Loading...
error_text
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: کتابخانه عربی
اندازه قلم
۱  ۲  ۳ 
بارگزاری مجدد   
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: كتاب الوقف وأخواته

كتاب الوقف وأخواته

وهو تحبيس العين وتسبيل المنفعة . وفيه فضل كثير وثواب جزيل ، ففي الصحيح عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : «ليس يتبع الرجلَ بعد موته من الأجر إلاّ ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته، وسُنّة هدىً سَنّها فهي يعمل بها بعد موته، وولد صالح يدعو له» ، وبمضمونه روايات .

(مسألة 1) : يعتبر في الوقف الصيغة ، وهي كلّ ما دلّ على إنشاء المعنى المذكور ، مثل «وقفتُ» و «حبستُ» و «سبّلتُ» ، بل و«تصدّقتُ» إذا اقترن به ما يدلّ على إرادته ، كقوله : «صدقة مؤبّدة ، لا تُباع ولا تُوهب» ونحو ذلك ، وكذا مثل «جعلتُ أرضي موقوفة أو محبسة أو مسبّلة على كذا» . ولايعتبر فيه العربيّة ولا الماضويّة ، بل يكفي الجملة الاسميّة ، مثل : «هذا وقف» أو «هذه محبسة أو مسبّلة» .

(مسألة 2) : لابدّ في وقف المسجد من قصد عنوان المسجديّة ، فلو وقف مكاناً على صلاة المصلّين وعبادة المسلمين صحّ ، لكن لم يصر به مسجداً ما لم يكن المقصود عنوانه ، والظاهر كفاية قوله : «جعلته مسجداً» وإن لم يذكر ما يدلّ على وقفه وحبسه ، والأحوط أن يقول : «وقفته مسجداً» أو « . . . على أن يكون مسجداً» .

(مسألة 3) : الظاهر كفاية المعاطاة في مثل المساجد ، والمقابر ، والطرق والشوارع ، والقناطر ، والرباطات المعدّة لنزول المسافرين ، والأشجار المغروسة لانتفاع المارّة بظلّها أو ثمرها ، بل ومثل البواري للمساجد ، والقناديل للمشاهد ، وأشباه ذلك . وبالجملة : ما كان محبساً على مصلحة عامّة([1]) ، فلو بنى بناءً بعنوان المسجديّة ، وأذّن في الصلاة فيه للعموم ، وصلّى فيه بعض الناس ، كفى في وقفه وصيرورته مسجداً . وكذا لو عيّن قطعة من الأرض لأن تكون مقبرة للمسلمين ، وخلّى بينها وبينهم وأذن إذناً عامّاً للدفن فيها ، فدفنوا فيها بعض الأموات ، أو بنى قنطرة وخلّى بينها وبين العابرين فشرعوا في العبور عليها وهكذا .

(مسألة 4) : ما ذكرنا من كفاية المعاطاة في المسجد إنّما هو فيما إذا كان أصل البناء بقصد المسجديّة ; بأن نوى ببنائه وتعميره أن يكون مسجداً ، خصوصاً إذا حاز أرضاً مباحة لأجل المسجد وبنى فيها بتلك النيّة . وأمّا إذا كان له بناء مملوك ـ كدار أو خان ـ فنوى أن يكون مسجداً وصرف الناس بالصلاة فيه ـ من دون إجراء الصيغة عليه ـ يُشكل الاكتفاء به([2]) . وكذا الحال في مثل الرباط والقنطرة .

(مسألة 5) : لا إشكال في جواز التوكيل في الوقف . وفي جريان الفضوليّة فيه خلاف وإشكال لايبعد جريانها فيه([3]) ، لكن الأحوط خلافه .

(مسألة 6) : الأقوى عدم اعتبار القبول في الوقف على الجهات العامّة ، كالمساجد والمقابر والقناطر ونحوها . وكذا الوقف على العناوين الكلّية ، كالوقف على الفقراء والفقهاء ونحوهما . وأمّا الوقف الخاصّ ـ كالوقف على الذرّيّة ـ فالأحوط اعتباره فيه ، فيقبله الموقوف عليهم ، ويكفي قبول الموجودين ، ولايحتاج إلى قبول من سيوجد منهم بعد وجوده ، وإن كان الموجودون صغاراً أو فيهم صغار قام به وليّهم . لكن الأقوى عدم اعتبار القبول في الوقف الخاصّ أيضاً ، كما أنّ الأحوط رعاية القبول في الوقف العامّ أيضاً ، والقائم به الحاكم أو المنصوب من قبله .

(مسألة 7) : الأقوى عدم اعتبار قصد القربة حتّى في الوقف العامّ ; وإن كان الأحوط اعتباره مطلقاً .

(مسألة 8) : يشترط في صحّة الوقف القبض ، ويعتبر فيه أن يكون بإذن الواقف ، ففي الوقف الخاصّ يعتبر قبض الموقوف عليهم ، ويكفي قبض الطبقة الاُولى عن بقيّة الطبقات ، بل يكفي قبض الموجودين من الطبقة الاُولى عمّن سيوجد ، ولو كان فيهم قاصر قام وليّه مقامه ، ولو قبض بعض الموجودين دون بعض صحّ بالنسبة إلى من قبض دون غيره([4]) . وأمّا الوقف على الجهات العامّة والمصالح كالمساجد وما وقف عليها ، فإن جعل الواقف له قيّماً ومتولّياً اعتبر قبضه أو قبض الحاكم ، والأحوط عدم الاكتفاء بالثاني مع وجود الأوّل ، ومع عدم القيّم تعيّن الحاكم . وكذا الحال في الوقف على العناوين الكلّيّة كالفقراء والطلبة ، وهل يكفي قبض بعض أفراد ذلك العنوان ; بأن يقبض فقير في الوقف على الفقراء مثلاً ؟ لعلّ الأقوى ذلك فيما إذا سلّم الوقف إلى المستحقّ لاستيفاء ما يستحقّ ، كما إذا سلّم الدار الموقوفة على الفقراء للسكنى إلى فقير فسكنها ، أو الدابّة الموقوفة على الزوّار والحجّاج للركوب إلى زائر وحاجّ فركبها. نعم لايكفي مجرّد استيفاء المنفعة والثمرة من دون استيلاء على العين ، فإذا وقف بستاناً على الفقراء ، لايكفي في القبض إعطاء شيء من ثمرته لبعض الفقراء مع كون البستان تحت يده ، بل لايكفي ذلك في الإعطاء لوليّ العامّ أو الخاصّ أيضاً .

(مسألة 9) : لو وقف مسجداً أو مقبرة ، كفى في القبض صلاة واحدة فيه أو دفن ميّت واحد فيها بإذن الواقف ، وبعنوان التسليم والقبض .

(مسألة 10) : لو وقف الأب على أولاده الصغار ما كان تحت يده ـ وكذا كلّ وليّ إذا وقف على المولّى عليه ما كان تحت يده ـ لم يحتج إلى قبض حادث جديد ، لكن الأحوط أن يقصد كون قبضه عنه ، بل لايخلو من وجه .

(مسألة 11) : لو كانت العين الموقوفة بيد الموقوف عليه قبل الوقف ; بعنوان الوديعة أو العارية ـ مثلاً ـ لم يحتج إلى قبض جديد ; بأن يستردّها ثمّ يقبضها . نعم لابدّ أن يكون بقاؤها في يده بإذن الواقف . والأحوط ـ بل الأوجه ـ أن يكون بعنوان الوقفيّة .

(مسألة 12) : فيما يعتبر أو يكفي قبض المتولّي ـ كالوقف على الجهات العامّة ـ لو جعل الواقف التولية لنفسه لايحتاج إلى قبض آخر ، ويكفي ما هو حاصل ، والأحوط ـ بل الأوجه ـ أن يقصد قبضه بما أنّه متولّي الوقف .

(مسألة 13) : لا يُشترط في القبض الفوريّة ، فلو وقف عيناً في زمان ثمّ أقبضها في زمان متأخّر كفى ، وتمّ الوقف من حين القبض .

(مسألة 14) : لو مات الواقف قبل القبض بطل الوقف وكان ميراثاً .

(مسألة 15) : يشترط في الوقف الدوام([5]) ; بمعنى عدم توقيته بمدّة ، فلو قال : «وقفت هذا البستان على الفقراء إلى سنة» بطل وقفاً ، وفي صحّته حبساً أو بطلانه كذلك أيضاً وجهان . نعم لو قصد به الحبس صحّ .

(مسألة 16) : لو وقف على من ينقرض ـ كما إذا وقف على أولاده ـ واقتصر على بطن أو بطون ممّن ينقرض غالباً ، ولم يذكر المصرف بعد انقراضهم ، ففي صحّته وقفاً أو حبساً أو بطلانه رأساً أقوال ، والأقوى هو الأوّل ، فيصحّ الوقف المنقطع الآخر ; بأن يكون وقفاً حقيقة إلى زمان الانقراض والانقطاع ، وينقضي بعد ذلك ويرجع إلى الواقف أو ورثته ، بل خروجه عن ملكه([6]) في بعض الصور محلّ منع .

(مسألة 17) : الظاهر أنّ الوقف المؤبّد يوجب زوال ملك الواقف ، وأمّا الوقف المنقطع الآخر فكونه كذلك محلّ تأمّل . بخلاف الحبس ، فإنّه باق معه على ملك الحابس ويورّث ، ويجوز له التصرّفات غير المنافية لاستيفاء المُحبَس عليه المنفعة إلاّ التصرّفات الناقلة ، فإنّها لا تجوز ، بل الظاهر عدم جواز([7]) رهنه أيضاً ، لكن بقاء الملك على ملك الحابس في بعض الصور محلّ منع .

(مسألة 18) : لو انقرض الموقوف عليه ورجع إلى ورثة الواقف ، فهل يرجع إلى ورثته حين الموت أو حين الانقراض ؟ قولان ، أظهرهما الأوّل . وتظهر الثمرة فيما لو وقف على من ينقرض كزيد وأولاده ، ثمّ مات الواقف عن ولدين ، ومات بعده أحد الولدين عن ولد قبل الانقراض ثمّ انقرض ، فعلى الثاني يرجع إلى الولد الباقي ، وعلى الأوّل يشاركه ابن أخيه .

(مسألة 19) : من الوقف المنقطع الآخر ما كان الوقف مبنيّاً على الدوام ، لكن كان على من يصحّ الوقف عليه في أوّله دون آخره ، كما إذا وقف على زيد وأولاده وبعد انقراضهم على الكنائس والبيَع([8]) مثلاً ، فيصحّ بالنسبة إلى من يصحّ الوقف عليه دون غيره .

(مسألة 20) : الوقف المنقطع الأوّل إن كان بجعل الواقف ، كما إذا وقفه إذا جاء رأس الشهر الكذائي ، فالأحوط بطلانه([9]) ، فإذا جاء رأس الشهر المزبور فالأحوط تجديد الصيغة ، ولايترك هذا الاحتياط . وإن كان بحكم الشرع ; بأن وقف أوّلاً على ما لايصحّ الوقف عليه ، ثمّ على غيره ، فالظاهر صحّته بالنسبة إلى من يصحّ ، وكذا في المنقطع الوسط ، كما إذا كان الموقوف عليه في الوسط غير صالح للوقف عليه ، بخلافه في الأوّل والآخر ، فيصحّ على الظاهر في الطرفين ، والأحوط تجديده عند انقراض الأوّل في الأوّل ، والوسط في الثاني .

(مسألة 21) : لو وقف على جهة أو غيرها وشرط عوده إليه عند حاجته صحّ على الأقوى([10]) ، ومرجعه إلى كونه وقفاً مادام لم يحتج إليه ، ويدخل في منقطع الآخر ، وإذا مات الواقف فإن كان بعد طروّ الحاجة كان ميراثاً ، وإلاّ بقي على وقفيّته .

(مسألة 22) : يشترط في صحّة الوقف التنجيز على الأحوط([11]) ، فلو علّقه على شرط متوقّع الحصول ـ كمجيء زيد ـ أو على غير حاصل يقيني الحصول فيما بعد ، كما إذا قال : «وقفت إذا جاء رأس الشهر» ، بطل على الأحوط . نعم لابأس بالتعليق على شيء حاصل سواء علم بحصوله أم لا ، كما إذا قال : «وقفتُ إن كان اليوم جمعة» وكان كذلك .

(مسألة 23) : لو قال : «هو وقف بعد موتي» فإن فهم منه أنّه وصيّة بالوقف صحّ ، وإلاّ بطل([12]) .

(مسألة 24) : من شرائط صحّة الوقف إخراج نفسه عنه ، فلو وقف على نفسه لم يصحّ ، ولو وقف على نفسه وغيره فإن كان بنحو التشريك بطل بالنسبة إلى نفسه دون غيره ، وإن كان بنحو الترتيب فإن وقف على نفسه ثمّ على غيره فمن منقطع الأوّل ، وإن كان بالعكس فمنقطع الآخر ، وإن كان على غيره ثمّ نفسه ثمّ غيره فمنقطع الوسط ، وقد مرّ حكم الصور .

(مسألة 25) : لو وقف على غيره ـ كأولاده أو الفقراء مثلاً ـ وشرط أن يقضي ديونه ، أو يؤدّي ما عليه من الحقوق الماليّة ، كالزكاة والخمس ، أو ينفق عليه من غلّة الوقف ، لم يصحّ ، وبطل الوقف من غير فرق بين ما لو أطلق الدين أو عيّن ، وكذا بين أن يكون الشرط الإنفاق عليه وإدرار مؤونته إلى آخر عمره ، أو إلى مدّة معيّنة ، وكذا بين تعيين المؤونة وعدمه . هذا كلّه إن رجع الشرط إلى الوقف لنفسه . وأمّا إن رجع إلى الشرط على الموقوف عليهم ; بأن يؤدّوا ما عليه أو ينفقوا عليه من منافع الوقف التي صارت ملكاً لهم فالأقوى صحّته([13]) ، كما أنّ الأقوى صحّة استثناء مقدار ما عليه من منافع الوقف . ثمّ إنّ في صورة بطلان الشرط تختلف الصور ، ففي بعضها يمكن أن يقال بالصحّة بالنسبة إلى ما يصحّ ، كما لو شرّك نفسه مع غيره ، وفي بعضها يصير من قبيل منقطع الأوّل ، فيصحّ على الظاهر فيما بعده ، لكن الاحتياط بإجراء الصيغة في مواردها لاينبغي تركه .

(مسألة 26) : لو شرط أكل أضيافه ومن يمرّ عليه من ثمرة الوقف جاز ، وكذا لو شرط إدرار مؤونة أهله وعياله وإن كان ممّن يجب نفقته عليه ـ حتّى الزوجة الدائمة ـ إذا لم يكن بعنوان النفقة الواجبة عليه حتّى تسقط عنه ، وإلاّ رجع إلى الوقف على النفس .

(مسألة 27) : لو آجر عيناً ثمّ وقفها صحّ الوقف ، وبقيت الإجارة على حالها ، وكان الوقف مسلوب المنفعة في مدّة الإجارة ، فإن انفسخت ـ بالفسخ أو الإقالة ـ بعد تماميّة الوقف ، رجعت المنفعة إلى الواقف المؤجر ، دون الموقوف عليهم .

(مسألة 28) : لا إشكال في جواز انتفاع الواقف بالأوقاف على الجهات العامّة ، كالمساجد والمدارس والقناطر والخانات المعدّة لنزول المسافرين ونحوها . وأمّا الوقف على العناوين العامّة ـ كفقراء المحلّ مثلاً ـ إذا كان الواقف داخلاً في العنوان حين الوقف ، أو صار داخلاً فيه فيما بعد ، فإن كان المراد التوزيع عليهم ، فلا إشكال في عدم جواز أخذ حصّته من المنافع ، بل يلزم أن يقصد من العنوان المذكور حين الوقف من عدا نفسه ، ويقصد خروجه عنه ، ومن ذلك ما لو وقف شيئاً على ذرّيّة أبيه أو جدّه إن كان المقصود البسط والتوزيع ، كما هو الشائع المتعارف فيه . وإن كان المراد بيان المصرف ـ كما هو الغالب المتعارف في الوقف على الفقراء والزوّار والحجّاج ونحوهم ـ فلا إشكال في خروجه وعدم جواز الانتفاع به إذا قصد خروجه . وأمّا لو قصد الإطلاق والعموم بحيث يشمل نفسه فالأقوى جواز الانتفاع ، والأحوط خلافه ، بل يكفي في جوازه عدم قصد الخروج ، وهو أولى به ممّن قصد الدخول .

(مسألة 29) : يعتبر في الواقف : البلوغ والعقل والاختيار وعدم الحجر لفلس أو سفه ، فلايصحّ([14]) وقف الصبيّ وإن بلغ عشراً على الأقوى . نعم حيث إنّ الأقوى صحّة وصيّة من بلغه([15]) ـ كما يأتي ـ فإن أوصى به صحّ وقف الوصيّ عنه .

(مسألة 30) : لايعتبر في الواقف أن يكون مسلماً ، فيصحّ وقف الكافر فيما يصحّ من المسلم على الأقوى ، وفيما يصحّ منه على مذهبه إقراراً له على مذهبه .

(مسألة 31) : يعتبر في الموقوف : أن يكون عيناً مملوكة ، يصحّ الانتفاع به منفعة محلّلة ، مع بقاء عينه بقاءً معتدّاً به ، غير متعلّق لحق الغير المانع من التصرّف ، ويمكن قبضه . فلايصحّ وقف المنافع([16]) ، ولا الديون ، ولا ما لايملك مطلقاً كالحرّ ، أو لايملكه المسلم كالخنزير ، ولا ما لا انتفاع به إلاّ بإتلافه كالأطعمة والفواكه ، ولا ما انحصر انتفاعه المقصود في المحرّم كآلات اللهو والقمار ، ويلحق به ما كانت المنفعة المقصودة من الوقف محرّمة ، كما إذا وقف الدابّة لحمل الخمر ، أو الدكّان لحرزها أو بيعها ، وكذا لايصحّ وقف ريحانة للشمّ على الأصحّ ; لعدم الاعتداد ببقائها ، ولا العين المرهونة ، ولا ما لايمكن قبضه([17])كالدابّة الشاردة . ويصحّ وقف كلّ ما صحّ الانتفاع به مع بقاء عينه بالشرائط ، كالأراضي ، والدُّور ، والعقار ، والثياب ، والسلاح ، والآلات المباحة ، والأشجار ، والمصاحف ، والكتب ، والحليّ ، وصنوف الحيوان ; حتّى الكلب المملوك والسنّور ونحوها .

(مسألة 32) : لايعتبر في العين الموقوفة كونها ممّا يُنتفع بها فعلاً ، بل يكفي كونها معرضاً للانتفاع ، ولو بعد مدّة ، فيصحّ وقف الدابّة الصغيرة والاُصول المغروسة التي لا تُثمر إلاّ بعد سنين .

(مسألة 33) : المنفعة المقصودة في الوقف أعمّ من المنفعة المقصودة في العارية والإجارة ، فتشمل النماءات والثمرات ، فيصحّ وقف الأشجار لثمرها والشاة لصوفها ولبنها ونتاجها .

(مسألة 34) : ينقسم الوقف باعتبار الموقوف عليه على قسمين : الوقف الخاصّ ، وهو ما كان وقفاً على شخص أو أشخاص ، كالوقف على أولاده وذرّيّته أو على زيد وذرّيّته ، والوقف العامّ ، وهو ما كان على جهة ومصلحة عامّة ، كالمساجد والقناطر والخانات ، أو على عنوان عامّ كالفقراء والأيتام ونحوهما .

(مسألة 35) : يعتبر في الوقف الخاصّ وجود الموقوف عليه حين الوقف ، فلايصحّ الوقف ابتداءً على المعدوم ، ومن سيوجد بعدُ([18]) ، وكذا الحمل قبل أن يولد . والمراد بكونه ابتداءً : أن يكون هو الطبقة الاُولى من دون مشاركة موجود في تلك الطبقة ، فلو وقف على المعدوم أو الحمل تبعاً للموجود ; بأن يجعل طبقة ثانية ، أو مساوياً للموجود في الطبقة بحيث شاركه عند وجوده ، صحّ بلا إشكال ، كما إذا وقف على أولاده الموجودين ومن سيولد له على التشريك أو الترتيب ، بل لايلزم أن يكون في كلّ زمان وجود الموقوف عليه وولادته ، فلو وقف على ولده الموجود وعلى ولد ولده بعده ، ومات الولد قبل ولادة ولده ، فالظاهر صحّته ، ويكون الموقوف عليه بعد موته الحمل ، فما لايصحّ الوقف عليه هو المعدوم أو الحمل ابتداءً بنحو الاستقلال لا التبعية .

(مسألة 36) : لايعتبر في الوقف على العنوان العامّ وجود مصداقه في كلّ زمان ، بل يكفي إمكان وجوده مع وجوده فعلاً في بعض الأزمان ، فلو وقف بُستاناً ـ مثلاً ـ على فقراء البلد ولم يكن في زمان الوقف فقير فيه ، لكن سيوجد صحّ الوقف ، ولم يكن من منقطع الأوّل ، كما أنّه مع فقده بعد وجوده لم يكن منقطع الوسط ، بل هو باق على وقفيّته ، فيحفظ غَلّته إلى أن يوجد .

(مسألة 37) : يشترط في الموقوف عليه التعيين ، فلو وقف على أحد الشخصين أو أحد المسجدين لم يصحّ([19]) .

(مسألة 38) : الظاهر صحّة الوقف على الذمّي([20]) والمرتدّ لا عن فطرة ; سيّما إذا كان رحماً . وأمّا الكافر الحربي والمرتدّ عن فطرة فمحلّ تأمّل([21]) .

(مسألة 39) : لايصحّ الوقف على الجهات المحرّمة وما فيه إعانة على المعصية ، كمعونة الزنا وقطع الطريق وكتابة كتب الضلال ، وكالوقف على البيع والكنائس([22]) وبيوت النيران ; لجهة عمارتها وخدمتها وفرشها ومعلّقاتها وغيرها . نعم يصحّ وقف الكافر عليها .

(مسألة 40) : لو وقف مسلم على الفقراء أو فقراء البلد انصرف إلى فقراء المسلمين ، بل الظاهر أنّه لو كان الواقف شيعيّاً انصرف إلى فقراء الشيعة ، ولو وقف كافر على الفقراء انصرف إلى فقراء نحلته ، فاليهود إلى اليهود ، والنصارى إلى النصارى وهكذا ، بل الظاهر أنّه لو كان الواقف مخالفاً انصرف إلى فقراء أهل السنّة . نعم الظاهر أنّه لايختصّ بمن يوافقه في المذهب ، فلا انصراف لو وقف الحنفي إلى الحنفي ، والشافعي إلى الشافعي وهكذا .

(مسألة 41) : لو كان أفراد عنوان الموقوف عليه منحصرة في أفراد محصورة معدودة ـ كما لو وقف على فقراء محلّة أو قرية صغيرة ـ توزّع منافع الوقف على الجميع ، وإن كانوا غير محصورين لم يجب الاستيعاب ، لكن لايترك الاحتياط بمراعاة الاستيعاب العرفي مع كثرة المنفعة ، فتوزّع على جماعة معتدّ بها بحسب مقدار المنفعة .

(مسألة 42) : لو وقف على فقراء قبيلة ـ كبني فلان ـ وكانوا متفرّقين لم يقتصر على الحاضرين ، بل يجب تتبّع الغائبين وحفظ حصّتهم للإيصال إليهم ، ولو صعب إحصاؤهم يجب الاستقصاء بمقدار الإمكان وعدم الحرج على الأحوط . نعم لو كان عدد فقراء القبيلة غير محصور ـ كبني هاشم ـ جاز الاقتصار على الحاضرين . كما أنّ الوقف لو كان على الجهة جاز اختصاص الحاضرين به ، ولايجب الاستقصاء .

(مسألة 43) : لو وقف على المسلمين ، كان لمن أقرّ بالشهادتين ; إذا كان الواقف ممّن يرى أنّ غير أهل مذهبه ـ أيضاً ـ من المسلمين . ولو وقف الإمامي على المؤمنين اختصّ بالاثني عشريّة ، وكذا لو وقف على الشيعة .

(مسألة 44) : لو وقف في سبيل الله يصرف في كلّ ما يكون وصلة إلى الثواب ، وكذلك لو وقف في وجوه البرّ .

(مسألة 45) : لو وقف على أرحامه أو أقاربه فالمرجع العرف ، ولو وقف على الأقرب فالأقرب كان ترتيبيّاً على كيفيّة طبقات الإرث([23]) .

(مسألة 46) : لو وقف على أولاده اشترك الذكر والاُنثى والخُنثى ، ويقسّم بينهم على السواء ، ولو وقف على أولاد أولاده عمّ أولاد البنين والبنات ; ذكورهم وإناثهم بالسويّة .

(مسألة 47) : لو قال : «وقفت على ذرّيّتي» عمّ البنين والبنات وأولادهم بلا واسطة ومعها ذكوراً وإناثاً ، وتشارك الطبقات اللاحقة مع السابقة ، ويكون على الرؤوس بالسويّة ، وكذا لو قال : «وقفتُ على أولادي وأولاد أولادي» ، فإنّ الظاهر منهما التعميم لجميع الطبقات أيضاً . نعم لو قال : «وقفت على أولادي ، ثمّ على الفقراء» أو قال : «وقفت على أولادي وأولاد أولادي ، ثمّ على الفقراء» فلايبعد أن يختصّ بالبطن الأوّل في الأوّل ، وبالبطنين في الثاني ، خصوصاً في الصورة الاُولى .

(مسألة 48) : لو قال : «وقفت على أولادي نسلاً بعد نسل وبطناً بعد بطن» ، فالظاهر المتبادر منه عرفاً أنّه وقف ترتيب ، فلايشارك الولد أباه ولا ابن الأخ عمّه .

(مسألة 49) : لو علم من الخارج وقفيّة شيء على الذرّيّة ، ولم يعلم أنّه وقف تشريك أو ترتيب ، فالظاهر فيما عدا قسمة الطبقة الاُولى الرجوع إلى القُرعة .

(مسألة 50) : لو قال : «وقفت على أولادي الذكور نسلاً بعد نسل» يختصّ بالذكور من الذكور في جميع الطبقات ، ولايشمل الذكور من الإناث .

(مسألة 51) : لو كان الوقف ترتيبيّاً كانت الكيفيّة تابعة لجعل الواقف : فتارة : جعل الترتيب بين الطبقة السابقة واللاحقة ، ويراعى الأقرب فالأقرب إلى الواقف ، فلايشارك الولد أباه ، ولا ابن الأخ عمّه وعمّته ، ولا ابن الاُخت خاله وخالته . واُخرى : جعل الترتيب بين خصوص الآباء من كلّ طبقة وأبنائهم ، فإذا كانت إخوة ولبعضهم أولاد لم يكن للأولاد شيء مادام حياة الآباء ، فإذا توفّي الآباء شارك الأولاد أعمامهم . وله أن يجعل الترتيب على أيّ نحو شاء ، ويتّبع .

(مسألة 52) : لو قال : «وقفت على أولادي طبقة بعد طبقة» ، فإذا مات([24]) أحدهم وكان له ولد فنصيبه لولده ، ولو مات([25]) أحدهم وله ولد يكون نصيبه له ، ولو تعدّد الولد يقسّم نصيبه بينهم على الرؤوس ، وإذا مات من لا ولد له فنصيبه لمن كان في طبقته ، ولايشاركهم الولد الذي أخذ نصيب والده .

(مسألة 53) : لو وقف على العلماء انصرف إلى علماء الشريعة([26]) ، فلايشمل غيرهم كعلماء الطبّ والنجوم والحكمة .

(مسألة 54) : لو وقف على أهل مشهد ـ كالنجف مثلاً ـ اختصّ بالمتوطّنين والمجاورين ، ولايشمل الزوّار والمتردّدين .

(مسألة 55) : لو وقف على المشتغلين في النجف ـ مثلاً ـ من أهل بلد كطهران أو غيره ، اختصّ بمن هاجر من بلده إليه للاشتغال ، ولايشمل من جعله وطناً له معرضاً عن بلده .

(مسألة 56) : لو وقف على مسجد ، فمع الإطلاق صرفت منافعه في تعميره وضوئه وفرشه وخادمه ، ولوزاد شيء يُعطى لإمامه([27]) .

(مسألة 57) : لو وقف على مشهد يصرف في تعميره وضوئه وخدّامه المواظبين لبعض الأشغال اللازمة المتعلّقة به .

(مسألة 58) : لو وقف على سيّد الشهداء(عليه السلام) يُصرف في إقامة تعزيته ; من اُجرة القارئ وما يُتعارف صرفه في المجلس للمستمعين وغيرهم .

(مسألة 59) : لا إشكال في أنّه بعد تماميّة الوقف ، ليس للواقف التغيير في الموقوف عليه ; بإخراج بعض من كان داخلاً أو إدخال من كان خارجاً ; إذا لم يشترط ذلك في ضمن عقد الوقف . وهل يصحّ ذلك إذا شرطه ؟ لايبعد عدم الجواز([28]) مطلقاً ; لا إدخالاً ولا إخراجاً ، فلو شرط ذلك بطل شرطه ، بل الوقف على إشكال ، ومثل ذلك([29]) لو شرط نقل الوقف من الموقوف عليهم إلى من سيوجد . نعم لو وقف على جماعة إلى أن يوجد من سيوجد ، وبعد ذلك كان الوقف على من سيوجد ، صحّ بلا إشكال .

(مسألة 60) : لو علم وقفيّة شيء ولم يعلم مصرفه ـ ولو من جهة نسيانه ـ فإن كانت المحتملات متصادقة غير متباينة يُصرف في المتيقّن ، كما إذا لم يدرِ أنّه وقف على الفقراء أو الفقهاء ، فيقتصر على مورد تصادق العنوانين . وإن كانت متباينة ، فإن كان الاحتمال بين اُمور محصورة ، كما إذا لم يدر أنّه وقف على المسجد الفلاني أو المشهد الفلاني ، أو فقراء هذا البلد أو ذاك ، يقرع ويعمل بها . وإن كان بين اُمور غير محصورة ، فإن كان بين عناوين وأشخاص غير محصورة ، كما علم أنّه وقف على ذرّيّة أحد أفراد المملكة الفلانيّة ، ولا طريق إلى معرفته ، كانت منافعه بحكم مجهول المالك ، فيتصدّق بها بإذن الحاكم على الأحوط ، والأولى أن لايخرج التصدّق عن المحتملات مع كونها مورداً له . وإن كان مردّداً بين الجهات غير المحصورة ، كما علم أنّه وقف على جهة من الجهات ; ولم يعلم أنّها مسجد أو مشهد أو قنطرة أو تعزية سيّد الشهداء(عليه السلام) أو إعانة الزوّار وهكذا ، تصرف المنافع في وجوه البرّ بشرط عدم الخروج عن مورد المحتملات .

(مسألة 61) : لو كان للعين الموقوفة منافع متجدّدة وثمرات متنوّعة ، يملك الموقوف عليهم جميعها مع إطلاق الوقف ، ففي الشاة الموقوفة يملكون صوفها المتجدّدة ولبنها ونتاجها وغيرها ، وفي الشجر والنخل ثمرهما ومنفعة الاستظلال بهما والسعف والأغصان والأوراق اليابسة ، بل وغيرها ممّا قطعت للإصلاح ، وكذا فروخهما وغير ذلك . وهل يجوز في الوقف التخصيص ببعض المنافع ; حتّى يكون للموقوف عليهم بعض المنافع دون بعض ؟ الأقوى ذلك .

(مسألة 62) : لو وقف على مصلحة فبطل رسمها ، كما إذا وقف على مسجد أو مدرسة أو قنطرة فخربت ولم يمكن تعميرها ، أو لم تحتج إلى مصرف ; لانقطاع من يصلّي في المسجد والطلبة والمارّة ، ولم يرج العود ، صرف الوقف في وجوه البرّ ، والأحوط صرفه في مصلحة اُخرى من جنس تلك المصلحة ، ومع التعذّر يراعى الأقرب فالأقرب منها .

(مسألة 63) : إذا خرب المسجد لم تخرج عرصته عن المسجديّة ، فتجري عليها أحكامها إلاّ في بعض الفروض([30]) . وكذا لو خربت القرية التي هو فيها بقي المسجد على صفة المسجدية .

(مسألة 64) : لو وقف داراً على أولاده أو على المحتاجين منهم ، فإن أطلق فهو وقف منفعة ، كما إذا وقف عليهم قرية أو مزرعة أو خاناً ونحوها يملكون منافعها ، فلهم استنماؤها ، فيقسّمون بينهم ما حصل منها ـ بإجارة وغيرها ـ على حسب ما قرّره الواقف من الكمّية والكيفيّة ، وإن لم يقرّر كيفيّة في القسمة يقسّمونه بينهم بالسويّة . وإن وقفها عليهم لسكناهم فهو وقف انتفاع ، ويتعيّن لهم ذلك ، وليس لهم إجارتها . وحينئذ إن كفت لسكنى الجميع فلهم أن يسكنوها ، وليس لبعضهم أن يستقلّ به ويمنع غيره . وإن وقع بينهم تشاحّ في اختيار الحجر ، فإن جعل الواقف متوليّاً يكون له النظر في تعيين المسكن للساكن ، كان نظره وتعيينه هو المتّبع ، ومع عدمه كانت القرعة هي المرجع . ولو سكن بعضهم ولم يسكنها بعض ، فليس له مطالبة الساكن باُجرة حصّته إن لم يكن مانعاً عنه ، بل هو لم يسكن باختياره أو لمانع خارجيّ . وإن لم تكف لسكنى الجميع فإن تسالموا على المهاياة أو غيرها فهو ، وإلاّ كان المتّبع نظر المتولّي من قبل الواقف لتعيين الساكن ، ومع فقده فالمرجع القرعة ، فمن خرج اسمه يسكن ، وليس لمن لم يسكن مطالبته باُجرة حصّته .

(مسألة 65) : الثمر الموجود حال الوقف على النخل والشجر لايكون للموقوف عليهم([31]) ، بل هو باق على ملك الواقف ، وكذلك الحمل الموجود حال وقف الحامل . نعم في الصوف على الشاة واللبن في ضرعها إشكال ، فلايترك الاحتياط([32]) .

(مسألة 66) : لو قال : «وقفت على أولادي وأولاد أولادي» شمل جميع البطون كما مرّ ، فمع اشتراط الترتيب أو التشريك أو المساواة أو التفضيل أو الذكورة أو الاُنوثة أو غير ذلك ، يكون هو المتّبع ، ولو أطلق فمقتضاه التشريك والشمول للذكور والإناث والمساواة وعدم التفضيل . ولو قال : «وقفت على أولادي ، ثمّ على أولاد أولادي» ، أفاد الترتيب بين الأولاد وأولاد الأولاد قطعاً ، وأمّا بالنسبة إلى البطون اللاحقة فالظاهر عدم الدلالة على الترتيب ، فيشترك أولاد الأولاد مع أولادهم ، إلاّ إذا قامت القرينة على أنّ حكمهم كحكمهم مع الأولاد ; وأنّ ذكر الترتيب بين الأولاد وأولاد الأولاد من باب المثال ، والمقصود الترتيب في سلسلة الأولاد ; وأنّ الوقف للأقرب فالأقرب إلى الواقف .

(مسألة 67) : لاينبغي الإشكال في أنّ الوقف بعد تماميّته ، يوجب زوال ملك الواقف عن العين الموقوفة إلاّ في منقطع الآخر الذي مرّ التأمّل([33]) في بعض أقسامه . كما لاينبغي الريب في أنّ الوقف على الجهات العامّة ، كالمساجد والمشاهد والقناطر والخانات والمقابر والمدارس ، وكذا أوقاف المساجد والمشاهد وأشباه ذلك ، لايملكها أحد ، بل هو فكّ الملك وتسبيل المنافع على جهات معيّنة . وأمّا الوقف الخاصّ كالوقف على الأولاد ، والوقف العامّ على العناوين العامّة كالفقراء والعلماء ونحوهما ، فهل يكون كالوقف على الجهات العامّة لايملك الرقبة أحد ; سواء كان وقف منفعة ; بأن وقف ليكون منافع الوقف لهم ، فيستوفونها بأنفسهم أو بالإجارة أو ببيع الثمرة وغير ذلك ، أو وقف انتفاع كما إذا وقف الدار لسكنى ذرّيّته أو الخان لسكنى الفقراء ، أو يملك الموقوف عليهم رقبته ملكاً غير طلق مطلقاً ، أو تفصيل بين وقف المنفعة ووقف الانتفاع ، فالثاني كالوقف على الجهات العامّة دون الأوّل ، أو بين الوقف الخاصّ فيملك الموقوف عليه ملكاً غير طلق ، والوقف العامّ فكالوقف على الجهات ؟ وجوه . لايبعد أن يكون اعتبار الوقف ـ في جميع أقسامه ـ إيقاف العين لدرّ المنفعة على الموقوف عليه ، فلا تصير العين ملكاً لهم ، وتخرج عن ملك الواقف إلاّ في بعض صور المنقطع الآخر ، كما مرّ .

(مسألة 68) : لايجوز تغيير الوقف([34]) وإبطال رسمه وإزالة عنوانه ولو إلى عنوان آخر ، كجعل الدار خاناً أو دكّاناً أو بالعكس ، نعم لو كان الوقف وقف منفعة ، وصار بعنوانه الفعلي مسلوب المنفعة أو قليلها في الغاية ، لايبعد جواز تبديله إلى عنوان آخر ذي منفعة ، كما إذا صار البستان من جهة انقطاع الماء عنه أو لعارض آخر لم ينتفع به ، بخلاف ما إذا جعل داراً أو خاناً .

(مسألة 69) : لو خرب الوقف وانهدم وزال عنوانه ، كالبستان انقلعت أو يبست أشجاره ، والدار تهدّمت حيطانها وعفت آثارها ، فإن أمكن تعميره وإعادة عنوانه ولو بصرف حاصله الحاصل بالإجارة ونحوها لزم ، وتعيّن على الأحوط ، وإلاّ ففي خروج العرصة عن الوقفيّة وعدمه ، فيُستنمى منها بوجه آخر ـ ولو بزرع ونحوه ـ وجهان بل قولان ، أقواهما الثاني . والأحوط أن تجعل وقفاً ويجعل مصرفه وكيفيّاته على حسب الوقف الأوّل .

(مسألة 70) : إذا احتاجت الأملاك الموقوفة إلى تعمير وترميم وإصلاح لبقائها والاستنماء منها ، فإن عيّن الواقف لها ما يصرف فيها فهو ، وإلاّ يصرف فيها من نمائها على الأحوط مقدّماً على حقّ الموقوف عليهم ، والأحوط لهم الرضا بذلك ، ولو توقّف بقاؤها على بيع بعضها جاز .

(مسألة 71) : الأوقاف على الجهات العامّة ـ التي مرّ أنّها لايملكها أحد ـ كالمساجد والمشاهد والمدارس والمقابر والقناطر ونحوها ، لايجوز بيعها بلا إشكال في مثل الأوّلين([35]) ، وعلى الأحوط في غيره وإن آل إلى ما آل ; حتّى عند خرابها واندراسها بحيث لايرجى الانتفاع بها في الجهة المقصودة أصلاً ، بل تبقى على حالها([36]) ، هذا بالنسبة إلى أعيانها . وأمّا ما يتعلّق بها ـ من الآلات والفَرش وثياب الضرائح وأشباه ذلك ـ فما دام يمكن الانتفاع بها باقيةً على حالها لايجوز بيعها ، وإن أمكن الانتفاع بها في المحلّ الذي اُعدّت له بغير ذلك الانتفاع الذي اُعدّت له ، بقيت على حالها أيضاً ، فالفرش المتعلّقة بمسجد أو مشهد إذا أمكن الافتراش بها في ذلك المحلّ ، بقيت على حالها فيه ، ولو فُرض استغناؤه عن الافتراش بالمرّة ، لكن يحتاج إلى ستر يقي أهله من الحرّ أو البرد ـ مثلاً ـ تجعل ستراً لذلك المحلّ ، ولو فرض استغناء المحلّ عنها بالمرّة ; بحيث لايترتّب على إمساكها وإبقائها فيه إلاّ الضياع والضرر والتلف ، تجعل في محلّ آخر مماثل له ; بأن تجعل ما للمسجد لمسجد آخر ، وما للمشهد لمشهد آخر ، فإن لم يكن المماثل ، أو استغنى عنها بالمرّة ، جعلت في المصالح العامّة . هذا إذا أمكن الانتفاع بها باقيةً على حالها . وأمّا لو فرض أنّه لايمكن الانتفاع بها إلاّ ببيعها ـ وكانت بحيث لو بقيت على حالها ضاعت وتلفت ـ بيعت ، وصرف ثمنها في ذلك المحلّ إن احتاج إليه ، وإلاّ ففي المماثل ، ثمّ المصالح حسب ما مرّ .

(مسألة 72) : كما لايجوز بيع([37]) تلك الأوقاف ، الظاهر أنّه لايجوز إجارتها ، ولو غصبها غاصب واستوفى منها غير تلك المنافع المقصودة منها ـ كما إذا جعل المسجد أو المدرسة بيت المسكن ـ فلايبعد أن تكون عليه اُجرة المثل في مثل المدارس والخانات والحمّامات ، دون المساجد([38]) والمشاهد والمقابر والقناطر ونحوها . ولو أتلف أعيانها متلف فالظاهر ضمانه ، فيؤخذ منه القيمة ، وتصرف في بدل التالف ومثله .

(مسألة 73) : الأوقاف الخاصّة كالوقف على الأولاد ، والأوقاف العامّة التي كانت على العناوين العامّة كالفقراء ، لايجوز بيعها ونقلها بأحد النواقل إلاّ لعروض بعض العوارض وطروّ بعض الطوارئ ، وهي اُمور :

الأوّل : ما إذا خربت بحيث لايمكن إعادتها إلى حالها الاُولى ، ولا الانتفاع بها إلاّ ببيعها والانتفاع بثمنها ، كالحيوان المذبوح والجذع البالي والحصير الخلق ، فتباع ويشترى بثمنها ما ينتفع به الموقوف عليهم ، والأحوط ـ لو لم يكن الأقوى([39]) ـ مراعاة الأقرب فالأقرب إلى العين الموقوفة .

الثاني : أن يسقط بسبب الخراب أو غيره عن الانتفاع المعتدّ به ; بحيث كان الانتفاع به بحكم العدم بالنسبة إلى أمثال العين الموقوفة ـ بشرط أن لا يُرجى العود كما مرّ ـ كما إذا انهدمت الدار واندرس البستان ، فصار عرصة لايمكن الانتفاع بها إلاّ بمقدار جزئيّ جدّاً يكون بحكم العدم بالنسبة إليهما ، لكن لو بيعت يمكن أن يشترى بثمنها دار أو بستان آخر أو ملك آخر ; تساوي منفعته منفعة الدار أو البستان ، أو تقرب منها ، أو تكون مُعتدّاً بها . ولو فرض أنّه على تقدير بيعها لايشترى بثمنها إلاّ ما يكون منفعتها كمنفعتها ـ باقيةً على حالها ـ أو قريب منها لم يجز بيعها ، وتبقى على حالها .

الثالث : ما إذا اشترط الواقف في وقفه أن يباع عند حدوث أمر ، مثل قلّة المنفعة ، أو كثرة الخراج أو المخارج ، أو وقوع الخلاف بين أربابه ، أو حصول ضرورة أو حاجة لهم ، أو غير ذلك ، فلا مانع من بيعه عند حدوث ذلك الأمر على الأقوى .

الرابع : ما إذا وقع بين أرباب الوقف اختلاف شديد ; لايؤمن معه من تلف الأموال والنفوس ، ولاينحسم ذلك إلاّ ببيعه ، فيباع ويقسّم ثمنه بينهم . نعم لو فُرض أنّه يرتفع الاختلاف ببيعه وصرف الثمن في شراء عين اُخرى ، أو تبديل العين الموقوفة بالاُخرى ، تعيّن ذلك ، فتشترى بالثمن عين اُخرى أو يبدّل بآخر ، فيجعل وقفاً ويبقى لسائر البطون ، والمتولّي للبيع في الصور المذكورة وللتبديل ولشراء عين اُخرى ، هو الحاكم أو المنصوب من قبله إن لم يكن متولّ منصوب من قبل الواقف([40]) .

(مسألة 74) : لا إشكال في جواز إجارة ما وقف وقف منفعة ـ سواء كان وقفاً خاصّاً أو عامّاً ـ على العناوين أو على الجهات والمصالح العامّة ، كالدكاكين والمزارع الموقوفة على الأولاد أو الفقراء أو الجهات العامّة ; حيث إنّ المقصود استنماؤها بإجارة ونحوها ووصول نفعها إلى الموقوف عليهم ، بخلاف ما كان وقف انتفاع ، كالدار الموقوفة على سُكنى الذرّيّة وكالمدرسة والمقبرة والقنطرة والخانات الموقوفة لنزول المارّة ، فإنّ الظاهر([41]) عدم جواز إجارتها في حال من الأحوال .

(مسألة 75) : لو خرب بعض الوقف ـ بحيث جاز بيعه ـ واحتاج بعضه الآخر إلى التعمير لحصول المنفعة ، فإن أمكن تعمير ذلك البعض المحتاج من منافعه ، فالأحوط تعميره منها ، وصرف ثمن البعض الآخر في اشتراء مثل الموقوفة ، وإن لم يمكن لايبعد أن يكون الأولى ـ بل الأحوط ـ أن يصرف الثمن في التعمير المحتاج إليه . وأمّا جواز صرفه لتعميره الموجب لتوفير المنفعة فبعيد([42]) . نعم لو لم يكن الثمن بمقدار شراء مثل الموقوفة يصرف في التعمير ولو للتوفير .

(مسألة 76) : لا إشكال في جواز إفراز الوقف عن الملك الطلق ; فيما إذا كانت العين المشتركة بينهما ، فيتصديه مالك الطلق مع متولّي الوقف أو الموقوف عليهم . بل الظاهر جواز قسمة الوقف ـ أيضاً ـ لو تعدّد الواقف والموقوف عليه ، كما إذا كانت دار مشتركة بين شخصين ، فوقف كلّ منهما حصّته المشاعة على أولاده . بل لايبعد الجواز فيما إذا تعدّد الوقف والموقوف عليه مع اتّحاد الواقف ، كما إذا وقف نصف داره مشاعاً على مسجد والنصف الآخر على مشهد . ولايجوز قسمته بين أربابه إذا اتّحد الوقف والواقف ; مع كون الموقوف عليهم بطوناً متلاحقة أيضاً . ولو وقع النزاع بين أربابه ـ بما جاز معه بيع الوقف ـ ولاينحسم إلاّ بالقسمة جازت ، لكن لا تكون نافذة بالنسبة إلى البطون اللاحقة ، ولعلّها ترجع إلى قسمة المنافع ، والظاهر جوازها مطلقاً . وأمّا قسمة العين بحيث تكون نافذة بالنسبة إلى البطون اللاحقة ، فالأقوى عدم جوازها مطلقاً .

(مسألة 77) : لو آجر الوقف البطن الأوّل ، وانقرضوا قبل انقضاء مدّة الإجارة ، بطلت بالنسبة إلى بقيّة المدّة إلاّ أن يجيز البطن اللاحق ، فتصحّ على الأقوى . ولو آجره المتولّي فإن لاحظ فيه مصلحة الوقف ، صحّت ونفذت بالنسبة إلى البطون اللاحقة ، بل الأقوى نفوذها بالنسبة إليهم لو كانت لأجل مراعاتهم ، دون أصل الوقف ، ولا تحتاج إلى إجازتهم .

(مسألة 78) : يجوز للواقف أن يجعل تولية الوقف ونظارته لنفسه ; دائماً أو إلى مدّة ، مستقلاّ ومشتركاً مع غيره ، وكذا يجوز جعلها للغير كذلك ، بل يجوز أن يجعل أمر جعل التولية بيد شخص ، فيكون المتولّي من يعيّنه ذلك الشخص ، بل يجوز جعل التولية لشخص، ويجعل أمر تعيين المتولّي بعده بيده، وهكذا يقرّر أنّ كلّ متولّ يعيّن المتولّي بعده.

(مسألة 79) : إنّما يكون للواقف جعل التولية لنفسه أو لغيره ; حين إيقاع الوقف وفي ضمن عقده ، وأمّا بعد تماميّته فهو أجنبيّ عن الوقف ، فليس له جعل التولية ولا عزل من جعله متولّياً ، إلاّ إذا اشترط في ضمن عقده لنفسه ذلك ; بأن جعل التولية لشخص وشرط أنّه متى أراد أن يعزله عزله .

(مسألة 80) : لا إشكال في عدم اعتبار العدالة فيما إذا جعل التولية والنظر لنفسه ، والأقوى عدم اعتبارها لو جعلها لغيره أيضاً . نعم يعتبر فيه الأمانة والكفاية ، فلايجوز جعلها ـ خصوصاً في الجهات والمصالح العامّة ـ لمن كان خائناً غير موثوق به ، وكذا من ليس له الكفاية في تولية اُمور الوقف ، ولايجوز جعل التولية للمجنون ولا الطفل ; حتّى المميّز([43]) إن اُريد عمل التولية من إجارة الوقف وأمثالها مباشرة ، وأمّا إذا جعل التولية له حتّى يقوم القيّم بأمرها مادام قاصراً ، فالظاهر جوازه ولو كان غير مميّز ، بل لايبعد الجواز في جعلها لمجنون متوقّع برؤه ، ويقوم الوليّ مقامه إلى أن يفيق .

(مسألة 81) : لو جعل التولية لشخص لم يجب عليه القبول ; سواء كان حاضراً في مجلس العقد ، أو غائباً بلغ إليه الخبر ولو بعد وفاة الواقف ، ولو جعل التولية لأشخاص على الترتيب وقبل بعضهم ، لم يجب القبول على من بعده ، ومع عدم القبول كان الوقف بلا متولّ منصوب . ولو قبل التولية فهل يجوز له عزل نفسه كالوكيل أم لا ؟ قولان([44]) ، لايترك الاحتياط بعدم العزل ، ومعه يقوم بوظائفه مع المراجعة إلى الحاكم ونصبه .

(مسألة 82) : لو جعل التولية لاثنين ، فإن جعل لكلّ منهما مستقلاّ استقلّ ، ولايلزم عليه مراجعة الآخر ، وإذا مات أحدهما أو خرج عن الأهليّة انفرد الآخر ، وإن جعلهما بالاجتماع ليس لأحدهما الاستقلال ، وكذا لو أطلق ولم تكن على إرادة الاستقلال قرائن الأحوال ، فحينئذ لو مات أحدهما أو خرج عن الأهليّة ، يضمّ الحاكم إلى الآخر شخصاً آخر على الأحوط لو لم يكن الأقوى .

(مسألة 83) : لو عيّن الواقف وظيفة المتولّي وشغله فهو المتّبع ، ولو أطلق كانت وظيفته ما هو المتعارف ; من تعمير الوقف ، وإجارته وتحصيل اُجرته ، وقسمتها على أربابه ، وأداء خراجه ، ونحو ذلك ; كلّ ذلك على وجه الاحتياط ومراعاة الصلاح . وليس لأحد مزاحمته فيه حتّى الموقوف عليهم . ويجوز أن يجعل الواقف تولية بعض الاُمور لشخص وبعضها لآخر ، فجعل أمر التعمير وتحصيل المنافع ـ مثلاً ـ لأحد ، وأمر حفظها وقسمتها على أربابها لآخر ، أو جعل لواحد أن يكون الوقف بيده وحفظه وللآخر التصرّفات . ولو فوّض إلى واحد أمراً كالتعمير وتحصيل الفائدة ، وأهمل باقي الجهات من الحفظ والقسمة وغيرهما ، كان الوقف ـ بالنسبة إلى غير ما فوّض إليه ـ بلا متولّ منصوب ، فيجري عليه حكمه الآتي .

(مسألة 84) : لو عيّن الواقف للمتولّي شيئاً من المنافع تعيّن ، وكان ذلك اُجرة عمله ; ليس له أزيد منه وإن كان أقلّ من اُجرة مثله ، ولو لم يعيّن شيئاً فالأقرب أنّ له اُجرة المثل .

(مسألة 85) : ليس للمتولّي تفويض التولية إلى غيره ـ حتّى مع عجزه عن التصدّي ـ إلاّ إذا جعل الواقف له ذلك عند جعله متولّياً . نعم يجوز له التوكيل في بعض ما كان تصدّيه وظيفته ; إن لم يشترط عليه المباشرة .

(مسألة 86) : يجوز للواقف أن يجعل ناظراً على المتولّي ، فإن أحرز أنّ المقصود مجرّد اطّلاعه على أعماله لأجل الاستيثاق ، فهو مستقلّ في تصرّفاته ; ولايعتبر إذن الناظر في صحّتها ونفوذها ، وإنّما اللازم عليه إطلاعه ، وإن كان المقصود إعمال نظره وتصويبه لم يجز له التصرّف إلاّ بإذنه وتصويبه ، ولو لم يحرز مراده فاللازم مراعاة الأمرين .

(مسألة 87) : لو لم يعيّن الواقف متولّياً أصلاً ، ففي الأوقاف العامّة يكون الحاكم أو المنصوب من قبله متولّياً على الأقوى . وكذا في الخاصّة فيما يرجع إلى مصلحة الوقف ومراعاة البطون ; من تعميره وحفظ الاُصول وإجارته للبطون اللاحقة . وأمّا بالنسبة إلى تنميته وإصلاحاته الجزئيّة المتوقّف عليها حصول النماء الفعلي ـ كتنقية أنهاره وكريه وحرثه وجمع حاصله وتقسيمه وأمثال ذلك ـ فأمرها راجع إلى الموقوف عليهم الموجودين .

(مسألة 88) : في الأوقاف التي توليتها للحاكم ومنصوبه ـ مع فقدهما وعدم الوصول إليهما ـ توليتها لعدول المؤمنين .

(مسألة 89) : لا فرق ـ فيما كان أمره راجعاً إلى الحاكم ـ بين ما إذا لم يعيّن الواقف متولّياً ، وبين ما إذا عيّن ولم يكن أهلاً لها أو خرج عن الأهليّة ، فإذا جعل للعادل من أولاده ولم يكن بينهم عادل أو كان ففسق ، كان كأن لم ينصب متولّياً .

(مسألة 90) : لو جعل التولية لعدلين من أولاده ـ مثلاً ـ ولم يكن فيهم إلاّ عدل واحد ، ضمّ الحاكم إليه عدلاً آخر ، وأمّا لو لم يكن فيهم عدل أصلاً ، فهل اللازم عليه نصب عدلين ، أو يكفي نصب واحد أمين ؟ أحوطهما الأوّل ، وأقواهما الثاني .

(مسألة 91) : لو احتاج الوقف إلى التعمير ولم يكن ما يصرف فيه ، يجوز للمتولّي أن يقترض له قاصداً أداء ما في ذمّته بعد ذلك ممّا يرجع إليه ، كمنافعه أو منافع موقوفاته ، فيقترض متولّي البستان ـ مثلاً ـ لتعميره بقصد أن يؤدّي دينه من عائداته ، ومتولّي المسجد أو المشهد أو المقبرة ونحوها بقصد أن يؤدّيه من عائدات موقوفاتها ، بل يجوز أن يصرف في ذلك من ماله بقصد الاستيفاء ممّا ذكر . ولو اقترض له وصرفه لابقصد الأداء منه ، أو صرف ماله لابقصد الاستيفاء منه ، لم يكن له ذلك بعده .

(مسألة 92) : تثبت الوقفيّة : بالشياع المفيد للعلم أو الاطمئنان ، وبإقرار ذي اليد أو ورثته بعد موته ، وبكونه في تصرّف الوقف ; بأن يعامل المتصرّفون فيه معاملة الوقف بلا معارض ، وبالبيّنة الشرعيّة .

(مسألة 93) : لو أقرّ بالوقف ، ثمّ ادّعى أنّ إقراره كان لمصلحة ، يسمع منه ، لكن يحتاج إلى الإثبات لو نازعه منازع صالح ، بخلاف ما إذا أوقع العقد وحصل القبض ، ثمّ ادّعى أنّه لم يكن قاصداً ، فإنّه لايسمع منه أصلاً ، كما هو الحال في جميع العقود والإيقاعات .

(مسألة 94) : كما أنّ عمل المتصرّفين معاملة الوقفيّة ، دليل على أصل الوقفيّة ما لم يثبت خلافها ، كذلك كيفيّة عملهم ـ من الترتيب والتشريك والمصرف وغير ذلك ـ دليل على كيفيّته ، فيتّبع ما لم يعلم خلافها .

(مسألة 95) : لو كان ملك بيد شخص يتصرّف فيه بعنوان الملكيّة ، لكن علم أنّه قد كان في السابق وقفاً ، لم ينتزع من يده بمجرّد ذلك ما لم يثبت وقفيّته فعلاً . وكذا لو ادّعى أحد أنّه قد وقف على آبائه نسلاً بعد نسل ; وأثبت ذلك من دون أن يثبت كونه وقفاً فعلاً . نعم لو أقرّ ذو اليد في مقابل دعوى خصمه : بأنّه كان وقفاً إلاّ أنّه قد حصل مسوّغ البيع وقد اشتراه ، سقط حكم يده وينتزع منه ، ويلزم بإثبات وجود المسوّغ ووقوع الشراء .

(مسألة 96) : لو كان كتاب أو مصحف أو غيرهما بيد شخص وهو يدّعي ملكيّته ، وكان مكتوباً عليه أنّه وقف ، لم يُحكم بوقفيّته بمجرّده ، فيجوز الشراء منه . نعم الظاهر أنّ وجود مثل ذلك عيب ونقص في العين ، فلو خفي على المشتري حال البيع كان له الخيار .

(مسألة 97) : لو ظهر في تركة الميّت ورقة بخطّه : أنّ ملكه الفلاني وقف ; وأنّه وقع القبض والإقباض ، لم يحكم بوقفيّته بمجرّده ما لم يحصل العلم أو الاطمئنان به ; لاحتمال أنّه كتب ليجعله وقفاً كما يتّفق ذلك كثيراً .

(مسألة 98) : إذا كانت العين الموقوفة من الأعيان الزكويّة ـ كالأنعام الثلاثة ـ لم يجب على الموقوف عليهم زكاتها وإن بلغت حصّة كلّ منهم النصاب . وأمّا لو كانت نماؤها منها ـ كالعنب والتمر ـ ففي الوقف الخاصّ ، وجبت الزكاة على كلّ من بلغت حصّته النصاب من الموقوف عليهم ; لأنّها ملك طلق لهم ، بخلاف الوقف العامّ حتّى مثل الوقف على الفقراء ; لعدم كونه ملكاً لواحد منهم إلاّ بعد قبضه . نعم لو اُعطي الفقير ـ مثلاً ـ حصّة من الحاصل على الشجر قبل وقت تعلّق الزكاة ـ بتفصيل مرّ في كتاب الزكاة ـ وجبت عليه لو بلغت النصاب .

(مسألة 99) : الوقف المتداول بين بعض الطوائف ـ يعمدون إلى نعجة أو بقرة ، ويتكلّمون بألفاظ متعارفة بينهم ، ويكون المقصود أن تبقى وتذبح أولادها الذكور وتبقي الإناث وهكذا ـ الظاهر بطلانه([45]) ; لعدم تحقّق شرائط صحّته .

--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ بل وما كان محبساً لجهة خاصّة، أي الوقف الخاصّ.

[2] ـ وإن كان الاكتفاء لايخلو من وجه.

[3] ـ بل لايخلو عن قوّة.

[4] ـ فيما لم يكن الإنشاء والوقف لمجموع الموقوف أو لمجموع الموقوف عليهم من حيث المجموع، بل كان على نحو الانحلال، وإلاّ فالصحّة بالنسبة إلى من قبض محلّ إشكال بل منع.

[5] ـ على المشهور، وإلاّ فالظاهر عدم شرطيّته، ويتفرّع على ذلك صحّة ما ذكره من الفرع، وهو الوقف إلى سنة، وقفاً لا حبساً.

[6] ـ الظاهر خروجه عن ملكه في جميع الصور، ويكون الرجوع كالرجوع بالفسخ وبالسبب الأوّل. ومن ذلك يظهر عدم المحلّ للتأمُّل في المسألة التالية; فإنّ الوقف حقيقة واحدة.

[7] ـ الجواز وعدم الجواز فيه وفي التصرّفات الناقلة دائر مدار المنافاة كغيره من التصرّفات.

[8] ـ كون الوقف عليهما ممّا لايصحّ على الإطلاق محلّ تأمّل وإشكال، كما يأتي تفصيله في تعليقة المسألة التاسعة والثلاثين.

[9] ـ وإن كانت الصحّة غير بعيدة.

[10] ـ ومثله الوقف مع شرط البيع عند التضرّر أو عند خرابه وعطلته أو قلّة نفعه أو عند ما شابهها، فالأقوى فيها صحّة الوقف والشرط أيضاً، ولا فرق في ذلك بين كون الشرط بما يجوز بيع الوقف معه وبين غيره، خلافاً لـ«جامع المقاصد» حيث فصّل بينهما. (جامع المقاصد 9: 68)

[11] ـ وإن كان عدم الشرطية غير بعيد.

[12] ـ على لزوم التنجيز في الوقف كغيره من العقود، كما ادّعاه «الجواهر» من أنّ ظاهر ما دلّ على تسبيب الأسباب ترتّب آثارها حال وقوعها، وأمّا على عدم لزومه، كما هو غير بعيد كما مرّ، فالظاهر الصحّة، لكن لمّا لم يتحقّق القبض فللوارث الفسخ. (جواهر الكلام 28: 63)

[13] ـ الأقوائية ممنوعة، بل الصحّة محلّ تأمّل، نعم الأقوى الصحّة مع الشرط عليهم بالأداء من غير منافع الوقف، أو بالأداء على الإطلاق من دون تقييد بالمنافع.

[14] ـ بل الصحّة مع رشده وعقله لاتخلو عن قوّة.

[15] ـ مع عقله ورشده.

[16] ـ بل يصحّ كالهبة، كما مرّ.

[17] ـ عادة إلى الأبد، بحيث يكون وقفها غير عقلائي وسفهي، وإلاّ فعدم الصحّة محلّ إشكال، بل منع; لعدم كون القبض المعتبر في صحّة الوقف فوريّاً، وحينئذ فلا مانع من وقوع الصيغة صحيحة، ومن صحّة الوقف مراعاة لقبضه بعد ذلك وإن طال الزمان.

[18] ـ على تأمّل وإشكال فيه وفي الحمل أيضاً وإن كانت الصحّة لاتخلو من قوّة، نعم عدم الصحّة بالنسبة إلى المعدوم تامّ.

[19] ـ بل يصحّ; لعدم شرطية التعيين، ويكون المتولّي مخيّراً بينهما، كما حقّقه الفقيه اليزدي في «ملحقات العروة». (ملحقات العروة 2: 213)

[20] ـ والمعاهد والمؤتمن.

[21] ـ وإن كانت الصحّة على المرتدّ الفطري والحربي الذي ليس في حال الحرب ولا في حال المحادّة للّه ولرسوله بماهما هما لاتخلو عن قوّة، كما أنّ البطلان في حال الحرب لايخلو عن قوّة; حيث إنّ الوقف على الحربي في تلك الحال لغو وبلا فائدة ووجوده كعدمه ويكون سفهياً; وذلك لعدم جواز دفع المال الموقوف وما لهم من الحقّ فيه إليه ـ كسائر ما له من الأموال والحقوق ـ ، لفحوى ما دلّ على وجوب أخذ أموالهم حال الحرب وبعد الفتح وأنّها فيء للمسلمين، فكيف يجوز دفع ما يجب أخذه؟

[22] ـ في كونه من صغريات المسألة تأمّل وإشكال بل منع; لأنّ حرمة تلك الاُمور لهم غير فعليّة وغير منجّزة ، فإنّهم لقصورهم وجهلهم وعدم تماميّة الحجّة عليهم، كما هو حال جلّهم إنْ لم يكن كلّهم غير عاصين وغير مستحقّين للعذاب، كما لايخفى. نعم عدم جواز الوقف في بعض تلك الموارد لجهات خاصّة به أمر آخر مورديّ عرضيّ تابع لشرائطه بحسب الزمان والمكان وبخصوصيّات اُخرى.

[23] ـ فيما ثبت ـ ولو بالقرائن والشواهد ـ كون قصد الواقف الأقرب من باب الإرث، وإلاّ فالمتّبع ـ كما في «الجواهر» ـ مفهومه العرفي المختلف مع مفهومه في الإرث في كثير من الأفراد، والمختلف مصداقاً باختلاف الأزمنة والأمكنة وخصوصيات الأفراد مع الأقرباء وغيرها من الجهات; وذلك لعدم التعبُّد والدليل في حمل الأقرب هنا على الأقرب الخاصّ بالإرث وطبقاته، كما هو المشهور، دون مفهومه العرفي الظاهر المتّبع في العقود والإيقاعات والشروط والأقارير وغيرها، بل القرينة الموجبة لصيرورته شبه النصّ على خلافه موجودة فيما كان الواقف غير معتقد بطبقات الإرث على مذهب الشيعة كغير المسلمين، أو غير الشيعة من المسلمين، ومع الشكّ في الأقربية العرفية فمقتضى الأصل عدم الوقف له.

[24] ـ وإذا مات.

[25] ـ فلو مات.

[26] ـ لكن مع عدم الانصراف فالحكم تابع لظاهر لفظ الواقف.

[27] ـ وغيره ممّن يكون الإعطاء إليه تعميراً معنوياً، فلا خصوصية للإمام، كما لايخفى.

[28] ـ بل لاتبعد الصحّة مطلقاً، بل هي أقوى.

[29] ـ ومثل ذلك في الصحّة.

[30] ـ مثل ما كان خرابه على وجه لايمكن الصلاة فيه أبداً، ولايرجى عوده أو كانت العرصة مستأجرة.

[31] ـ بناءً على قضاء العرف بذلك فيها وفي الحمل; حيث إنّ المتّبع هو الظهور العرفي المختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة.

[32] ـ وإن كان الأقوى كونهما للموقوف عليهم; لقضاء العرف بذلك في مثل المقام، كالبيع ونحوه أيضاً.

[33] ـ مرّ الكلام فيه.

[34] ـ لهذه المسألة والمسألة التالية صور أربع يتمّ الحكمين في بعضها دون بعض، وهذا تفصيلها:

أحدها: أن يوقفها ما دامت على هيئتها، وفي هذه الصورة إذا انهدمت خرجت عن الوقفية بشرط أن لايرجى العود فيكون من المنقطع الآخر، ولكن لايجوز تغييرها دكّاناً أو بستاناً اختياراً.

الثاني: وقفها للانتفاع بها داراً، فما دام يمكن ذلك ولو بتعميرها بعد الانهدام بقيت على الوقفية، وإذا لم يمكن خرجت عنها.

الثالث: وقفها للانتفاع بها بأيّ وجه كان، وإن كانت حال العقد داراً، وعليه يجوز تغييرها اختياراً أيضاً.

الرابع: وقفها داراً مع إرادة الانتفاع بها، وإن خرجت عن الدارية، وحينئذ لاتخرج عن الوقفية ما دام يمكن الانتفاع بها بوجه آخر ولو بالزرع، ولايجوز تغييرها اختياراً.

[35] ـ إذا كان من المشاهد والمساجد التي لها أحكام خاصّة، كمسجد الحرام وغيره، دون مطلق المسجد.

[36] ـ بل لاتبقى على حالها فتؤجر للزراعة والمتجر ونحوهما مع المحافظة على الآداب اللازمة إن كان مسجداً وتوثيق العقود المبرمة، وتصرف فائدتها فيما يماثلها، ومع عدم القابلية للإجارة تباع وتصرف ثمنها في التبديل بما يماثلها على قدر الإمكان، ومع عدم القابلية لذلك أيضاً يجعل الثمن فيما هو أقرب إلى غرض الوقف، وإلاّ ففي مصالح المسلمين.

[37] ـ حكم البيع والإجارة يظهر ممّا مرّ، فلا نعيده.

[38] ـ بل فيها أيضاً على الأحوط، بل لايخلو عن قوّة.

[39] ـ بل الأقوى.

[40] ـ الخامس: ما إذا كان البيع والتبديل بالمماثل أنفع، وهو المعبّر عنه في ألسنة العرف بالتبديل بالأحسن.

[41] ـ بل الظاهر الجواز مع عدم تحقّق انتفاع من له الانتفاع; لأنّه لايعتبر في الإجارة ملك المنفعة، بل يكفي الولاية على الانتفاع المعبّر عنها بملكيّته، وهذا بخلاف المباحات الأوّلية فليس فيها إلاّ جواز الانتفاع، فإنّه حكمٌ لا ملكٌ.

[42] ـ البعد محلّ تأمّل، بل الجواز لايخلو عن قرب.

[43] ـ إذا لم يكن رشيداً.

[44] ـ أقواهما الثاني، بل القول بعدم جواز العزل في الوكيل أيضاً لايخلو من قوّة، كما مرّ في تعليقة المسألة الثانية والعشرين من كتاب الوكالة.

[45] ـ بل الظاهر صحّته وقفاً إن قصد الوقفيّة، وصحّته إيقاعاً إن قصد غير الوقفية من الاُمور البرية; قضاءً لإطلاق أدلّة المعروف والبرّ. وما في المتن من تعليله بطلان الوقف بعدم تحقّق شرائط صحّة الوقف فلايخفى عليك أنّ تلك الشرائط لم يبيّنها المتن ولا مبيّنة، وهو(قدس سره) أعلم بما ذكره.

عنوان بعدیعنوان قبلی




کلیه حقوق این اثر متعلق به پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی می باشد.
منبع: http://saanei.org