الموالاة زيادة مبطلة، بل مطلقاً على الأحوط، وإن كان سهواً فلا بأس، فيعيد ما تحصل به الموالاة إن لم يتجاوز المحلّ. لكن هذا إذا لم يكن فوات الموالاة المزبورة ـ في أحد المذكورات ـ موجباً لفوات الموالاة في الصلاة بالمعنى المزبور، وإلاّ فتبطل ولو مع السهو.

بقي أمران: القنوت والتعقيب

القول في القنوت
(مسألة 1): يستحبّ القنوت في الفرائض اليوميّة، ويتأكّد في الجهريّة، بل الأحوط عدم تركه فيها. ومحلّه قبل الركوع في الركعة الثانية بعد الفراغ عن القراءة، ولو نسي أتى به بعد رفع الرأس من الركوع، ثمّ هوى إلى السجود، وإن لم يذكره في هذا الحال وذكره بعد ذلك، فلا يأتي به([380]) حتّى يفرغ من صلاته فيأتي به حينئذ، وإن لم يذكره إلاّ بعد انصرافه أتى به متى ذكره ولو طال الزمان. ولو تركه عمداً فلا يأتي به بعد محلّه.
ويستحبّ ـ أيضاً ـ في كلّ نافلة ثنائيّة في المحلّ المزبور، حتّى نافلة الشفع على الأقوى، والأولى إتيانه فيه رجاءً. ويستحبّ أكيداً في الوتر، ومحلّه ما عرفت قبل الركوع بعد القراءة.

(مسألة 2): لا يعتبر في القنوت قول مخصوص، بل يكفي فيه كلّ ما تيسّر من ذكر ودعاء، بل يجزي البسملة مرّة واحدة، بل «سبحان الله» خمس أو ثلاث مرّات، كما يجزي الاقتصار على الصلاة على النبيّ وآله، والأحسن ما ورد عن المعصوم(عليه السلام) من الأدعية، بل والأدعية التي في القرآن. ويستحبّ فيه الجهر، سواء كانت الصلاة جهريّة أو إخفاتيّة، إماماً أومنفرداً، بل أومأموماً إن لم يسمع الإمام صوته.

(مسألة 3): لا يعتبر رفـع اليدين في القنوت على إشكال، فالأحوط([381]) عدم تركه.

(مسألة 4): يجوز الدعاء في القنوت وفي غيره بالملحون ـ مادّة أو إعراباً ـ إن لم يكن فاحشاً أو مغيِّراً للمعنى، وكذا الأذكار المندوبة، والأحوط الترك مطلقاً. أمّا الأذكار الواجبة فلا يجوز فيها غير العربيّة الصحيحة.

القول في التعقيب
(مسألة 1): يستحبّ التعقيب بعد الفراغ من الصلاة ولو نافلة، وفي الفريضة آكد، خصوصاً في الغداة، والمراد به الاشتغال بالدعاء والذكر والقرآن ونحو ذلك([382]).

(مسألة 2): يعتبر في التعقيب أن يكون متّصلاً بالفراغ من الصلاة، على وجه لا يشاركه الاشتغال بشيء آخر يذهب بهيئته عند المتشرّعة كالصنعة ونحوها، والأولى فيه الجلوس في مكانه الذي صلّى فيه، والاستقبال والطهارة. ولا يعتبر فيه قول مخصوص، والأفضل ما ورد عنهم(عليهم السلام) ممّا تضمّنته كتب الأدعية والأخبار.
ولعلّ أفضلها([383]) تسبيح الصدّيقة الزهراء ـ سلام الله عليها ـ وكيفيّته على الأحوط([384]): أربع وثلاثون تكبيرة، ثمّ ثلاث وثلاثون تحميدة، ثمّ ثلاث وثلاثون تسبيحة. ولو شكّ في عددها يبني على الأقلّ إن لم يتجاوز المحلّ، فلو سها فزاد على عدد التكبير أو غيره، رفع اليد عن الزائد، وبنى على الأربع وثلاثين أو الثلاث وثلاثين، والأولى أن يبني على نقص واحدة، ثمّ يكمل العدد بها في التكبير والتحميد دون التسبيح.

ومن التعقيبات: قول: «لا إلهَ إلاّ الله وحدَهُ وحدَهُ أنجَزَ وعدَهُ، ونصرَ عبدَهُ، وأعزَّ جندَهُ، وغلبَ الأحزابَ وحدهُ، فلَهُ المُلكُ ولهُ الحمدُ، يُحيي ويُميتُ، وهوَ على كُلِّ شيء قدير».

ومنها: قول: «اللّهمَّ صَلِّ على مُحمّد وآل محمّد، وأجرني من النارِ، وارزقني الجنَّةَ، وزوِّجني منَ الحورِ العينِ».

ومنها: قول: «اللّهمَّ اهدِني من عِندكَ، وأفِض عليَّ من فَضلِكَ، وانشر عليَّ من رحمتِكَ، وانزِل عليَّ من بركاتِكَ».

ومنها: قول: «أعوذُ بوجهِكَ الكريم، وعزَّتِك التي لا تُرامُ، وقدرتِكَ الّتي لا يَمتَنِعُ منها شيءٌ، من شرِّ الدنيا والآخرة، ومن شرِّ الأوجاعِ كُلِّها، ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلاّ بالله العليّ العظيمِ».

ومنها: قول: «اللّهُمَّ إنِّي أسألُكَ من كُلِّ خير أحاطَ بهِ علمكَ، وأعوذُ بِكَ من كُلِّ شرٍّ أحاطَ بهِ عِلمُكَ، اللّهُمَّ إنِّي أسألُكَ عافيتَكَ في اُموري كُلِّها، وأعوذُ بِكَ من خزي الدُّنيا وعذَابِ الآخرةِ».

ومنها: قول: «سُبحانَ الله والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلاّ الله واللهُ أكبرُ» مائة مرّة أو ثلاثين.

ومنها: قراءة آية الكرسي والفاتحة وآية (شَهِدَ الله أنّه لا إلهَ إلاّ هُوَ...)وآية (قُل اللّهُمَّ مالِكَ المُلك...).

ومنها: الإقرار بالنبيّ والأئمّة عليهم الصلاة والسلام.

ومنها: سجود الشكر، وقد مرَّ كيفيّته سابقاً.

القول في مبطلات الصلاة

وهي اُمور:

أحدها: الحدث الأصغر والأكبر، فإنّه مبطل لها أينما وقع فيها، ولو عند الميم من التسليم على الأقوى، عمداً أو سهواً أو سبقاً، عدا المسلوس والمبطون والمستحاضة على ما مرّ.

ثانيها: التكفير وهو وضع إحدى اليدين على الاُخرى نحو ما يصنعه غيرنا. وهو مبطل عمداً على الأقوى، لا سهواً، وإن كان الأحوط فيه الإعادة، ولا بأس به حال التقيّة.

ثالثها: الالتفات بكلّ البدن إلى الخلف أو اليمين أو الشمال، بل وما بينهما على وجه يخرج به عن الاستقبال، فإنّ تعمّد ذلك كلّه مبطل لها، بل الالتفات بكلّ البدن بما يخرج به عمّا بين المشرق والمغرب، مبطل حتّى مع السهو أو القسر ونحوهما. نعم لا يبطل الالتفات بالوجه ـ يميناً وشمالاً ـ مع بقاء البدن مستقبلاً إذا كان يسيراً، إلاّ أنّه مكروه. وأمّا إذا كان فاحشاً، بحيث يجعل صفحة وجهه بحذاء يمين القبلة أو شمالها، فالأقوى كونه مبطلاً.

رابعها: تعمّد الكلام ولو بحرفين مهملين، بأن استعمل اللفظ المهمل المركّب من حرفين في معنىً كنوعه وصنفه، فإنّه مبطل على الأقوى، ومع عدمه كذلك على الأحوط. وكذا الحرف الواحد المستعمل في المعنى كقوله: «ب» مثلاً رمزاً إلى أوّل بعض الأسماء بقصد إفهامه، بل لا يخلو إبطاله من قوّة، فالحرف المفهم مطلقاً ـ وإن لم يكن موضوعاً ـ إن كان بقصد الحكاية لا تخلو مبطليّته من قوّة، كما أنّ اللفظ الموضوع إذا تلفّظ به لابقصد الحكاية، وكان حرفاً واحداً، لا يبطل على الأقوى، وإن كان حرفين فصاعداً فالأحوط مبطليّته، ما لم يصل إلى حدّ محو اسم الصلاة، وإلاّ فلا شبهة فيها حتّى مع السهو. وأمّا التكلّم في غير هذه الصورة فغير مبطل مع السهو. كما أنّه لا بأس بردّ سلام التحيّة، بل هو واجب، ولو تركه واشتغل بالقراءة ونحوها لا تبطل الصلاة، فضلاً عن السكوت بمقداره، لكن عليه إثم ترك الواجب خاصّة.

(مسألة 1): لا بأس بالذكر والدعاء وقراءة القرآن([385]) ـ غير ما يوجب السجود ـ في جميع أحوال الصلاة. والأقوى إبطال مطلق مخاطبة غير الله حتّى في ضمن الدعاء، بأن يقول: «غفر الله لك» وقوله: «صبّحك الله بالخير» إذا قصد الدعاء، فضلاً عمّا إذا قصد التحيّة به. وكذا الابتداء بالتسليم.

(مسألة 2): يجب ردّ السلام في أثناء الصلاة، بتقديم السلام على الظرف وإن قدّم المسلّم الظرف على السلام على الأقوى. والأحوط مراعاة المماثلة في التعريف والتنكير والإفراد والجمع وإن كان الأقوى عدم لزومها. وأمّا في غير الصلاة فيُستحبّ الردّ بالأحسن، بأن يقول في جواب «سلام عليكم» مثلاً «عليكم السلام ورحمة الله وبركاته».

(مسألة 3): لو سلّم بالملحون ـ بحيث لم يخرج عن صدق سلام التحيّة ـ يجب الجواب صحيحاً، وإن خرج عنه لا يجوز في الصلاة ردّه.

(مسألة 4): لو كان المسلّم صبيّاً مميّزاً يجب ردّه، والأحوط عدم قصد القرآنيّة، بل عدم جوازه قويّ.

(مسألة 5): لو سلّم على جماعة كان المصلّي أحدهم، فالأحوط له عدم الردّ إن كان غيره يردّه، وإذا كان بين جماعة فسلّم واحد عليهم، وشكّ في أنّه قصده أم لا، لا يجوز له الجواب.

(مسألة 6): يجب إسماع([386]) ردّ السلام في حال الصلاة وغيرها، بمعنى رفع الصوت به على المتعارف، بحيث لو لم يكن مانع عن السماع لسمعه. وإذا كان المسلّم بعيداً لا يمكن إسماعه الجواب، لا يجب جوابه([387]) على الظاهر، فلا يجوز ردّه في الصلاة، وإذا كان بعيداً بحيث يحتاج إسماعه إلى رفع الصوت يجب رفعه، إلاّ إذا كان حرجيّاً، فيكتفي بالإشارة مع إمكان تنبّهه عليها على الأحوط. وإذا كان في الصلاة ففي وجوب رفعه وإسماعه تردّد، والأحوط الجواب بالإشارة مع الإمكان. وإذا كان المسلّم أصمّ فإن أمكن أن ينبّهه على الجواب ولو بالإشارة، لا يبعد وجوبه مع الجواب على المتعارف، وإلاّ يكفي الجواب كذلك من غير إشارة.

(مسألة 7): تجب الفوريّة العرفيّة في الجواب، فلا يجوز تأخيره على وجه لا يصدق معه الجواب وردّ التحية، فلو أخّره عصياناً أو نسياناً أو لعذر إلى ذلك الحدّ سقط، فلا يجوز في حال الصلاة ولا يجب في غيرها، ولو شكّ في بلوغ التأخير إلى ذلك الحدّ، فكذلك لا يجوز فيها ولا يجب في غيرها.

(مسألة 8): الابتداء بالسلام مستحبّ كفائيّ، كما أنّ ردّه واجب كفائيّ، فلو دخل جماعة على جماعة، يكفي ـ في الوظيفة الاستحبابيّة ـ تسليمُ شخص واحد من الواردين، وجوابُ شخص واحد من المورود عليهم.

(مسألة 9): لو سلّم شخص على أحد شخصين ولم يعلما أنّه أيّهما أراد، لا يجب الردّ على واحد منهما، ولا يجب عليهما الفحص والسؤال، وإن كان الأحوط الردّ من كلّ منهما إذا كانا في غير حال الصلاة.

(مسألة 10): لو سلّم شخصان كلٌّ على الآخر، يجب على كلّ منهما ردّ سلام الآخر، حتّى من وقع سلامه عقيب سلام الآخر، ولو انعكس الأمر، بأن سلّم كلٌّ منهما بعنوان الردّ ـ بزعم أنّه سلّم عليه ـ لا يجب على واحد منهما ردّ الآخر، ولو سلّم شخص على أحد بعنوان الردّ ـ بزعم أنّه سلّم مع أنّه لم يسلّم عليه ـ وتنبّه على ذلك المسلَّم عليه، لم يجب ردّه على الأقوى وإن كان أحوط، بل الاحتياط حسن في جميع الصور.

خامسها: القهقهة ولو اضطراراً. نعم لا بأس بالسهويّة، كما لا بأس بالتبسّم ولو عمداً. والقهقهة: هي الضحك المشتمل على الصوت والترجيع، ويلحق بها حكماً على الأحوط المشتمل على الصوت، ولو اشتمل عليه أو على الترجيع ـ أيضاً ـ تقديراً، كمن منع نفسه عنه، إلاّ أنّه قد امتلأ جوفه ضحكاً واحمرّ وجهه وارتعش مثلاً فلا يبطلها إلاّ مع محو الصورة.

سادسها: تعمّد البكاء بالصوت لفوات أمر دنيويّ، دون ما كان منه للسهو عن الصلاة، أو على أمر اُخروي، أو طلب أمر دنيويّ من الله تعالى، خصوصاً إذا كان المطلوب راجحاً شرعاً، فإنّه غير مبطل. وأمّا غير المشتمل على الصوت فالأحوط فيه الاستئناف، وإن كان عدم إبطاله لا يخلو من قوّة([388]). ومن غلب عليه البكاء المبطل قهراً فالأحوط الاستئناف، بل وجوبه لا يخلو من قوّة. وفي جواز البكاء على سيّد الشهداء ـ أرواحنا فداه ـ تأمّل وإشكال([389])، فلا يُترك الاحتياط.

سابعها: كلّ فعل ماح لها مُذهِب لصورتها ـ على وجه يصحّ سلب الاسم عنها ـ وإن كان قليلاً، فإنّه مبطل لها عمداً وسهواً. أمّا غير الماحي لها، فإن كان مفوّتاً للموالاة فيها ـ بمعنى المتابعة العرفيّة ـ فهو مبطل مع العمد على الأحوط دون السهو. وإن لم يكن مفوّتاً لها فعمده غير مبطل، فضلاً عن سهوه وإن كان كثيراً، كحركة الأصابع، والإشارة باليد أو غيرها لنداء أحد، وقتل الحيّة والعقرب، وحمل الطفل ووضعه وضمّه وإرضاعه، ونحو ذلك ممّا هو غير مناف للموالاة ولا ماح للصورة.

ثامنها: الأكل والشرب وإن كانا قليلين على الأحوط. نعم لا بأس بابتلاع ذرّات بقيت في الفم أو بين الأسنان، والأحوط الاجتناب عنه. ولا يترك الاحتياط بالاجتناب عن إمساك السكر ولو قليلاً في الفم ـ ليذوب وينزل شيئاً فشيئاً ـ وإن لم يكن ماحياً للصورة ولا مفوّتاً للموالاة.
ولا فرق في جميع ما سمعته من المبطلات بين الفريضة والنافلة، إلاّ الالتفات في النافلة مع إتيانها حال المشي، وفي غيرها الأحوط الإبطال. وإلاّ العطشان المتشاغل بالدعاء في الوتر العازم على صوم ذلك اليوم، إن خشي مفاجأة الفجر، وكان الماء أمامه، واحتاج إلى خطوتين أو ثلاث، فإنّه يجوز له التخطّي والشرب حتّى يروي، وإن طال زمانه لو لم يفعل غير ذلك من منافيات الصلاة، حتّى إذا أراد العود إلى مكانه رجع القهقرى لئلاّ يستدبر القبلة. والأقوى الاقتصار على خصوص شرب الماء، دون الأكل ودون شرب غيره وإن قلّ زمانه. كما أنّ الأحوط الاقتصار على خصوص الوتر دون سائر النوافل. ولا يبعد عدم الاقتصار على حال الدعاء، فيلحق بها غيرها من أحوالها وإن كان الأحوط الاقتصار عليها. وأحوط منه الاقتصار على ما إذا حدث العطش بين الاشتغال بالوتر. بل الأقوى عدم استثناء من كان عطشاناً، فدخل في الوتر ليشرب بين الدعاء قبيل الفجر.

تاسعها: تعمّد قول «آمين» بعد إتمام الفاتحة إلاّ مع التقيّة، فلا بأس به كالساهي.

عاشرها: الشكّ في عدد غير الرباعيّة من الفرائض، والاُوليين منها، على ما يأتي في محلّه إن شاء الله تعالى.

حادي عشرها: زيادة جزء أو نقصانه مطلقاً إن كان ركناً، وعمداً إن كان غيره.

(مسألة 11): يُكره في الصلاة ـ مضافاً إلى ما سمعته سابقاً ـ نفخُ موضع السجود إن لم يحدث منه حرفان، وإلاّ فالأحوط الاجتناب عنه، والتأوّه والأنين والبصاق بالشرط المذكور والاحتياط المتقدّم، والعَبَث وفرقعة الأصابع والتمطّي والتثاؤب الاختياري، ومدافعة البول والغائط ما لم تصل إلى حدّ الضرر، وإلاّ فيجتنب وإن كانت الصلاة صحيحة مع ذلك.

(مسألة 12): لا يجوز قطع الفريضة اختياراً. وتُقطع للخوف على نفسه أو نفس محترمة أو عرضه أو ماله المعتدّ به ونحو ذلك. بل قد يجب القطع في بعض تلك الأحوال، لكن لو عصى فلم يقطعها أَثِم وصحّت صلاته، والأحوط عدم جواز قطع النافلة أيضاً اختياراً، وإن كان الأقوى جوازه.

القول في صلاة الآيات

(مسألة 1): سبب هذه الصلاة كسوف الشمس وخسوف القمر ولو بعضهما، والزلزلة وكلّ آية مخوِّفة عند غالب الناس ; سماويّة كانت، كالريح السوداء أو الحمراء أو الصفراء غير المعتادة، والظلمة الشديدة والصيحة والهدّة، والنار التي قد تظهر في السماء، وغير ذلك، أو أرضيّة ـ على الأحوط فيها ـ كالخسف ونحوه، ولا عبرة بغير المخوّف ولابخوف النادر من الناس. نعم لا يعتبر الخوف في الكسوفين والزلزلة، فيجب الصلاة فيها مطلقاً.

(مسألة 2): الظاهر أنّ المدار في كسوف النيّرين صدق اسمه، وإن لم يستند إلى سببيه المتعارفين من حيلولة الأرض والقمر، فيكفي انكسافهما ببعض الكواكب الاُخر أو بسبب آخر. نعم لو كان قليلاً جدّاً، بحيث لا يظهر للحواسّ المتعارفة، وإن أدركه بعض الحواسّ الخارقة، أو يدرك بواسطة بعض الآلات المصنوعة، فالظاهر عدم الاعتبار به وإن كان مستنداً إلى أحد سببيه المتعارفين، وكذا لا اعتبار به لو كان سريع الزوال، كمرور بعض الأحجار الجوّية عن مقابلهما، بحيث ينطمس نورهما عن البصر وزال بسرعة.

(مسألة 3): وقت أداء صلاة الكسوفين من حين الشروع إلى الشروع([390]) في الانجلاء، ولا يُترك الاحتياط بالمبادرة إليها قبل الأخذ في الانجلاء، ولو أخّر عنه أتى بها لابنيّة الأداء والقضاء بل بنيّة القُربة المطلقة. وأمّا في الزلزلة ونحوها ـ ممّا لا تسع وقتها للصلاة غالباً كالهدّة والصيحة ـ فهي من ذوات الأسباب لا الأوقات، فتجب حال الآية، فإن عصى فبعدها طول العمر، والكلّ أداء.

(مسألة 4): يختصّ الوجوب بمن في بلد الآية، فلا تجب على غيرهم. نعم يقوى([391]) إلحاق المتّصل بذلك المكان ممّا يعدّ معه كالمكان الواحد.

(مسألة 5): تثبت الآية ـ وكذا وقتها ومقدار مكثها ـ بالعلم وشهادة العدلين، بل وبالعدل([392]) الواحد على الأحوط، وبإخبار الرصديّ الذي يُطمأنّ بصدقه ـ أيضاً ـ على الأحوط لو لم يكن الأقوى.

(مسألة 6): تجب هذه الصلاة على كلّ مكلّف، والأقوى سقوطها عن الحائض والنُفَساء، فلا قضاء عليهما في الموقّتة، ولا يجب أداء غيرها. هذا في الحيض والنفاس المستوعبين، وأمّا غيره ففيه تفصيل، والاحتياط حسن.

(مسألة 7): من لم يعلم بالكسوف إلى تمام الانجلاء، ولم يحترق جميع القرص، لم يجب عليه القضاء. أمّا إذا علم به وتركها ولو نسياناً، أو احترق جميع القرص، وجب القضاء.
وأمّا في سائر الآيات فمع التأخير متعمّداً أو لنسيان يجب الإتيان بها مادام العمر، ولو لم يعلم بها حتّى مضى الزمان المتّصل بالآية، فالأحوط الإتيان بها، وإن لا يخلو عدم الوجوب من قوّة.

(مسألة 8): لو أخبر جماعة غير عدول بالكسوف، ولم يحصل له العلم بصدقهم، وبعد مُضيّ الوقت تبيّن صدقهم، فالظاهر إلحاقه بالجهل، فلا يجب القضاء مع عدم احتراق جميع القرص. وكذا لو أخبر شاهدان ولم يعلم عدالتهما ثمّ ثبتت عدالتهما بعد الوقت. لكن الأحوط القضاء خصوصاً في الصورة الثانية، بل لا يُترك فيها.

(مسألة 9): صلاة الآيات ركعتان في كلّ واحدة منهما خمسة ركوعات، فيكون المجموع عشرة. وتفصيله: بأن يُحرم مع النيّة كما في الفريضة، ثمّ يقرأ الفاتحة وسورة، ثمّ يركع، ثمّ يرفع رأسه، ثمّ يقرأ الحمد وسورة، ثمّ يركع، ثمّ يرفع رأسه ويقرأ، وهكذا حتّى يُتمّ خمساً على هذا الترتيب، ثمّ يسجد سجدتين بعد رفع رأسه من الركوع الخامس، ثمّ يقوم ويفعل ثانياً كما فعل أوّلاً، ثمّ يتشهّد ويسلّم، ولا فرق في السورة بين كونها متّحدة في الجميع أو متغايرة.
ويجوز تفريق سورة كاملة على الركوعات الخمسة من كلّ ركعة، فيقرأ بعد تكبيرة الإحرام الفاتحة، ثمّ يقرأ بعدها آية من سورة أو أقلّ أو أكثر، ثمّ يركع، ثمّ يرفع رأسه ويقرأ بعضاً آخر من تلك السورة، متّصلاً بما قرأه منها أوّلاً، ثمّ يركع، ثمّ يرفع رأسه ويقرأ بعضاً آخر منها كذلك، وهكذا إلى الركوع الخامس حتّى يُتمّ سورة ثمّ يركع الخامس ثمّ يسجد، ثمّ يقوم إلى الثانية، ويصنع كما صنع في الركعة الاُولى، فيكون في كلّ ركعة الفاتحة مرّة مع سورة تامّة متفرّقة، ويجوز الإتيان في الركعة الثانية بالسورة المأتيّة في الاُولى وبغيرها، ولا يجوز الاقتصار على بعض سورة في تمام الركعة. كما أنّه في صورة تفريق السورة على الركوعات، لا تشرع الفاتحة إلاّ مرّة واحدة في القيام الأوّل، إلاّ إذا أكمل السورة في القيام الثاني أو الثالث مثلاً، فإنّه تجب عليه في القيام اللاحق بعد الركوع قراءة الفاتحة ثمّ سورة أو بعضها، وهكذا كلّما ركع عن تمام السورة وجبت الفاتحة في القيام منه، بخلاف ما لو ركع عن بعضها، فإنّه يقرأ من حيث قطع، ولا يُعيد الحمد كما عرفت. نعم لو ركع الركوع الخامس عن بعض السورة فسجد ثمّ قام للثانية، فالأقوى وجوب الفاتحة ثمّ القراءة من حيث قطع([393]). لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالركوع الخامس عن آخر السورة وافتتاح سورة في الثانية بعد الحمد.

(مسألة 10): يعتبر في صلاة الآيات ما يعتبر في الفرائض اليومية، من الشرائط وغيرها وجميع ما عرفته وتعرفه، من واجب وندب في القيام والقعود والركوع والسجود، وأحكام السهو والشكّ في الزيادة والنقيصة بالنسبة إلى الركعات وغيرها. فلو شكّ في عدد ركعتيها بطلت، كما في كلّ فريضة ثنائيّة، فإنّها منها وإن اشتملت ركعتها على خمسة ركوعات، ولو نقص ركوعاً منها أو زاده عمداً أو سهواً بطلت لأنّها أركان، وكذا القيام المتّصل بها، ولو شكّ في ركوعها يأتي به مادام في المحلّ، ويمضي إن خرج عنه، ولا تبطل إلاّ إذا بان بعد ذلك النقصانُ أو الزيادة أو رجع شكّه فيه إلى الشكّ في الركعات، كما إذا لم يعلم أنّه الخامس، فيكون آخر الركعة الاُولى، أو السادس فيكون أوّل الركعة الثانية.

(مسألة 11): يستحبّ فيها الجهر بالقراءة ليلاً أو نهاراً حتّى صلاة كسوف الشمس، والتكبير عند كلّ هُويٍّ للركوع وكلّ رفع منه، إلاّ في الرفع من الخامس والعاشر، فإنّه يقول: «سمع الله لمن حمده» ثمّ يسجد. ويستحبّ فيها التطويل خصوصاً في كسوف الشمس، وقراءة السور الطوال كـ «يس» و«الروم» و«الكهف» ونحوها، وإكمال السورة في كلّ قيام، والجلوس في المصلّى مشتغلاً بالدعاء والذكر إلى تمام الانجلاء، أو إعادة الصلاة إذا فرغ منها قبل تمام الانجلاء. ويستحبّ فيها في كلّ قيام ثان بعد القراءة قنوت، فيكون في مجموع الركعتين خمسة قنوتات، ويجوز الاجتزاء بقنوتين: أحدهما قبل الركوع الخامس، لكن يأتي به رجاءً، والثاني قبل العاشر، ويجوز الاقتصار على الأخير منها.

(مسألة 12): يُستحبّ فيها الجماعة، ويتحمّل الإمام عن المأموم القراءة خاصّة كما في اليوميّة، دون غيرها من الأفعال والأقوال. والأحوط للمأموم الدخول في الجماعة قبل الركوع الأوّل ـ أو فيه ـ من الركعة الاُولى أو الثانية حتّى ينتظم صلاته([394]).

القول في الخلل الواقع في الصلاة

(مسألة 1): من أخلّ بالطهارة من الحدث بطلت صلاته مع العمد والسهو والعلم والجهل، بخلاف الطهارة من الخبث، كما مرّ تفصيل الحال فيها وفي غيرها من الشرائط كالوقت والاستقبال والستر وغيرها. ومن أخلّ بشيء من واجبات صلاته عمداً ـ ولو حركة من قراءتها وأذكارها الواجبة ـ بطلت. وكذا إن زاد فيها جزءً متعمّداً قولاً أو فعلاً من غير فرق بين الركن وغيره، بل ولا بين كونه موافقاً لأجزائها أو مخالفاً وإن كان الحكم في المخالف ـ بل وفي غير الجزء الركني ـ لا يخلو من تأمّل وإشكال([395]). ويعتبر في تحقّق الزيادة ـ في غير الأركان ـ الإتيان بالشيء بعنوان أنّه من الصلاة أو أجزائها، فليس منها الإتيان بالقراءة والذكر والدعاء في أثنائها إذا لم يأتِ بها بعنوان أنّها منها، فلا بأس بها ما لم يحصل بها المحو للصورة. كما لا بأس بتخلّل الأفعال المباحة الخارجيّة كحكّ الجسد ونحوه لو لم يكن مفوّتاً للموالاة أو ماحياً للصورة، كما مرّ سابقاً.

وأمّا الزيادة السهوية: فمن زاد ركعة، أو ركناً من ركوع، أو سجدتين من ركعة، أو تكبيرة الإحرام ـ سهواً ـ بطلت صلاته على إشكال في الأخير. وأمّا زيادة القيام الركني فلا تتحقّق إلاّ مع زيادة الركوع أو تكبيرة الإحرام. وأمّا النيّة فبناء على أنّها الداعي لا تتصوّر زيادتها، وعلى القول بالإخطار لا تضرّ. وزيادة غير الأركان سهواً لا تبطل وإن أوجبت سجدتي السهو على الأحوط، كما سيأتي.

(مسألة 2): من نقص شيئاً من واجبات صلاته سهواً ولم يذكره إلاّ بعد تجاوز محلّه، فإن كان ركناً بطلت صلاته، وإلاّ صحّت وعليه سجود السهو على تفصيل يأتي في محلّه. وقضاء الجزء المنسيّ بعد الفراغ منها، إن كان المنسيّ التشهّد أو إحدى السجدتين، ولا يقضي من الأجزاء المنسيّة غيرهما، ولو ذكره في محلّه تداركه ـ وإن كان رُكناً ـ وأعاد ما فعله ممّا هو مترتّب عليه بعده.
والمراد بتجاوز المحلّ الدخول في رُكن آخر بعده، أو كون محلّ إتيان المنسي فعلاً خاصّاً وقد جاوز محلّ ذلك الفعل، كالذكر في الركوع والسجود إذا نسيه وتذكّر بعد رفع الرأس منهما: فمن نسي الركوع حتّى دخل في السجدة الثانية، أو نسي السجدتين حتّى دخل في الركوع من الركعة اللاحقة، بطلت صلاته. بخلاف ما لو نسي الركوع وتذكّر قبل أن يدخل في السجدة الاُولى، أو نسي السجدتين وتذكّر قبل الركوع، رجع وأتى بالمنسيّ، وأعاد ما فعله سابقاً ممّا هو مترتّب عليه. ولو نسي الركوع وتذكّر بعد الدخول في السجدة الاُولى، فالأحوط([396]) أن يرجع ويأتي بالمنسي وما هو مترتّب عليه، ويعيد الصلاة بعد إتمامها([397]). ومن نسي القراءة أو الذكر أو بعضهما أو الترتيب فيهما، وذكر قبل أن يصل إلى حدّ الركوع، تدارك ما نسيه، وأعاد ما هو مترتّب عليه. ومن نسي القيام أو الطمأنينة في القراءة أو الذكر، وذكر قبل الركوع، فالأحوط إعادتهما([398]) بقصد القربة المطلقة لا الجزئيّة.
نعم لو نسي الجهر أو الإخفات في القراءة، فالظاهر عدم وجوب تلافيهما، وإن كان الأحوط التدارك، سيّما إذا تذكّر في الأثناء، فإنّه لا ينبغي له ترك الاحتياط بالإتيان بقصد القُربة المطلقة. ومن نسي الانتصاب من الركوع أو الطمأنينة فيه، وذكر قبل الدخول في السجود([399])، انتصب مطمئنّاً، لكن بقصد الاحتياط([400]) والرجاء في نسيان الطمأنينة، ومضى في صلاته. ومن نسي الذكر في السجود أو الطمأنينة فيه أو وضع أحد المساجد حاله، وذكر قبل أن يخرج عن مسمّى السجود، أتى بالذكر، لكن في غير نسيان الذكر يأتي به بقصد القربة المطلقة لا الجزئيّة. ولو ذكر بعد رفع الرأس فقد جاز محلّ التدارك فيمضي في صلاته. ومن نسي الانتصاب من السجود الأوّل أو الطمأنينة فيه، وذكر قبل الدخول في مسمّى السجود الثاني، انتصب مطمئنّاً ومضى فيها، لكن في نسيان الطمأنينة يأتي رجاءً واحتياطاً. ولو ذكر بعد الدخول في السجدة الثانية فقد جاز محلّ التدارك فيمضي فيها.
ومن نسي السجدة الواحدة أو التشهّد أو بعضه، وذكر قبل الوصول إلى حدّ الركوع أو قبل التسليم ـ إن كان المنسيّ السجدة الأخيرة أو التشهّد الأخير ـ يتدارك المنسي ويعيد ما هو مترتّب عليه. ولو نسي سجدة واحدة أو التشهّد من الركعة الأخيرة وذكر بعد التسليم، فإن كان بعد فعل ما يبطل الصلاة عمداً وسهواً كالحدث، فقد جاز محلّ التدارك، وإنّما عليه قضاء المنسي وسجدتا السهو. وإن كان قبل ذلك، فالأحوط في صورة نسيان السجدة الإتيانُ بها من دون تعيين للأداء والقضاء، ثمّ بالتشهّد والتسليم احتياطاً، ثمّ سجدتي السهو احتياطاً، وفي صورة نسيان التشهّد الإتيان به كذلك، ثمّ بالتسليم وسجدتي السهو احتياطاً، وإن كان الأقوى([401]) فوت محلّ التدارك فيهما بعد التسليم مطلقاً، وعليه قضاء المنسيّ وسجدتا السهو. ومن نسي التسليم وذكره قبل حصول ما يبطل الصلاة عمداً وسهواً تداركه، فإن لم يتداركه بطلت صلاته، وكذا لو لم يتدارك ما ذكره في المحلّ على ما تقدّم.

(مسألة 3): من نسي الركعة الأخيرة مثلاً فذكرها بعد التشهّد قبل التسليم قام وأتى بها، ولو ذكرها بعده قبل فعل ما يبطل سهواً قام وأتمّ أيضاً، ولو ذكرها بعده استأنف الصلاة من رأس، من غير فرق بين الرباعية وغيرها، وكذا لو نسي أكثر من ركعة، وكذا يستأنف لو زاد ركعة قبل التسليم بعد التشهّد أو قبله.

(مسألة 4): لو علم إجمالاً ـ قبل أن يتلبّس بتكبير الركوع على فرض الإتيان به، وقبل الهويّ إلى الركوع على فرض عدمه ـ إمّا بفوات سجدتين من الركعة السابقة، أو القراءة من هذه الركعة، يكتفي بالإتيان بالقراءة على الأقوى. وكذا لو حصل له ذلك بعد الشروع في تكبير القنوت، أو بعد الشروع فيه أو بعده، فيكتفي بالقراءة على الأقوى، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بإعادة الصلاة.

(مسألة 5): لو علم بعد الفراغ أنّه ترك سجدتين ولم يدرِ أنّهما من ركعة أو ركعتين، فالأحوط([402]) أن يأتي بقضاء سجدتين، ثمّ بسجدتي السهو مرّتين، ثمّ أعاد الصلاة. وكذا لو كان في الأثناء لكن بعد الدخول في الركوع. وأمّا لو كان قبل الدخول فيه فله صور لا يسع المجال بذكرها.

(مسألة 6): لو علم بعد القيام إلى الثالثـة أنّه ترك التشهّد، ولا يدري أنّه ترك السجدة ـ أيضاً ـ أم لا، فلا يبعد جواز الاكتفـاء بالتشهّد، والأحوط إعادة الصلاة مع ذلك.

القول في الشكّ
وهو إمّا في أصل الصلاة، وإمّا في أجزائها، وإمّا في ركعاتها:

(مسألة 1): من شكّ في الصلاة فلم يدرِ أنّه صلّى أم لا، فإن كان بعد مُضيّ الوقت لم يلتفت وبنى على الإتيان بها، وإن كان قبله أتى بها، والظنّ بالإتيان وعدمه هنا بحكم الشكّ.

(مسألة 2): لو علم أنّه صلّى العصر، ولم يدرِ أنّه صلّى الظهر أيضاً أم لا، فالأحوط ـ بل الأقوى ـ وجوب الإتيان بها، حتّى فيما لو لم يبقَ من الوقت إلاّ مقدار الاختصاص بالعصر. نعم لو لم يبقَ إلاّ هذا المقدار، وعلم بعدم الإتيان بالعصر، وكان شاكّاً في الإتيان بالظهر، أتى بالعصر ولم يلتفت إلى الشكّ. وأمّا لو شكّ في إتيان العصر في الفرض فيأتي به، والأحوط([403]) قضاء الظهر. وكذا الحال فيما مرّ بالنسبة إلى العشاءين.

(مسألة 3): إن شكّ في بقاء الوقت وعدمه يلحقه حكم البقاء.

(مسألة 4): لو شكّ في أثناء صلاة العصر في أنّه صلّى الظهر أم لا، فإن كان في وقت الاختصاص بالعصر بنى على الإتيان بالظهر، وإن كان في وقت المشترك بنى على عدم الإتيان بها، فيعدل إليها.

(مسألة 5): لو علم أنّه صلّى إحدى الصلاتين من الظهر أو العصر، ولم يدرِ المعيّن منهما، فإن كان في الوقت المختصّ بالعصر([404]) يأتي به، والأحوط قضاء الظهر، وإن كان في الوقت المشترك أتى بأربع ركعات بقصد ما في الذمّة، ولو علم أنّه صلّى إحدى العشاءين، ففي الوقت المختصّ بالعشاء يأتي به ويقضي المغرب احتياطاً، وفي الوقت المشترك يأتي بهما.

(مسألة 6): إنّما لا يعتني بالشكّ في الصلاة بعد الوقت، ويبني على إتيانها فيما إذا كان حدوثه بعده. فإذا شكّ فيها في أثناء الوقت، ونسي الإتيان بها حتّى خرج الوقت، وجب قضاؤها.

(مسألة 7): لو شكّ في الإتيان واعتقد أنّه خارج الوقت، ثمّ تبيّن بعده أنّ شكّه كان في أثنائه، قضاها. بخلاف العكس، بأن اعتقد حال الشكّ أنّه في الوقت، فترك الإتيان بها عمداً أو سهواً، ثمّ تبيّن أنّه كان خارج الوقت، فليس عليه القضاء.

(مسألة 8): حكم كثير الشكّ في الإتيان بالصلاة وعدمه حكم غيره، فيجري فيه([405]) التفصيل بين كونه في الوقت وخارجه. وأمّا الوَسواسيّ فالظاهر أنّه لا يعتني بالشكّ وإن كان في الوقت.

القول في الشكّ في شيء من أفعال الصلاة

(مسألة 1): من شكّ في شيء من أفعال الصلاة: فإن كان قبل الدخول في غيره ممّا هو مترتّب عليه وجب الإتيان به، كما إذا شكّ في تكبيرة الإحرام قبل أن يدخل في القراءة حتّى الاستعاذة، أو في الحمد قبل الدخول في السورة، أو فيها قبل الأخذ في الركوع، أو فيه قبل الهويّ إلى السجود، أو فيه قبل القيام أو الدخول في التشهّد. وإن كان بعد الدخول في غيره ممّا هو مترتّب عليه ـ وإن كان مندوباً ـ لم يلتفت وبنى على الإتيان به، من غير فرق بين الأوّلتين والأخيرتين، فلا يلتفت إلى الشكّ في الفاتحة وهو آخذ في السورة، ولا فيها وهو في القنوت، ولا في الركوع أو الانتصاب منه وهو في الهويّ للسجود، ولا في السجود وهو قائم أو في التشهّد، ولا فيه وهو قائم، بل وهو آخذ في القيام على الأقوى. نعم لو شكّ في السجود في حال الأخذ في القيام يجب التدارك.

(مسألة 2): الأقوى في البناء على الإتيان ـ وعدم الاعتناء بالشكّ ـ بعد الدخول في الغير، عدمُ الفرق بين أن يكون الغير من الأجزاء المستقلّة ـ كالأمثلة المتقدّمة ـ وبين غيرها، كما إذا شكّ في الإتيان بأوّل السورة وهو في آخرها، أو أوّل الآية وهو في آخرها، بل أوّل الكلمة وهو في آخرها، وإن كان الأحوط الإتيان بالمشكوك فيه بقصد القُربة المطلقة.

(مسألة 3): لو شكّ في صحّة ما وقع وفساده ـ لا في أصل الوقوع ـ لم يلتفت وإن كان في المحلّ، وإن كان الاحتياط في هذه الصورة بإعادة القراءة والذكر بنيّة القُربة، وفي الرُّكن بإتمام الصلاة ثمّ الإعادة مطلوباً.

(مسألة 4): لو شكّ في التسليم لم يلتفت إن كان قد دخل فيما هو مترتّب على الفراغ من التعقيب ونحوه، أو في بعض المنافيات أو نحو ذلك ممّا لا يفعله المصلّي إلاّ بعد الفراغ، كما أنّ المأموم لو شكّ في التكبير مع اشتغاله بفعل مترتّب عليه ـ ولو كان بمثل الإنصات المستحبّ في الجماعة ونحو ذلك ـ لم يلتفت.

(مسألة 5): ما شكّ في إتيانه في المحلّ فأتى به، ثمّ ذكر أنّه فعله، لا يُبطل الصلاةَ إلاّ أن يكون رُكناً. كما أنّه لو لم يفعله مع التجاوز عنه فبان عدم إتيانه، لم يبطل ما لم يكن ركناً ولم يمكن تداركه، بأن كان داخلاً في ركن آخر، وإلاّ تداركه مطلقاً.

(مسألة 6): لو شكّ وهو في فعل أنّه هل شكّ في بعض الأفعال المتقدّمة عليه سابقاً أم لا ؟ لا يعتني به، وكذلك لو شكّ في أنّه هل سها كذلك أم لا ؟ نعم لو شكّ في السهو وعدمه وهو في محلّ تدارك المشكوك فيه يأتي به.

القول في الشكّ في عدد ركعات الفريضة

(مسألة 1): لا حكم للشكّ المزبور بمجرّد حصولـه إن زال بعد ذلك، وأمّا لو استقرّ فهو مفسد للثنائيّة والثلاثيّة والاُوليين من الرباعيّة، وغير مفسد ـ بل له علاج ـ في صور منها بعد إحراز الاُوليين منها، الحاصل برفع الرأس من السجدة الأخيرة([406])، وأمّا مع إكمال الذكر الواجب فيها، فالأحوط البناء والعمل بالشكّ ثمّ الإعادة، وإن كان الأقوى لزوم الإعادة ومفسديّته:

الصورة الاُولى: الشكّ بين الاثنتين والثلاث بعد إكمال السجدتين، فيبني على الثلاث ويأتي بالرابعة ويتمّ صلاته، ثمّ يحتاط بركعة من قيام أو ركعتين من جلوس، والأحوط الأولى الجمع بينهما مع تقديم الركعة من قيام، ثمّ استئناف الصلاة.

الثانية: الشكّ بين الثلاث والأربع في أيّ موضع كان، فيبني على الأربع، وحكمه كالسابق حتّى في الاحتياط، إلاّ في تقديم الركعة من قيام.

الثالثة: الشكّ بين الاثنتين والأربع بعد إكمال السجدتين، فيبني على الأربع ويتمّ صلاته، ثمّ يحتاط بركعتين من قيام.

الرابعة: الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع بعد إكمال السجدتين، فيبني على الأربع ويتمّ صلاته، ثمّ يحتاط بركعتين من قيام وركعتين من جلوس، والأحوط ـ بل الأقوى ـ تقديم الركعتين من قيام.

الخامسة: الشكّ بين الأربع والخمس، وله صورتان: إحداهما: بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة، فيبني على الأربع ويتشهّد ويسلّم، ثمّ يسجد سجدتي السهو. ثانيتهما: حال القيام، وهذه مندرجة تحت الشكّ بين الثلاث والأربع حال القيام، ولم يدرِ أنّه ثلاثاً صلّى أو أربعاً، فيبني على الأربع، ويجب عليه هدم القيام والتشهّد والتسليم وصلاة ركعتين جالساً أو ركعة قائماً. وكذا الحال في جميع صور الهدم، فإنّه لا يوجب انقلاب الشكّ، بل هو مقدّمة للتسليم بعد صدق الشكّ بين الركعات حال القيام.

السادسة: الشكّ بين الثلاث والخمس حال القيام، وهو مندرج في الشك بين الاثنتين والأربع، فيجلس ويتمّ الصلاة ويعمل عمل الشكّ.

السابعة: الشكّ بين الثلاث والأربع والخمس حال القيام، وهو راجع إلى الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع، فيجلس ويتمّ صلاتهويعمل عمله.

الثامنة: الشكّ بين الخمس والستّ حال القيام، وهو راجع إلى الشكّ بين الأربع والخمس، فيجلس ويتمّ ويسجد سجدتي السهو مرّتين: مرّة وجوباً للشكّ المزبور، ومرّة احتياطاً لزيادة القيام، وإن كان عدم وجوبها لزيادته لا يخلو من قوّة. والأحوط في الصور الأربع المتأخّرة استئناف الصلاة مع ذلك.

(مسألة 2): لو شكّ بين الثلاث والأربع، أو بين الثلاث والخمس، أو بين الثلاث والأربع والخمس ـ في حال القيام ـ وعلم أنّه ترك سجدة أو سجدتين من الركعة التي قام منها، بطلت صلاته ; لأنّه راجع إلى الشكّ بين الاثنتين والزائدة قبل إكمال السجدتين.

(مسألة 3): في الشكوك المعتبر فيها إكمال السجدتين لو شكّ في الإكمال وعدمه، فإن كان في المحلّ ـ أي حال الجلوس قبل القيام أو التشهّد ـ بطلت صلاته، وإن كان بعد التجاوز عنه ففيه إشكال، لا يترك الاحتياط بالبناء والعمل بالشكّ والإعادة([407]).

(مسألة 4): الشكّ في الركعات ـ ما عدا الصور المزبورة ـ موجب للبطلان وإن كان الطرف الأقلّ الأربع وكان بعد إكمال السجدتين، أو كان الشكّ بين الأربع والأقلّ والأكثر بعد إكمالهما، كالشكّ بين الثلاث والأربع والستّ.

(مسألة 5): لو شكّ بين الاثنتين والثلاث وعمل عمل الشكّ، وبعد الفراغ عن صلاة الاحتياط، شكّ في أنّ شكّه السابق كان قبل إكمال السجدتين أو بعده، يبني على الصحّة، ولا يعتني بشكّه. وأمّا لو شكّ في ذلك في أثناء الصلاة أو بعدها، وقبل الإتيان بصلاة الاحتياط أو في أثنائها، فالأحوط البناء وعمل الشكّ، ثمّ إعادة الصلاة.

(مسألة 6): لو شكّ بعد الفراغ من الصلاة أنّ شكّه كان موجباً لركعة أو ركعتين، فالأحوط الإتيان بهما ثمّ إعادة الصلاة([408]). وكذا لو لم يدرِ أنّه أيّ شكّ من الشكوك الصحيحة، فإنّه يعيدها بعد العمل بموجب الجميع، ويحصل ذلك بالإتيان بركعتين من قيام وركعتين من جلوس وسجود السهو. وكذا لو لم ينحصر المحتملات في الشكوك الصحيحة، بل احتمل بعض الوجوه الباطلة، فإنّ الأحوط العمل بموجب الشكوك الصحيحة ثمّ الإعادة.

(مسألة 7): لو عرض له أحد الشكوك ولم يعلم الوظيفة، فإن لم يسع الوقتُ أو لم يتمكّن من التعلّم في الوقت، تعيّن عليه العمل بالراجح من المحتملات لو كان، أو أحدها لو لم يكن([409])، ويُتمّ صلاته ويُعيدها احتياطاً مع سعة الوقت، ولو تبيّن بعد ذلك أنّ عمل الشكّ مخالف للواقع، يستأنف الصلاة لو لم يأتِ بها في الوقت، وإن اتّسع الوقت وتمكّن من التعلّم فيه، يقطع ويتعلّم وإن جاز له إتمام العمل على طبق بعض المحتملات ثمّ التعلّم، فإن كان موافقاً اكتفى به، وإلاّ أعاد، وإن كان الأحوط الإعادة حتّى مع الموافقة.

(مـسألة 8): لـو انقلب شـكّه بـعد الفراغ إلـى شكّ آخر، كما إذا شكّ بين الاثنتين والأربع، و بعد الصلاة انقلب إلـى الثلاث و الأربع، أو شكّ بين الاثنتين و الثلاث و الأربع، فانقلب إلـى الثلاث و الأربع، فلا يبعد([410]) لزوم ركعة متّصلة في الفرع الأوّل وأشباهه، ولزوم عمل الشكّ الثاني في أشباه الفرع الثاني، أي الثلاثيّ الأطراف الذي خرج أحد الأطراف عن الطرفيّة. هذا إذا لم ينقلب إلى ما يعلم معه بالنقيصة كالمثالين المذكورين. وأمّا إذا انقلب إلى ذلك، كما إذا شكّ بين الاثنتين والأربع، ثمّ انقلب بعد السلام إلى الاثنتين والثلاث، فلا شكّ في أنّ اللازم أن يعمل عمل الشكّ المنقلب إليه; لتبيُّن كونه في الصلاة، وأنّ السلام وقع في غير محلّه، فيضيف إلى عمل الشكّ الثاني سجدتي السهو للسلام في غير محلّه.

(مسألة 9): إن شكّ بين الاثنتين والثلاث فبنى على الثلاث، ثمّ شكّ بين الثلاث البنائي والأربع، فالظاهر انقلاب شكّه إلى الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع، فيعمل عمله.

(مسألة 10): لو شكّ بين الاثنتين والثلاث فبنى على الثلاث، فلمّا أتى بالرابعة تيقّن أنّه حين الشكّ لم يأتِ بالثلاثة، لكن يشكّ أنّه في ذلك الحين أتى بركعة أو ركعتين، يرجع شكّه بالنسبة إلى حاله الفعلي إلى الاثنتين والثلاث، فيعمل عمله.

(مسألة 11): من كان عاجزاً عن القيام وعرض له أحد الشكوك الصحيحة، فالظاهر([411]) أنّ صلاته الاحتياطيّة القياميّة بالتعيين تصير جلوسيّة، والجلوسيّة بالتعيين تبقى على حالها، وتتعيّن الجلوسيّة التي هي إحدى طرفي التخيير، ففي الشكّ بين الاثنتين والثلاث أو بين الثلاث والأربع، تتعيّن عليه الركعتان من جلوس، وفي الشكّ بين الاثنتين والأربع يأتي بالركعتين جالساً بدلاً عنهما قائماً، وفي الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع يأتي بالركعتين جالساً بدلاً عنهما قائماً ثمّ الركعتين جالساً لكونهما وظيفته، مقدّماً للركعتين بدلاً على ما هما وظيفته. والأحوط الأولى في الجميع إعادة الصلاة بعد العمل المذكور.

(مسألة 12): لا يجوز في الشكوك الصحيحة قطع الصلاة واستئنافها، بل يجب العمل على طبق وظيفة الشاكّ. نعم لو أبطلها يجب عليه الاستئناف، وصحّت صلاته وإن أثم للإبطال.

(مسألة 13): في الشكوك الباطلة إذا غفل عن شكّه وأتمّ صلاته، ثمّ تبيّن له موافقتها للواقع، ففي الصحّة وعدمها وجهان، أوجههما الصحّة في غير الشكّ في الاُوليين، فإنّ الأحوط فيه الإعادة.

(مسألة 14): لو كان المسافر في أحد مواطن التخيير فنوى القصر، وشكّ في الركعات، فلا يبعد تعيّن العمل بحكم الشكّ ولزوم العلاج، من غير حاجة إلى نيّة العدول، ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالعمل بالشكّ بعد نيّة العدول وإعادة الصلاة.

(مسألة 15): لو شكّ وهو جالس ـ بعد السجدتين ـ بين الاثنتين والثلاث، وعلم بعدم إتيان التشهّد في هذه الصلاة، فالأقوى وجوب المُضِيّ بعد البناء على الثلاث وقضاء التشهّد بعد الصلاة. وكذا لو شكّ وهو قائم بين الثلاث والأربع، مع علمه بعدم الإتيان بالتشهّد، فيبني على الأربع ويمضي ويقضي التشهّد بعدها.

القول في الشكوك التي لا اعتبار بها

وهي في مواضع:

منها: الشكّ بعد تجاوز المحلّ، وقد مرّ.

ومنها: الشكّ بعد الوقت، وقد مرّ أيضاً.

ومنها: الشكّ بعد الفراغ من الصلاة، سواء تعلّق بشروطها أو أجزائها أو ركعاتها، بشرط أن يكون أحد طرفي الشكّ الصحّة، فلو شكّ في الرباعيّة أنّه صلّى الثلاث أو الأربع أو الخمس، وفي الثلاثيّة أنّه صلّى الثلاث أو الأربع أو الخمس، وفي الثنائيّة أنّه صلّى اثنتين أو أزيد أو أقلّ، بنى على الصحيح في الكلّ، بخلاف ما إذا شكّ في الرباعيّة بين الثلاث والخمس، وفي الثلاثيّة بين الاثنتين والأربع، فإنّ صلاته باطلة في نظائرهما.

ومنها: شكُّ كثير الشكّ، سواء كان في الركعات أو الأفعال أو الشرائط، فيبني على وقوع ما شكّ فيه وإن كان في محلّه، إلاّ إذا كان مفسداً فيبني على عدمه. ولو كان كثير الشكّ في شيء خاصّ أو صلاة خاصّة يختصّ الحكم به، فلو شكّ في غير ذلك الفعل يعمل عمل الشكّ.
(مسألة 1): المرجع في كثرة الشكّ إلى العرف، ولا يبعد تحقّقه فيما إذا لم تخلُ منه ثلاث صلوات متوالية. ويعتبر في صدقها أن لا يكون ذلك من جهة عروض عارض، من خوف أو غضب أو همّ ونحو ذلك ممّا يوجب اغتشاش الحواسّ.

(مسألة 2): لو شكّ في أنّه حصل له حالة كثرة الشكّ أم لابنى على عدمها، ولو شكّ كثير الشكّ في زوال تلك الحالة بنى على بقائها ; لو كان الشكّ من جهة الاُمور الخارجيّة لا الشبهة المفهوميّة، وإلاّ فيعمل عمل الشكّ.

(مسألة 3): لا يجوز لكثير الشكّ الاعتناء بشكّه، فلو شكّ في الركوع وهو في المحلّ لا يجوز أن يركع، ولو ركع بطلت صلاته. والأحوط ترك القراءة والذكر ولو بقصد القُربة لمراعاة الواقع رجاءً، بل عدم الجواز لا يخلو من قوّة.

ومنها: شكّ كلّ من الإمام والمأموم في الركعات مع حفظ الآخر، فيرجع الشاكّ منهما إلى الآخر. وجريان الحكم في الشكّ في الأفعال أيضاً لا يخلو من وجه. ولا يرجع الظانّ إلى المتيقّن، بل يعمل على طبق ظنّه، ويرجع الشاكّ إلى الظانّ على الأقوى. ولو كان الإمام شاكّاً والمأمومون مختلفين في الاعتقاد لم يرجع إليهم. نعم لو كان بعضهم شاكّاً وبعضهم متيقّناً يرجع إلى المتيقّن منهم، بل يرجع الشاكّ منهم بعد ذلك إلى الإمام لو حصل له الظنّ، ومع عدم حصوله فالأقوى عدم رجوعه إليه ويعمل عمل شكّه.

(مسألة 4): لو عرض الشكّ لكلّ من الإمام والمأموم، فإن اتّحد شكّهما عمل كلٌّ منهما عمل ذلك الشكّ، كما أنّه لو اختلف ولم يكن بين الشكّين رابطة ـ كما إذا شكّ أحدهما بين الاثنتين والثلاث، والآخر بين الأربع والخمس ـ ينفرد المأموم، ويعمل كلٌّ عمل شكّه. وأمّا لو كان بينهما رابطة وقدر مشترك ـ كما لو شكّ أحدهما بين الاثنتين والثلاث، والآخر بين الثلاث والأربع ـ ففي مثله يبنيان على القدر المشترك، كالثلاث في المثال ; لأنّ ذلك قضيّة رجوع الشاكّ منهما إلى الحافظ، حيث إنّ الشاكّ بين الاثنتين والثلاث معتقد بعدم الأربع وشاكّ في الثلاث، والشاكّ بين الثلاث والأربع معتقد بوجود الثلاث وشاكّ في الأربع، فالأوّل يرجع إلى الثاني في تحقّق الثلاث، والثاني يرجع إلى الأوّل في نفي الأربع، فينتج بناءهما على الثلاث، والأحوط مع ذلك إعادة الصلاة. نعم يُكتفى ـ في تحقّق الاحتياط في الأوّل ـ البناء على الثلاث والإتيان بصلاة الاحتياط إذا عرض الشكّ بعد السجدتين.

ومنها: الشكّ في ركعات النافلة، سواء كانت ركعة كالوتر أو ركعتين، فيتخيّر بين البناء على الأقلّ أو الأكثر، والأوّل أفضل، وإن كان الأكثر مفسداً يبني على الأقلّ. وأمّا الشكّ في أفعال النافلة، فهو كالشكّ في أفعال الفريضة يأتي بها في المحلّ، ولا يعتني به بعد التجاوز، ولا يجب قضاء السجدة المنسيّة ولا التشهّد المنسي، ولا يجب سجود السهو فيها لموجباته.

(مسألة 5): النوافل التي لها كيفيّة خاصّة أو سورة مخصوصة ـ كصلاة ليلة الدفن والغفيلة ـ إذا نسي فيها تلك الكيفيّة، فإن أمكن الرجوع والتدارك يتدارك، وإن لم يمكن أعادها. نعم لو نسي بعض التسبيحات في صلاة جعفر، قضاه متى تذكّر في حالة اُخرى من حالات الصلاة، ولو تذكّر بعد الصلاة يأتي به رجاءً.

القول في حكم الظنّ في أفعال الصلاة وركعاتها

(مسألة 1): الظنّ في عدد الركعات مطلقاً ـ حتّى فيما تعلّق بالركعتين الأوّلتين من الرباعيّة أو بالثنائيّة والثلاثيّة ـ كاليقين، فضلاً عمّا تعلّق بالأخيرتين من الرباعيّة، فيجب العمل بمقتضاه ولو كان مسبوقاً بالشكّ. فلو شكّ أوّلاً ثمّ ظنّ بعد ذلك فيما كان شاكّاً فيه كان العمل على الأخير. وكذا لو انقلب ظنّه إلى الشكّ أو شكّه إلى شكّ آخر عمل بالأخير، فلو شكّ في حال القيام بين الثلاث والأربع وبنى على الأربع، فلمّا رفع رأسه من السجود مثلاً انقلب شكّه إلى الشكّ بين الأربع والخمس، عمل عمل الشكّ الثاني وهكذا. والأحوطُ فيما تعلّق الظنّ بغير الركعتين الأخيرتين من الرباعيّة، العملُ على الظنّ ثمّ الإعادة.

وأمّا الظنّ في الأفعال ففي اعتباره إشكال، فلا يترك الاحتياط فيما لو خالف الظنّ مع وظيفة الشكّ ـ كما إذا ظنّ بالإتيان وهو في المحلّ ـ بإتيان مثل القراءة بنيّة القُربة المطلقة وإتيان مثل الركوع ثمّ الإعادة، وكذا إذا ظنّ بعدم الإتيان بعد المحلّ مع بقاء محلّ التدارك. ومع تجاوز محلّه أيضاً يُتمّ الصلاة، ويعيدها في مثل الركوع.

(مسألة 2): لو تردّد في أنّ الحاصل له ظنّ أو شكّ ـ كما قد يتّفق ـ ففيه إشكال لا يُترك الاحتياط بالعلاج، أمّا في الركعات فيعمل على طبق أحدهما([412]) ويعيد الصلاة، والأحوط العمل على طبق الشكّ ثمّ الإعادة، وأمّا في الأفعال فمثل ما مرّ. نعم لو كان مسبوقاً بالظنّ أو الشكّ وشكّ في انقلابه، فلا يبعد البناء على الحالة السابقة.

القول في ركعات الاحتياط

(مسألة 1): ركعات الاحتياط واجبة، فلا يجوز تركها وإعادة الصلاة من الأصل، وتجب المبادرة إليها بعد الفراغ من الصلاة، كما أنّه لا يجوز الفصل بينها وبين الصلاة بالمنافي، فإن فعل ذلك فالأحوط الإتيان بها وإعادة الصلاة([413])، ولو أتى بالمنافي قبل صلاة الاحتياط، ثمّ تبيّن له تماميّة صلاته، لا تجب إعادتها.

(مسألة 2): لابدّ في صلاة الاحتياط من النيّة وتكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة ـ والأحوط([414]) الإسرار بها وبالبسملة أيضاً ـ والركوع والسجود والتشهّد والتسليم. ولا قنوت فيها وإن كانت ركعتين، كما أنّه لا سورة فيها.

(مسألة 3): لو نسي رُكناً من ركعات الاحتياط أو زاده فيها بطلت، فلا يُترك الاحتياط باستئناف الاحتياط ثمّ إعادة الصلاة.

(مسألة 4): لو بان الاستغناء عن صلاة الاحتياط قبل الشروع فيها لا يجب الإتيان بها، وإن كان بعد الفراغ منها وقعت نافلة، وإن كان في الأثناء أتمّها كذلك([415]). والأحوط إضافة ركعة ثانية لو كانت ركعة من قيام. ولو تبيّن نقص الصلاة بعد الفراغ من صلاة الاحتياط، فإن كان النقص بمقدار ما فعله من الاحتياط ـ كما إذا شكّ بين الثلاث والأربع، وأتى بركعة قائماً، فتبيّن كونها ثلاثاً ـ تمّت صلاته، والأحوط الاستئناف. لكن ذلك فيما إذا كان ما فعله أحد طرفي الشكّ من النقص، كالمثال المذكور. وأمّا مجرّد موافقة ما فعله للنقص في المقدار ففي جبره إشكال، كما لو شكّ بين الاثنتين والأربع، وبنى على الأربع وأتى بركعة قائماً عوض ركعتي الاحتياط اشتباهاً، فتبيّن أنّ النقص بركعة، فالأحوط في مثله الإعادة([416]).
ولو كان النقص أزيد منه ـ كما إذا شكّ بين الثلاث والأربع، فبنى على الأربع، وصلّى صلاة الاحتياط، فتبيّن كونها ركعتين ـ تجب عليه الإعادة([417]) بعد الإتيان بركعة أو ركعتين متّصلة. وكذا لو كان أقلّ منه، كما إذا شكّ بين الاثنتين والأربع، فبنى على الأربع، وأتى بركعتين من قيام، ثمّ تبيّن كون صلاته ثلاث ركعات، فيأتي بركعة متّصلة([418]) ثمّ يعيد الصلاة.
ولو تبيّن النقص في أثناء صلاة الاحتياط، فالأقوى الاكتفاء بما جعله الشارع جبراً، ولو كان مخالفاً في الكم والكيف لما نقص من صلاته، فضلاً عمّا كان موافقاً له، فمن شكّ بين الثلاث والأربع، وبنى على الأربع، وشرع في الركعتين جالساً، فتبيّن كون صلاته ثلاث ركعات، أتمّهما واكتفى بهما، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط مطلقاً بالإعادة، خصوصاً في صورة المخالفة.
وأمّا في غير صورة ما جعله جبراً ـ كما لو شكّ بين الثلاث والأربع، واشتغل بصلاة ركعتين جالساً، فتبيّن كونها ثنتين ـ فالأحوط قطعها وجبر الصلاة بركعتين موصولتين ثمّ إعادتها.

وإذا تبيّن النقص قبل الدخول في صلاة الاحتياط، كان له حكم من نقص من الركعات من غير عمد، من التدارك الذي قد عرفته، فلا تكفي صلاة الاحتياط، بل اللازم حينئذ إتمام ما نقص وسجدتا السهو للسلام في غير محلّه.

(مسألة 5): لو شكّ في إتيان صلاة الاحتياط، فإن كان بعد الوقت لا يلتفت إليه. وإن كان في الوقت، فإن لم يدخل في فعل آخر، ولم يأتِ بالمنافي، ولم يحصل الفصل الطويل، بنى على عدم الإتيان. ومع أحد الاُمور الثلاثة فللبناء على الإتيان بها وجه، ولكن الأحوط الإتيان بها ثمّ إعادة الصلاة.

(مسألة 6): لو شكّ في فعل من أفعالها أتى به لو كان في المحلّ، وبنى على الإتيان لو تجاوز كما في أصل الصلاة. ولو شكّ في ركعاتها فالأقوى وجوب البناء على الأكثر، إلاّ أن يكون مبطلاً فيبني على الأقلّ، لكن الأحوط مع ذلك إعادتها ثمّ إعادة أصل الصلاة.

(مسألة 7): لو نسيها ودخل في صلاة اُخرى ـ من نافلة أو فريضة ـ قطعها وأتى بها، خصوصاً إذا كانت الثانية مترتّبة على الاُولى([419])، والأحوط مع ذلك إعادة أصل الصلاة. هذا إذا كان ذلك غير مخلٍّ بالفوريّة، وإلاّ فلا يبعد وجوب العدول إلى أصل الصلاة إن كانت مترتّبة، والأحوط إعادتها بعد ذلك أيضاً، ومع عدم الترتّب يرفع اليد عنها ويعيد أصل الصلاة، والأحوط الإتيان بصلاة الاحتياط ثمّ الإعادة.

القول في الأجزاء المنسيّة

(مسألة 1): لا يقضي من الأجزاء المنسيّة في الصلاة، غيرَ السجود والتشهّد على الأحوط([420]) في الثاني، فينوي أنّهما قضاء المنسيّ مقارناً للنيّة لأوّلهما، محافظاً على ما كان واجباً فيهما حال الصلاة، فإنّهما كالصلاة في الشرائط والموانع، بل لا يجوز الفصل بينهما وبين الصلاة بالمنافي على الأحوط([421])، فلو فصل به يأتي بهما مع الشرائط، والأحوط إعادة الصلاة، خصوصاً في الترك العمدي، وإن كان الأقوى عدم وجوبها. والأقوى عدم وجوب([422]) قضاء أبعاض التشهّد حتّى الصلاة على النبيّ وآله.

(مسألة 2): لو تكرّر نسيان السجدة والتشهّد يتكرّر قضاؤهما بعدد المنسيّ، ولا يشترط التعيين ولا ملاحظة الترتيب. نعم لو نسي السجدة والتشهّد معاً، فالأحوط تقديم قضاء السابق منهما في الفوت، ولو لم يعلم السابق احتاط بالتكرار، فيأتي بما قدّمه مؤخّراً أيضاً.

(مسألة 3): لا يجب التسليم في التشهّد القضائي، كما لا يجب التشهّد والتسليم في السجدة القضائية. نعم لو كان المنسيّ التشهّد الأخير، فالأحوط إتيانه بقصد القُربـة المطلقـة ـ من غير نيّة الأداء([423]) والقضاء ـ مع الإتيان بالسلام بعده، كما أنّ الأحوط([424]) إتيان سجدتي السهو. ولو كان المنسيّ السجدة من الركعة الأخيـرة، فالأحـوط إتيانها كذلك مع الإتيان بالتشهّد والتسليم وسجدتي السهو، وإن كان الأقوى كونها قضاءً ووقوع التشهّد والتسليم في محلّهما، ولا يجب إعادتهما.

(مسألة 4): لو اعتقد نسيان السجدة أو التشهّد مع فوات محلّ تداركهما، ثمّ بعد الفراغ من الصلاة انقلب اعتقاده إلى الشكّ، فالأحوط وجوب القضاء، وإن كان الأقوى عدمه.

(مسألة 5): لو شكّ في أنّ الفائت سجدة واحدة أو سجدتان من ركعتين بنى على الأقل.

(مسألة 6): لو نسي قضاء السجدة أو التشهّد، وتذكّر بعد الدخول في صلاة اُخرى، قطعها إن كانت نافلة([425])، وأمّا إن كانت فريضة ففي قطعها إشكال، خصوصاً إذا كان المنسيّ التشهّد.

(مسألة 7): لو كان عليه قضاء أحدهما في صلاة الظهر وضاق وقت العصر، فإن لم يدرك منها لو أتى به حتّى ركعة، قدّم العصر وقضى الجزء بعدها، وإن أدرك منها ركعة فلا يبعد وجوب([426]) تقديم العصر أيضاً. ولو كان عليه صلاة الاحتياط للظهر وضاق وقت العصر، فإن أدرك منها ركعة قدّم صلاة الاحتياط، وإلاّ قدّم العصر، ويحتاط بإتيان صلاة الاحتياط بعدها وإعادة الظهر.

القول في سجود السهو

(مسألة 1): يجب سجود السهو للكلام ساهياً ولو لظنّ الخروج، ونسيان السجدة الواحدة([427]) إن فات محلّ تداركها، والسلام في غير محلّه، ونسيان التشهّد مع فوت محلّ تداركه على الأحوط فيهما([428])، والشكّ بين الأربع والخمس. والأحوط إتيانه لكلّ زيادة ونقيصة في الصلاة لم يذكرها في محلّها، وإن كان الأقوى عدم وجوبه لغير ما ذكر، بل عدم وجوبه في القيام موضع القعود وبالعكس لا يخلو من قُوّة، ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط. وللكلام سجدتا سهو وإن طال إن عُدّ كلاماً واحداً. نعم إن تعدّد ـ كما لو تذكّر في الأثناء ثمّ سها بعده فتكلّم ـ تعدّد السجود.

(مسألة 2): التسليم الزائد لو وقع مرّة واحدة ـ ولو بجميع صيغه ـ سجد له سجدتي السهو مرّة واحدة، وإن تعدّد سجد له متعدّداً. والأحوط تعدّده لكلّ تسليم. وكذا الحال في التسبيحات الأربع.

(مسألة 3): لو كان عليه سجود سهو وقضاء أجزاء منسيّة وركعات احتياطيّة، أخّر السجود عنهما، والأحوط تقديم الركعات الاحتياطيّة على قضاء الأجزاء، بل وجوبه لا يخلو من رُجحان.

(مسألة 4): تجب المبادرة في سجود السهو بعد الصلاة، ويعصي بالتأخير وإن صحّت صلاته، ولم يسقط وجوبه بذلك ولا فوريّته فيسجد مبادراً، كما أنّه لو نسيه مثلاً يسجد حين الذكر فوراً، فلو أخّر عصى.

(مسألة 5): تجب في السجود المزبور النيّة مقارناً لأوّل مسمّاه، ولا يجب فيه تعيين السبب ولو مع التعدّد، كما لا يجب الترتيب فيه بترتيب أسبابه على الأقوى، ولا يجب فيه التكبير وإن كان أحوط. والأحوط مراعاة جميع ما يجب في سجود الصلاة، خصوصاً وضع المساجد السبعة، وإن كان عدم وجوب شيء ممّا لا يتوقّف صدق مسمّى السجود عليه، لا يخلو من قوّة. نعم لا يُترك الاحتياط في ترك السجود على الملبوس والمأكول. والأحوط فيه الذكر المخصوص، فيقول في كلّ من السجدتين: «بِسمِ اللهِ وباللهِ، وصَلّى الله على محمّد وآلِ مُحمّد» أو يقول: «بسمِ الله وباللهِ، اللّهُمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد» أو يقول: «بسمِ اللهِ وباللهِ، السلامُ عليكَ أيُّها النبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه». والأحوط اختيار الأخير، لكن عدم وجوب الذكر ـ سيّما المخصوص منه ـ لا يخلو من قوّة. ويجب بعد السجدة الأخيرة التشهّد والتسليم، والواجبُ من التشهّدِ المتعارَفُ منه في الصلاة، ومن التسليم «السلام عليكم».

(مسألة 6): لو شكّ في تحقّق موجبه بنى على عدمه، ولو شكّ في إتيانه بعد العلم بوجوبه وجب الإتيان به، ولو علم بالموجب وتردّد بين الأقلّ والأكثر بنى على الأقلّ. ولو شكّ في فعل من أفعاله فإن كان في المحلّ أتى به، وإن تجاوز لا يعتني به. وإذا شكّ في أنّه سجد سجدتين أو واحدة بنى على الأقلّ، إلاّ إذا كان شكّه بعد الدخول في التشهّد. ولو علم بأنّه زاد سجدة أو علم أنّه نقص واحدة أعاد.

ختام فيه مسائل متفرّقة

(مسألة 1): لو شكّ في أنّ ما بيده ظهر أو عصر، فإن كان قد صلّى الظهر بطل ما بيده، وإن كان لم يُصلِّها، أو شكّ في أنّه صلاّها أو لا، فإن كان لم يُصلِّ العصر، وكان في الوقت المشترك، عدل به إلى الظهر. وكذا إن كان في الوقت المختصّ بالعصر ; لو كان الوقت واسعاً لإتيان بقيّة الظهر وإدراك ركعة من العصر، ومع عدم السعة فإن كان الوقت واسعاً لإدراك ركعة من العصر، ترك ما بيده وصلّى العصر ويقضي الظهر، وإلاّ فالأحوط إتمامه عصراً وقضاء الظهر والعصر خارج الوقت، وإن كان جواز رفع اليد عنه لا يخلو من وجه. وفي المسألة صور كثيرة ربما تبلغ ستّاً وثلاثين. وممّا ذُكر ظهر حال ما إذا شكّ في أنّ ما بيده مغرب أو عشاء([429]). نعم موضع جواز العدول هاهنا فيما إذا لم يدخل في ركوع الرابعة.

(مسألة 2): لو علم بعد الصلاة أنّه ترك سجدتين من ركعتين ـ سواء كانتا من الأوّلتين أو الأخيرتين ـ صحّت، وعليه قضاؤهما([430]) وسجدتا السهو مرّتين([431])، وكذا إن لم يدر أنّهما من أيّ الركعات بعد العلم بأنّهما من ركعتين، وكذا إن علم في أثنائها بعد فوت محلّ التدارك.

(مسألة 3): لو كان في الركعة الرابعة مثلاً وشكّ في أنّ شكّه السابق بين الاثنتين والثلاث، كان قبل إكمال السجدتين أو بعده، فالأحوط الجمع بين البناء وعمل الشكّ وإعادة الصلاة، وكذلك إذا شكّ بعد الصلاة.

(مسألة 4): لو شكّ في أنّ الركعة التي بيده آخر الظهر، أو أنّه أتمّها وهذه أوّل العصر، فإن كان في الوقت المشترك جعلها آخر الظهر، وإن كان في الوقت المختصّ بالعصر، فالأقوى هو البناءُ على إتيان الظهر ورفعُ اليد عمّا بيده، وإتيانُ العصر إن وسع الوقت لإدراك ركعة منه، ومع عدم السعة له فالأحوط إتمامه عصراً وقضاؤه خارج الوقت، وإن كان جواز رفع اليد عنه لا يخلو من وجه.

(مسألة 5): لو شكّ في العشاء بين الثلاث والأربع، وتذكّر أنّه لم يأتِ بالمغرب، بطلت صلاته، وإن كان الأحوط إتمامها عشاءً([432]) والإتيان بالاحتياط ثمّ إعادتها بعد الإتيان بالمغرب.

(مسألة 6): لو تذكّر في أثناء العصر أنّه ترك من الظهر ركعة، فالأقوى رفع اليد عن العصر وإتمام الظهر ثمّ الإتيان بالعصر، بل لإتمام العصر ثمّ إتيان الظهر وجه. والأحوط إعادة الصلاة بعد إتمام الظهر، وأحوط منه إعادتهما. هذا في الوقت المشترك([433])، وفي المختصّ تفصيل.

(مسألة 7): لو صلّى صلاتين ثمّ علم نقصان ركعة مثلاً من إحداهما من غير تعيين، فإن كان مع الإتيان بالمنافي بعد كلّ منهما، فإن اختلفا في العدد أعادهما، وإلاّ أتى بواحدة بقصد ما في الذمّة. وإن كان قبل المنافي في الثانية مع الإتيان بالمنافي بعد الاُولى، ضمّ إلى الثانية ما يحتمل النقصان ثمّ أعاد الاُولى. ومع عدم الإتيان به بعدهما لا يبعد جواز الاكتفاء بركعة متّصلة بقصد ما في الذمّة، لكن لاينبغي ترك الاحتياط بالإعادة. هذا في الوقت المشترك. وأمّا في المختصّ بالعصر فالظاهر جواز الاكتفاء بركعة متّصلة بقصد الثانية، وعدم وجوب إعادة الاُولى.

(مسألة 8): لو شكّ بين الثلاث والاثنتين أو غيره من الشكوك الصحيحة، ثمّ شكّ في أنّ ما بيده آخر صلاته أو صلاة الاحتياط، يتمّها بقصد ما في الذمّة، ثمّ يأتي بصلاة الاحتياط، ولا تجب عليه إعادة الصلاة. هذا إذا كانت صلاة الاحتياط المحتملة ركعة واحدة. وأمّا إذا كانت ركعتين ـ كالشكّ بين الاثنتين والأربع ـ فالأحوط مع ذلك إعادة الصلاة.

(مسألة 9): لو شكّ في أنّ ما بيده رابعة المغرب، أو أنّه سلّم على الثلاث وهذه اُولى العشاء، فإن كان بعد الركوع بطلت، ووجبت عليه إعادة المغرب، وإن كان قبله يجعلها من المغرب ويجلس ويتشهّد ويسلّم، ولا شيء عليه.

(مسألة 10): لو شكّ وهو جالس بعد السجدتين بين الاثنتين والثلاث، وعلم بعدم إتيان التشهّد في هذه الصلاة، يبني على الثلاث ويقضي التشهّد بعد الفراغ. وكذا لو شكّ في حال القيام بين الثلاث والأربع مع علمه بعدم الإتيان بالتشهّد.

(مسألة 11): لو شكّ في أنّه بعد الركوع من الثالثة أو قبل الركوع من الرابعة، فالظاهر بطلان صلاته. ولو انعكس، بأن كان شاكّاً في أنّه قبل الركوع من الثالثة أو بعده من الرابعة، فيبني على الأربع ويأتي بالركوع ثمّ يأتي بوظيفة الشاكّ، لكن الأحوط إعادة الصلاة أيضاً ([434]).

(مسألة 12): لو كان قائماً وهو في الركعة الثانية من الصلاة، ويعلم أنّه أتى فيها بركوعين، ولا يدري أنّه أتى بهما في الاُولى، أو أتى فيها بواحد وأتى بالآخر في هذه الركعة، فالظاهر بطلان صلاته.

(مسألة 13): لو علم بعد الفراغ من الصلاة أنّه ترك سجدتين، ولم يدرِ أنّهما من ركعة واحدة، أو من ركعتين، فالأحوط قضاء السجدة مرّتين، وكذا سجود السهو مرّتين([435])، ثمّ إعادة الصلاة. وكذا إذا كان في الأثناء مع عدم بقاء المحلّ الشكّي، وأمّا مع بقائه فالأقوى الإتيان بهما، ولا شيء عليه.

(مسألة 14): لو علم بعدما دخل في السجدة الثانية مثلاً أنّه إمّا ترك القراءة أو الركوع، فالظاهر صحّة صلاته. وكذا لو حصل الشكّ بعد الفراغ من صلاته. ولو شكّ في الفرضين في أنّه ترك سجدة من الركعة السابقة أو ركوع هذه الركعة، تجب عليه الإعادة بعد الاحتياط بإتمام الصلاة وقضاء السجدة وسجدتي السهو.

(مسألة 15): لو علم قبل أن يدخل في الركوع أنّه إمّا ترك سجدتين من الركعة السابقة أو ترك القراءة، فمع بقاء المحلّ الشكّي فالأقوى الاكتفاء بإتيان القراءة. وكذا في كلّ علم إجماليّ مشابه لذلك، ومع التجاوز عن المحلّ لزوم العود لتداركهما مع بقاء محلّ التدارك.

(مسألة 16): لو علم بعد القيام إلى الثالثة أنّه ترك التشهّد وشكّ في أنّه ترك السجدة أيضاً أم لا فالأقوى الاكتفاء بإتيان التشهّد.

(مسألة 17): لو علم إجمالاً أنّه أتى بأحد الأمرين ـ من السجدة والتشهّد ـ من غير تعيين، وشكّ في الآخر، فإن كان بعد الدخول في القيام لم يعتنِ بشكّه، وإن كان في المحلّ الشكّي فالظاهر جواز الاكتفاء بالتشهّد، ولا شيء عليه.

(مسألة 18): لو علم أنّه ترك إمّا السجدة من الركعة السابقة أو التشهّد من هذه الركعة، فإن كان جالساً أتى بالتشهّد وأتمّ الصلاة، ولا شيء عليه. وإن نهض إلى القيام ـ أو بعد الدخول فيه ـ فشكّ، فالأقوى وجوب العود لتدارك التشهّد والإتمام وقضاء السجدة وسجود السهو، وكذا الحال في نظائر المسألة، كما إذا علم أنّه ترك سجدة إمّا من الركعة السابقة أو من هذه الركعة.

(مسألة 19): لو تذكّر وهو في السجدة أو بعدها من الركعة الثانية مثلاً أنّه ترك سجدة أو سجدتين من الاُولى وترك ـ أيضاً ـ ركوع هذه الركعة، جعل السجدة أو السجدتين للركعة الاُولى، وقام وقرأ وقنت وأتمّ صلاته، ولا شيء عليه. وكذا الحال في نظير المسألة بالنسبة إلى سائر الركعات.

(مسألة 20): لو صلّى الظهرين، وقبل أن يسلّم للعصر علم إجمالاً أنّه إمّا ترك ركعة من الظهر، والتي بيده رابعة العصر، أو أنّ ظهره تامّة وهذه الركعة ثالثة العصر، يبني على أنّ الظهر تامّة، وبالنسبة إلى العصر يبني على الأكثر ويتمّ ويأتي بصلاة الاحتياط، ويحتمل جواز الاكتفاء بركعة متّصلة بقصد ما في الذمّة. وكذلك الحال في المغرب والعشاء.

(مسألة 21): لو صلّى الظهرين ثماني ركعات والعشاءين سبع ركعات، لكن لم يدرِ أنّه صلاّها صحيحة، أو نقص من إحدى الصلاتين ركعة وزاد في قرينتها، صحّت ولا شيء عليه.

(مسألة 22): لو شكّ ـ مع العلم بأنّه صلّى الظهرين ثماني ركعات ـ قبل السلام من العصر، في أنّه صلّى الظهر أربع فالتي بيده رابعة العصر، أو صلاّها خمساً فالتي بيده ثالثة العصر، يبني على صحّة صلاة ظهره، وبالنسبة إلى العصر يبني على الأربع ويعمل عمل الشكّ. وكذا الحال في العشاءين إذا شكّ ـ مع العلم بإتيان سبع ركعات ـ قبل السلام من العشاء في أنّه سلّم في المغرب على الثلاث أو على الأربع.

(مسألة 23): لو علم أنّه صلّى الظهرين تسع ركعات، ولم يدرِ أنّه زاد ركعة في الظهر أو في العصر، فإن كان بعد السلام من العصر، وجب عليه إتيان صلاة أربع ركعات بقصد ما في الذمّة. وإن كان قبل السلام، فإن كان قبل إكمال السجدتين، فالظاهر الحكم ببطلان الثانية وصحّة الاُولى، وإن كان بعده عدل إلى الظهر وأتمّ الصلاة ولا شيء عليه.

(مسألة 24): لو علم أنّه صلّى العشاءين ثماني ركعات، ولا يدري أنّه زاد الركعة في المغرب أو العشاء، وجبت إعادتهما مطلقاً إلاّ فيما كان الشكّ قبل إكمال السجدتين، فإنّ الظاهر الحكم ببطلان الثانية وصحّة الاُولى.

(مسألة 25): لو صلّى صلاة ثمّ اعتقد عدم الإتيان بها وشرع فيها، وتذكّر قبل السلام أنّه كان آتياً بها، لكن علم بزيادة ركعة ـ إمّا في الاُولى أو الثانية ـ له أن يكتفي بالاُولى ويرفع اليد عن الثانية.

(مسألة 26): لو شكّ في التشهّد وهو في المحلّ الشكّي ـ الذي يجب الإتيان به ـ ثمّ غفل وقام، ليس شكّه بعد تجاوز المحلّ، فيجب عليه الجلوس للتشهّد. ولو كان المشكوك فيه الركوع ثمّ دخل في السجود، يرجع ويركع ويُتمّ الصلاة ويُعيدها احتياطاً ([436])، ولو تذكّر بعد الدخول في السجدة الثانية بطلت صلاته. ولو كان المشكوك فيه غير ركن، وتذكّر بعد الدخول في الركن، صحّت وأتى بسجدتي السهو إن كان ممّا يوجب ذلك.

(مسألة 27): لو علم نسيان شيء قبل فوات محلّ المنسيّ، ووجب عليه التدارك، فنسي حتّى دخل في ركن بعده، ثمّ انقلب علمه بالنسيان شكّاً، يحكم بالصحّة إن كان ذلك الشيء رُكناً، وبعدم وجوب القضاء وسجدتي السهو فيما يوجب ذلك. هذا إذا عرض العلم بالنسيان بعد المحلّ الشكّي، وأمّا إذا كان في محلّه فهو محلّ إشكال([437]) وإن لا يخلو من قرب.

(مسألة 28): لو تيقّن بعد السلام قبل إتيان المنافي ـ عمداً أو سهواً ـ نقصان الصلاة، وشكّ في أنّ الناقص ركعة أو ركعتان، يجري عليه حكم الشكّ بين الاثنتين والثلاث، فيبني على الأكثر ويأتي بركعة، ويأتي بصلاة الاحتياط ويسجد سجدتي السهو لزيادة السلام احتياطاً ([438]). وكذا لو تيقّن نقصان ركعة، وبعد الشروع فيها شكّ في ركعة اُخرى. وعلى هذا إذا كان ذلك في صلاة المغرب يحكم ببطلانها.

(مسألة 29): لو تيقّن بعد السلام قبل إتيان المنافي نقصان ركعة، ثمّ شكّ في أنّه أتى بها أم لا، يجب عليه الإتيان بركعة متّصلة. ولو كان ذلك الشكّ قبل السلام فالظاهر جريان حكم الشكّ من البناء على الأكثر في الرباعيّة، والحكم بالبطلان في غيرها.

(مسألة 30): لو علم أنّ ما بيده رابعة، لكن لا يدري أنّها رابعة واقعيّة أو رابعة بنائيّة، وأنّه شكّ سابقاً بين الاثنتين والثلاث، فبنى على الثلاث فتكون هذه رابعة، يجب عليه صلاة الاحتياط.

(مسألة 31): لو تيقّن ـ بعد القيام إلى الركعة التالية ـ أنّه ترك سجدة أو سجدتين أو تشهّداً، ثمّ شكّ في أنّه هل رجع وتدارك ثمّ قام، أو هذا هو القيام الأوّل ؟ فالظاهر وجوب العود والتدارك. ولو شكّ في ركن بعد تجاوز المحل ثمّ أتى بها نسياناً، فالظاهر بطلان صلاته. ولو شكّ فيما يوجب زيادته سجدتي السهو ـ بعد تجاوز محلّه ـ ثمّ أتى به نسياناً، فالأحوط وجوب سجدتي السهو عليه.

(مسألة 32): لو كان في التشهّد فذكر أنّه نسي الركوع، ومع ذلك شكّ في السجدتين أيضاً، فالظاهر لزوم العود إلى التدارك ثمّ الإتيان بالسجدتين، من غير فرق بين سبق تذكّر النسيان وبين سبق الشكّ في السجدتين، والأحوط إعادة الصلاة أيضاً.

(مسألة 33): لو شكّ بين الثلاث والأربع مثلاً وعلم أنّه على فرض الثلاث ترك رُكناً، أو عمل ما يوجب بطلان صلاته، فالظاهر بطلان صلاته، وكذا لو علم ذلك على فرض الأربع. ولو علم أنّه على فرض الثلاث أو أربع أتى بما يوجب سجدتي السهو، أو ترك ما يوجب القضاء، فلا شيء عليه.

(مسألة 34): لو علم ـ بعد القيام أو الدخول في التشهّد ـ نسيانَ إحدى السجدتين وشكّ في الاُخرى، فالأقرب العود إلى تدارك المنسي، ويجري بالنسبة إلى المشكوك فيه قاعدة التجاوز. وكذا الحال في أشباه ذلك.

(مسألة 35): لو دخل في السجود من الركعة الثانية، فشكّ في ركوع هذه الركعة وفي السجدتين من الاُولى، يبني على إتيانهما. وعلى هذا لو شكّ بين الاثنتين والثلاث بعد إكمال السجدتين مع الشكّ في ركوع التي بيده وفي السجدتين من السابقة، يكون من الشكّ بين الاثنتين والثلاث بعد الإكمال، فيعمل عمل الشكّ وصحّت صلاته. نعم لو علم بتركهما مع الشكّ المذكور بطلت صلاته.

(مسألة 36): لا يجري حكم كثير الشكّ في أطراف العلم الإجمالي، فلو علم ترك أحد الشيئين إجمالاً، يجب عليه مراعاته وإن كان شاكّاً بالنسبة إلى كلّ منهما.

(مسألة 37): لو علم أنّه إمّا ترك سجدة من الاُولى أو زاد سجدة في الثانية، فلا يجب عليه شيء، ولو علم أنّه إمّا ترك سجدة أو تشهّداً، وجب على الأحوط الإتيان بقضائهما وسجدتي السهو([439]) مرّة.

(مسألة 38): لو كان مشغولاً بالتشهّد أو بعد الفراغ منه، وشكّ في أنّه صلّى ركعتين وأنّ التشهّد في محلّه، أو ثلاث ركعات وأنّه في غير محلّه، يجري عليه حكم الشكّ بين الاثنتين والثلاث، وليس عليه سجدتا السهو وإن كان الأحوط الإتيان بهما.

(مسألة 39): لو صلّى من كان تكليفه الصلاة إلى أربع جهات، ثمّ بعد السلام من الأخيرة علم ببطلان واحدة منها، بنى على صحّة صلاته، ولا شيء عليه.

(مسألة 40): لو قصد الإقامة وصلّى صلاة تامّة، ثمّ رجع عن قصده وصلّى صلاة قصراً ـ غفلة أو جهلاً ـ ثمّ علم ببطلان إحداهما، يبني على صحّة صلاته التامّة، وتكليفه التمام بالنسبة إلى الصلوات الآتية.

القول في صلاة القضاء

يجب قضاء الصلوات اليوميّة التي فاتت في أوقاتها ـ عدا الجمعة ـ عمداً كان أو سهواً أو جهلاً أو لأجل النوم المستوعب للوقت وغيـر ذلك، وكذا المأتيّ بها فاسداً لفقد شرط أو جزء يوجب تركه البطلان. ولا يجب قضاء ما تركه الصبيّ في زمان صباه، والمجنون في حال جنونه، والمغمى عليه([440]) إذا لم يكن إغماؤه بفعله([441])، وإلاّ فيقضي على الأحوط، والكافر الأصلي في حال كفره، دون المرتدّ، فإنّه يجب عليه قضاء ما فاته في حال ارتداده بعد توبته، وتصحّ منه وإن كان عن فطرة على الأصحّ، والحائض والنفساء مع استيعاب الوقت.

(مسألة 1): يجب على المخالف بعد استبصاره قضاء ما فات منه أو أتى على وجه يخالف مذهبه، بخلاف ما أتى به على وفق مذهبه، فإنّه لا يجب عليه قضاؤها وإن كانت فاسدة بحسب مذهبنا. نعم إذا استبصر في الوقت يجب عليه الأداء، فلو تركها أو أتى بها فاسداً بحسب المذهب الحقّ يجب عليه القضاء.

(مسألة 2): لو بلغ الصبيّ أو أفاق المجنون أو المغمى عليه في الوقت، وجب عليهم الأداء وإن لم يُدركوا إلاّ مقدار ركعة مع الطهارة ولو كانت ترابيّة، ومع الترك يجب عليهم القضاء. وكذلك الحائض والنفساء إذا زال عذرهما. كما أنّه لو طرأ الجنون أو الإغماء أو الحيض أو النفاس بعد مُضيّ مقدار صلاة المختار من أوّل الوقت بحسب حالهم ـ من السفر والحضر والوضوء والتيمّم ـ ولم يأتوا بالصلاة وجب عليهم القضاء.

(مسألة 3): فاقد الطهورين يجب عليه القضاء، ويسقط عنه الأداء على الأقوى، لكن لا ينبغي([442]) له ترك الاحتياط بالأداء أيضاً.

(مسألة 4): يجب قضاء غير اليوميّة من الفرائض ـ سوى العيدين وبعض صور صلاة الآيات ـ حتّى المنذورة في وقت معيّن على الأحوط فيها.

(مسألة 5): يجوز قضاء الفرائض في كلّ وقت، من ليل أو نهار أو سفر أو حضر. ويصلّي في السفر ما فات في الحضر تماماً، كما أنّه يصلّي في الحضر ما فات في السفر قصراً. ولو كان في أوّل الوقت حاضراً وفي آخره مسافراً أو بالعكس، فالعبرة بحال الفوت على الأصحّ([443])، فيقضي قصراً في الأوّل وتماماً في الثاني، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع. وإذا فاتته فيما يجب عليه الاحتياط بالجمع بين القصر والتمام، يحتاط في القضاء أيضاً.

(مسألة 6): لو فاتت الصلاة في أماكن التخيير، فالظاهر التخيير في القضاء أيضاً إذا قضاها في تلك الأماكن، وتعيّن القصر على الأحوط([444]) لو قضاها في غيرها.

(مسألة 7): يُستحبّ قضاء النوافل الرواتب، ويُكره أكيداً تركه إذا شغله عنها جمع الدنيا. ومن عجز عن قضائها استحبّ له التصدّق بقدر طوله، وأدنى ذلك التصدّق عن كلّ ركعتين بمُدّ، وإن لم يتمكّن فعن كلّ أربع ركعات بمُدّ، وإن لم يتمكّن فمُدّ لصلاة الليل ومُدّ لصلاة النهار.

(مسألة 8): إذا تعدّدت الفوائت، فمع العلم بكيفيّة الفوت والتقديم والتأخير، فالأحوط تقديم قضاء السابق في الفوات على اللاحق. وأمّا ما كان الترتيب في أدائها معتبراً شرعاً ـ كالظهرين والعشاءين من يوم واحد ـ فيجب في قضائها الترتيب على الأقوى. وأمّا مع الجهل بالترتيب فالأحوط ذلك وإن كان عدمه لا يخلو من قوّة، بل عدم وجوب الترتيب مطلقاً ـ إلاّ ما كان الترتيب في أدائها معتبراً ـ لا يخلو من قوّة.

(مسألة 9): لو علم أنّ عليه إحدى الصلوات الخمس من غير تعيين، يكفيه صبح ومغرب وأربع ركعات بقصد ما في الذمّة، مردّدة بين الظهر والعصر والعشاء مخيّراً فيها بين الجهر والإخفات. وإذا كان مسافراً يكفيه مغرب وركعتان مردّدتان بين الأربع. وإن لم يعلم أنّه كان حاضراً أو مسافراً، يأتي بمغرب وركعتين مردّدتين بين الأربع وأربع ركعات مردّدة بين الثلاث. وإن علم أنّ عليه اثنتين من الخمس من يوم، أتى بصبح، ثمّ أربع ركعات مردّدة بين الظهر والعصر، ثمّ مغرب، ثمّ أربع مردّدة بين العصر والعشاء، وله أن يأتي بصبح، ثمّ بأربع مردّدة بين الظهر والعصر والعشاء، ثمّ مغرب، ثمّ أربع مردّدة بين العصر والعشاء. وإذا علم أنّهما فاتتا في السفر، أتى بركعتين مردّدتين بين الأربع، وبمغرب وركعتين مردّدتين بين الثلاث ما عدا الاُولى، وله أن يأتي بركعتين مردّدتين بين الصبح والظهر والعصر، ومغرب وركعتين مردّدتين بين الظهرين والعشاء. وإن لم يعلم أنّ الفوت في الحضر أو السفر أتى بركعتين مردّدتين بين الأربع، وبمغرب وركعتين مردّدتين بين الثلاث ماعدا الاُولى، وأربع مردّدة بين الظهرين والعشاء، وأربع مردّدة بين العصر والعشاء. وإن علم أنّ عليه ثلاثاً من الخمس يأتي بالخمس إن كان في الحضر، وإن كان في السفر يأتي بركعتين مردّدتين بين الصبح والظهرين، وركعتين مردّدتين بين الظهرين والعشاء، وبمغرب وركعتين مردّدتين بين العصر والعشاء. وتُتصوّر طرق اُخر للتخلّص. والميزان هو العلم بإتيان جميع المحتملات.

(مسألة 10): إذا علم بفوات صلاة معيّنة كالصبح مثلاً مرّات، ولم يعلم عددها، يجوز الاكتفاء بالقدر المعلوم على الأقوى، لكن الأحوط التكرار حتّى يغلب على ظنّه الفراغ، وأحوط وأحسن منه التكرار حتّى حصل العلم بالفراغ، خصوصاً مع سبق العلم بالمقدار وحصول النسيان بعده. وكذلك الحال فيما إذا فاتت منه صلوات أيّام لا يعلم عددها.

(مسألة 11): لا يجب الفور في القضاء، بل هو موسّع مادام العمر ; لو لم ينجرّ إلى المسامحة في أداء التكليف والتهاون به.

(مسألة 12): الأحوط لذوي الأعذار تأخير القضاء إلى زمان رفع العذر، إلاّ إذا علم ببقائه إلى آخر العمر، أو خاف من مفاجأة الموت لظهور أماراته. نعم لو كان معذوراً عن الطهارة المائيّة، فللمبادرة إلى القضاء مع الترابيّة وجه ـ حتّى مع رجاء زوال العذر ـ لا يخلو من إشكال، فالأحوط تأخيره إلى الوجدان.

(مسألة 13): لا يجب تقديم الفائتة على الحاضرة، فيجوز الاشتغال بالحاضرة لمن عليه القضاء، وإن كان الأحوط تقديمها عليها، خصوصاً في فائتة ذلك اليوم، بل إذا شرع في الحاضرة قبلها، استحبّ له العدول منها إليها إن لم يتجاوز محلّ العدول، بل لا ينبغي ترك الاحتياط المتقدّم وترك العدول إلى الفائتة.

(مسألة 14): يجوز لمن عليه القضاء الإتيان بالنوافل على الأقوى، كما يجوز الإتيان بها ـ أيضاً ـ بعد دخول الوقت قبل إتيان الفريضة.

(مسألة 15): يجوز الإتيان بالقضاء جماعة، سواء كان الإمام قاضياً أو مؤدّياً، بل يستحبّ ذلك، ولا يجب اتّحاد صلاة الإمام والمأموم.

(مسألة 16): يجب على الوليّ ـ وهو الولد الأكبر ـ قضاء ما فات عن والده من الصلوات لعذر من نوم ونسيان ونحوهما.

ولا تُلحق الوالدة([445]) بالوالد وإن كان أحوط. والأقوى عدم الفرق([446]) بين الترك عمداً وغيره. نعم لا يبعد([447]) عدم إلحاق ما تركه طغياناً على المولى، وإن كان الأحوط إلحاقه، بل لا يترك هذا الاحتياط. والظاهر وجوب قضاء ما أتى به فاسداً ([448]) من جهة إخلاله بما اعتُبر فيه. وإنّما يجب عليه قضاء ما فات عن الميّت من صلاة نفسه، دون ما وجب عليه بالإجارة، أو من جهة كونه وليّاً. ولا يجب على البنات، ولا على غير الولد الأكبر من الذكور، ولا على سائر الأقارب حتّى الذكور، كالأب والأخ والعمّ والخال، وإن كان هو الأحوط في ذكورهم. وإذا مات الولد الأكبر بعد والده لا يجب على من دونه في السنّ من إخوته.

ولا يعتبر في الولي أن يكون بالغاً عاقلاً عند الموت، فيجب على الصبيّ إذا بلغ، وعلى المجنون إذا عقل([449])، كما أنّه لا يعتبر كونه وارثاً، فيجب على الممنوع منه بسبب القتل أو الكفر أو نحوهما، ولو تساوى الولدان في السنّ يقسّط القضاء عليهما، ولو كان كسر يجب عليهما كفاية. ولا يجب على الوليّ المباشرة، بل يجوز له أن يستأجر، والأجير ينوي النيابة عن الميّت لا عن الوليّ. وإن باشر الوليّ أو غيره الإتيانَ يُراعي تكليف نفسه ـ باجتهاد أو تقليد ـ في أحكام الشكّ والسهو، بل في أجزاء الصلاة وشرائطها دون تكليف الميّت، كما أنّه يُراعي تكليف نفسه في أصل وجوب القضاء، إذا اختلف مقتضى تقليده أو اجتهاده مع الميّت.

القول في صلاة الاستئجار
يجوز الاستئجار([450]) للنيابة عن الأموات في قضاء الصلوات كسائر العبادات، كما تجوز النيابة عنهم تبرّعاً، ويقصد النائب بفعله ـ أجيراً كان أو متبرّعاً ـ النيابة والبدليّة عن فعل المنوب عنه، وتفرغ ذمّته، ويتقرّب به ويثاب عليه، ويعتبر فيه قصد تقرّب المنوب عنه لا تقرّب نفسه، ولا يحصل له بذلك تقرّب، إلاّ أن يقصد ـ في تحصيل هذا التقرّب للمنوب عنه ـ الإحسانَ إليه لله تعالى، فيحصل له القرب أيضاً كالمتبرّع لو كان قصده ذلك، وأمّا وصول الثواب إلى الأجير ـ كما يظهر من بعض الأخبار ـ فهو لمحض التفضّل، ويجب تعيين الميّت المنوب عنه في نيّته ولو بالإجمال، كصاحب المال ونحوه.

(مسألة 1): يجب على من عليه واجب ـ من الصلاة والصيام ـ الإيصاء باستئجاره، إلاّ من له وليّ يجب عليه القضاء عنه ويطمئنّ بإتيانه. ويجب على الوصيّ ـ لو أوصى ـ إخراجها من الثلث، ومع إجازة الورثة من الأصل، وهذا بخلاف الحجّ والواجبات الماليّة كالزكاة والخمس والمظالم والكفّارات ونحوها، فإنّها تخرج من أصل المال ـ أوصى بها أو لم يوصِ ـ إلاّ إذا أوصى بأن تخرج من الثلث فتخرج منه، فإن لم يفِ بها يخرج الزائد من الأصل. وإن أوصى بأن يُقضى عنه الصلاة والصوم ولم يكن له تركة، لا يجب على الوصيّ المباشرة أو الاستئجار من ماله، والأحوط([451]) للولد ـ ذكراً كان أو اُنثى ـ المباشرة لو أوصى إليه بها لو لم تكن حرجاً عليه. نعم يجب على وليّه قضاء ما فات منه ـ إمّا بالمباشرة أو الاستئجار من ماله ـ وإن لم يوصِ به كما مرّ.

(مسألة 2): لو آجر نفسه لصلاة أو صوم أو حجّ فمات قبل الإتيان به، فإن اشترط عليه المباشرة بطلت الإجارة بالنسبة إلى ما بقي عليه، وتشتغل ذمّته بمال الإجارة إن قبضه، فيخرج من تركته، وإن لم يشترط المباشرة وجب الاستئجار من تركته إن كانت له تركة، وإلاّ فلا يجب على الورثة، كسائر ديونه مع فقد التركة.

(مسألة 3): يشترط في الأجير أن يكون عارفاً بأجزاء الصلاة وشرائطها ومنافياتها وأحكام الخلل وغيرها، عن اجتهاد أو تقليد صحيح. نعم لا يبعد جواز استئجار تارك الاجتهاد والتقليد، إذا كان عارفاً بكيفيّة الاحتياط وكان محتاطاً في عمله([452]).

(مسألة 4): لا يشترط عدالة الأجير، بل يكفي كونه أميناً بحيث يطمأنّ بإتيانه على الوجه الصحيح([453])، وهل يعتبر فيه البلوغ، فلا يصحّ استئجار الصبيّ المميّز ونيابته وإن علم إتيانه على الوجه الصحيح ؟ لا يبعد عدمه وإن كان الأحوط اعتباره.

(مسألة 5): لا يجوز استئجار ذوي الأعذار، كالعاجز عن القيام مع وجود غيره، بل لو تجدّد له العجز ينتظر زمان رفعه، وإن ضاق الوقت انفسخت الإجارة([454])، بل الأحوط([455]) عدم جواز استئجار ذي الجبيرة ومن كان تكليفه التيمّم.

(مسألة 6): لو حصل للأجير سهو أو شكّ، يعمل بحكمه على طبق اجتهاده أو تقليده وإن خالف الميّت، كما أنّه يجب عليه أن يأتي بالصلاة على مقتضى تكليفه واعتقاده ـ من اجتهاد أو تقليد ـ لو استؤجر على الإتيان بالعمل الصحيح، وإن عيّن له كيفيّة خاصّة يرى بطلانه بحسبها، فالأحوط له عدم إجارة نفسه له.

(مسألة 7): يجوز استئجار كلّ من الرجل والمرأة للآخر، وفي الجهر والإخفات والتستّر وشرائط اللباس يُراعى حال النائب لا المنوب عنه، فالرجل يجهر في الجهريّة ولا يستر ستر المرأة وإن كان نائباً عنها، والمرأة مخيّرة في الجهر والإخفات فيها، ويجب عليها الستر بالكيفيّة التي لها وإن كانت نائبة عن الرجل.

(مسألة 8): قد عرفت سابقاً: أنّ عدم وجوب الترتيب مطلقاً في القضاء ـ خصوصاً فيما إذا جهل بكيفيّة الفوت ـ لا يخلو من قوّة، فيجوز استئجار جماعة عن واحد في قضاء صلواته، ولا يجب تعيين الوقت لهم، ويجوز لهم الإتيان في وقت واحد، سيّما مع العلم بجهل الميّت أو الجهل بحاله.

(مسألة 9): لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل بلا إذن من المستأجر، نعم لو تقبّل العمل من دون أن يؤاجر نفسه له يجوز أن يستأجر غيره له، لكن حينئذ لا يجوز أن يستأجره بأقلّ من الاُجرة المجعولة له على الأحوط، إلاّ إذا أتى ببعض العمل وإن قلّ.

(مسألة 10): لو عيّن للأجير وقتاً ومدّة، ولم يأتِ بالعمل أو تمامه في تلك المدّة، ليس له أن يأتي به بعدها إلاّ بإذن من المستأجر، ولو أتى به فهو كالمتبرّع لا يستحقّ اُجرة. نعم لو كان القرار على الإتيان في الوقت المعيّن بعنوان الاشتراط يستحقّ الاُجرة المسمّاة لو تخلّف، وللمستأجر خيار الفسخ لتخلّف الشرط، فإن فسخ يرجع إلى الأجير بالاُجرة المسمّاة، وهو يستحقّ اُجرة المِثل للعمل.

(مسألة 11): لو تبيّن بعد العمل بطلان الإجارة استحقّ الأجير اُجرة المِثل بعمله، وكذا إذا فُسخت الإجارة من جهة الغَبن أو غيره.

(مسألة 12): لو لم يعيّن كيفيّة العمل من حيث الإتيان بالمستحبّات، ولم يكن انصراف، يجب الإتيان بالمستحبّات المتعارفة كالقنوت وتكبيرة الركوع ونحو ذلك.

البحث في صلاة الجمعة

(مسألة 1): تجب صلاة الجمعة في هذه الأعصار مخيّراً بينها وبين صلاة الظهر، والجمعة أفضل([456]) والظهر أحوط، وأحوط من ذلك الجمع بينهما، فمن صلّى الجمعة سقطت عنه صلاة الظهر على الأقوى، لكن الأحوط الإتيان بالظهر بعدها. وهي ركعتان كالصبح.

(مسألة 2): من ائتمّ بإمام في الجمعة جاز الاقتداء به في العصر، لكن لو أراد الاحتياط أعاد الظهرين بعد الائتمام، إلاّ إذا احتاط الإمام ـ بعد صلاة الجمعة قبل العصر ـ بأداء الظهر، وكذا المأموم، فيجوز الاقتداء به في العصر ويحصل به الاحتياط.

(مسألة 3): يجوز الاقتداء في الظهر الاحتياطي، فإذا صلّوا الجمعة جاز لهم صلاة الظهر جماعة احتياطاً، ولو ائتمّ بمن يصلّيها احتياطاً من لم يصلّ الجمعة، لا يجوز له الاكتفاء بها، بل تجب عليه إعادة الظهر.

القول في شرائط صلاة الجمعة

وهي اُمور:
الأوّل: العدد، وأقلّه خمسة نفر أحدهم الإمام، فلا تجب ولا تنعقد بأقلّ منها. وقيل: أقلّه سبعة نفر، والأشبه ما ذكرناه، فلو اجتمع سبعة نفر وما فوق تكون الجمعة آكد في الفضل.

الثاني: الخطبتان، وهما واجبتان كأصل الصلاة، ولا تنعقد الجمعة بدونهما.

الثالث: الجماعة، فلا تصحّ الجمعة فرادى.

الرابع: أن لا يكون هناك جمعة اُخرى وبينهما دون ثلاثة أميال، فإذا كان بينهما ثلاثة أميال صحّتا جميعاً. والميزان هو البعد بين الجمعتين، لا البلدين اللذين ينعقد فيهما الجُمعة، فجازت إقامة جُمُعات في بلاد كبيرة تكون طولها فراسخ.

(مسألة 1): لو اجتمع خمسة نفر للجمعة، فتفرّقوا في أثناء الخطبة أو بعدها قبل الصلاة، ولم يعودوا، ولم يكن هناك عدد بقدر النصاب، تعيّن على كلّ صلاة الظهر.

(مسألة 2): لو تفرّقوا في أثناء الخطبة ثمّ عادوا، فإن كان تفرّقهم بعد تحقّق مسمّى الواجب، فالظاهر عدم وجوب إعادتها ولو طالت المدّة، كما أنّه كذلك لو تفرّقوا بعدها فعادوا. وإن كان قبل تحقّق الواجب منها، فإن كان التفرّق للانصراف عن الجمعة فالأحوط استئنافها مطلقاً، وإن كان لعذر كمطر مثلاً فإن طالت المدّة بمقدار أضرّ بالوحدة العرفيّة، فالظاهر وجوب الاستئناف، وإلاّ بَنَوا عليها وصحّت.

(مسألة 3): لو انصرف بعضهم قبل الإتيان بمسمّى الواجب، ورجع من غير فصل طويل، فإن سكت الإمام في غيبته اشتغل بها من حيث سكت، وإن أدامها ولم يسمعها الغائب أعادها من حيث غاب ولم يدركها، وإن لم يرجع إلاّ بعد فصل طويل ـ يضرّ بوحدة الخطبة عرفاً ـ أعادها، وإن لم يرجع وجاء آخر تجب استئنافها مطلقاً.

(مسألة 4): لو زاد العدد على نصاب الجمعة، لا يضرّ مفارقة بعضهم مطلقاً بعد بقاء مقدار النصاب.

(مسألة 5): إن دخل الإمام في الصلاة، وانفضّ الباقون قبل تكبيرهم ولم يبقَ إلاّ الإمام، فالظاهر عدم انعقاد الجمعة، وهل له العدول إلى الظهر، أو يجوز إتمامها ظهراً من غير نيّة العدول، بل تكون ظهراً بعد عدم انعقاد الجمعة فيتمّها أربع ركعات ؟ فيه إشكال، والأحوط نيّة العدول وإتمامها ثمّ الإتيان بالظهر، وأحوط منه إتمامها جمعة ثمّ الإتيان بالظهر وإن كان الأقرب بطلانها، فيجوز رفع اليد عنها والإتيان بالظهر.

(مسألة 6): إن دخل العدد ـ أي أربعة نفر مع الإمام ـ في صلاة الجمعة ولو بالتكبير، وجب الإتمام ولو لم يبقَ إلاّ واحد على قول معروف، والأشبه بطلانها، سواء بقي الإمام وانفضّ الباقون أو بعضهم، أو انفضّ الإمام وبقي الباقون أو بعضهم، وسواء صلّوا ركعة أو أقلّ. لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالإتمام جمعة ثمّ الإتيان بالظهر. نعم لا يبعد الصحّة جُمعة إذا انفضّ بعض في أخيرة الركعة الثانية، بل بعد ركوعها، والاحتياط بإتيان الظهر مع ذلك بعدها لا ينبغي تركه.

(مسألة 7): يجب في كلّ من الخطبتين التحميد، ويعقّبه بالثناء عليه تعالى على الأحوط. والأحوط أن يكون التحميد بلفظ الجلالة، وإن كان الأقوى جوازه بكلّ ما يُعدّ حمداً له تعالى، والصلاة على النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) على الأحوط في الخطبة الاُولى، وعلى الأقوى في الثانية، والإيصاء بتقوى الله تعالى في الاُولى على الأقوى، وفي الثانية على الأحوط، وقراءة سورة صغيرة في الاُولى على الأقوى، وفي الثانية على الأحوط، والأحوط الأولى في الثانية الصلاة على أئمّة المسلمين(عليهم السلام)، بعد الصلاة على النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، والاستغفار للمؤمنين والمؤمنات. والأولى اختيار بعض الخطب المنسوبة إلى أميرالمؤمنين(عليه السلام)، أو المأثورة عن أهل بيت العصمة(عليهم السلام).

(مسألة 8): الأحوط إتيان الحمد والصلاة في الخطبة بالعربي، وإن كان الخطيب والمستمع غير عربيّ، وأمّا الوعظ والإيصاء بتقوى الله تعالى فالأقوى جوازه بغيره، بل الأحوط أن يكون الوعظ ونحوه ـ من ذكر مصالح المسلمين ـ بلغة المستمعين، وإن كانوا مختلطين يجمع بين اللغات. نعم لو كان العدد أكثر من النصاب جاز الاكتفاء بلغة النصاب، لكن الأحوط أن يعظهم بلغتهم.

(مسألة 9): ينبغي للإمام الخطيب أن يذكر ـ في ضمن خطبته ـ ما هو من مصالح المسلمين في دينهم ودنياهم، ويخبرهم بما جرى في بلاد المسلمين وغيرها، من الأحوال التي لهم فيها المضرّة أو المنفعة، وما يحتاج المسلمون إليه في المعاش والمعاد، والاُمور السياسيّة والاقتصاديّة ممّا هي دخيلة في استقلالهم وكيانهم، وكيفيّة معاملتهم مع سائر الملل، والتحذير عن تدخّل الدول الظالمة المستعمرة في اُمورهم ـ سيّما السياسيّة والاقتصاديّة ـ المنجرّ إلى استعمارهم واستثمارهم. وبالجملة: الجُمعة وخطبتاها من المواقف العظيمة للمسلمين، كسائر المواقف العظيمة، مثل الحجّ والمواقف التي فيه والعيدين وغيرها، ومع الأسف أغفل المسلمون عن الوظائف المهمّة السياسيّة فيها وفي غيرها من المواقف السياسيّة الإسلاميّة، فالإسلام دين السياسة بشؤونها، يظهر لمن له أدنى تدبّر في أحكامه الحكوميّة والسياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، فمن توهّم أنّ الدين منفكّ عن السياسة، فهو جاهل لم يعرف الإسلام ولا السياسة.

(مسألة 10): يجوز إيقاع الخطبتين قبل زوال الشمس بحيث إذا فرغ منهما زالت، والأحوط إيقاعهما عند الزوال.

(مسألة 11): يجب أن تكون الخطبتان قبل صلاة الجمعة، فلو بدأ بالصلاة تبطل، وتجب الصلاة بعدهما لو بقي الوقت، والظاهر عدم وجوب إعادتهما إذا كان الإتيان جهلاً أو سهواً، فيأتي بالصلاة بعدهما. ولو قيل بعدم وجوب إعادة الصلاة ـ أيضاً ـ إذا كان التقديم عن غير عمد وعلم، لكان له وجه.

(مسألة 12): يجب أن يكون الخطيب قائماً وقت إيراد الخطبة، ويجب وحدة الخطيب والإمام، فلو عجز الخطيب عن القيام خطب غيره، وأ مّهم الذي خطبهم، ولو لم يكن غير العاجز فالظاهر الانتقال إلى الظهر. نعم لو كانت الجمعة واجبة تعييناً خطبهم العاجز عن القيام جالساً، والأحوط الإتيان بالظهر بعد الجمعة، ويجب الفصل بين الخطبتين بجلسة خفيفة.

(مسألة 13): الأحوط ـ لو لم يكن الأقوى ـ وجوب رفع الصوت في الخطبة بحيث يسمع العدد، بل الظاهر عدم جواز الإخفات بها، بل لا إشكال في عدم جواز إخفات الوعظ والإيصاء، وينبغي أن يرفع صوته بحيث يسمع الحُضّار، بل هو أحوط، أو يخطب بواسطة السمّاعات إذا كان الجماعة كثيرة ; لإبلاغ الوعظ والترغيب والترهيب والمسائل المهتمّ بها.

(مسألة 14): الأحوط ـ بل الأوجه ـ وجوب الإصغاء إلى الخطبة، بل الأحوط الإنصات وترك الكلام بينها، وإن كان الأقوى كراهته. نعم لو كان التكلّم موجباً لترك الاستماع وفوات فائدة الخطبة لزم تركه. والأحوط الأولى استقبال المستمعين الإمام حال الخطبة، وعدم الالتفات زائداً على مقدار الجواز في الصلاة، وطهارة الإمام حال الخطبة عن الحدث والخبث، وكذا المستمعين. والأحوط الأولى للإمام أن لا يتكلّم بين الخطبة بما لا يرجع إلى الخطابة، ولا بأس بالتكلّم بعد الخطبتين إلى الدخول في الصلاة. وينبغي أن يكون الخطيب بليغاً مراعياً لمقتضيات الأحوال بالعبارات الفصيحة الخالية عن التعقيد، عارفاً بما جرى على المسلمين في الأقطار، سيّما قطره، عالماً بمصالح الإسلام والمسلمين، شجاعاً لا يلومه في الله لومة لائم، صريحاً في إظهار الحقّ وإبطال الباطل حسب المقتضيات والظروف، مراعياً لما يوجب تأثير كلامه في النفوس، من مواظبة أوقات الصلوات، والتلبّس بزيّ الصالحين والأولياء، وأن يكون أعماله موافقاً لمواعظه وترهيبه وترغيبه، وأن يجتنب عمّا يوجب وهنه ووهن كلامه، حتّى كثرة الكلام والمزاح وما لا يَعني. كلّ ذلك إخلاصاً لله تعالى وإعراضاً عن حُبّ الدنيا والرئاسة ـ فإنّه رأس كلّ خطيئة ـ ليكون لكلامه تأثير في النفوس. ويستحبّ له أن يتعمّم في الشتاء والصيف، ويتردّى ببرد يمني أو عدني، ويتزيّن، ويلبس أنظف ثيابه متطيّباً، على وقار وسكينة، وأن يسلّم إذا صعد المنبر، واستقبل الناس بوجهه، ويستقبلونه بوجوههم، وأن يعتمد على شيء من قوس أو عصا أو سيف، وأن يجلس على المنبر أمام الخطبة حتّى يفرغ المؤذّنون.

(مسألة 15): قد مرّ اعتبار الفاصلة بين الجمعتين بثلاثة أميال، فإن اُقيمت جمعتان دون الحدّ المعتبر، فإن اقترنتا بطلتا جميعاً، وإن سبقت إحداهما ولو بتكبيرة الإحرام بطلت المتأخّرة([457])، سواء كان المصلّون عالمين بسبق جمعة أم لا، وصحّت المتقدّمة، سواء علم المصلّون بلحوق جمعة أم لا. والميزان في الصحّة: تقدّم الصلاة لا الخطبة، فلو تقدّم إحدى الجمعتين في الخطبة والاُخرى في الصلاة، بطلت المتأخّرة في الشروع في الصلاة.

(مسألة 16): الأحوط عند إرادة إقامة جمعة في محلٍّ، إحرازُ أن لا جمعة هناك ـ دون الحدّ المقرّر ـ مقارنة لها أو منعقدة قبلها، وإن كان الأشبه جواز الانعقاد وصحّة الجمعة، ما لم يُحرز انعقاد جمعة اُخرى مقارنة لها أو مقدّمة عليها، بل الظاهر جواز الانعقاد لو علم بانعقاد اُخرى وشكّ في مقارنتها أو سبقها.

(مسألة 17): لو علموا بعد الفراغ من الصلاة بعقد جمعة اُخرى، واحتمل كلّ من الجماعتين السبق واللحوق، فالظاهر عدم وجوب الإعادة عليهما ـ لا جمعةً ولا ظهراً ـ وإن كان الوجوب أحوط. ويجب على الجماعة ـ التي لم يحضروا الجُمعتين ـ إذا أرادوا إقامة جمعة ثالثة، إحرازُ بطلان الجُمعتين المتقدّمتين، ومع احتمال صحّة إحداهما لا يجوز إقامة جُمعة اُخرى.

القول فيمن تجب عليه

(مسألة 1): يشترط في وجوبها اُمور: التكليف، والذكورة، والحرّية، والحضر، والسلامة من العمى والمرض، وأن لا يكون شيخاً كبيراً، وأن لا يكون بينه وبين محلّ إقامة الجُمعة أزيد من فرسخين، فهؤلاء لا يجب عليهم السعي إلى الجمعة لو قلنا بالوجوب التعييني، ولا تجب عليهم ولو كان الحضور لهم غير حرجيّ ولا مشقّة فيه.

(مسألة 2): كلّ هؤلاء إذا اتّفق منهم الحضور أو تكلّفوه، صحّت منهم وأجزأت عن الظهر، وكذا كلّ من رُخّص له في تركها لمانع، من مطر، أو برد شديد، أو فقد رجل، ونحوها ممّا يكون الحضور معه حرجاً عليه. نعم لا تصحّ من المجنون، وصحّت صلاة الصبيّ. وأمّا إكمال العدد به فلا يجوز، وكذا لا تنعقد بالصبيان فقط.

(مسألة 3): يجوز للمسافر حضور الجمعة، وتنعقد منه وتُجزيه عن الظهر، لكن لو أراد المسافرون إقامتها ـ من غير تبعيّة للحاضرين ـ لا تنعقد منهم، وتجب عليهم صلاة الظهر، ولو قصدوا الإقامة جازت لهم إقامتها، ولا يجوز أن يكون المسافر مكمّلاً للعدد([458]).

(مسألة 4): يجوز للمرأة الدخول في صلاة الجمعة، وتصحّ منها، وتُجزيها عن الظهر إن كان عدد الجمعة ـ أي خمسة نفر ـ رجالاً، وأمّا إقامتها للنساء، أو كونها من جملة الخمسة، فلا تجوز ولا تنعقد إلاّ بالرجال([459]).

(مسألة 5): تجب الجمعة على أهل القُرى والسواد، كما تجب على أهل المدن والأمصار مع استكمال الشرائط، وكذا تجب على ساكني الخيم والبوادي إذا كانوا قاطنين فيها.

(مسألة 6): تصحّ الجمعة من الخُنثى المُشكل، ولا يصحّ جعله إماماً ([460]) أو مكمّلاً للعدد، فلو لم يكمل إلاّ به لا تنعقد الجمعة، وتجب الظهر.

القول في وقتها

(مسألة 1): يدخل وقتها بزوال الشمس، فإذا زالت فقد وجبت، فإذا فرغ الإمام من الخطبتين عند الزوال فشرع فيها صحّت. وأمّا آخر وقتها بحيث تفوت بمُضيّه ففيه خلاف وإشكال، والأحوط عدم التأخير عن الأوائل العرفيّة من الزوال، وإذا اُخّرت عن ذلك فالأحوط اختيار الظهر، وإن لا يبعد امتداده إلى قدمين من فيء المتعارف من الناس.

(مسألة 2): لا يجوز إطالة الخطبة بمقدار يفوت وقت الجمعة إذا كان الوجوب تعيينيّاً، فلو فعل أَثِم ووجبت صلاة الظهر، كما تجب الظهر في الفرض على التخيير أيضاً، وليس للجمعة قضاء بفوات وقتها.

(مسألة 3): لو دخلوا في الجمعة فخرج وقتها، فإن أدركوا منها ركعة في الوقت صحّت، وإلاّ بطلت على الأشبه، والأحوط الإتمام جُمعة ثمّ الإتيان بالظهر. ولو تعمّدوا إلى بقاء الوقت بمقدار ركعة، فإن قلنا بوجوبها تعييناً أثموا وصحّت صلاتهم، وإن قلنا بالتخيير ـ كما هو الأقوى ـ فالأحوط اختيار الظهر. بل لا يترك الاحتياط بإتيان الظهر في الفرض الأوّل أيضاً مع القول بالتخيير.

(مسألة 4): لو تيقّن أنّ الوقت يتّسع لأقلّ الواجب من الخطبتين وركعتين خفيفتين، تخيّر بين الجمعة والظهر، ولو تيقّن بعدم الاتّساع لذلك تعيّن الظهر، ولو شكّ في بقاء الوقت صحّت، ولو انكشف بعدُ عدم الاتّساع حتّى لركعة يأتي بالظهر، ولو علم مقدار الوقت وشكّ في اتّساعه لها يجوز الدخول فيها، فإن اتّسع صحّت، وإلاّ يأتي بالظهر، والأحوط اختيار الظهر، بل لا يترك في الفرع السابق مع الاتّساع لركعة.

(مسألة 5): لو صلّى الإمام بالعدد المعتبر في اتّساع الوقت، ولم يحضر المأموم ـ من غير العدد ـ الخطبةَ وأوّلَ الصلاة، ولكنّه أدرك مع الإمام ركعة، صلّى جُمعة ركعة مع الإمام، وأضاف ركعة اُخرى منفرداً، وصحّت صلاته. وآخِرُ إدراكِ الركعة إدراكُ الإمام في الركوع([461])، فلو ركع والإمام لم ينهض إلى القيام صحّت صلاته، والأفضل لمن لم يدرك تكبيرة الركوع الإتيان بالظهر أربع ركعات. ولو كبّر وركع، ثمّ شكّ في أنّ الإمام كان راكعاً وأدرك ركوعه أولا، لم تقع صلاته جُمعة، وهل تبطل، أو تصحّ ويجب الإتمام ظهراً ؟ فيه إشكال، والأحوط إتمامها ظهراً ثمّ إعادتها.

فروع:

الأوّل: شرائط الجماعة في غير الجُمعة معتبرة في الجمعة أيضاً، من عدم الحائل، وعدم عُلوّ موقف الإمام، وعدم التباعد وغيرها، وكذاشرائط الإمام في الجمعة هي الشرائط في إمام الجماعة، من العقل والإيمان وطهارة المولد والعدالة. نعم لا يصحّ في الجمعة إمامة الصبيان ولا النساء([462])، وإن قلنا بجوازها لمثلهما في غيرها.

الثاني: الأذان الثاني يوم الجمعة بدعة محرمة، وهو الأذان الذي يأتي المخالفون به بعد الأذان الموظّف، وقد يُطلق عليه الأذان الثالث، ولعلّه باعتبار كونه ثالث الأذان والإقامة، أو ثالث الأذان للإعلام والأذان للصلاة، أو ثالث باعتبار أذان الصبح والظهر، والظاهر أنّه غير الأذان للعصر.

الثالث: لا يحرم البيع ولا غيره من المعاملات يوم الجمعة بعد الأذان في أعصارنا، ممّا لا تجب الجُمعة فيها تعييناً.

الرابع: لو لم يتمكّن المأموم ـ لزحام ونحوه ـ من السجود مع الإمام في الركعة الاُولى التي أدرك ركوعها معه، فإن أمكنه السجود واللحاق به قبل الركوع أو فيه فعل وصحّت جمعته، وإن لم يمكنه ذلك لم يتابعه في الركوع، بل اقتصر على متابعته في السجدتين، ونوى بهما للاُولى، فيكمل له ركعة مع الإمام، ثمّ يأتي بركعة ثانية لنفسه، وقد تمّت صلاته. وإن نوى بهما الثانية، قيل: يحذفهما ويسجد للاُولى، ويأتي بالركعة الثانية، وصحّت صلاته. وهو مرويّ، وقيل: تبطل الصلاة. ويحتمل جعلهما للاُولى إذا كانت نيّته للثانية لغفلة أو جهل، وأتى بالركعة الثانية كالفرض الأوّل، والمسألة لا تخلو من إشكال، فالأحوط الإتمام بحذفهما والسجدة للاُولى والإتيان بالظهر. وكذا لو نوى بهما التبعيّة للإمام.

الخامس: صلاة الجمعة ركعتان، وكيفيّتها كصلاة الصبح، ويُستحبّ فيها الجهر بالقراءة، وقراءة «الجمعة» في الاُولى، و«المنافقين» في الثانية. وفيها قنوتان: أحدهما قبل ركوع الركعة الاُولى، وثانيهما بعد ركوع الثانية.
وقد مرّ بعض الأحكام الراجعة إليها في مباحث القراءة وغيرها. ثمّ إنّ أحكامها ـ في الشرائط والموانع والقواطع والخلل والشكّ والسهو وغيرها ـ ما تقدّمت في كتاب الطهارة والصلاة.

القول في صلاة العيدين: الفطر والأضحى
وهي واجبة مع حضور الإمام(عليه السلام) وبسط يده واجتماع سائر الشرائط، ومستحبّة([463]) في زمان الغيبة، والأحوط إتيانها فُرادى في ذلك العصر، ولا بأس بإتيانها جماعة رجاءً، لا بقصد الورود([464]). ووقتها من طلوع الشمس إلى الزوال، ولا قضاء لها لو فاتت. وهي ركعتان في كلّ منهما يقرأ «الحمد» وسورة، والأفضل أن يقرأ في الاُولى سورة «الشمس» وفي الثانية سورة «الغاشية»، أو في الاُولى سورة «الأعلى» وفي الثانية سورة «الشمس»، وبعد السورة في الاُولى خمس تكبيرات وخمسة قنوتات، بعد كلّ تكبيرة قنوت([465])، وفي الثانية أربع تكبيرات وأربعة قنوتات، بعد كلّ تكبيرة قنوت. ويجزي في القنوت كلّ ذكر ودعاء كسائر الصلوات، ولو أتى بما هو المعروف رجاء الثواب لا بأس به وكان حسناً، وهو: «اللّهمَّ أهلَ الكِبرياءِ والعَظَمة، وأهلَ الجودِ والجبَروتِ، وأهلَ العَفو والرحمَة وأهلَ التقوى والمغفِرة، أسألُكَ بحقِّ هذا اليوم الّذي جعَلتَهُ للمُسلمينَ عيداً، ولمُحمّد صلّى الله عليه وآلهِ ذُخراً وشرَفاً وكرامَةً ومزِيداً، أن تُصلِّي على مُحمّد وآلِ مُحمَّد، وأن تُدخلَني في كُلِّ خير أدخَلتَ فيهِ مُحمّداً وآلَ محمّد، وأن تُخرجني مِن كُلِّ سوء أخرجتَ منهُ محمّداً وآلَ محمَّد صلواتُكَ عليهِ وعليهِم، اللّهُمَّ إنِّي أسألُكَ خيرَ ما سألَكَ بهِ عبادُك الصالحونَ، وأعوذُ بِكَ ممَّا استعاذَ منهُ عِبادُك المُخلَصُون».
ولو صلّى جماعة رجاءً([466]) يأتي بخطبتين بعدها رجاءً أيضاً، ويجوز تركهما في زمان الغيبة. ويستحبّ فيها الجهر للإمام والمنفرد، ورفع اليدين حال التكبيرات، والإصحار بها إلاّ في مكّة، ويُكره أن يصلّي تحت السقف.

(مسألة 1): لا يتحمّل الإمام فيها ما عدا القراءة كسائر الجماعات.

(مسألة 2): لو شكّ في التكبيرات أو القنوتات وهو في المحلّ بنى على الأقلّ.

(مسألة 3): لو أتى بموجب سجود السهو فيها فالأحوط الإتيان رجاءً، وإن كان عدم وجوبه في صورة استحبابها لا يخلو من قوّة. وكذا الحال في قضاء التشهّد والسجدة المنسيّين.

(مسألة 4): ليس في هذه الصلاة أذان ولا إقامة. نعم يُستحبّ أن يقول المؤذّن: «الصلاة» ثلاثاً.

القول في بعض الصلوات المندوبة

فمنها: صلاة جعفر بن أبي طالب(عليه السلام)
وهي من المستحبّات الأكيدة، ومن المشهورات بين العامّة والخاصّة، وممّا حباه النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) ابن عمّه حين قدومه من سفره حُبّاً له وكرامةً عليه، فعن الصادق(عليه السلام): «أنّه قال النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) لجعفر حين قدومه من الحبشة يوم فتح خيبر: ألا أمنحك؟ ألا اُعطيك؟ ألا أحبوك؟ فقال: بلى يا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: فظنّ الناس أنّه يُعطيه ذهباً أو فضّة، فأشرف الناس لذلك، فقال له: إنّي اُعطيك شيئاً إن أنت صنعته في كلّ يوم، كان خيراً لك من الدّنيا وما فيها، فإن صنعته بين يومين غفر الله لك ما بينهما، أو كلّ جُمعة أو كلّ شهر أو كلّ سنة غفر لك ما بينهما».
وأفضل أوقاتها يوم الجمعة حين ارتفاع الشمس، ويجوز احتسابها من نوافل الليل أو النهار ; تُحسب له من نوافله وتُحسب له من صلاة جعفر(عليه السلام) كما في الخبر، فينوي بصلاة جعفر([467]) نافلة المغرب مثلاً.
وهي أربع ركعات بتسليمتين، يقرأ في كلّ ركعة «الحمد» وسورة، ثمّ يقول: «سبحانَ الله والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلاّ اللهُ واللهُ أكبر» خمس عشرة مرّة، ويقولها في الركوع عشر مرّات، وكذا بعد رفع الرأس منه عشر مرّات، وكذا في السجدة الاُولى، وبعد رفع الرأس منها، وفي السجدة الثانية، وبعد رفع الرأس منها، يقولها عشر مرّات، فتكون في كلّ ركعة خمس وسبعون مرّة، ومجموعها ثلاثمائة تسبيحة. والظاهر([468]) الاكتفاء بالتسبيحات عن ذكر الركوع والسجود، والأحوط عدم الاكتفاء بها عنه. ولا تتعيّن فيها سورة مخصوصة، لكن الأفضل أن يقرأ في الركعة الاُولى (إذا زُلزِلَت)وفي الثانية (والعادِيَاتِ)، وفي الثالثة (إذَا جاءَ نَصرُ اللهِ)، وفي الرابعة (قُل هوَ اللهُ أَحَد).

(مسألة 1): يجوز تأخير التسبيحات إلى ما بعد الصلاة إذا كان مستعجلاً، كما يجوز التفريق في أصل الصلاة إذا كانت له حاجة ضروريّة، فيأتي بركعتين، وبعد قضاء تلك الحاجة يأتي بالبقيّة.

(مسألة 2): لو سها عن بعض التسبيحات في محلّه، فإن تذكّره في بعض المحالّ الاُخر، قضاه في ذلك المحلّ مضافاً إلى وظيفته، فإذا نسي تسبيحات الركوع وتذكّرها بعد رفع الرأس منه، سبّح عشرين تسبيحة، وهكذا في باقي المحالّ والأحوال، وإن لم يتذكّرها إلاّ بعد الصلاة، فالأولى والأحوط أن يأتي بها رجاءً.

(مسألة 3): يُستحبّ أن يقول في السجدة الثانية من الركعة الرابعة بعد التسبيحات: «يا مَن لبِسَ العِزَّ والوقارَ، يا مَن تعطَّفَ بالمجدِ وتكرَّمَ بهِ، يا مَن لا ينبغي التَّسبيحُ إلاّ لَهُ، يا من أحصى كلَّ شيء علمهُ، يا ذا النعمةِ والطول، يا ذا المَنِّ والفضلِ، يا ذا القدرَةِ والكرَمِ، أسألُكَ بمعاقِد العزِّ من عرشِكَ، ومُنتهى الرَّحمةِ من كتابِكَ، وباسمِكَ الأعظمِ الأعلى وكلماتك التامَّات، أن تُصلِّي على محمَّد وآلِ محمَّد، وأن تفعل بي كذا وكذا» ويذكر حاجاته.
ويُستحبّ أن يدعو بعد الفراغ من الصلاة ما رواه الشيخ الطوسي والسيّد ابن طاووس، عن المفضّل بن عمر، قال: رأيت أبا عبدالله(عليه السلام) يصلّي صلاة جعفر، ورفع يديه ودعا بهذا الدعاء: «ياربِّ ياربِّ...» حتّى انقطع النفس، «ياربّاه يا ربّاه...» حتّى انقطع النفس، «ربِّ ربِّ...» حتّى انقطع النفس، «يا ألله يا أللهُ...» حتّى انقطع النفس، «يا حيُّ يا حَيُّ...» حتّى انقطع النفس، «يا رحيمُ يا رحيمُ...» حتّى انقطع النفس، «يا رحمانُ يا رحمانُ...» سبع مرّات، «يا أرحم الراحمين» سبع مرّات، ثمّ قال: «اللّهمَّ إنِّي أفتتحُ القولَ بحمدِكَ، وأنطقُ بالثَّناءِ عليكَ واُمجِّدك، ولا غاية لمدحِكَ، واُثني عليكَ، ومن يبلغُ غايةَ ثنائِكَ وأمَدَ مجدِك؟! وأ نّى لخليقتِكَ كُنهُ معرفةِ مجدِكَ؟! وأيُّ زمن لم تكن ممدُوحاً بفضلِكَ، موصوفاً بمجدِكَ، عوَّاداً على المُذنبين بحِلمك؟! تخلَّفَ سُكَّان أرضِك عن طاعتِكَ، فكنتَ عليهم عطوفاً بجودِكَ، جواداً بفضلِكَ، عوّاداً بكرَمكَ، يا لا إله إلاّ أنت المنّانُ ذو الجلالِ والإكرامِ»، ثمّ قال لي: «يا مفضّل إذا كانت لك حاجة مهمّة، فصلّ هذه الصلاة، وادعُ بهذا الدعاء، وسل حاجتك يقضها الله إن شاء الله وبه الثقة».

ومنها: صلاة الاستسقاء

وهو طلب السُّقيا، وهي مستحبّة عند غور الأنهار وفتور الأمطار، ومنع السماء قطرها لأجل شيوع المعاصي، وكفران النعم، ومنع الحقوق، والتطفيف في المكيال والميزان، والظلم، والغدر، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنع الزكاة، والحكم بغير ما أنزل الله، وغير ذلك ممّا يوجب غضب الرحمان الموجب لحبس الأمطار، كما في الأثر([469]).

وكيفيّتها ـ كصلاة العيدين ـ ركعتان في جماعة، ولا بأس بالفُرادى رجاءً، يقرأ في كلّ منهما «الحمد» وسورة، ويكبّر بعد السورة في الاُولى خمس تكبيرات، ويأتي بعد كلّ تكبيرة بقنوت، وفي الثانية أربع تكبيرات، يأتي بعد كلّ تكبيرة بقنوت. ويجزي في القنوت كلّ دعاء، والأولى اشتماله على طلب الغيث والسقي واستعطاف الرحمن بإرسال الأمطار وفتح أبواب السماء بالرحمة، ويقدّم على الدعاء الصلاة على محمّد وآله عليهم الصلاة والسلام.

ومسنوناتها اُمور:

منها: الجهر بالقراءة، وقراءة السور التي تستحبّ في العيدين.

ومنها: أن يصوم الناس ثلاثة أيّام، ويكون خروجهم يوم الثالث، ويكون ذلك الثالث يوم الاثنين([470])، وإن لم يتيسّر فيوم الجمعة لشرفه وفضله.

ومنها: أن يخرج الإمام ومعه الناس إلى الصحراء في سكينة ووقار وخشوع ومسألة، ويتّخذوا مكاناً نظيفاً للصلاة. والأولى أن يكون الخروج في زيّ يجلب الرحمة، ككونهم حفاة.

ومنها: إخراج المنبر معهم إلى الصحراء، وخروج المؤذّنين بين يدي الإمام.

ومنها: ما ذكره الأصحاب: من أن يُخرجوا معهم الشيوخ والأطفال والعجائز والبهائم، ويفرَّق بين الأطفال واُمّهاتهم ليكثروا من الضجيج والبكاء، ويكون سبباً لدرّ الرحمة، ويمنعون خروج الكفّار([471]) كأهل الذمّة وغيرهم معهم.

(مسألة 1): الأولى إيقاعها وقت صلاة العيد، وإن لا يبعد عدم توقيتها بوقت.

(مسألة 2): لا أذان ولا إقامة لها، بل يقول المؤذّن بدلاً عنهما: «الصلاة» ثلاث مرّات.

(مسألة 3): إذا فرغ الإمام من الصلاة حوّل رداءه استحباباً، بأن يجعل ما على اليمين على اليسار وبالعكس، وصعد المنبر، واستقبل القبلة، وكبّر مائة تكبيرة رافعاً بها صوته، ثمّ التفت إلى الناس عن يمينه، فسبّح الله مائة تسبيحة رافعاً بها صوته، ثمّ التفت إلى الناس على يساره، فهلّل الله مائة تهليلة رافعاً بها صوته، ثمّ استقبل الناس فحمد الله مائة تحميدة. ولا بأس برفع الصوت فيها أيضاً، كما لا بأس بمتابعة المأمومين الإمام في الأذكار، بل وفي رفع الصوت، ولعلّه أجلب للرحمة وأرجى لتحصيل المقصود. ثمّ يرفع الإمام يديه، ويدعو ويدعوا الناس، ويبالغون في الدعاء والتضرّع والاستعطاف والابتهال إليه تعالى، ولا بأس بأن يؤمّن الناس على دعاء الإمام، ثمّ يخطب الإمام ويبالغ في التضرّع والاستعطاف، والأولى اختيار بعض ما ورد عن المعصومين(عليهم السلام)([472])، كالواردة عن مولانا أمير المؤمنين(عليه السلام)ممّا أوّلها: «الحمدُ للهِ سابِق النِّعَم...»، والأولى أن يخطب فيها خطبتين كما في العيدين، ويأتي بالثانية رجاءً.

(مسألة 4): كما تجوز هذه الصلاة عند قلّة الأمطار، تجوز عند جفاف مياه العيون والآبار.

(مسألة 5): لو تأخّر الإجابة كرّروا الخروج حتّى يدركهم الرحمة إن شاء الله تعالى، ولو لم يُجبهم فلمصالح هو تعالى عالم بها، وليس لنا الاعتراض ولا اليأس من رحمة الله تعالى. ويجوز التكرار متّصلاً والاكتفاء بصوم الثلاثة، وغير متّصل مع صوم ثلاثة أيّام اُخر يأتي بها رجاءً، بل يأتي بالتكرار ـ أيضاً ـ رجاءً.

ومنها: صلاة الغُفيلة، وهي ركعتان بين المغرب والعشاء، وقد تقدّم تفصيلها في المقدّمة الاُولى من كتاب الصلاة.

ومنها: صلاة ليلة الدفن، وقد مرّت في باب الدفن من أحكام الأموات أيضاً.

ومنها: صلاة أوّل الشهر، وصلاة الحاجة وغيرهما، ممّا هو مذكور في محالّها مفصّلاً.

فصل في صلاة المسافر

يجب القصر على المسافر في الصلوات الرباعيّة مع اجتماع الشروط الآتية، وأمّا الصبح والمغرب فلا قصر فيهما. ويشترط في التقصير للمسافر اُمور:

أحدها: المسافة، وهي ثمانية فراسخ امتداديّة ذهاباً أو إياباً أو ملفّقة، بشرط عدم كون الذهاب أقلّ من أربعة([473])، سواء اتّصل إيابه بذهابه ولم يقطعه بمبيت ليلة فصاعداً في الأثناء، أو قطعه بذلك، لا على وجه تحصل به الإقامة القاطعة للسفر ولا غيرها من القواطع، فيُقصِّر ويُفطر، إلاّ أنّ الأحوط ـ احتياطاً شديداً ـ في الصورة الأخيرة التمام مع ذلك وقضاء الصوم.

(مسألة 1): الفرسخ ثلاثة أميال، والميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد، الذي طوله عرض أربعة وعشرين إصبعاً، وكلّ إصبع عرض سبع شعيرات، وكلّ شعيرة عرض سبع شعرات من أوسط شعر البرزون، فإن نقصت عن ذلك ولو يسيراً بقي على التمام.

(مسألة 2): لو كان الذهاب خمسة فراسخ والإياب ثلاثة وجب القصر، بخلاف العكس([474])، ولو تردّد في أقلّ من أربعة فراسخ ذاهباً وجائياً مرّات ـ حتّى بلغ المجموع ثمانية وأكثر ـ لم يقصّر وإن كان خارجاً عن حدّ الترخّص، فلابدّ في التلفيق أن يكون المجموعُ من ذهاب واحد وإياب واحد ثمانيةً.

(مسألة 3): لو كان للبلد طريقان والأبعد منهما مسافة دون الأقرب، فإن سلك الأبعد قصّر، وإن سلك الأقرب أتمّ، وإن ذهب من الأقرب وكان أقلّ من أربعة فراسخ بقي على التمام([475])، وإن رجع من الأبعد وكان المجموع مسافةً.

(مسألة 4): مبدأ حساب المسافة سورالبلد([476])، وفيما لاسور له آخرالبيوت. هذا في غير البلدان الكبار الخارقة، وأمّا فيها فهو آخر المحلّة([477]) إذا كان منفصل المحالّ، بحيث تكون المحلاّت كالقُرى المتقاربة، وإلاّ ففيه إشكال كالمتّصل المحالّ، فالأحوط الجمع فيها فيما إذا لم يبلغ المسافة من آخر البلد وكان بمقدارها إذا لوحظ منزله، وإن كان القول بأنّ مبدأ الحساب في مثلها من منزله ليس ببعيد.

(مسألة 5): لو كان قاصداً للذهاب إلى بلد، وكان شاكّاً في كونه مسافة أو معتقداً للعدم، ثمّ بان في أثناء السير كونه مسافة يقصّر وإن لم يكن الباقي مسافة.

(مسألة 6): تثبت المسافة بالعلم وبالبيّنة، ولو شهد العدل الواحد فالأحوط الجمع([478])، فلو شكّ في بلوغها أو ظنّ به بقي على التمام، ولا يجب الاختبار المستلزم للحرج. نعم يجب الفحص بسؤال ونحوه عنها على الأحوط. ولو شكّ العامّي في مقدار المسافة شرعاً ولم يتمكّن من التقليد، وجب عليه الاحتياط بالجمع.

(مسألة 7): لو اعتقد كونه مسافة فقصّر ثمّ ظهر عدمها وجبت الإعادة، ولو اعتقد عدم كونه مسافة فأتمّ ثمّ ظهر كونه مسافة، وجبت الإعادة في الوقت على الأقوى([479])، وفي خارجه على الأحوط.

(مسألة 8): الذهاب في المسافة المستديرة هو السير إلى النقطة المقابلة لمبدأ السير، فإذا أراد السير مستديراً يقصّر ولو كان شغله قبل البلوغ إلى النقطة المقابلة، بشرط كون السير إليها أربعة فراسخ([480])، والأحوط الجمع إذا كان شغله قبلها.

ثانيها: قصد قطع المسافة من حين الخروج، فلو قصد ما دونها، وبعد الوصول إلى المقصد قصد مقداراً آخر دونها وهكذا، يتمّ في الذهاب وإن كان المجموع مسافة وأكثر. نعم لو شرع في العود يقصّر إذا كملت المسافة، وكان من قصده قطعها، وكذا لو لم يكن له مقصد معيّن، ولا يدري أيّ مقدار يقطع، كما لو طلب دابّة شاردة مثلاً ولم يدرِ إلى أين مسيره، لا يقصّر في ذهابه وإن قطع المسافة فأكثر. نعم يقصّر في العود بالشرط المتقدّم. ولو عيّن في الأثناء مقصداً يبلغ المسافة ولو بالتلفيق مع الشرط المتقدّم فيه([481]) يقصّر. ولو خرج إلى ما دون الأربعة وينتظر رفقة إن تيسّروا سافر معهم، وإلاّ فلا، أو كان سفره منوطاً بحصول أمر، ولم يطمئنّ بتيسّر الرفقة أو حصول ذلك الأمر، يجب عليه التمام.

(مسألة 9): المدار قصد قطع المسافة ـ وإن حصل ذلك منه في أيّام ـ مع عدم تخلّل أحد قواطع السفر، ما لم يخرج بذلك عن صدق اسم السفر عرفاً، كما لو قطع في كلّ يوم مقداراً يسيراً جدّاً للتنزّه ونحوه، لا من جهة صعوبة السير، فإنّه يتمّ حينئذ، والأحوط الجمع.

(مسألة 10): لا يعتبر في قصد المسافة أن يكون مستقلاّ، بل يكفي ولو من جهة التبعيّة ـ سواء كان لوجوب الطاعة كالزوجة، أو قهراً كالأسير، أو اختياراً كالخادم ـ بشرط العلم بكون قصد المتبوع مسافة، وإلاّ بقي على التمام، والأحوط الاستخبار وإن كان الأقوى([482]) عدم وجوبه. ولا يجب على المتبوع الإخبار وإن فرض وجوب الاستخبار على التابع.

(مسألة 11): لو اعتقد التابع أنّ متبوعه لم يقصد المسافة، أو شكّ في ذلك وعلم في الأثناء أنّه كان قاصداً لها، فإن كان الباقي مسافة يجب عليه القصر، وإلاّ فالظاهر([483]) وجوب التمام عليه.

ثالثها: استمرار القصد، فلو عدل عنه قبل بلوغ أربعة فراسخ أو تردّد أتمّ، ومضى ما صلاّه قصراً، ولا إعادة عليه في الوقت ولا خارجه، وإن كان العدول أو التردّد بعد بلوغ الأربعة بقي على التقصير، وإن لم يرجع ليومه إذا كان عازماً على العود قبل عشرة أيّام.

(مسألة 12): يكفي في استمرار القصد بقاء قصد النوع وإن عدل عن الشخص، كما لو قصد السفر إلى مكان خاصّ وكان مسافة، فعدل في أثناء الطريق إلى آخر يبلغ ما مضى مع ما بقي إليه مسافة، فإنّه يقصّر حينئذ على الأصحّ، كما أنّه يقصّر لو كان من أوّل الأمر قاصداً للنوع دون الشخص، بأن يشرع في السفر قاصداً للذهاب إلى أحد الأمكنة التي كلّها مسافة، ولم يعيّن أحدها، بل أوكل التعيين إلى وقت الوصول إلى الحدّ المشترك بينها.

(مسألة 13): لو تردّد في الأثناء قبل بلوغ أربعة فراسخ، ثمّ عاد إلى الجزم، فإن لم يقطع شيئاً من الطريق حال التردّد، بقي على القصر وإن لم يكن ما بقي مسافة ولو ملفّقة. وإن قطع شيئاً منه حاله فإن كان ما بقي مسافة بقي على القصر أيضاً، وإن لم يكن مسافة فلا إشكال في وجوب التمام، إذا لم يكن ما بقي بضمّ ما قطع ـ قبل حصول التردّد ـ مسافة. وأمّا إذا كان المجموع بإسقاط ما تخلّل في البين مسافة فالأحوط الجمع، وإن لا يبعد العود إلى القصر، خصوصاً إذا كان القطع يسيراً.

رابعها: أن لا ينوي قطع السفر، بإقامة عشرة أيّام فصاعداً في أثناء المسافة، أو بالمرور على وطنه كذلك، كما لو عزم على قطع أربعة فراسخ قاصداً للإقامة في أثنائها أو على رأسها، أو كان له وطن كذلك وقد قصد المرور عليه، فإنّه يُتمّ حينئذ، وكذا لو كان متردّداً في نيّة الإقامة، أو المرور على المنزل المزبور، على وجه يُنافي قصد قطع المسافة، ومنه ما إذا احتمل عروض عارض مناف لإدامة السير، أو عروض مقتض لنيّة الإقامة في الأثناء، أو المرور على الوطن، بشرط أن يكون ذلك ممّا يعتني به العقلاء. وأمّا مع احتمال غير معتنى به ـ كاحتمال حدوث مرض أو غيره، ممّا يكون مخالفاً للأصل العقلائي ـ فإنّه يقصّر.

(مسألة 14): لو كان حين الشروع قاصداً للإقامة، أو المرور على الوطن قبل بلوغ الثمانية، أو كان متردّداً ثمّ عدل وبنى على عدم الأمرين، فإن كان ما بقي بعد العدول مسافة ـ ولو ملفّقة ـ قصّر، وإلاّ فلا.

(مسألة 15): لو لم يكن من نيّته الإقامة، وقطع مقداراً من المسافة، ثمّ بدا له قبل بلوغ الثمانية، ثمّ عدل عمّا بدا له وعزم على عدم الإقامة، فإن كان ما بقي بعد العدول عمّا بدا له مسافةً قصّر بلا إشكال. وكذا إن لم يكن كذلك، ولم يقطع بين العزمين شيئاً من المسافة، وكان المجموع مسافة. وأمّا لو قطع شيئاً بينهما، فهل يضمّ ما مضى قبل العدول إلى ما بقي ـ بإسقاط ما تخلّل في البين ـ إذا كان المجموع مسافة، أم لا ؟ فالأحوط الجمع وإن لا يبعد العود إلى التقصير، خصوصاً إذا كان القطع يسيراً، كما مرّ نظيره.

خامسها: أن يكون السفر سائغاً، فلو كان معصية لم يقصّر، سواء كان بنفسه معصية كالفرار من الزحف ونحوه، أو غايته كالسفر لقطع الطريق ونيل المظالم من السلطان ونحو ذلك. نعم ليس منه ما وقع المحرّم في أثنائه ـ مثل الغيبة ونحوها ـ ممّا ليس غاية لسفره، فيبقى على القصر، بل ليس منه ما لو ركب دابّة مغصوبة على الأقوى([484]). وكذا ما كان ضدّاً لواجب وقد تركه وسافر، كما إذا كان مديوناً وسافر، مع مطالبة الدُيّان وإمكان الأداء في الحضر دون السفر. نعم لا يترك الاحتياط بالجمع فيما إذا كان السفر لأجل التوصّل إلى ترك واجب، وإن كان تعيّن الإتمام فيه لا يخلو من قوّة([485]).

(مسألة 16): التابع للجائر يقصّر إن كان مجبوراً في سفره، أو كان قصده دفع مظلمة ونحوه من الأغراض الصحيحة. وأمّا إن كان من قصده إعانته في جوره، أو كان متابعته له معاضدة له في جهة ظلمه، أو تقوية لشوكته مع كون تقويتها محرّمة، وجب عليه التمام.

(مسألة 17): لو كانت غاية السفر طاعةً، ويتبعها داعي المعصية ـ بحيث ينسب السفر إلى الطاعة ـ يقصّر. وأمّا في غير ذلك، ممّا كانت الغاية معصية يتبعها داعي الطاعة، أو كان الداعيان مشتركين ـ بحيث لولا اجتماعهما لم يسافر ـ أو مستقلين، فيتمّ. لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع في غير الصورة الاُولى، أي تبعيّة داعي الطاعة، فإنّه يتمّ بلا إشكال.

(مسألة 18): لو كان ابتداء سفره طاعة، ثمّ قصد المعصية به في الأثناء، فمع تلبّسه بالسير مع قصدها انقطع ترخّصه وإن كان قد قطع مسافات، ولا تجب إعادة ما صلاّه قصراً، ومع عدم تلبّسه به فالأوجه عدم انقطاعه، والأحوط الجمع ما لم يتلبّس به. ثمّ لو عاد إلى قصد الطاعة بعد ضربه في الأرض، فإن كان الباقي مسافة ـ ولو مُلفّقة ـ بأن كان الذهاب إلى المقصد أربعة([486]) أو أزيد، يجب عليه القصر أيضاً. وكذا لو لم يكن الباقي مسافة، لكن مجموع ما مضى مع ما بقي ـ بعد طرح ما تخلّل في البين من المصاحب للمعصية ـ بقدر المسافة، لكن في هذه الصورة الأحوط الأولى ضمّ التمام أيضاً. ولو لم يكن المجموع مسافة إلاّ بضمّ ما تخلّل من المصاحب للمعصية، فوجوب التمام لا يخلو من قوّة. والأحوط الجمع. وإن كان ابتداء سفره معصية ثمّ عدل إلى الطاعة، يقصّر إن كان الباقي مسافة ولو ملفّقة، وإلاّ فالأحوط الجمع وإن كان البقاء على التمام لا يخلو من قوّة.

(مسألة 19): لو كان ابتداء سفره معصية فنوى الصوم، ثمّ عدل إلى الطاعة، فإن كان قبل الزوال وجب الإفطار إن كان الباقي مسافة ولو ملفّقة، وإلاّ صحّ صومه. وإن كان بعده لا يبعد الصحّة، لكن الأحوط الإتمام ثمّ القضاء. ولو كان ابتداؤه طاعة ثمّ عدل إلى المعصية في الأثناء، فإن كان بعد تناول المفطر أو بعد الزوال لم يصحّ منه الصوم، وإن كان قبلهما فصحّته محلّ تأمّل، فلا يترك الاحتياط بالصوم والقضاء.

(مسألة 20): الراجع من سفر المعصية: إن كان بعد التوبة، أو بعد عروض ما يخرج العود عن جزئيّة سفر المعصية ـ كما لو كان محرّكه للرجوع غاية اُخرى مستقلّة، لا الرجوع إلى وطنه ـ يقصّر، وإلاّ فلا يبعد وجوب التمام عليه، والأحوط الجمع.

(مسألة 21): يلحق بسفر المعصية السفر للصيد لهواً، كما يستعمله أبناء الدنيا. وأمّا إن كان للقوت يقصّر. وكذا إذا كان للتجارة بالنسبة إلى الإفطار([487])، وأمّا بالنسبة إلى الصلاة ففيه إشكال، والأحوط الجمع. ولا يلحق به السفر بقصد مجرّد التنزّه، فلا يوجب ذلك التمام.

سادسها: أن لا يكون من الذين بيوتهم معهم، كبعض أهل البوادي الذين يدورون في البراري، وينزلون في محلّ الماء والعشب والكلأ، ولم يتّخذوا مقرّاً معيّناً، ومن هذا القبيل الملاّحون وأصحاب السفن الذين كانت منازلهم فيها معهم، فيجب على أمثال هؤلاء التمام في سيرهم المخصوص. نعم لو سافروا لمقصد آخر ـ من حجّ أو زيارة ونحوهما ـ قصّروا كغيرهم. ولو سار أحدهم لاختيار منزل مخصوص أو لطلب محلّ الماء والعشب مثلاً وكان يبلغ مسافة، ففي وجوب القصر أو التمام عليه إشكال، فلا يُترك الاحتياط بالجمع([488]).

سابعها: أن لا يتّخذ السفر عملاً له، كالمكاري والساعي وأصحاب السيّارات ونحوهم، ومنهم أصحاب السفن والملاّح إذا كان منزلهم خارج السفينة واتّخذوا الملاحة صنعة، وأمّا إذا كان منزلهم معهم فهم من الصنف السابق، فإنّ هؤلاء يتمّون الصلاة في سفرهم، الذي هو عمل لهم وإن استعملوه لأنفسهم لا لغيرهم، كحمل المكاري مثلاً متاعه وأهله من مكان إلى مكان آخر. نعم يقصّرون في السفر الذي ليس عملاً لهم، كما لو فارق الملاّح مثلاً سفينته، وسافر للزيارة أو غيرها.
والمدار([489]) صدق اتخاذ السفر عملاً وشغلاً له. ويتحقّق ذلك بالعزم عليه مع الاشتغال بالسفر مقداراً معتدّاً به، ولا يحتاج في الصدق تكرّر السفر مرّتين أو مرّات. نعم لا يبعد وجوب القصر في السفر الأوّل([490]) مع صدق العناوين أيضاً، وإن كان الأحوط الجمع فيه وفي السفر الثاني، ويتعيّن التمام في الثالث.

(مسألة 22): من كان شغله المكاراة في الصيف دون الشتاء أو بالعكس، فالظاهر أنّه يجب عليه التمام في حال شغله وإن كان الأحوط الجمع. وأمّا مثل «الحملداريّة» الذين يتشاغلون بالسفر في خصوص أشهر الحجّ، فالظاهر وجوب القصر عليهم.

(مسألة 23): يعتبر في استمرار من عمله السفر على التمام، أن لا يُقيم في بلده أو غير بلده عشرة أيّام ولو غير منويّة، وإلاّ انقطع حكم عمليّة السفر وعاد إلى القصر، لكن في السفرة الاُولى خاصّة([491]) دون الثانية، فضلاً عن الثالثة. لكن لا ينبغي ترك الاحتياط ـ بالجمع ـ في السفرة الاُولى لمن أقام في غير بلده عشرة من دون نيّة الإقامة، بل الأحوط الجمع في السفرة الثانية والثالثة ـ أيضاً ـ له مطلقاً ولمن أقام في بلده بنيّة أو بلا نيّة.

(مسألة 24): لو لم يكن شغله السفر، لكن عرض له عارض فسافر أسفاراً عديدة يقصّر، كما لو كان له شغل في بلد، وقد احتاج إلى التردّد إليه مرّات عديدة([492])، بل وكذا فيما إذا كان منزله إلى الحائر الحسيني مثلاً مسافة ونذر، أو بنى على أن يزوره كلّ ليلة جمعة، وكذا فيما إذا كان منزله إلى بلد كان شغله فيه مسافة، ويأتي منه إليه كلّ يوم، فإنّ الظاهر أنّ عليه القصر في السفر والبلد الذي ليس وطنه.

(مسألة 25): ممّن شغله السفر الراعي الذي كان الرعي عمله، سواء كان له مكان مخصوص أو لا، والتاجر الذي يدور في تجارته، ومنه السائح الذي لم يتّخذ وطناً، وكان شغله السياحة، ويمكن إدراجه في العنوان السادس. وكيف كان يجب عليهم التمام.

ثامنها: وصوله إلى محلّ الترخّص، فلا يقصّر قبله. والمراد به: المكان الذي يخفى عليه فيه الأذان، أو يتوارى عنه فيه الجدران وأشكالها لا أشباحها. ولا يُترك الاحتياط في مراعاة حصولهما معاً ([493]). ويعتبر أن يكون الخفاء والتواري المذكوران لأجل البعد لا عوارض اُخر.

(مسألة 26): كما أنّه يعتبر في التقصير الوصول إلى محلّ الترخّص إذا سافر من بلده، فهل يعتبر في السفر من محلّ الإقامة ومن محلّ التردّد ثلاثين يوماً أو لا ؟ فيه تأمّل([494])، فلا يُترك مراعاة الاحتياط فيهما.

(مسألة 27): كما أنّه من شروط القصر في ابتداء السفر الوصول إلى حدّ الترخّص، كذلك عند العود ينقطع حكم السفر([495]) بالوصول إليه، فيجب عليه التمام، والأحوط مراعاة رفع الأمارتين، والأحوط الأولى تأخير الصلاة إلى الدخول في منزله، والجمع بين القصر والتمام إن صلّى بعد الوصول إلى الحدّ. وأمّا بالنسبة إلى المحلّ الذي عزم على الإقامة فيه، فهل يعتبر فيه حدّ الترخّص فينقطع حكم السفر بالوصول إليه أو لا ؟ فيه إشكال، فلا يُترك الاحتياط إمّا بتأخير الصلاة إليه أو الجمع.

(مسألة 28): المدار في عين الرائي واُذُن السامع وصوت المؤذّن والهواء هو المتوسّط المعتدل.

(مسألة 29): الأقوى أنّ الميزان في خفاء الأذان: هو خفاؤه بحيث لا يتميّز بين كونه أذاناً أو غيره، وينبغي الاحتياط فيما إذا تميّز كونه أذاناً، لكن لا يتميّز بين فصوله، وفيما إذا لم يصل إلى حدّ خفاء الصوت رأساً.

(مسألة 30): لو لم يكن هناك بيوت ولاجدران يعتبر التقدير، بل الأحوط([496]) ذلك في مثل بيوت الأعراب ونحوهم ممّن لا جدران لبيوتهم.

(مسألة 31): لو شكّ في البلوغ إلى حدّ الترخّص بنى على عدمه، فيبقى على التمام في الذهاب، وعلى القصر في الإياب، إلاّ إذا استلزم منه محذور، كمخالفة العلم الإجمالي أو التفصيلي ببطلان صلاته، كمن صلّى الظهر تماماً في الذهاب في المكان المذكور، وأراد إتيان العصر في الإياب فيه قصراً ([497]).

(مسألة 32): لو كان في السفينة ونحوها، فشرع في الصلاة قبل حدّ الترخّص بنيّة التمام، ثمّ وصل إليه في الأثناء، فإن كان قبل الدخول في ركوع الركعة الثالثة، أتمّها قصراً، وصحّت صلاته إن كان معتقداً لإتمامها قبل الوصول إلى حدّ الترخّص، وإلاّ فإن وصل إليه قبل الدخول في الركعة الثالثة أتمّها قصراً وصحّت، ومع الدخول فيها فمحلّ إشكال، فالأحوط إتمامها قصراً ثمّ إعادتها تماماً، أو تماماً ثمّ الإعادة قصراً. كما أنّه لو وصل إليه بعد الدخول في الركوع فمحلّ إشكال، فلا يُترك الاحتياط بإتمامها تماماً ثمّ إعادتها قصراً. ولو كان في حال العود، وشرع في الصلاة بنيّة القصر قبل الوصول إلى الحدّ، ثمّ وصل إليه في الأثناء، أتمّها تماماً وصحّت.

القول في قواطع السفر

وهي اُمور:

أحدها: الوطن، فينقطع السفر بالمرور عليه، ويحتاج في القصر بعده إلى قصد مسافة جديدة، سواء كان وطنه الأصلي ومسقط رأسه أو المستجدّ ـ وهو المكان الذي اتخذه مسكناً ومقرّاً له دائماً ـ ولا يعتبر فيه حصول ملك ولا إقامة ستّة أشهر. نعم يعتبر في المستجدّ الإقامة فيه بمقدار يصدق عرفاً أنّه وطنه ومسكنه، بل قد يصدق الوطن([498]) بواسطة طول الإقامة، إذا أقام في بلد بلا نيّة للإقامة دائماً ولا نيّة تركها.

(مسألة 1): لو أعرض عن وطنه الأصلي أو المستجدّ وتوطّن في غيره، فإن لم يكن له فيه ملك، أو كان ولم يكن قابلاً للسُّكنى، أو كان ولم يسكن فيه ستّة أشهر بقصد التوطّن الأبدي، يزول عنه حكم الوطنيّة. وأمّا إذا كان له ملك وقد سكن فيه ستّة أشهر، بعد اتّخاذه وطناً دائماً، أو كونه وطناً أصليّاً، فالمشهور على أنّه بحكم الوطن الفعلي، ويسمّونه بالوطن الشرعي، فيوجبون عليه التمام بالمرور عليه مادام ملكه باقياً فيه، بل قال بعضهم: بوجوب التمام إذا كان له فيه ملك غير قابل للسكنى ولو نخلة ونحوها، بل فيما إذا سكن ستّة أشهر ولو لم يكن بقصد التوطّن دائماً، بل بقصد التجارة مثلاً. والأقوى خلاف ذلك كلّه، فلا يجري حكم الوطن فيما ذكر كلّه. ويزول حكم الوطن مطلقاً بالإعراض، وإن كان الأحوط الجمع بين إجراء حكم الوطن وغيره فيها، خصوصاً الصورة الاُولى.

(مسألة 2): يمكن أن يكون للإنسان وطنان فعليّان في زمان واحد، بأن جعل بلدين مسكناً له دائماً، فيقيم في كلّ منهما ستّة أشهر مثلاً في كلّ سنة. وأمّا الزائد عليهما فمحلّ إشكال لابدّ من مراعاة الاحتياط([499]).

(مسألة 3): الظاهر أنّ التابع ـ الذي لا استقلال له في الإرادة والتعيّش ـ تابع لمتبوعه في الوطن، فيعدّ وطنه وطنه، سواء كان صغيراً ـ كما هو الغالب ـ أو كبيراً شرعاً، كما قد يتّفق للولد الذكر وكثيرأمّا للاُنثى، خصوصاً في أوائل البلوغ، والميزان هو التبعيّة وعدم الاستقلال، فربما يكون الصغير المميّز مستقلاّ في الإرادة والتعيّش، كما ربما لا يستقلّ الكبير الشرعي. ولا يختصّ ذلك بالآباء والأولاد، بل المناط هو التبعيّة وإن كانت لسائر القرابات أو للأجنبي أيضاً. هذا كلّه في الوطن المستجدّ. وأمّا الأصلي ففي تحقّقه لا يحتاج إلى الإرادة، وليس اتّخاذيّاً إراديّاً، لكن في الإعراض ـ الذي يحصل بالإعراض العملي ـ يأتي الكلام المتقدّم فيه.

(مسألة 4): لو تردّد في المهاجرة عن الوطن الأصلي، فالظاهر بقاؤه على الوطنيّة ما لم يتحقّق الخروج والإعراض عنه، وأمّا في الوطن المستجدّ فلا إشكال في زواله، إن كان ذلك قبل أن يبقى فيه مقداراً يتوقّف عليه صدق الوطن عرفاً، وإن كان بعد ذلك فالأحوط الجمع بين أحكام الوطن وغيره، وإن كان الأقوى بقاؤه على الوطنية أيضاً.

الثاني من قواطع السفر: العزم على إقامة عشرة أيّام متواليات، أو العلم ببقائه كذلك وإن كان لا عن اختياره.

(مسألة 5): الليالي المتوسّطة داخلة في العشرة، دون الليلة الاُولى والأخيرة، فيكفي عشرة أيّام وتسع ليال، ويكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر على الأقوى، كما إذا نوى المقام عند الزوال من اليوم الأوّل إلى الزوال من اليوم الحادي عشر. ومبدأ اليوم طلوع الفجر الثاني على الأقوى، فلو دخل حين طلوع الشمس، كان انتهاء العشرة طلوع الشمس من الحادي عشر، لا غروب الشمس من العاشر.

(مسألة 6): يشترط وحدة محلّ الإقامة، فلو قصد الإقامة في أمكنة متعدّدة عشرة أيّام لم ينقطع حكم السفر، كما إذا عزم على الإقامة عشرة أيّام في النجف والكوفة معاً. نعم لا يضرّ بوحدة المحلّ فصل مثل الشطّ ونحوه، بعد كون المجموع بلداً واحداً كجانبي بغداد وإسلامبول، فلو قصد الإقامة في مجموع الجانبين يكفي في انقطاع حكم السفر.

(مسألة 7): لا يعتبر في نيّة الإقامة قصد عدم الخروج عن خطّة سور البلد، بل لو قصد حال نيّتها الخروج إلى بعض بساتينها ومزارعها، جرى عليه حكم المقيم، بل لو كان من نيّته الخروج عن حدّ الترخّص، بل إلى ما دون الأربعة، أيضاً لا يضرّ إذا كان من قصده الرجوع قريباً، بأن كان مكثه مقدار ساعة أو ساعتين مثلاً بحيث لا يخرج به عن صدق إقامة عشرة أيّام في ذلك البلد عرفاً، وأمّا الزائد على ذلك ففيه إشكال([500])، خصوصاً إذا كان من قصده المبيت.

(مسألة 8): لا يكفي القصد الإجمالي في تحقّق الإقامة، فالتابع للغير ـ كالزوجة والرفيق ـ إن كان قاصداً للمقام بمقدار ما قصده المتبوع، لا يكفي وإن كان المتبوع قاصداً لإقامة العشرة، إذا لم يدرِ من أوّل الأمر مقدار قصده، فإذا تبيّن له بعد أيّام أنّه كان قاصداً للعشرة يبقى على القصر، إلاّ إذا نوى بعد ذلك بقاء عشرة أيّام، بل لو كان قاصداً للمقام إلى آخر الشهر أو إلى يوم العيد مثلاً وكان في الواقع عشرة أيّام ولم يكن عالماً به حين القصد، لا يبعد عدم كفايته ووجوب القصر عليه، ولكن لا يُترك الاحتياط ما أمكن.
(مسألة 9): لو عزم على الإقامة ثمّ عدل عن قصده، فإن صلّى مع العزم المذكور رباعيّة بتمام، بقي على التمام مادام في ذلك المكان، ولو كان من قصده الارتحال بعد ساعة أو ساعتين، وإن لم يصلِّ أو صلّى صلاة ليس فيها تقصير ـ كالصبح ـ يرجع بعد العدول إلى القصر، ولو صلّى رباعيّة تماماً مع الغفلة عن عزمه على الإقامة، أو صلاّها تماماً لشرف البقعة بعد الغفلة عن نيّة الإقامة، فلا يُترك الاحتياط بالجمع، وإن كان تعيُّنُ القصر([501]) فيهما لا يخلو من وجه.

(مسألة 10): لو فاتته الصلاة على وجه يجب عليه قضاؤها، فقضاها تماماً، ثمّ عدل عن نيّة الإقامة، بقي على حكم التمام على إشكال([502])، والأحوط الجمع. وأمّا إن عدل عنها قبل قضائها فالظاهر العود إلى القصر.

(مسألة 11): لو عزم على الإقامة فنوى الصوم، ثمّ عدل بعد الزوال قبل إتيان الصلاة تماماً، رجع إلى القصر في صلاته، لكن صحّ صومه، فهو كمن صام ثمّ سافر بعد الزوال.

(مسألة 12): لا فرق في العدول عن قصد الإقامة، بين أن يعزم على عدمها، أو يتردّد فيها، في أنّه لو كان بعد الصلاة تماماً بقي على التمام، ولو كان قبله رجع إلى القصر.

(مسألة 13): إذا تمّت العشرة لا يحتاج البقاء على التمام إلى قصد إقامة جديدة، فما دام لم يُنشئ سفراً جديداً يبقى على التمام.

(مسألة 14): لو قصد الإقامة واستقرّ حكم التمام بإتيان صلاة واحدة بتمام، ثمّ خرج إلى ما دون المسافة، وكان من نيّته العود إلى مكان الإقامة، من حيث إنّه مكان إقامته ـ بأن كان رحله باقياً فيه ـ ولم يعرض عنه، فإن كان من نيّته مقام عشرة أيّام فيه بعد العود إليه، فلا إشكال في بقائه على التمام. وإن لم يكن من نيّته ذلك سواء كان متردّداً، أو ناوياً للعدم ـ فالأقوى أيضاً ـ البقاء على التمام في الذهاب والمقصد والإياب ومحلّ الإقامة، ما لم يُنشئ سفراً جديداً، خصوصاً إذا كان المقصد في طريق بلده، والأحوط الجمع خصوصاً في الإياب ومحلّ الإقامة، وبالأخصّ فيما إذا كان محلّ الإقامة في طريق بلده. نعم لو كان مُنشئاً للسفر من حين الخروج عن محلّ الإقامة، وكان ناوياً للعود إليه، من حيث إنّه أحد منازله في سفره الجديد، كان حكمه وجوب القصر في العود ومحلّ الإقامة([503])، وأمّا في الذهاب والمقصد فمحلّ إشكال، لا يُترك الاحتياط بالجمع، وإن لا يبعد وجوب التمام فيهما. هذا كلّه فيما إذا لم يكن من نيّته الخروج ـ في أثناء العشرة ـ إلى ما دون المسافة من أوّل الأمر، وإلاّ فقد مرّ([504]) أنّه إن كان من قصده العود قريباً جدّاً يكون حكمه التمام، وإلاّ ففيه إشكال([505]). ولو خرج إلى ما دون المسافة، وكان متردّداً في العود إلى محلّ الإقامة وعدمه أو ذاهلاً عنه، فالاحتياط بالجمع بين القصر والتمام لا ينبغي تركه، وإن كان الأقوى البقاء على التمام ما لم يُنشئ سفراً جديداً.

(مسألة 15): لو بدا للمقيم السفر، ثمّ بدا له العود إلى محلّ الإقامة والبقاء عشرة أيّام، فإن كان ذلك بعد بلوغ أربعة فراسخ قصّر في الذهاب والمقصد والعود، وإن كان قبله، قصّر حال الخروج بعد التجاوز عن حدّ الترخّص إلى حال العزم على العود، ولا يجب عليه قضاء ما صلّى قصراً. وأمّا حال العزم فالأحوط الجمع وإن كان البقاء على القصر أقرب([506]). وكذا إذا بدا له العود بدون إقامة جديدة بقي على القصر حتّى في محلّ الإقامة.

(مسألة 16): لو دخل في الصلاة بنيّة القصر ثمّ بدا له الإقامة في أثنائها أتمّها، ولو نوى الإقامة ودخل فيها بنيّة التمام ثمّ عدل عنها في الأثناء، فإن كان قبل الدخول في ركوع الثالثة أتمّها قصراً، وإن كان بعده قبل الفراغ عن الصلاة، فالأقوى بطلان صلاته والرجوع إلى القصر، وإن كان الأحوط إتمامها تماماً ثمّ إعادتها قصراً والجمع بينهما ما لم يسافر.

الثالث من القواطع: البقاء ثلاثين يوماً في مكان متردّداً، ويُلحق بالتردّد ما إذا عزم على الخروج غداً أو بعده ولم يخرج، وهكذا إلى أن يمضي ثلاثون يوماً، بل يلحق به ـ أيضاً ـ إذا عزم على الإقامة تسعة أيّام مثلاً ثمّ بعدها عزم على إقامة تسعة اُخرى وهكذا، فيقصّر إلى ثلاثين يوماً، ثمّ يتمّ وإن لم يبقَ إلاّ مقدار صلاة واحدة.

(مسألة 17): الظاهر إلحاق الشهر الهلالي بثلاثين يوماً إن كان تردّده من أوّل الشهر.

(مسألة 18): يشترط اتّحاد مكان التردّد كمحلّ الإقامة، فمع التعدّد لا ينقطع حكم السفر.

(مسألة 19): حكمُ المتردّد المستقرّ عليه التمام بعد ثلاثين يوماً، إذا خرج عن مكان التردّد إلى ما دون المسافة، وكان من نيّته العود إلى ذلك المكان، حكمُ العازم على الإقامة، وقد مرّ حكمه.

(مسألة 20): لو تردّد في مكان تسعة وعشرين مثلاً أو أقلّ، ثمّ سافر إلى مكان آخر وبقي متردّداً فيه كذلك، بقي على القصر مادام كذلك إلاّ إذا نوى الإقامة بمكان أو بقي متردّداً ثلاثين يوماً.

القول في أحكام المسافر

قد عرفت: أنّه تسقط عن المسافر بعد تحقّق الشرائط ركعتان من الظهرين والعشاء، كما أنّه تسقط عنه نوافل الظهرين، ويبقى سائر النوافل، والأحوط الإتيان بالوتيرة رجاءً([507]).

(مسألة 1): لو صلّى المسافر بعد تحقّق شرائط القصر تماماً، فإن كان عالماً بالحكم والموضوع بطلت صلاته وأعادها في الوقت وخارجه، وإن كان جاهلاً بأصل الحكم ـ وأنّ حكم المسافر التقصير ـ لم يجب عليه الإعادة، فضلاً عن القضاء([508])، وإن كان عالماً بأصل الحكم وجاهلاً ببعض الخصوصيّات، مثل جهله بأنّ السفر إلى أربعة فراسخ مع قصد الرجوع يوجب القصر، أو أنّ من شغله السفر([509]) إذا أقام ببلده عشرة أيّام، يجب عليه القصر في السفر الأوّل، ونحو ذلك، فأتمّ، وجبت عليه الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه. وكذا إذا كان عالماً بالحكم جاهلاً بالموضوع، كما إذا تخيّل عدم كون مقصده مسافة فأتمّ مع كونه مسافة. وأمّا إذا كان ناسياً لسفره فأتمّ، فإن تذكّر في الوقت وجبت عليه الإعادة، وإن تذكّر في خارجه لا يجب عليه القضاء.

(مسألة 2): يُلحق الصوم بالصلاة فيما ذُكر على الأقوى، فيبطل مع العلم والعمد، ويصحّ مع الجهل بأصل الحكم، دون خصوصيّاته ودون الجهل بالموضوع. نعم لا يلحق بها في النسيان، فمعه يجب عليه القضاء.

(مسألة 3): لو قصّر من كانت وظيفته التمام بطلت صلاته([510]) مطلقاً، حتّى المقيم المقصّر للجهل بأنّ حكمه التمام.

(مسألة 4): لو تذكّر الناسي للسفر في أثناء الصلاة، فإن كان قبل الدخول في ركوع الركعة الثالثة، أتمّ الصلاة قصراً واجتزأ بها، وإن تذكّر بعد ذلك بطلت، ووجبت عليه الإعادة مع سعة الوقت ولو بإدراك ركعة منه.

(مسألة 5): لو دخل الوقت وهو حاضر متمكّن من فعل الصلاة، ثمّ سافر قبل أن يصلّي حتّى تجاوز محلّ الترخّص والوقت باق قصّر، ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالإتمام أيضاً، ولو دخل الوقت وهو مسافر فحضر قبل أن يصلّي والوقت باق أتمّ، والأحوط القصر أيضاً.

(مسألة 6): لو فاتت منه الصلاة في الحضر، يجب عليه قضاؤها تماماً ولو في السفر. كما أنّه لو فاتت منه في السفر، يجب قضاؤها قصراً ولو في الحضر.

(مسألة 7): إن فاتت منه الصلاة، وكان في أوّل الوقت حاضراً وفي آخره مسافراً أو بالعكس، فالأقوى مراعاة حال الفوت في القضاء وهو آخر الوقت، فيقضي في الأوّل قصراً وفي الثاني تماماً، لكن لا ينبغي له ترك الاحتياط بالجمع.

(مسألة 8): يتخيّر المسافر مع عدم قصد الإقامة بين القصر والإتمام في الأماكن الأربعة: وهي المسجد الحرام، ومسجد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ومسجد الكوفة، والحائر الحسيني على مشرّفه السلام، والإتمام أفضل. وفي إلحاق بلدي مكّة والمدينة بمسجديهما تأمّل([511])، فلا يُترك الاحتياط باختيار القصر. ولا يُلحق بها سائر المساجد والمشاهد. ولا فرق في تلك المساجد بين السطوح والصحن والمواضع المنخفضة، كبيت الطشت في مسجد الكوفة، والأقوى دخول تمام الروضة الشريفة في الحائر، فيمتدّ من طرف الرأس إلى الشُّبّاك المتّصل بالرّواق، ومن طرف الرِّجل إلى الباب المتّصل بالرّواق، ومن الخلف إلى حدّ المسجد، ودخول المسجد والرّواق الشريف فيه أيضاً لا يخلو من قُوّة، لكن الاحتياط بالقصر لا ينبغي تركه.

(مسألة 9): التخيير في هذه الأماكن الشريفة استمراريّ، فيجوز لمن شرع في الصلاة بنيّة القصر، العدولُ إلى التمام وبالعكس ما لم يتجاوز محلّ العدول، بل لا بأس بأن ينوي الصلاة، من غير تعيين للقصر والإتمام من أوّل الأمر، فيختار أحدهما بعده.

(مسألة 10): لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المزبور، فلا يصحّ له الصوم فيها ما لم ينوِ الإقامة أو لم يبقَ ثلاثين متردّداً.

(مسألة 11): يُستحبّ أن يقول عقيب كلّ صلاة مقصورة ثلاثين مرّة: «سُبحان اللهِ والحمدُ للهِ وَلا إلهَ إلاّ اللهُ وَاللهُ أكبر».

فصل في صلاة الجماعة

وهي من المستحبّات الأكيدة في جميع الفرائض خصوصاً اليوميّة، ويتأكّد في الصبح والعشاءين، ولها ثواب عظيم. وليست واجبة بالأصل ـ لا شرعاً ولا شرطاً ـ إلاّ في الجُمعة مع الشرائط المذكورة في محلّها. ولا تشرع في شيء من النوافل الأصليّة، وإن وجبت بالعارض بنذر ونحوه، عدا صلاة الاستسقاء. وقد مرّ: أنّ الأحوط في صلاة العيدين الإتيان بها فُرادى، ولا بأس بالجماعة رجاءً([512]).

(مسألة 1): لا يشترط في صحّة الجماعة اتّحاد صلاة الإمام والمأموم نوعاً أو كيفيّة، فيأتمّ مصلّي اليوميّة ـ أيّ صلاة كانت ـ بمصلّيها كذلك، وإن اختلفتا في القصر والإتمام أو الأداء والقضاء. وكذا مصلّي الآية بمصلّيها وإن اختلفت الآيتان. نعم لا يجوز اقتداء مصلّي اليومية بمصلّي العيدين والآيات والأموات، بل وصلاة الاحتياط والطواف وبالعكس([513]). وكذا لا يجوز الاقتداء في كلّ من الخمس بعضها ببعض. بل مشروعيّة الجماعة في صلاة الطواف وكذا صلاة الاحتياط محلّ إشكال([514]).

(مسألة 2): أقلّ عدد تنعقد به الجماعة ـ في غير الجمعة والعيدين ـ اثنان أحدهما الإمام، سواء كان المأموم رجلاً أو امرأة، بل أو صبيّاً مميّزاً على الأقوى.

(مسألة 3): لا يعتبر في انعقاد الجماعة في غير الجمعة والعيدين وبعض فروع المعادة ـ بناء على المشروعيّة ـ نيّةُ الإمام الجماعةَ والإمامةَ([515])، وإن توقّف حصول الثواب في حقّه عليها. وأمّا المأموم فلابدّ له من نيّة الاقتداء، فلو لم ينوِهِ لم تنعقد وإن تابع الإمام في الأفعال والأقوال. ويجب وحدة الإمام، فلو نوى الاقتداء بالاثنين لم تنعقد ولو كانا متقارنين. وكذا يجب تعيين الإمام بالاسم أو الوصف أو الإشارة الذهنيّة أو الخارجيّة، كأن ينوي الاقتداء بهذا الحاضر ولو لم يعرفه بوجه، مع علمه بكونه عادلاً صالحاً للاقتداء، فلو نوى الاقتداء بأحد هذين، لم تنعقد وإن كان من قصده تعيين أحدهما بعد ذلك.

(مسألة 4): لو شكّ في أنّه نوى الاقتداء أم لا، بنى على العدم وإن علم أنّه قام بنيّة الدخول في الجماعة، بل وإن كان على هيئة الائتمام. نعم لو كان مشتغلاً بشيء من أفعال المؤتمّين ـ ولو مثل الإنصات المستحبّ في الجماعة ـ بنى عليه.

(مسألة 5): لو نوى الاقتداء بشخص على أنّه زيد، فبان أنّه عمرو، فإن لم يكن عمرو عادلاً بطلت جماعته([516]) وصلاته إن زاد ركناً بتوهّم الاقتداء، وإلاّ فصحّتها لا تخلو عن قوّة، والأحوط الإتمام ثمّ الإعادة. وإن كان عادلاً فالأقوى صحّة صلاته وجماعته، سواء كان من قصده الاقتداء بزيد وتخيّل أنّ الحاضر هو زيد، أو من قصده الاقتداء بهذا الحاضر ولكن تخيّل أنّه زيد. والأحوط الإتمام والإعادة في الصورة الاُولى إن خالفت صلاة المنفرد.

(مسألة 6): لا يجوز للمنفرد العدول إلى الائتمام في الأثناء على الأحوط([517]).

(مسألة 7): الظاهر جواز العدول من الائتمام إلى الانفراد ـ ولو اختياراً ـ في جميع أحوال الصلاة([518]) وإن كان من نيّته ذلك في أوّل الصلاة، لكن الأحوط عدم العدول إلاّ لضرورة ولو دنيويّة، خصوصاً في الصورة الثانية.

(مسألة 8): لو نوى الانفراد بعد قراءة الإمام قبل الركوع لا تجب عليه القراءة، بل لو كان في أثناء القراءة تكفيه بعد نيّة الانفراد قراءة ما بقي منها، وإن كان الأحوط استئنافها بقصد القُربة والرجاء، خصوصاً في الصورة الثانية.

(مسألة 9): لو نوى الانفراد في الأثناء لا يجوز له العود إلى الائتمام على الأحوط.

(مسألة 10): لو أدرك الإمام في الركوع قبل أن يرفع رأسه منه([519]) ولو بعد الذكر، أو أدركه قبله ولم يدخل في الصلاة إلى أن ركع، جاز له الدخول معه، وتحسب له ركعة. وهو منتهى ما يُدرك به الركعة في ابتداء الجماعة، فإدراك الركعة في ابتداء الجماعة يتوقّف على إدراك ركوع الإمام قبل الشروع في رفع رأسه. وأمّا في الركعات الاُخر فلا يضرّ عدم إدراك الركوع مع الإمام، بأن ركع بعد رفع رأسه منه، لكن بشرط أن يُدرك بعض الركعة قبل الركوع، وإلاّ ففيه إشكال([520]).

(مسألة 11): الظاهر أنّه إذا دخل في الجماعة في أوّل الركعة أو في أثناء القراءة، واتّفق تأخّره عن الإمام في الركوع وما لحق به فيه، صحّت صلاته وجماعته، وتحسب له ركعة. وما ذكرناه في المسألة السابقة، مختصّ بما إذا دخل في الجماعة في حال ركوع الإمام، أو قبله بعد تمام القراءة.

(مسألة 12): لو ركع بتخيّل أنّه يدرك الإمام راكعاً ولم يُدركه، أو شكّ في إدراكه وعدمه، فلا تبعد صحّة صلاته فُرادى، والأحوط الإتمام والإعادة.

(مسألة 13): لا بأس بالدخول في الجماعة بقصد الركوع مع الإمام رجاءً، مع عدم الاطمئنان بإدراكه على الأقوى، فإن أدركه صحّت صلاته، وإلاّ بطلت لو ركع، كما لا بأس بأن يكبّر للإحرام بقصد أنّه إن أدركه لحق، وإلاّ انفرد قبل الركوع، أو انتظر الركعة الثانية بالشرط الآتي في المسألة اللاحقة.

(مسألة 14): لو نوى الائتمام وكبّر فرفع الإمام رأسه قبل أن يركع، لزمه الانفراد أو انتظار الإمام قائماً إلى الركعة الاُخرى، فيجعلها الاُولى له، بشرط أن لا يكون الإمام بطيئاً في صلاته، بحيث يخرج به عن صدق القدوة، وإلاّ فلا يجوز الانتظار.

(مسألة 15): لو أدرك الإمام في السجدة الاُولى أو الثانية من الركعة الأخيرة، وأراد إدراك فضل الجماعة نوى وكبّر وسجد معه السجدة أو السجدتين وتشهّد، ثمّ يقوم بعد تسليم الإمام، ولا يترك الاحتياط بأن يتمّ الصلاة ويعيدها، وإن كان الاكتفاء بالنية والتكبير وإلقاء ما زاد تبعاً للإمام وصحّة صلاته، لا تخلو من وجه. والأولى عدم الدخول في هذه الجماعة. ولو أدركه في التشهّد الأخير يجوز له الدخول معه، بأن ينوي ويكبّر ثمّ يجلس معه ويتشهّد، فإذا سلّم الإمام يقوم فيصلّي، ويكتفي بتلك النيّة وذلك التكبير، ويحصل له بذلك فضل الجماعة وإن لم يدرك ركعة.

القول في شرائط الجماعة
وهي ـ مضافاً إلى ما مرّ ـ اُمور:

الأوّل: أن لا يكون بين المأموم والإمام، أو بين بعض المأمومين مع بعض آخر ـ ممّن يكون واسطة في اتّصاله بالإمام ـ حائل([521]) يمنع المشاهدة. هذا إذا كان المأموم رجلاً. وأمّا المرأة: فإن اقتدت بالرجل([522]) فلا بأس بالحائل بينها وبينه، ولا بينها وبين الرجال المأمومين. وأمّا بينها وبين النساء ممّن تكون واسطة في اتّصالها، وكذا بينها وبين الإمام إذا كان امرأة ـ على فرض المشروعيّة ـ فمحلّ إشكال.

الثاني: أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأمومين إلاّ يسيراً، والأحوط الاقتصار على المقدار الذي لا يرى العرف أنّه أرفع منهم ولو مسامحة. ولا بأس بعُلوّ المأموم على الإمام ولو بكثير، لكن كثرة متعارفة كسطح الدكّان والبيت([523])، لا كالأبنية العالية المتداولة في هذا العصر([524]) على الأحوط.

الثالث: أن لا يتباعد المأموم عن الإمام ـ أو عن الصفّ المتقدّم عليه ـ بما يكون كثيراً في العادة، والأحوط أن لا يكون بين مسجد المأموم وموقف الإمام ـ أو بين مسجد اللاحق وموقف السابق ـ أزيد من مقدار الخطوة المتعارفة، وأحوط منه أن يكون مسجد اللاحق وراء موقف السابق بلا فصل.

الرابع: أن لا يتقدّم المأموم على الإمام في الموقف، والأحوط تأخّره عنه ولو يسيراً ([525]). ولا يضرّ تقدّم المأموم في ركوعه وسجوده ـ لطول قامته ـ بعد عدم تقدّمه في الموقف، وإن كان الأحوط مراعاته في جميع الأحوال، خصوصاً حال الجلوس بالنسبة إلى ركبتيه.
(مسألة 1): ليس من الحائل الظلمةُ والغبارُ المانعان من المشاهدة، وكذا نحو النهر والطريق إن لم يكن فيه بُعد ممنوع في الجماعة، بل الظاهر([526]) عدم كون الشُّبّاك أيضاً منه، إلاّ مع ضيق الثقب بحيث يصدق عليه السترة والجدار، وأمّا الزجاج الحاكي عن ورائه فعدم كونه منه لا يخلو من قرب، والأحوط الاجتناب.

(مسألة 2): لا بأس بالحائل القصير، الذي لا يمنع المشاهدة في أحوال الصلاة([527])، وإن كان مانعاً منها حال السجود ـ كمقدار شبر وأزيد ـ لو لم يكن مانعاً حال الجلوس، وإلاّ ففيه إشكال لا يُترك فيه الاحتياط.

(مسألة 3): لا يقدح حيلولة المأمومين المتقدّمين ـ وإن لم يدخلوا في الصلاة ـ إذا كانوا متهيّئين مُشرِفين على العمل([528])، كما لا يقدح عدم مشاهدة بعض أهل الصفّ الأوّل أو أكثرهم للإمام، إن كان ذلك من جهة استطالة الصفّ، وكذا عدم مشاهدة بعض أهل الصفّ الثاني للصفّ الأوّل، إن كان من جهة أطوليّته من الأوّل.

(مسألة 4): لو وصلت الصفوف إلى باب المسجد مثلاً ووقف صفّ أو صفوف في خارج المسجد، بحيث وقف واحد منهم مثلاً بحيال الباب والباقون في جانبيه، فالأحوط بطلان صلاة من على جانبيه من الصفّ الأوّل، ممّن كان بينهم وبين الإمام أو الصفّ المتقدّم حائل([529])، بل البطلان لا يخلو من قوّة، وكذا الحال في المحراب الداخل، نعم تصحّ صلاة الصفوف المتأخّرة أجمع.

(مسألة 5): لو تجدّد الحائل أو البعد في الأثناء فالأقوى كونه كالابتداء، فتبطل الجماعة ويصير منفرداً.

(مسألة 6): لا بأس بالحائل غير المستقرّ كمرور إنسان أو حيوان. نعم لو اتّصلت المارّة لا يجوز وإن كانوا غير مستقرّين.

(مسألة 7): لو تمّت صلاة أهل الصفّ المتقدّم، يُشكِل بقاء اقتداء المتأخّر وإن عادوا إلى الجماعة بلا فصل، فلا يُترك الاحتياط بالعدول إلى الانفراد([530]).

(مسألة 8): إن علم ببطلان صلاة أهل الصفّ المتقدّم، تبطل جماعة المتأخّر لو حصل الفصل أو الحيلولة. نعم مع الجهل بحالهم تُحمل على الصحّة، وإن كانت صلاتهم صحيحة بحسب تقليدهم، وباطلة بحسب تقليد أهل الصفّ المتأخّر، يشكل([531]) دخوله فيها مع الفصل أو الحيلولة.

(مسألة 9): يجوز لأهل الصفّ المتأخّر الإحرام قبل المتقدّم، إذا كانوا قائمين متهيّئين للإحرام تهيُّؤاً مُشرِفاً على العمل([532]).

القول في أحكام الجماعة
الأقوى وجوب ترك المأموم القراءة في الركعتين الاُوليين من الإخفاتيّة، وكذا في الاُوليين من الجهريّة لو سمع صوت الإمام ولو هَمهَمته، وإن لم يسمع حتّى الهمهمة جاز ـ بل استُحِبّ ـ له القراءة. والأحوط في الأخيرتين من الجهريّة تركه القراءة لو سمع قراءته وأتى بالتسبيح، وأمّا في الإخفاتيّة فهو كالمنفرد فيهما، يجب عليه القراءة أو التسبيح مخيّراً بينهما ; سمع قراءة الإمام أو لم يسمع.

(مسألة 1): لا فرق بين كون عدم السماع للبُعد أو لكثرة الأصوات أو للصَّمم أو لغير ذلك.

(مسألة 2): لو سمع بعض قراءةِ الإمام دون بعض، فالأحوط ترك القراءة مطلقاً.

(مسألة 3): لو شكّ في السماع وعدمه أو أنّ المسموع صوت الإمام أو غيره، فالأحوط ترك القراءة وإن كان الأقوى جوازها([533]).

(مسألة 4): لا يجب على المأموم الطمأنينة حال قراءة الإمام وإن كان الأحوط ذلك، وكذا لا تجب عليه المبادرة إلى القيام حال قراءته في الركعة الثانية، فيجوز أن يُطيل سجوده، ويقوم بعد أن قرأ الإمام بعض القراءة ; لو لم ينجرّ إلى التأخّر الفاحش.

(مسألة 5): لا يتحمّل الإمام عن المأموم شيئاً غير القراءة في الاُوليين إذا ائتمّ به فيهما، وأمّا في الأخيرتين فهو كالمنفرد، وإن قرأ الإمام فيهما الحمد وسمع المأموم، مع التحفّظ على الاحتياط المتقدّم في صدر الباب، ولو لم يدرك الاُوليين وجب عليه القراءة فيهما لأنّهما أولتا صلاته، وإن لم يمهله الإمام لإتمامها اقتصر على الحمد وترك السورة ولحق به في الركوع، وإن لم يمهله لإتمامه أيضاً فالأقوى جواز إتمام القراءة واللحوق بالسجود، ولعلّه أحوط أيضاً، وإن كان قصد الانفراد جائزاً.

(مسألة 6): لو أدرك الإمام في الركعة الثانية تحمّل عنه القراءة فيها، ويتابع الإمام في القنوت والتشهّد، والأحوط التجافي فيه، ثمّ بعد القيام إلى الثانية تجب عليه القراءة فيها ; لكونها ثالثة الإمام، سواء قرأ الإمام فيها الحمد أو التسبيح.

(مسألة 7): إذا قرأ المأموم خلف الإمام وجوباً ـ كما إذا كان مسبوقاً بركعة أو ركعتين ـ أو استحباباً ـ كما في الاُوليين من الجهريّة ـ إذا لم يسمع صوت الإمام يجب عليه الإخفات وإن كانت الصلاة جهريّة.

(مسألة 8): لو أدرك الإمام في الأخيرتين، فدخل في الصلاة معه قبل ركوعه، وجبت عليه القراءة، وإن لم يُمهله ترك السورة، ولو علم أنّه لو دخل معه لم يمهله لإتمام الفاتحة، فالأحوط عدم الدخول إلاّ بعد ركوعه([534])، فيحرم ويركع معه، وليس عليه القراءة حينئذ.

(مسألة 9): تجب على المأموم متابعة الإمام في الأفعال، بمعنى أن لا يتقدّم فيها عليه ولا يتأخّر عنه تأخّراً فاحشاً. وأمّا في الأقوال فالأقوى عدم وجوبها عدا تكبيرة الإحرام، فإنّ الواجب فيها عدم التقدّم والتقارن، والأحوط عدم الشروع فيها قبل تماميّة تكبيرة الإمام، من غير فرق فيما ذُكر بين المسموع من الأقوال وغيره، وإن كانت أحوط في المسموع وفي خصوص التسليم. ولو ترك المتابعة فيما وجبت فيه عصى، ولكن صحّت صلاته وجماعته ـ أيضاً ـ إلاّ فيما إذا ركع حال اشتغال الإمام بالقراءة في الاُوليين منه ومن المأموم، فإنّ صحّة صلاته ـ فضلاً عن جماعته ـ مشكلة بل ممنوعة، كما أنّه لو تقدّم أو تأخّر فاحشاً ـ على وجه ذهبت هيئة الجماعة ـ بطلت جماعته فيما صحّت صلاته.

(مسألة 10): لو أحرم قبل الإمام سهواً أو بزعم تكبيره كان منفرداً، فإن أراد الجماعة عدل إلى النافلة وأتمّها ركعتين.

(مسألة 11): لو رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام سهواً، أو لزعم رفع رأسه، وجب عليه العود والمتابعة، ولا يضرّ زيادة الرُّكن حينئذ، وإن لم يَعُد أثم وصحّت صلاته إن كان آتياً بذكرهما وسائر واجباتهما، وإلاّ فالأحوط البطلان([535])، وأحوط منه الإتمام ثمّ الإعادة. ولو رفع رأسه قبله عامداً أثم وصحّت صلاته ; لو كان ذلك بعد الذكر وسائر الواجبات، وإلاّ بطلت صلاته إن كان الترك عمداً. ومع الرفع عمداً لا يجوز له المتابعة، فإن تابع عمداً بطلت صلاته للزيادة العمديّة، وإن تابع سهواً فكذلك لو زاد ركناً.

(مسألة 12): لو رفع رأسه من الركوع قبل الإمام سهواً، ثمّ عاد إليه للمتابعة، فرفع الإمام رأسه قبل وصوله إلى حدّ الركوع، لا يبعد بطلان صلاته، والأحوط الإتمام ثمّ الإعادة.

(مسألة 13): لو رفع رأسه من السجود فرأى الإمام في السجدة، فتخيّل أنّها الاُولى، فعاد إليها بقصد المتابعة، فبان كونها الثانية، ففي احتسابها ثانية إشكال([536]) لا يُترك الاحتياط بالإتمام والإعادة. ولو تخيّل أنّها الثانية فسجد اُخرى بقصدها فبان أنّها الاُولى، حُسبت ثانية، فله قصد الانفراد والإتمام، ولا يبعد جواز المتابعة في السجدة الثانية وجواز الاستمرار إلى اللحوق بالإمام، والأوّل أحوط، كما أنّه مع المتابعة إعادة الصلاة أحوط.

(مسألة 14): لو ركع أو سجد قبل الإمام عمداً لا يجوز له المتابعة. وإن كان سهواً فوجوبها ـ بالعود إلى القيام أو الجلوس ثمّ الركوع أو السجود ـ لا يخلو من وجه، وإن لا يخلو من إشكال، والأحوط مع ذلك إعادة الصلاة.

(مسألة 15): لو كان مشتغلاً بالنافلة، فاُقيمت الجماعة وخاف عدم إدراكها، استُحبّ قطعها. ولو كان مشتغلاً بالفريضة منفرداً استُحبّ العدول إلى النافلة وإتمامها ركعتين إن لم يتجاوز محلّ العدول، كما لو دخل في ركوع الركعة الثالثة.

القول في شرائط إمام الجماعة

ويشترط فيه اُمور:
الإيمان وطهارة المولد والعقل والبلوغ([537]) إذا كان المأموم بالغاً، بل إمامة غير البالغ ولو لمثله محلّ إشكال، بل عدم جوازه لا يخلو من قرب.
والذكورة إذا كان المأموم ذكراً، بل مطلقاً على الأحوط([538]).
والعدالة، فلا تجوز الصلاة خلف الفاسق ولا مجهول الحال. وهي حالة نفسانيّة باعثة على ملازمة التقوى مانعة عن ارتكاب الكبائر([539])، بل والصغائر على الأقوى، فضلا عن الإصرار عليها الذي عُدّ من الكبائر، وعن ارتكاب أعمال دالّة عرفاً على عدم مبالاة فاعلها بالدين. والأحوط اعتبار الاجتناب عن مُنافيات المُرُوّة([540]) وإن كان الأقوى عدم اعتباره.
وأمّا الكبائر فهي كلّ معصية ورد التوعيد عليها بالنار أو بالعقاب أو شدّد عليها تشديداً عظيماً، أو دلّ دليل على كونها أكبر من بعض الكبائر أو مثله، أو حكم العقل بأنّها كبيرة، أو كان في ارتكاز المتشرّعة كذلك، أو ورد النصّ بكونها كبيرة.
وهي كثيرة: منها اليأس من رَوح الله، والأمن من مكره، والكذب عليه أو على رسوله وأوصيائه(عليهم السلام)، وقتل النفس التي حرّمها الله إلاّ بالحقّ، وعقوق الوالدين، وأكل مال اليتيم ظلماً، وقذف المحصنة، والفرار من الزحف، وقطيعة الرحم، والسحر، والزنا، واللواط، والسرقة، واليمين الغموس، وكتمان الشهادة، وشهادة الزور، ونقض العهد، والحيف في الوصيّة، وشرب الخمر، وأكل الربا، وأكل السّحت، والقمار، وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما اُهِلَّ لغير الله من غير ضرورة، والبخس في المكيال والميزان، والتعرُّب بعد الهجرة، ومعونة الظالمين، والركون إليهم، وحبس الحقوق من غير عذر، والكذب، والكبر، والإسراف، والتبذير، والخيانة، والغيبة، والنميمة، والاشتغال بالملاهي، والاستخفاف بالحجّ، وترك الصلاة، ومنع الزكاة، والإصرار على الصغائر من الذنوب. وأمّا الإشراك بالله تعالى وإنكار ما أنزله ومحاربة أوليائه فهي من أكبر الكبائر، لكن في عدّها من التي يعتبر اجتنابها في العدالة مسامحة.

(مسألة 1): الإصرار الموجب لدخول الصغيرة في الكبائر: هو المداومة والملازمة على المعصية من دون تخلّل التوبة. ولا يبعد أن يكون من الإصرار العزم على العود إلى المعصية بعد ارتكابها وإن لم يَعُد إليها، خصوصاً إذا كان عزمه على العود حال ارتكاب المعصية الاُولى. نعم الظاهر عدم تحقّقه بمجرّد عدم التوبة بعد المعصية من دون العزم على العود إليها.

(مسألة 2): الأقوى جواز تصدّي الإمامة لمن يعرف من نفسه عدم العدالة، مع اعتقاد المأمومين عدالته، وإن كان الأحوط الترك. وهي جماعة صحيحة يترتّب عليها أحكامها.

(مسألة 3): تثبت العدالة بالبيّنة والشياع الموجب للاطمئنان، بل يكفي الوثوق والاطمئنان من أيّ وجه حصل، ولو من جهة اقتداء جماعة من أهل البصيرة والصلاح. كما أنّه يكفي حسن الظاهر الكاشف ظنّاً عن العدالة، بل الأقوى كفاية حسن الظاهر ولو لم يحصل منه الظنّ وإن كان الأحوط اعتباره.

(مسألة 4): لا يجوز إمامة القاعد للقائم، ولا المضطجع للقاعد([541])، ولا من لا يحسن القراءة([542]) ـ بعدم تأدية الحروف من مخرجه، أو إبداله بغيره، حتّى اللَّحن في الإعراب وإن كان لعدم استطاعته ـ لمن يحسنها. وكذا الأخرس للناطق([543]) وإن كان ممّن لا يحسنها. وفي جواز إمامة من لا يحسن القراءة ـ في غير المحلّ الذي يتحمّلها الإمام عن المأموم، كالركعتين الأخيرتين ـ لمن يحسنها إشكال، فلا يُترك الاحتياط([544]).

(مسألة 5): جواز الاقتداء بذوي الأعذار مشكل([545])، لا يترك الاحتياط بتركه، وإن كان إمامته لمثله أو لمن هو متأخّر عنه رتبة ـ كالقاعد للمضطجع ـ لا يخلو من وجه. نعم لا بأس بإمامة القاعد لمثله والمتيمّم وذي الجبيرة لغيرهما.

(مسألة 6): لو اختلف الإمام مع المأموم في المسائل المتعلّقة بالصلاة ـ اجتهاداً أو تقليداً ـ صحّ الاقتداء به ـ وإن لم يتّحدا في العمل ـ فيما إذا رأى المأموم صحّة صلاته مع خطائه في الاجتهاد أو خطأ مجتهده، كما إذا اعتقد المأموم وجوب التسبيحات الأربعة ثلاثاً، ورأى الإمام أنّ الواجب واحدة منها وعمل به. ولا يصحّ الاقتداء مع اعتقاده ـ اجتهاداً أو تقليداً ـ بطلان صلاته([546]). كما يشكل ذلك فيما إذا اختلفا في القراءة، ولو رأى المأموم صحّة صلاته ـ كما لو لم يَرَ الإمام وجوب السورة وتركها، ورأى المأموم وجوبها ـ فلا يُترك الاحتياط بترك الاقتداء. نعم إذا لم يعلم اختلافهما في الرأي يجوز الائتمام، ولا يجب الفحص والسؤال. وأمّا مع العلم باختلافهما في الرأي والشكّ في تخالفهما في العمل، فالأقوى عدم جواز الاقتداء فيما يرجع إلى المسائل التي لا يجوز معها الاقتداء مع وضوح الحال، ويشكل فيما يرجع إلى المسائل المحكومة بالإشكال.

(مسألة 7): لو دخل الإمام في الصلاة معتقداً دخول الوقت، واعتقد المأموم عدمه أو شكّ فيه، لا يجوز له الائتمام في تلك الصلاة. نعم لو علم بالدخول في أثناء صلاة الإمام، جاز له الائتمام عند دخوله إذا دخل الإمام على وجه يحكم بصحّة صلاته.

(مسألة 8): لو تشاحّ الأئمّة فالأحوط الأولى ترك الاقتداء بهم جميعاً. نعم إذا تشاحّوا في تقديم الغير وكلٌّ يقول تقدّم يا فلان، يرجّح من قدّمه المأمومون، ومع الاختلاف أو عدم تقديمهم يقدّم الفقيه الجامع للشرائط، وإن لم يكن أو تعدّد يقدّم الأجود قراءة، ثمّ الأفقه في أحكام الصلاة، ثمّ الأسنّ، والإمام الراتب في المسجد أولى بالإمامة من غيره وإن كان أفضل، لكن الأولى له تقديم الأفضل، وصاحب المنزل أولى من غيره المأذون في الصلاة، والأولى له تقديم الأفضل، والهاشميّ أولى من غيره المساوي له في الصفات. والترجيحات المذكورة إنّما هي من باب الأفضليّة والاستحباب، لا على وجه اللزوم والإيجاب حتّى في أولويّة الإمام الراتب، فلا يحرم مزاحمة الغير له وإن كان مفضولاً من جميع الجهات، لكن مزاحمته قبيحة، بل مخالفة للمروّة وإن كان المزاحم أفضل منه من جميع الجهات.

(مسألة 9): الأحوط للأجذم والأبرص والمحدود بعد توبته ترك الإمامة وترك الاقتداء بهم([547]). ويُكره([548]) إمامـة الأغلف المعذور في ترك الختان، ومن يَكره المأمومون إمامته([549])، والمتيمّم للمتطهّر، بل الأولى عدم إمامة كلّ ناقص للكامل([550]).

(مسألة 10): لو علم المأموم بطلان صلاة الإمام ـ من جهة كونه مُحدثاً أو تاركاً لرُكن ونحوه ـ لا يجوز له الاقتداء به، وإن اعتقد الإمام صحّتها جهلاً أو سهواً.

(مسألة 11): لو رأى المأموم في ثوب الإمام نجاسة غير معفوّ عنها، فإن علم أنّه قد نسيها لا يجوز الاقتداء به، وإن علم أنّه جاهل بها يجوز الاقتداء به، وإن لم يدرِ أنّه جاهل أو ناس ففي جوازه تأمّل وإشكال، فلا يُترك الاحتياط.

(مسألة 12): لو تبيّن بعد الصلاة كون الإمام فاسقاً أو مُحدثاً، صحّ ما صلّى معه جماعة، ويُغتفر فيه ما يُغتفر في الجماعة.
__________________________________________
[299] ـ وإن كان سقوطها كنوافل الظهرين لا يخلو من قوّة.
[300] ـ لكن إتيان نافلة المغرب بهذه الكيفية جائز، بل الظاهر إجزائها عنهما.
[301] ـ وإن كان الأقوى امتداد وقت كلٍّ منهما بامتداد وقت فريضته.
[302] ـ وإن كان الأقوى جواز التقديم في هذه الصورة.
[303] ـ بل وكلّ من يخشى أن لا ينتبه.
[304] ـ ويعرف المغرب باستتار القرص ومواراته عن الأرض مطلقاً، ولو لصلاة المغرب والإفطار والوقوف بعرفة، تبعاً لغير واحد من المشايخ.
[305] ـ وإن كان الوقت للمضطرّ باقياً إلى طلوع الفجر، ويختصّ العشاء من آخره إلى طلوع الفجر بمقدار أدائه، وعليه فمن لم يبقَ له وقت الصلاتين إلى الفجر يأتي بالعشاء، ثمّ يقضي المغرب بعد الوقت.
[306] ـ الأقوائية ممنوعة، والمشهور المنصور هو البطلان.
[307] ـ إن كان في الوقت المشترك، وأمّا المختصّ فالمشهور المنصور هو البطلان.
[308] ـ بل صحّتها فيما كانت في الوقت المشترك لا تخلو من قوّة.
[309] ـ بل ممنوعاً ; وذلك لخروج مثل المورد من موارد العدول، لاختصاصه بمثل زعم الإتيان، لا فيما يتبدّل التكليف ويتغير بالتوجّه والعلم، فعليه القطع والإتيان بالاُولى.
[310] ـ غير اللازم، لأنّ جواز البدار لذوي الأعذار مطلقاً، غير خال عن الوجه.
[311] ـ لكن كفاية الوثاقة فضلاً عن العدالة في العارف بها غير بعيدة.
[312] ـ وإن كان الأقوى إلحاق الخاصّ بالأعذار العامّة.
[313] ـ بل والثقة إن كان إخباره عن حسّ، أو كان من أهل الخبرة، مع عدم المعارضة لاجتهاده العلمي، وإن خالف ظنّه المطلق.
[314] ـ مع عدم إمكان تحصيل العلم، وأمّا معه فمحلّ إشكال.
[315] ـ على الأحوط وإن كان كفاية الصلاة إلى جهة واحدة لا تخلو من وجه.
[316] ـ والطواف.
[317] ـ وإن كان عدم الشرطية فيهما وفي سجدة التلاوة لا يخلو من قوّة.
[318] ـ يأتي ما فيه في المسألة العشرين.
[319] ـ على الأحوط في غير الساتر منه، وفي المحمول، بل عدم الشرطية فيهما غير بعيد، بل في المحمول لا يخلو عن قوّة.
[320] ـ وإن كان الظاهر عدم الفرق بينه وبين غيره.
[321] ـ بل على الأحوط فيه وفي التالي.
[322] ـ بمعنى عدم كونه ميتة، فإنّ ما هو المانع في الصلاة وما يكون نجساً الميتة بحتف أنفه، كما مرّ بيانه تفصيلاً.
[323] ـ أي عدم الموت بحتف الأنف، ولو بكونه مذبوحاً من دون الشرائط المعتبرة في الذبح شرعاً، لأنّ المانع للصلاة الموت بحتف الأنف، لا مطلق غير المذكّى، لعدم الدليل على مانعية عدم التذكية من حيث هو هو وعلى الإطلاق، وعلى هذا فيجوز الصلاة في الجلد المأخوذ من غير المسلم، أو من المسلم مع كونه مأخوذاً عن غيره فيما اُحرز كون ذلك الجلد من غير الميتة، كما هو الغالب فيما بيد الكفّار من الجلود في زماننا، هذا ممّا تُراعى فيه الجهات الصحيحة، بل الظاهر أنّ الجلود الموجودة في الأسواق ليست من الميتة العرفية من رأس، وبذلك يظهر حكم ما استدركه بقوله: نعم، فتدبّر جيّداً.
[324] ـ بل لا يخلو من قوّة.
[325] ـ بل عدم صحّتها لا يخلو من قوّة.
[326] ـ بل على الأقوى.
[327] ـ بل على الأقوى فيما يوجب الهتك، وأمّا جوازه في غيره لا يخلو من قوّة، وإن كان الأحوط ترك لباس الشهرة مطلقاً.
[328] ـ المحرّم هو التزيّن بزي الآخر، فإنّه الأظهر، لا اللبس بما هو لبس، وعليه فلا حرمة فيهما إذا كان اللبس لغاية اُخرى، لاسيّما في مدّة قليلة، كما أنّ المحرّم مع الزي هو عنوانه لا عنوان اللبس، كما لا يخفى.
[329] ـ إلاّ أن يجد الطين أو الوحل أو الماء الكدر، أو حفرة يلج فيها بها، أو نحو ذلك، ممّا يحصل به ستر العورة، فيصلّي معها صلاة المختار قائماً مع الركوع والسجود.
[330] ـ بل على الأقوى.
[331] ـ وإن كان الظاهر صحّة صلاته ; لعدم الفرق بينه وبين غيره ظاهراً.
[332] ـ أو التسبّب بالبراءة منها ولو بالضمان.
[333] ـ عدم جواز التصرّفات الجزئية المتعارفة المربوطة بتجهيز الميّت ولوازمه المتداولة المعمولة مع الدين، لاسيّما غير المستوعب منه محلّ للتأمّل.
[334] ـ بل يكفي ظهورها في ذلك، فإنّ الظواهر الفعلية كالظواهر القولية حجّة بنفسها، لا من جهة إفادتها الاطمئنان، كما لا يخفى.
[335] ـ الكراهة مختصّة بصورة المحاذاة، وإلاّ فكما أنّ مع تقدّم الرجل لا كراهة، فكذلك مع تقدّم المرأة ; قضاءً لصحيحة عبدالله بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): اُصلّي والمرأة إلى جنبي وهي تصلّي، قال: «لا، إلاّ أن تتقدّم هي أو أنت، ولا بأس أن تصلّي وهي بحذاك جالسة أو قائمة»(أ).
والظاهر من التقدّم التقدّم في المكان لا في الصلاة، كما أنّ الظاهر من التعبير بالسبق كذلك السبق في الصلاة، فإنّ المصلّي مع السبق في الصلاة ليس بمقدّم على الآخر فيها، لعدم الصلاة للآخر حتّى يكون السابق متقدّماً عليه، وهذا بخلاف التقدّم في المكان، فإنّ المتقدّم متقدّم على الآخر في الصلاة باعتبار المكان، والآخر متأخّر عنه بذلك الاعتبار في صلاته.
أ ـ وسائل الشيعة 5: 124، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي، الباب 5، الحديث 5.
ومما يؤيّد ذلك الظهور بل يشهد عليه، ما ورد في صلاة الرجل والمرأة في المحمل من قوله(عليه السلام) في صحيحة ابن مسلم في الجواب عن سؤاله عن صلاتهما جميعاً فقال: «لا، ولكن يصلّي الرجل فإذا فرغ صلّت المرأة»(ب). فإن كان التقدّم ظاهراً في التقدّم في الصلاة فعليه التعبير بقوله(عليه السلام) ولكن يتقدّم الرجل ولم يحتجّ إلى التصريح بصلاة المرأة بعد فراغ الرجل عن الصلاة.
ومثلها خبر أبي بصير(ج)، وكذا يشهد على ذلك ما في صحيح ابن مسلم، على ما في «التهذيب» و «الاستبصار»: «يعني إذا كان الرجل متقدّماً للمرأة بشبر»(د).
وموثّقة عمّار، وإن كانت معارضة للصحيحة، حيث إنّها تدلّ على النهي عن صلاة الرجل وبين يديه امرأة تصلّي، وعلى عدم البأس عن صلاة المرأة خلف الرجل بقوله(عليه السلام): «فإن كانت تصلّي خلفه فلا بأس وإن كانت تصيب ثوبه»(هـ).
لكنّه مضافاً إلى ما في «مجمع الفائدة والبرهان» في الجواب عنها بما هذا لفظه: «وعن الثالث بضعف عمّار وأحمد بن الحسن بن علي بن فضال،
ب ـ وسائل الشيعة 5: 124، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي، الباب 5، الحديث 2.
ج ـ وسائل الشيعة 5: 124، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي، الباب 5، الحديث 3.
د ـ وسائل الشيعة 5: 124، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي، الباب 5، الحديث 1.
هـ ـ وسائل الشيعة 5: 128، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي، الباب 7، الحديث 1.
ومصدّق بن صدقة، بأنّهم فطحيّون على ما قيل، مع ركاكة في المتن من حيث التطويل»(و)، ومضافاً إلى انفرادها في الفصل بعشرة أذرع، ومعارضتها مع جميع أخبار الباب الدالّة على كفاية الشبر، أو موضع الرحل، أو قدر ما يتخطّى، أو قدر عظم الذراع فصاعداً، أو ذراع ونحوه، أنّ الصحيح لصحّته مقدّم على الموثّقة، فإنّ في عدالة الراوي مزية على وثاقته.
هذا مع أنّه على المكافئة الحكم بالتخيير، والأخذ بكلّ واحد من المتعارضين من باب التسليم، (بأيهّما أخذت من باب التسليم وسعك) فنختار الأخذ بالصحيحة، لكونها أوفق بقاعدة الإشتراك، وتساوي الرجل والمرأة في الأحكام، وعدم المزيِّة لأحدهما على الآخر فيها.

وتوهّم عدم التعارض الموضوع للعلاج بالترجيح أو التخيير من رأس، لما بينهما من الجمع العرفي، بحمل الظاهر أي الصحيحة على النصّ أو الأظهر وهو الموثّقة، مدفوع بأنّ الحمل كذلك تامّ ولا إشكال فيه في المتصلين منهما، وأمّا في المنفصلين مع عدم إشارة في النصّ والأظهر إلى الظاهر، وأنّ المراد منه ما في النصّ أو الأظهر كالروايتين، لاسيّما مع الاختلاف في المتن بالطول والقصر وجهات اُخرى، ومع الاختلاف في الناقل عن المعصوم، أي الراوي الأخير، ففي الحمل كذلك، لي فيه تأمّل وإشكال، وإن كان معروفاً في الألسنة، بل يرسله الاُصوليون في الاُصول، والفقهاء المتأخّرون عن الشيخ في الفقه إرسالاً مسلّماً، وكيف يصحّ أن يقال: إنّ
و ـ مجمع الفائدة والبرهان 2: 131.
المتكلم بكلام له ظاهر، محمول على الكلام الآخر الأظهر أو النصّ، من دون نصب قرينة في الظاهر، على أنّ المراد منه ما هو المراد من الأظهر والنصّ، كما هو المفروض، ومن دون إشارة فيهما إلى ذلك الظاهر، وأنّهما قرينة عليه، فهل هذا إلاّ تأخير للبيان عن وقت الحاجة بالنسبة إلى الظاهر، وإغراء بالجهل، وغلط في الكلام، وشطط في بيان المرام، ممّا لا يصدر عن المتكلّم العادي فضلاً عن الفصيح، فضلاً عن أئمّة الفصحاء الذين هم أئمّة الهدى، ومصابيح الدجى، وأعلام التقى، وبهم علّمنا الله معالم ديننا، وبهم أنقذنا الله من شفا جرف الهلكات ومن النار ؟ ! أبي واُمي وأهلي ومالي واُسرتي لهم الفداء. فتدبّر جيّداً واغتنم، حتّى لا تترك الدقّة اغتراراً بما مرّ، وبما تعرف من إرسالهم الجمع كذلك إرسالاً مسلّماً، وإنّ الجمع كذلك جمع عرفي مانع عن تعارض الخبرين.
ولا يخفى أنّ ما ذكرته من وجه التأمّل في الجمع بين الظاهر والأظهر أو النصّ، فمثله جار في العامّ والخاصّ المنفصلين، والمطلق والمقيّد كذلك، وفي أمثالها من المنفصلات المتعارضات التي يجمع بينها بحمل أحدهما على الآخر، ويقال: إنّ الجمع كذلك عرفي، ورافع للتعارض، ولابدّ من تفصيل الكلام في محلّه، ونسأل الله التوفيق لبيان الوجه وتفصيله في محلّه إن شاء الله تعالى، وما ذكرته وحقّقته في السابق في محلّه كان ما هو المعروف، وكنت مقتدياً وتابعاً لهم، لكن كانت التبعية من القصور لا التقصير، فإنّ السنّة الإلهية جارية على التكامل في العلم والعمل بكثرة المجاهدة فيهما، وعن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه مع ماله من كمال العلم والعمل قال: (رَبِّ زِدْنِي عِلْماً)(ز).
هذا كلّه في معارضة الصحيحة مع الموثّقة، وأمّا معارضتها مع مرسلتي ابن بكير وابن فضال عمّن أخبره عن جميل، حيث إنّهما تدلاّن على اعتبار تأخّر المرأة في موضع سجدتها عن الرجل، ففيهما بعد السؤال عن أبي عبدالله(عليه السلام)، عن صلاة المرأة بحذاء الرجل المصلّي أو بجنبه، فقال(عليه السلام): «إذا كان سجودها مع ركوعه فلا بأس»(ح). مع أنّهما مرسلتان غير قابلتين للمعارضة مع الصحيحة، لا ظهور في ذلك الجواب في التأخّر كذلك، بل الظاهر منه الاختلاف بينهما من حيث حالات الصلاة، بنفي البأس في صلاتهما باختلافهما في حالات الصلاة، بكون الرجل في حال الركوع، في حال كون المرأة في حال السجود، فالجواب إن لم يكن بإطلاقه شاملاً لعدم الكراهة مع ذلك الاختلاف وإن كانت المرأة متقدّمة، فلا أقلّ من عدم الدلالة على الكراهة مع تقدّمها.
وأمّا صحيحة زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام) ورواية «الدعائم» عن جعفر بن محمّد(عليهما السلام)، فالصحيحة مربوطة بصلاة المرأة بحيال الرجل، والثانية مربوطة بعكسها، ودونك الخبرين: ففى «التهذيب» و«الاستبصار» بسنده عن زرارة، عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: سألته عن المرأة تصلّي عند الرجل،
ز ـ طـه (20): 114.
ح ـ وسائل الشيعة 5: 127، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي، الباب 5، الحديث 3 و 5.
فقال: «لا تصلّي المرأة بحيال الرجل إلاّ أن يكون قدّامها ولو بصدره»(ط).
وفي «الدعائم»: عن جعفر بن محمّد(عليهما السلام): «إنّه كره أن يصلّي الرجل ورجل بين يديه نائم، ولا يصلّي الرجل وبحذائه امرأة إلاّ أن يتقدّمها بصدره»(ي).
ط ـ الاستبصار 1: 399، تهذيب الأحكام 2: 379.
ي ـ دعائم الإسلام 1: 150.
[336] ـ ومع عدم كون المحلّ ممّا تبكّ فيه الرجال والنساء، وإلاّ فلا كراهة مع التقارن أيضاً ; لعموم العلّة في صحيح الفضيل، عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: «سمّيت مكّة بكّة لأنّه يتبكّ فيها الرجال والنساء، والمرأة تصلّي بين يديك وعن يمينك وعن يسارك ومعك، ولا بأس بذلك، وإنّما يكره في سائر البلدان»(أ).
أ ـ وسائل الشيعة 5: 126، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي، الباب 5، الحديث 10.
[337] ـ من شبر إلى عشرة أذرع، ولا يخفى أنّ عشرة أذرع رافع لجميع مراتب الكراهة، واختلاف الأخبار من التحديد بالشبر إلى عشرة أذرع محمول على الاختلاف في مراتب المرفوع، أي مراتب الكراهة.
[338] ـ نعم مع الهتك، الأظهر البطلان وحرمته، بل انجراره إلى الكفر من البديهيات عند الشيعة فضلاً عن فقههم.
[339] ـ وكذا الفحم على الأحوط، وإن كان الجواز فيهما لا يخلو من وجه، فإنّهما ممّا أنبتته الأرض ولو بالواسطة، والنصّ والإجماع قائمان على جواز السجود على الأرض وما أنبتته، ومقتضى الإطلاق كفاية الإنبات ولو من جهة الأصل، نعم عنوان النبات غير صادق، لكنّه غير مأخوذ فيهما.
[340] ـ لكنّ الجواز لا يخلو من قوّة.
[341] ـ الأفضلية محلّ منع، بل الظاهر من إطلاق الأدلّة وعبارات بعض الأصحاب أفضلية الصلاة في المسجد مطلقاً، من دون فرق بين الرجال والنساء، وما استدلّ به على الفرق من خبر يونس بن ظبيان، ففيه أنّ الظاهر كونه قضية شخصية ومربوطة بنساء طائفة يونس ; لما فيه من التعبير بالخطاب بقوله(عليه السلام): «خير مساجد نسائكم البيوت»(أ).
وإن أبيت عن الظهور فلا أقلّ من الاحتمال المسقط للاستدلال، ومن خبر هشام بن سالم، ففيه: إنّه لا دلالة فيه على أفضلية البيت على المسجد، كما لا يخفى، وإنّما يدلّ على أفضلية المخدع على البيت، والبيت على الدار، الظاهر في الأفضلية من حيث التستّر، فتدبّر جيّداً.
أ ـ وسائل الشيعة 5: 237، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي، الباب 30، الحديث 4.
[342] ـ وبطلت.
[343] ـ بل لا يتحقّق بفعلها مع عدم طول الفصل على الظاهر.
[344] ـ بل الظاهر أنّ السقوط في الكلّ عزيمة.
[345] ـ استقلالهما بالفعل غير معقول، كما لا يخفى.
[346] ـ الأقوائية ممنوعة، بل اختصاص جواز العدول بالمترتّبتين لايخلومن قوّة.
[347] ـ على الأحوط في السهوية.
[348] ـ وإن كان الأقوى عدم البطلان بترك الاستقرار سهواً.
[349] ـ وإن كان الأقوى جوازه.
[350] ـ الأولى.
[351] ـ بل الأقوى وضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه بقدر الإمكان.
[352] ـ الإشكال لا بيّن ولا مبيّن، فالصلاة باطلة من دون إشكال.
[353] ـ لكنّها غير مبطل لها إلاّ إذا كان المقروء آية السجدة.
[354] ـ على الأحوط، وإلاّ فالأقوى عدم وجوبه.
[355] ـ بل ما لم يتجاوز عنه.
[356] ـ وكذا عصره.
[357] ـ بل ما لم يتجاوز عنه.
[358] ـ الأقوى.
[359] ـ وإن كان الأقوى عدم وجوبها، بل يكفي القراءة على النهج العربي، بكلّ قراءة متعارفة عند الناس، ولو كانت من غير السبع.
[360] ـ لا يجب وإن كان أحوط.
[361] ـ بل وللإمام وللمنفرد أيضاً، فإنّ الأقوى كون التسبيحات أفضل من قراءة الحمد في الأخيرتين مطلقاً.
[362] ـ وإن كان الأقوى استحباب الجهر بها.
[363] ـ وأن لا يبعد كفاية مطلق الانحناء بحيث يصدق الركوع الجلوسي عرفاً.
[364] ـ على الأحوط، وإن كان الأظهر اعتبار الإيماء بالرأس إليه والاكتفاء به.
[365] ـ بل الأقوى.
[366] ـ على الأحوط.
[367] ـ فيه وفي تركه الوقوف كذلك.
[368] ـ بل معه.
[369] ـ بل الأقوى.
[370] ـ وإن كان الأقوى عدم وجوبه، بل يكفي المسمّى ولو بالأصابع فقط أو بعضها، نعم لا يجزي وضع رؤوس الأصابع مع الاختيار، كما لا يجزي ضمّ أصابعه إلى الكفّ ووضعها على الأرض اختياراً.
[371] ـ وإن كان جواز وضع الظاهر أو الباطن منهما لا يخلو من قوّة.
[372] ـ وإن كان الأقوى عدم وجوب أزيد من المقدار الذي يتحقّق به صدق السجود.
[373] ـ لعدم صدق السجود معه.
[374] ـ بل الأقوى الرفع والوضع من دون حاجة إلى إعادة الصلاة بعد إتمامها، وإن كانت أحوط.
[375] ـ فيما كان الالتفات إليه قبل تمام الذكر الواجب، وأمّا إن كان الالتفات بعد تمامه، فيكون حكمه حكم الالتفات بعد رفع الرأس من كفاية الإتمام.
[376] ـ وليجعل إيماء سجوده أخفض منه لركوعه.
[377] ـ بل الأقوى.
[378] ـ بل وجوبها لا يخلو عن قوّة.
[379] ـ الأولى.
[380] ـ بعد الدخول في السجود، وأمّا قبله فلا يبعد العود إلى القيام والإتيان بالقنوت، ثمّ الهوي للسجود، وإن كان الأحوط الترك إلى أن يفرغ من صلاته.
[381] ـ بل الأقوى.
[382] ـ في الاجتزاء بهما في تحقّق عنوان التعقيب وصدقه تأمّل بل منع.
[383] ـ بل أفضلها على ما ذكره جملة من العلماء.
[384] ـ المشهور الذي لا يخلو عن قوّة.
[385] ـ ما لم يكن سبباً لفوت الموالاة المعتبرة في أفعال الصلاة وفي القراءة والأذكار وغيرها، ومرّ بيان شرطيتها في القول في الموالاة.
[386] ـ على الأحوط.
[387] ـ بل لا يبعد وجوبه على المتعارف، بحيث لو لم يبعد أو لم يكن أصمّ ; لسمعه، وعليه فيجوز ردّه في الصلاة.
[388] ـ القوّة ممنوعة.
[389] ـ لكنّ الأظهر الجواز، لأنّه من أفضل الأعمال المتقرّب بها إليه سبحانه وتعالى.
[390] ـ بل إلى تمام الانجلاء.
[391] ـ في القوّة إشكال، بل منع.
[392] ـ بل الثقة.
[393] ـ بل من أوّل السورة.
[394] ـ لا يبعد جواز الدخول في غيرهما، وإن اختلّ معه النظم ; لعدم الدليل على قادحية اختلال النظم.
[395] ـ من حيث صدق الزيادة الخاصّة، وإلاّ فالبطلان من حيث تغيير المأمور به كيفيةً وكمّيةً ممّا لا ينبغي الإشكال فيه.
[396] ـ بل الأقوى.
[397] ـ على الأحوط وإن كان عدم وجوب الإعادة لا يخلو من قوّة.
[398] ـ وأن لا يبعد كون القيام والطمأنينة واجباً حال القراءة لا شرطاً فيها، فرعاية ما ذكره (رحمه الله) غير لازم.
[399] ـ وكذا قبل الدخول في السجدة الثانية، فإنّ وجوب الانتصاب غير بعيد.
[400] ـ بل بقصد التدارك، ومثله نسيان ما يأتي من طمأنينة الانتصاب في السجدة.
[401] ـ الأقوائية ممنوعة ; لعدم انقضاء محلّ التدارك بالتسليم، فالأقوى وجوب التدارك وإعادة التشهّد والتسليم، وسجدتا السهو للتسليم في غير محلّه.
[402] ـ وإن كان الاكتفاء بالإعادة فقط لا يخلو من قوّة.
[403] ـ بل لا يخلو عن قوّة.
[404] ـ يجوز أن يأتي به.
[405] ـ على الأحوط، لكن لا يبعد إجراء حكم كثير الشكّ عليه من عدم الاعتناء مطلقاً.
[406] ـ بل بإتمام ذكرها.
[407] ـ وإن كان الاكتفاء بالبناء والعمل بالشكّ لا يخلو من وجه.
[408] ـ الظاهر كفاية إعادة الصلاة.
[409] ـ رجاءً واحتياطاً.
[410] ـ بل بعيد في أشباه الفرع الثاني، بل الأوّل أيضاً. ووظيفته العمل على وفق الشكّ الثاني مطلقاً.
[411] ـ بل الظاهر تعيّن تتميم ما نقص في جميع الصور التالية.
[412] ـ بل على وفق ظنّه المحتمل إن كان في الشكوك الصحيحة، وكان موافقاً للبناء على الأكثر، ويتمّ الصلاة مع العمل بوظيفة البناء على الأكثر في الشكوك، ومع فقدان أحد القيدين، عليه العمل على وفق ظنّه المحتمل وإتمام الصلاة، ثمّ الإعادة.
[413] ـ وإن كان الأظهر جواز الاكتفاء بالإعادة.
[414] ـ بل الأقوى الإسرار بالقراءة واستحباب الجهر بالبسملة.
[415] ـ أي يجوز إتمامها نافلة كما يجوز قطعها.
[416] ـ بل الأقوى.
[417] ـ فقط من دون لزوم الإتيان بركعة أو ركعتين متّصلة.
[418] ـ الإتيان بها غير لازم.
[419] ـ مع تجاوز محلّ العدول إلى صلاة الاحتياط، وإلاّ فالأظهر العدول من الثانية إلى صلاة الاحتياط، وإن كان الأحوط مع العدول أيضاً إعادة أصل الصلاة.
[420] ـ بل الأقوى.
[421] ـ بل الأقوى.
[422] ـ بل الأقوى وجوبه.
[423] ـ وإن كان الإتيان بنيّة الأداء لا بأس على الأقوى، وكذا في السجدة من الركعة الأخيرة.
[424] ـ بل الأقوى إتيان سجدتي السهو ; للسلام في غير محلّه.
[425] ـ بل جاز قطعها والإتيان به، بل هو الأحوط ومثلها الفريضة.
[426] ـ بل لا يبعد وجوب تقديمهما.
[427] ـ على الأحوط الذي لا ينبغي تركه.
[428] ـ بل الأقوى فيهما.
[429] ـ لكن مع الفرق بينهما في اعتبار وسعة الوقت بإتيان بقية المغرب وإدراك ركعتين من العشاء.
[430] ـ فيما إذا كانت الفائتة من الركعات السابقة وعلمه بهما بعد أن تجاوز عن محلّهما السهوي، وأمّا إذا لم يكن كذلك، كما إذا كانت إحداهما من الركعة الأخيرة، والاُخرى من السابقة، وقبل السلام أو بعده، ولم يأتِ بالمنافي عمداً وسهواً، يأتي بالسجدة المنسية من الركعة الأخيرة، ويقضي السجدة المنسية من الركعات السابقة، ومثله العلم بترك السجدتين في الأثناء، وقبل تجاوز محلّ السهوي لإحداهما.
[431] ـ على الأحوط الذي لا ينبغي تركه للسجدة المنسية وعلى الأقوى للسلام في غير محلّه.
[432] ـ بل لا يخلو من وجه وبطلان صلاته محلّ تأمّل بل منع.
[433] ـ مع عدم تخلّل المنافي المبطل عمداً وسهواً.
[434] ـ بل الظاهر بطلان الصلاة في الصورتين، لعدم كون صلاة الاحتياط جابرة لزيادة الركوع المحتملة في الصورة الاُولى، ونقصانه كذلك في الصورة الثانية، فعلى هذا لا يقدر على إتمام صلاته صحيحاً ولو بضميمة صلاة الاحتياط، ولك أن تقول: إنّ أدلّة صلاة الاحتياط غير ناهضة لإثبات مثبتاته بعد البناء، ولا لكون صلاة الاحتياط جابرة لزيادة الركوع أونقصه احتمالاً، بل غاية دلالتها جبران الركعة بما هي ركعة.
[435] ـ مرّ عدم وجوب سجدة السهو لنسيان السجدة، وإن كان الأحوط إتيانها.
[436] ـ وإن كانت الإعادة غير لازمة.
[437] ـ مبنائي.
[438] ـ بل قويّاً.
[439] ـ وإن كان عدم وجوب سجدتي السهو لا يخلو من قوّة، لعدم وجوبها لنسيان السجدة، فالعلم الإجمالي غير مؤثّر في وجوبها، كما لا يخفى، لكنّه ينبغي الاحتياط بإتيانهما.
[440] ـ فيما زادت إغمائه عن ثلاثة أيّام.
[441] ـ بل وبه أيضاً إذا لم يكن بمعصية.
[442] ـ بل يجب عليه احتياطاً الجمع بينهما.
[443] ـ الأصحّية ممنوعة، ويكون مخيّراً بين القصر والإتمام، حيث إنّ الواجب له في الوقت طبيعة الصلاة المنطبقة عليهما مع تخييره في الانتخاب، فكذلك القضاء، قضاءً للتبعية.
[444] ـ بل على الظاهر.
[445] ـ بل تلحق على الأقوى لصدق ما في الروايات من الرجل عليها أيضاً ; لعدم الفرق وكون عادة الشارع بيان حكم الرجل وإحالة المرأة عليه، هذا مع أنّ الاُمّ أولى بالإحسان وبالخدمة بالقضاء عنها عن الأب، كما لا يخفى.
[446] ـ إذا كان الترك العمدي عن عذر عرفي كالمرض أو السفر.
[447] ـ بل لا يخلو عن قوّة فإنّه (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)(أ) إلاّ ما خرج بالدليل.
أ ـ الأنعام (6): 164.
[448] ـ إن لم يكن عن تقصير وإلاّ فالظاهر عدم القضاء عليه ; لانصراف مثل هذه الأدلّة عن المقصّر كما مرّ وجهه غير مرّة.
[449] ـ وجوب القضاء عليهما مع رفع القلم عنهما محلّ تردد وإشكال.
[450] ـ وكذا الاستنابة بنحو المصالحة أو الجعالة ونحو ذلك.
[451] ـ الذي لا بأس بتركه.
[452] ـ أو كان عالماً بعدم عروض الخلل على عمله.
[453] ـ ولو بأصالة الصحّة.
[454] ـ في إطلاقه إشكال، ويأتي الكلام فيه، في كتاب الإجارة.
[455] ـ الأولى، وإن كان الجواز لا يخلو عن قوّة.
[456] ـ أفضلية الجمعة غير ثابتة ; لعدم الدليل عليها إلاّ الجمع بين الأخبار، وهو في غير محلّه، فإنّه ليس بجمع عرفي، كيف ولم تكن سيرة الفقهاء في القرون والأعصار الماضية على إقامتها أو الحضور فيها مع ما كان لهم من القدرة على الإقامة والحضور، وهذه السيرة لا تجتمع مع الأفضلية عادة، كما لا يخفى.
[457] ـ بطلان المتأخّرة مع الجهل بالسبق والفحص، واعتقاد العدم مبني على الاحتياط، وإلاّ فالصحّة لا تخلو من وجه.
[458] ـ كما لا يجوز على الأقوى إمامته فيها.
[459] ـ الظاهر جواز إقامتها للنساء فضلاً عن كونها من جملة الخمسة ; لصدق ما في بعض الأخبار: «خمسة أو سبعة»(أ)، على النساء كصدقها على الرجال، بل ولقائل أن يقول بأنّ اختصاص القوم والرهط المشترط للعدد بالرجال على تسليمه، يكون من جهة المتعارف والغالب في المكالمات، وإلاّ فلا خصوصية للرجال في ذلك، فتأمّل.
أ ـ وسائل الشيعة 7: 303، كتاب الصلاة، أبواب صلاة الجمعة، الباب 2، الحديث 2.
[460] ـ بل يصحّ، لما يأتي من صحّة إمامة النساء في الجمعة والجماعة ولو للرجال، وعليه فالخنثى إن كانت طبيعة ثالثة كانت مشمولة لإطلاقات الجماعة والجمعة، وإن لم تكن طبيعة ثالثة فليست بخارجة عن الرجل والاُنثى الجائز لهما الإمامة للجمعة كالجماعة، وبما ذكرناه في إمامتها يظهر جواز المكمّلية لها، كما لا يخفى.
[461] ـ أو في تكبيرة الركوع.
[462] ـ لمّا أنّ المختار عدم شرطية الذكورية للإمام في صلاة الجماعة، فيجوز إمامة المرأة للرجال فيها، فكذلك المقام ; لأنّ الظاهر عدم الفرق بينهما، كما صرّح به في «الجواهر»، ففيه: «المسألة الخامسة: يعتبر في إمام الجمعة كمال العقل والإيمان والعدالة وطهارة المولد والذكورة، كما تسمع الكلام فيه مفصّلاً في الجماعة، إذ الظاهر عدم الفرق بين الجمعة وغيرها في ذلك»(أ).
أ ـ جواهر الكلام 11: 296.
نعم، على القول بعدم انعقاد الجمعة (أي العدد المعتبر فيها) بهنّ فلا تجوز إمامتهنّ ولو للنساء في تلك الجمعة، وأمّا على ما اخترناه من الكفاية بهنّ في العدد فلا مانع من إمامتهنّ من تلك الجمعة أيضاً، فما في المتن على مختاره في المسألة الرابعة من عنوان: القول فيمن تجب عليه.
[463] ـ جماعة وفرادى.
[464] ـ بل لا بأس بقصده أيضاً.
[465] ـ شرطاً لا تكليفاً قضاءً لظهور جعل الشيء في الشيء أو مع الشيء، في الإرشاد إلى الجزئية أو الشرطية.
[466] ـ مرّ صحّتها جماعة وروداً، فيأتي بالخطبتين بعدها وروداً أيضاً.
[467] ـ بل ينوي صلاة جعفر ويتجزئ بها عن النافلة، وهذا هو الأقرب إلى معنى الاحتساب.
[468] ـ الظهور محلّ تأمّل.
[469] ـ الموجب للحبس في الأثر هو معاصي خاصّة، لا مطلق المعاصي ومطلق ما يوجب غضب الرحمن، كما في المتن و «الجواهر»، فإنّ المستفاد من الأخبار اختلاف المعاصي وتفاوتها في الموجبية والتأثير في البلايا، كما يشهد عليه ما في دعاء كميل «اللّهُمّ اغفِرْ لِيَ الذنُوبَ التي تُنْزِلُ النّقَمَ، اللّهُمّ اغفِرْ لِيَ الذّنوُبَ التي تُغَيِّرُ النِّعَمَ، اللّهُمّ اغفِرْ لِيَ الذّنوُبَ التي تُنزِلُ البَلاء».
والمؤثّر في حبس المطر وحَبسِ السماء ماءها، وحبس القطر الموجب لغور الأنهار وفتور الأمطار كذب الولاة، والقضاء بغير الحقّ، والجور في الحكم، على ما في الأخبار، لا غيرها من المعاصي ; لعدم الدليل عليه من الأثر.
ففي خبر ياسر الخادم، عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام)، قال: «إذا كذبت الولاة حبس المطر، وإذا جار السلطان هانت الدولة، وإذا حبست الزكاة ماتت المواشي»(أ).
أ ـ وسائل الشيعة 9: 31، كتاب الزكاة، أبواب ما تجب فيه الزكاة، الباب 3، الحديث 29.
وفي صحيحة أبي ولاّد الحنّاط قال: اكتريت بغلاً إلى قصر ابن هبيرة ذاهباً وجائياً بكذا وكذا، وخرجت في طلب غريم لي، فلمّا صرت قرب قنطرة الكوفة، خبّرت أنّ صاحبي توجّه إلى النيل، فتوجّهت نحو النيل، فلمّا أتيت النيل خبّرت أنّ صاحبي توجّه إلى بغداد، فاتبعته وظفرت به، وفرغت ممّا بيني وبينه، ورجعنا إلى الكوفة، وكان ذهابي ومجيئي خمسة عشر يوماً، فأخبرت صاحب البغل بعذري، وأردت أن أتحلّل منه ممّا صنعت واُرضيه، فبذلت له خمسة عشر درهماً، فأبى أن يقبل، فتراضينا بأبي حنيفة، فأخبرته بالقصة، وأخبره الرجل، فقال لي: ما صنعت بالبغل ؟ فقلت: قد دفعته إليه سليماً، قال: نعم بعد خمسة عشر يوماً، قال: فما تريد من الرجل ؟ فقال: اُريد كراء بغلي، فقد حبسه عليّ خمسة عشر يوماً، فقال: ما أرى لك حقاً ; لأنّه اكتراه إلى قصر ابن هبيرة، فخالف وركبه إلى النيل، وإلى بغداد فضمن قيمة البغل، وسقط الكراء، فلمّا ردّ البغل سليماً وقبضته لم يلزمه الكراء، قال: فخرجنا من عنده وجعل صاحب البغل يسترجع، فرحمته ممّا أفتى به أبو حنيفة، فأعطيته شيئاً وتحلّلت منه، وحججت تلك السنة فأخبرت أبا عبدالله(عليه السلام) بما أفتى به أبو حنيفة، فقال(عليه السلام): «في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها، وتمنع الأرض بركتها...»(ب)، الحديث.
وفي مرسلة صفوان بن يحيى، قال: قال أبو عبدالله(عليه السلام): «إذا فشا أربعة ظهرت أربعة: إذا فشا الزنا ظهرت الزلزلة، وإذا فشا الجور في الحكم احتبس
ب ـ وسائل الشيعة 19: 119، كتاب الإجارة، أبواب كتاب الإجارة، الباب 17، الحديث 1.
القطر، وإذا خفرت الذمّة اُديل لأهل الشرك من أهل الإسلام، وإذا منعوا الزكاة ظهرت الحاجة»(ج). وظهور هذه الأخبار على أنّ السبب الأصلي لغور الأنهار وفتور الأمطار تلك المعاصي الثلاث المذكورة فيها واضح، فتدبّر جيّداً.
ج ـ وسائل الشيعة 16: 275، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الباب 42، الحديث 5.
[470] ـ للنصّ الخاصّ المعتضد بعمل الأكثر بل بالمشهور، كما صرّح به جماعة.
[471] ـ كما ذكره جماعة، لقوله تعالى: (وَمَا دُعاءُ الكَافِرينَ إلاّ فِي ضَلال)(أ)، لكن لا يبعد أن يقال: إنّ مثل هؤلاء إذا خضعوا واعترفوا بذنبهم كانت الإجابة لهم أقرب من غيرهم، ولأنّهم يطلبون أرزاقهم من الله تعالى، وقد ضمنها لهم في الدنيا فلا يمنعون من طلبها، فلا يبعد إجابتهم كإجابة غيرهم، كيف لا يبعد عدم المنع وقد خرج المنافقون مع النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) للاستسقاء، والمخالفون مع الرضا(عليه السلام).
أ ـ الرعد (13): 14.
[472] ـ ضرورة أنّهم أعرف من غيرهم بذلك، وبكيفية الخطاب معه تعالى.
[473] ـ بل وإن كان الذهاب أقلّ من أربعة على الأقوى، وبذلك يظهر حكم المسألة الثانية.
[474] ـ بل العكس أيضاً.
[475] ـ بل يقصّر مع كون المجموع مسافة.
[476] ـ بل آخر البلد، وإن كان خارجاً من السور.
[477] ـ لا يخفى أنّ الشخص ما دام في البلد لا يصدق عليه المسافر عرفاً، فالأقوى كون المبدأ آخر البلد مطلقاً، ولو كان كبيراً في الغاية.
[478] ـ وإن كان لا يبعد القول بالاكتفاء بشهادته، بل بشهادة الثقة.
[479] ـ الأقوائية ممنوعة، بل عدم وجوب الإعادة مطلقاً لا يخلو عن وجه.
[480] ـ لكن على المختار يكفي كون المجموع مسافة مطلقاً، وإن لم يكن إلى المقصد أربعة.
[481] ـ كما تقدّم.
[482] ـ الأقوائية ممنوعة، بل الأقوى وجوبه ; لظهور أدلّة الاُصول في الشكّ الذي له نحو ثابت، أو لانصرافه إليه، ومثل المقام ليس له ثبات ; لسهولة رفع الشكّ بالسؤال من المتبوع، كما أنّ أصل البراءة غير جارية لمن شكّ في الخمرية والمائية في حال غمض البصر، بحيث لو انفتح بصره يرتفع الشكّ عنه.
[483] ـ بل الظاهر وجوب القصر عليه، وإن لم يكن الباقي مسافة.
[484] ـ بل منه على الأقوى، فعليه التمام.
[485] ـ بل هو الأقوى.
[486] ـ مرّ عدم شرطية كون الذهاب أربعة، بل يكفي الثمانية مطلقاً.
[487] ـ وكذا بالنسبة إلى الصلاة على الأقوى.
[488] ـ والأظهر وجوب التمام عليه إذا كان بيته معه، وإلاّ وجب عليه القصر.
[489] ـ بل المدار كثرة السفر المشتهرة في ألسنة الفقهاء، لا اتّخاذ السفر عملاً وشغلاً له، وعليه فالحكم التمام، وإن سافر في غير عمله كالزيارة وغيرها، ما دام كثير السفر بعدم قطعه بالتوقّف عشرة أيّام في مكان، وكون المدار ما في المتن وإن كان هو الظاهر البدوي من التعليل في الأخبار بكونه عملاً له، إلاّ أنّه كناية عن عدم المشقّة كما لا يخفى، وإلاّ فالتعليل بالعمل تعليل تعبّدي كالمعلول، مع ظهور التعليل في الارتكازية، ومن المعلوم كون الإتمام لعلّة عدم المشقّة في السفر للمكاري ارتكازياً، فيتعدّى منه إلى مطلق كثير السفر الذي لا مشقّة له في السفر، ممّا يمكن تحقّقها لغيره.
[490] ـ فيما كان قصيراً، وإلاّ فمع طولها وتكرّر ذلك منه من مكان غير بلده إلى مكان آخر، فلا يبعد وجوب التمام ; لصدق عنوان كثير السفر عليه.
[491] ـ ظهر حكم السفرة الاُولى ممّا مرّ منّا في سابعها.
[492] ـ في مثل ما مثّل به من الأسفار القليلة، وأمّا الأسفار الكثيرة مع القصد من أوّل الأمر فالوجه التمام; لكونه كثير السفر، ولأنّ السفر عمله وفعله العادّي، ممّا لا مشقّة له فيه أصلاً، وبذلك يظهر حكم بقية مسائل الباب، فإنّ المناط في التمام كثرة السفر مطلقاً.
[493] ـ وإن كان الاكتفاء بتحقّق أحدهما مع عدم العلم بتحقّق الآخر، لا يخلو عن قوّة.
[494] ـ بل يكون معتبراً في محلّ الإقامة، بل في محلّ التردّد ثلاثين يوماً أيضاً، وكذلك الأمر بالوصول إلى حدّ الترخّص في المسألة التالية، فلا فرق فيه بين الوطن وبينهما.
[495] ـ إذا وصل إلى حدّ يسمع الأذان أو يرى الجدران، مع عدم علمه بعدم تحقّق الآخر، وأمّا مع علمه بعدم تحقّق الآخر فالأحوط الجمع أو التأخير إلى أن يحصل الآخر، وممّا في مثل الشرائع وما ذكرناه يظهر أنّ ما في مثل المتن من التعبير بالوصول إلى حدّ الترخّص فيه ما لا يخفى، فتدبّر جيّداً.
[496] ـ في الاحتياط تأمّل، بل الظاهر عدم الاحتياج إلى التقدير وكفاية خفاء البيوت.
[497] ـ فعليه أن يؤخّر الصلاة إلى أن يحصل له العلم أو يجمع بينهما في ذكر المكان احتياطاً ; قضاءً للعلم الإجمالي الموجود حين الذهاب، كما هو مفروض المتن على الظاهر، وأمّا إذا لم يلتفت إلى حاله في الإياب، فعليه التمام في الذهاب والقصر في الإياب ; قضاءً للأصلين وعدم العلم الإجمالي المؤثّر في شيء منها، أمّا في الذهاب فلأنّ المفروض عدمه، وأمّا في الإياب فلسقوط التكليف حال الذهاب بالإتيان تماماً عملا بالاستصحاب.
[498] ـ صدق الوطن بطول المدّة على ما في المتن، وإن كان محلّ إشكال بل منع ; لاعتبار قصد الدوام في صدقه، لكن ترتيب آثار الوطن فيما يتّخذه المسافر محلاًّ لإقامته مدة كثيرة، مثل إقامة الطلاب في الحوزات العلمية، والمأمورين للخدمة في محلّ كذلك، أو غيرهما من المماثلين لهما، لا يخلو من قوّة ; لعدم صدق المسافر والسير في الأرض عليهم، ومحض ذلك كاف في ترتيب أحكام الوطن، فإنّ ترتيب أحكام السفر من قصر الصلاة وغيره خلاف الأصل، ومنوط بصدقه، كما لا يخفى.
[499] ـ وأن لا يبعد الأزيد أيضاً.
[500] ـ لا إشكال فيه مطلقاً، ما لم يصل إلى المبيت زائداً عن الليلة الواحدة في خارج المحلّ، فقصد الخروج حال النيّة ولو مكرّراً إلى المزارع والبساتين، بل إلى ما دون المسافة، مع قصد العود عن قريب، بحيث لا يخرج عن صدق الإقامة، حتّى إذا كان من نيّته الخروج نهاراً والرجوع ليلاً، غير مضرّ بالقصد، ويجري عليه حكم المقيم. وأمّا الزائد عن الليلة الواحدة فمضرّ بقصد الإقامة، ولابدّ فيه من التقصير.
[501] ـ بل تعيّن التمام.
[502] ـ بل على الظاهر من دون إشكال.
[503] ـ بل وفي الذهاب والمقصد أيضاً.
[504] ـ مرّ حكمه.
[505] ـ مرّ عدم الإشكال فيه.
[506] ـ الأقربية ممنوعة والأظهر التمام.
[507] ـ وإن كان سقوطها كنوافل الظهرين لا يخلو عن قوّة.
[508] ـ بل وكذا فيما إذا كان عالماً بأصل الحكم وجاهلا ببعض الخصوصيات، أو كان عالماً بالحكم جاهلا بالموضوع قضاءً ; لحديثي الرفع والسعة.
[509] ـ على نحو ما مرّ في الشرط السابع من شرائط القصر.
[510] ـ بل الأقوى حكمه حكم المسافر الذي أتمّ صلاته، فلا يجب عليه الإعادة والقضاء، فيما حكمنا في المسألة الاُولى بعدم وجوبهما عليه.
[511] ـ وإن كان الإلحاق فيهما هو الأظهر.
[512] ـ بل وكذلك وروداً كما مرّ.
[513] ـ مع التخالف بين صلاة الإمام مع الاحتياط من جهة السورة كالركعتين الاُولتين، وكذا مع التخالف من حيث الجلوس والقيام.
[514] ـ في صلاة الطواف فقط.
[515] ـ بل لا يعتبر نيّته مطلقاً، نعم فيما يشترط فيه الجماعة يعتبر للإمام الوثوق بتحقّقها حين الشروع في الصلاة.
[516] ـ بل صحّت.
[517] ـ وأن لا يبعد الجواز
[518] ـ على الأقوى.
[519] ـ بل بعد دخوله في السجود أيضاً.
[520] ـ فالأحوط إتمام الصلاة جماعة أو فرادى، ثمّ الإعادة.
[521] ـ اعتبار عدم الحائل بين الإمام والمأموم المانع عن مشاهدته، وكذا اعتبار عدمه بين بعض المأمومين والبعض الآخر، الواسطة في الاتّصال مبنيّ على الاحتياط، وإنّما المعتبر في الجماعة عدم الفصل بين الإمام والمأموم بما لا يتخطّى من سترة أو جدار ونحوهما، وكذا الحال بين كلّ صفّ وسابقه.
[522] ـ وكذا العكس.
[523] ـ الواردين في موثّقة عمّار(أ).
أ ـ وسائل الشيعة 8: 411، كتاب الصلاة، أبواب صلاة الجماعة، الباب 63، الحديث 1.
[524] ـ ذات طبقات متعدّدة فلا يجوز اقتداء من في الطبقة الثالثة بمن كان في الطبقة الاُولى على الأقوى.
[525] ـ وإن كان الأقوى جواز المساواة.
[526] ـ على كون المانع الحائل، المانع عن المشاهدة، وأمّا على كون المانع الفصل بما لا يتخطّى، كما أنّه لا يخلو من قوّة يكون حائلاً، ومن ذلك يظهر حكم الزجاج، فإنّه ممّا لا يتخطّى.
[527] ـ وكان ممّا لا يتخطّى.
[528] ـ الظاهر كفاية صدق التهيؤ، ومع الشكّ فيه لابدّ من الاحتياط بإجراء حكم الحائل.
[529] ـ وإن كان الأقوى صحّة صلاتهم، وكذا الحال في المحراب الداخل.
[530] ـ وأن لا يبعد بقاء اقتداء المتأخّر.
[531] ـ الظاهر عدم الإشكال، فإنّ المناط في صحّة صلاة المتقدّم للمتأخّر صحّتها بحسب تقليده، لا بحسب تقليد المتأخّر.
[532] ـ مرّ الكلام فيه في المسألة الثالثة.
[533] ـ بنيّة القربة المطلقة.
[534] ـ أو بعد تكبيره للركوع.
[535] ـ مع الفرصة لها.
[536] ـ مذبوب، والاحتساب لا يخلو عن قوّة.
[537] ـ على الأحوط، وإن كان عدم شرطيته في الجملة لا يخلو من قوّة.
[538] ـ وإن كان جواز إمامة المرأة لمثلها لا تخلو عن قوّة، بل وجواز إمامتها للرجال أيضاً، لقاعدة الاشتراك، وإطلاق أخبار الجماعة وعمومها الدالّ على استحباب الجماعة مطلقاً، بل وبعض الأخبار الناهية عن الصلاة إلاّ خلف من تثق به مثلاً، ممّا تدلّ على أنّ الشرط في صحّة الجماعة كون الإمام موثوقاً به، فإنّه المناط في الصحّة، رجلاً كان أو امرأة، مثل قوله(عليه السلام): «لا تصلّ إلاّ خلف من تثق بدينه»(أ).
هذا مضافاً إلى أنّ الموضوع فيه أيضاً كلمة الموصول، الشاملة للمذكّر والمؤنث جميعاً. هذا مع ما في النبوي «أنّه(صلى الله عليه وآله)» أمر اُمّ ورقة أن تؤمّ أهل دارها وجعل لها مؤذّناً»(ب)، وهوالمروي في كتب الفروع(ج) لأصحابنا، مستدلّين به لجواز إمامة المرأة لمثلها. والظاهر أنّ الأهل أعمّ من المرأة.
ولا يخفى عليك أنّ ما استدلّوا به لعدم جواز إمامتها للرجال من الوجوه الكثيرة، كلّها مورد للمناقشة والإشكال، وغير قابلة للاستدلال، كما حقّقناه في البحث عن المسألة في جلسات متعدّدة اُسبوعية بحضور بعض الفضلاء من الأصدقاء، وذلك في شهر ذي الحجّة الحرام سنة 1422.
أ ـ وسائل الشيعة 8: 309، كتاب الصلاة، أبواب صلاة الجماعة، الباب 10، الحديث 2.
ب ـ كنز العمّال 4: 257.
ج ـ جواهر الكلام 13: 337.
[539] ـ والإصرار على الصغائر، وإلاّ فالصغيرة مع اجتناب الكبائر مكفّرة، وفي كتاب الله العزيز: (إنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفّرْ عَنْكُم سَيِّئاتِكُمْ)(أ).
أ ـ النساء (4): 31.
[540] ـ اعتبار الاجتناب عنها في حسن الظاهر الكاشف عن العدالة هو الأظهر، وأمّا اعتباره في حقيقة العدالة فعلى الأحوط، وإن كان الأظهر عدمه.
[541] ـ على الأحوط فيه.
[542] ـ على الأحوط فيه، وإن كان الجواز لا يخلو عن قوّة.
[543] ـ على الأحوط.
[544] ـ وإن كان الجواز لا يخلو عن قوّة.
[545] ـ وإن كان الجواز لا يخلو من وجه.
[546] ـ بل يصحّ، فإنّ المعيار في صحّة الاقتداء والجماعة صحّة صلاة الإمام عند نفسه وفي اعتقاده، ومن ذلك يظهر حكم فروع هذه المسألة.
[547] ـ لغير أمثالهم.
[548] ـ في كراهته تأمّل بل منع، وما استدلّ به لذلك من رواية الأصبغ، وخبر زيد بن علي، ففيه أنّ رواية الأصبغ ظاهرة في ترك الختان بلا عذر وعن عصيان، ويشهد عليه السياق(أ)، كما أنّ خبر زيد نصّ في ذلك قضاءً لما فيه من العلّة(ب).
أ ـ وسائل الشيعة 8: 322، كتاب الصلاة، أبواب صلاة الجماعة، الباب 14، الحديث 6.
ب ـ وسائل الشيعة 8: 320، كتاب الصلاة، أبواب صلاة الجماعة، الباب 13، الحديث 1.
[549] ـ كراهته غير ثابتة، نعم الأولى ترك الإمامة، كما لزم للمأمومين ترك الاقتداء به، فيما إذا تعدّ إمامته مع ذلك مخالفاً للمروّة.
[550] ـ إلاّ أن يكون ذا جهة راجحة، مثل إنّ النقص من جهة الجهاد والدفاع، فالعكس هو الأولى، كما لا يخفى.
عنوان بعدیعنوان قبلی




کلیه حقوق این اثر متعلق به پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی می باشد.
منبع: http://saanei.org