Loading...
error_text
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: کتابخانه عربی
اندازه قلم
۱  ۲  ۳ 
بارگزاری مجدد   
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: موارد استحباب الوضوء

موارد استحباب الوضوء
ـ[56]ـ


ويستحبّ لمندوبَي الأوّلين، ودخول المساجد، وقراءة القرآن، وحمل المصحف، والنوم، وصلاة الجنائز، والسعي في حاجة، وزيارة المقابر، ونوم الجنب، وجماع المحتلم، وذكر الحائض; والكون على الطهارة، والتجديد.
__________________________________________________________________________

جواز الشروع فيها بدونه أو عدم صحّة المشروط شرعاً إلاّ مع ذي الغاية، إلاّ أن يراد بالغاية ما لا يجوز فعله أو لا يصحّ شرعاً إلاّ بعد ذي الغاية، وحينئذ لايعلم وجوب ذي الغاية بمجرّد وجوب الغاية، بل مع العلم بأنه غايته، فلابدّ من الدليل لذلك، فلا يعلم الوجوب لمسّ أسماء الله تعالى والأنبياء الأئمة وفاطمة(عليهم السلام) بطريق أولى، ولكنّ الاحتياط يقتضي العدم(6)، فلا يترك.

قوله: «ويستحبّ لمندوبَي الأوّلين...»: دليل استحبابـه للصلاة والطواف المندوبين كأنّه الإجماع والآيـة والأخبار(1)(7)، مع ضمّ عدم معقوليّة وجوب الموقوف عليه مع عدم وجوب الموقوف(8)، مع التصريح بنفي الوجوب
_______________________________________________________
(6) يعني: عدم المسّ بدون الوضوء للكتاب وأسماء الله تعالى وأسماء المذكورين بعدها.

(7) لمّا أنّه ليس في القرآن آية تدلّ على اشتراط الطواف بالوضوء حتّى في الواجب منه، فضلا عن مندوبه، ولذلك لم يستدلّ(رحمه الله) لوجوب الوضوء للطواف الواجب بالآية، بل خصّ الاستدلال له بالإجماع والسنّة، وقال: «دليل الثاني الأخيران» إلى آخره، فالظاهر كون استدلاله هنا بالثلاثة من حيث المجموع، لمجموع المدّعى من حيث المجموع، لا من حيث الجميع.

(8) أي:لا يعقل وجوب الموقوف عليه والمقدّمة، مع عدم وجوب الموقوف وذيّها، وكيف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]). وسائل الشيعة 13: 374، أبواب الطواف، الباب 38، الحديث 2، 3، 7 ـ 9. هذا في استحباب الوضوء للطواف المندوب، أمّا استحبابه للصلاة المندوبة فإنّه يرجع إلى كون الصلاة غاية للوضوء فلمّا لم تجب لم يجب شرطها كما نبّه عليه الشهيد الثاني في روض الجنان1: 53، فعلى ذلك يدلّ على الشرطية ما روي في وسائل الشيعة1: 365، أبواب الوضوء، الباب 1و2.


ـ[57]ـ


...............................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والشرطيّة في الطواف المندوب في الخبر(9)، فالوضوء للطواف المندوب شرط لكماله(10)، بخلاف الصلاة المندوبة والمسّ على ما مرّ في المتن(1)، فإنّه شرط لجواز فعلهما.

والظاهر أنّه مندوب للمسّ المندوب(11) أيضاً مثلهما، فلو قال: «لمندوبها»
__________________________________________________________

يعقل الجمع بين عدم وجوب الأصل وعدم لزوم إيجاده، وبين وجوب مقدّمته وما يتوقّف عليه وجوده، مع أنّ وجوب المقدّمة ناش ومترشّح من وجوب ذيّها، رعايةً لتحقّقه.

(9) وهو المرويّ في الفقيه عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، أنّه قال: «لا بأس بأن يطوف الرجل النافلة على غير وضوء ثمّ يتوضّأ ويصلّي، فإن طاف متعمّداً على غير وضوء فليتوضّأ وليصلّ، ومن طاف تطوّعاً وصلّى ركعتين على غير وضوء فليعد الركعتين ولا يعد الطواف»(2). والخبر لمكان حكم بن مسكين في السند، حسن كالصحيح.
ومثله الموثّق عنه أيضاً، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: قلت له: إنّي أطوف طواف النافلة وأنا على غير وضوء، قال: «توضّأ وصلّ وإن كنت متعمّداً»(3).
ولا يبعد اتّحاد الخبرين; لما فيهما من وحدة الراوي والمرويّ عنه والحكم والمضمون، والاختلاف بالزيادة والنقيصة يكون للتقطيع، كما أنّ الاختلاف في العبارة والألفاظ إنّما يكون للنقل بالمعنى من عبيد بن زرارة، أو من بعض النقلة عنه.

(10) ما في المتن مشابه لما في الذكرى، ففيه: «ويستحبّ لندبي(لمندوبي) الصلاة والطواف
بمعنى الشرطيّة في الصلاة، والكماليّة في الطواف، على الأصح، للخبر»(4).

(11) نفساً، وهو المحكيّ عن جماعة. ففي مفتاح الكرامة: «وقد ذهب جماعة إلى استحبابه لنفسه»(5).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]). مرّ في الصفحة 52.
([2]). الفقيه 2: 250، الحديث 1203، وسائل الشيعة 13: 374، أبواب الطواف، الباب 38، الحديث 2.
([3]). التهذيب 5: 117، الحديث 383، الاستبصار 2: 222، الحديث 767، وسائل الشيعة 13: 376، أبواب الطواف، الباب 38، الحديث 9.
([4]). ذكرى الشيعة 1: 193.
([5]). مفتاح الكرامة 1: 8.


ـ[58]ـ


...............................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لكان أخصر وأعمّ وأولى.
واعلم أ نّي أظنّ أنّ الوضوء ـ مثلاً ـ يصحّ فعله بنيّة الوجوب لمثل الصلاة المندوبة ـ مع براءة ذمّته عمّا يشترط فيه الوضوء ـ إمّا بمعنى الشرطيّة، أو الوجوب الشرطي، أو مطلقاً ـ ما لم يقصد به معنىً لم يكن ـ مثل حصول الذمّ والعقاب بتركه لخصوصه من غير فعل ما يشترط فيه الوضوء; لظاهر الآية(1) ، والأخبار(2)، وعدم نقل التفصيل في الآثار.
وإن قَصَد هذا المعنى فيمكن أن يقال: ليس بمعلوم
__________________________________________________________

أو عرضاً، كالمسّ لرفع القرآن من وجه أرض طاهرة، أو لمسح الغبار عنه لتعظيمه، أو لكونه منذوراً نيّة لا لفظاً، على استحباب الوفاء بالنذر قلباً، وانعقاده في المباح.
ثمّ إنّ من الممكن استحباب الوضوء بمثل مسّ القرآن وحمله ممّا ليس بمندوب; لمناسبة الوضوء مع تعظيمه، ولعلّه هو المراد لما في النهاية من قوله: «ولحمل المصحف لمناسبة التعظيم»(3).
ولما في خبر إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن(عليه السلام) قال: «المصحف لا تمسّه على غير طهر، ولا جُنباً، ولا تمسّ خطّه ولا تعلّقه»(4)، فتأمّل; لما في الخبر من المناقشة والإشكال بأنه لا يدلّ على أزيد من الكراهة، وهي غير ملازمة مع استحباب ضدّه، كما لا يخفى.
وعلى ذلك فإنّ استحباب الوضوء غير متوقّف على استحباب المسّ، وغير منحصر به; لاستحبابه بمناسبة التعظيم الحاصل في الوضوء للمسّ المباح كما عرفت.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]). المائدة (5): 6.
([2]). وسائل الشيعة 1: 365، أبواب الوضوء، الباب 1 ـ 4.
([3]). نهاية الإحكام 1: 20.
([4]). التهذيب 1: 127، الحديث 344، الاستبصار 1: 113، الحديث 378، وسائل الشيعة 1: 384، أبواب الوضوء، الباب 12، الحديث 3.


ـ[59]ـ


...............................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التحقّق(12) فيمن شغل ذمّته بالمشروط الواجب أيضاً، كما قال في شرح شرح العضدي(1). وفي الصحّة أيضاً حال الخلو تأمّل.

ويمكن الصحّة مطلقاً ولَغويّة الوجوب، خصوصاً مع القول بعدم اعتبار الوجه، كما قال به المحقّق(13) في بعض تحقيقاته(2)، والشهيد في
__________________________________________________________

(12) حيث إنّه قاصد للوجوب الذي لا تحقّق له في الشرع في مثل المورد من الشرط والمقدّمة، فإنّ العقاب والذمّ على الترك بخصوصه مختصّ بالواجب النفسي، لا الواجب الغيري الشرعيّ، فضلا عن المندوب، الواجب شرطاً ومقدّمةً، فمع عدم تحقّق الواجب بذلك المعنى في مثل المورد، تمشي القصد كذلك وحصوله غير معلوم، بل عدمه معلوم بالنسبة إلى الملتفت لعدم الذمّ والعقاب بترك الشرط والمقدّمة بخصوصه، حيث إنّ من مبادئ الإرادة الجزميّة والقصد إلى الفعل كذلك، إمكان المراد وتحقّقه في الواقع وفي ظرفه الثابت له، فلا يعقل الإرادة والقصد الجزمي بمثل حصول الذمّ على الترك في المورد بمثل العالم بعدم الذمّ على تركه; لانتفاء بعض مبادئها.

(13) أي: بعدم اعتبار الوجه. ففي المعتبر: «وفي اشتراط نيّة الوجوب أو الندب تردّد، أشبهه عدم الاشتراط; إذ القصد الاستباحة والتقرّب»(3).
ونسبته العدم إلى بعض تحقيقاته تكون ظاهراً لما في العبارة من الاستدلال والتعليل لعدم
الاشتراط بقوله: «إذ القصد..» إلى آخره، لكنّ الأولى له نقله العدم عن المعتبر كما فعله غيره; لتضمّنه ذكر محلّ قوله(رحمه الله) أوّلاً، ولما يرى من عدم المناسبة بين التعليل الواحد، وبين بعض التحقيقات، كما لا يخفى.
اللّهمّ إلاّ أن يكون نظره الشريف إلى ما في المعتبر والرسائل التسع معاً، المناسب مع ما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]). لم نعثر عليه، وهو شرح المحقّق الدواني على شرح العضدي على مختصر الاُصول لابن الحاجب. لاحظ: الذريعة 13: 332 و 335.
([2]). أجوبة المسائل الطبريّة(المطبوعة ضمن الرسائل التسع): 317، المعتبر 1: 139.
([3]). المعتبر 1: 139.


ـ[60]ـ


...............................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الذكرى(14) مع قوله باعتبار الوجه(1)، وغيرهما ممّن لا يرى الوجه(2).

وكذا القول في الغسل وغيره; لما مرّ(3)، وللحرج هنا بالتكليف بالصبر حتّى يضيق الليل بمقدار فعله للصوم، ومنافاته للشريعة السهلة(15). وبهذا ردّ العلاّمة
__________________________________________________________

للمقدّس(رحمه الله) من الإحاطة والدقّة الخاصّة به في المسائل والتعابير، فافهم واغتنم.
(14) لا يخفى عليك أنّ وقوع السقط في خبر الشهيد وما بعده من المعطوف عليه، غير بعيد، بل قريب جدّاً; وذلك لأنّ حرف الواو في قوله: «والشهيد» ليس بحرف عطف حتّى لم يبق محلّ للخبر لما بعده، فضلا عن عدم الحاجة، بل هو للاستئناف الواقع على المبتدأ وهو «الشهيد» المحتاج إلى الخبر، حيث إنّ ما في الذكرى هو صحّة الوضوء المندوب مع قصد الوجوب، ففيه: «ولو كان خالياً عن الموجب ونوى الندب أو الاستباحة أو الرفع، صحّ. ولو نوى الوجوب بنى على ما قلناه ـ أي رفع الحدث به وصحّته ـ وأولى بالصحّة هنا; لدخول المندوب تحت الواجب; لاشتراكهما في ترجيح الفعل، ونيّة المنع من الترك مؤكّدة»(4).
وأمّا ما قال به المحقّق في بعض تحقيقاته هو عدم اعتبار قصد الوجه كما مرّ توضيحه، فليس بين الشهيد والمحقّق اشتراك في الحكم، وكلّ منهما يختصّ بما اعتقده وبما ذكره، فكيف يصحّ العطف ؟ فلابدّ من كون حرف الواو للاستئناف «والشهيد في الذكرى» مبتدأ وما بعده وهو «غيرهما ممّن لا يرى الوجه» معطوف عليه، والخبر الساقط الظاهر أنّه مثل جملة: «هم قائلون بالصحّة».

(15) انظر إلى استدلاله(قدس سره) بالسهولة في الشريعة مستقلاّ، في عرض استدلاله بقاعدة الحرج، وزائداً عليها، وكن على ذكر من الاستدلال به في الفقه، كما استدلّ به(رحمه الله) في مواضع متعدّدة كثيرة في الكتاب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]). ذكرى الشيعة 2: 111، الدروس الشرعيّة 1: 90، واللمعة الدمشقيّة: 3.
([2]). كالشيخ في النهاية: 15.
([3]). مرّ في الصفحة 58.
([4]). ذكرى الشيعة 2: 115.


ـ[61]ـ


...............................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في المختلف(1) التضييق في القضاء على السيّد المرتضى(2)، مع أنّ اعتقادي صحّة نيّة الوجوب بالمعنى المتعارف هنا من أوّل الليل إن وجب الغسل للصوم; لأنّ المفهوم من الأخبار(3) ـ على تقدير صحّتها ودلالتها ـ هو وجوب الغسل ليلاً مطلقاً من غير قيد، وإن قلنا إنّ وجوبه لغيره، مع أنّ الظاهر خلافه(4) على ما أظنّ، كما هو مذهب المصنّف(5)، ولأنّ الظاهر تحقّق معنى الوجوب حينئذ، أي الثواب بفعله والعقاب بتركه في الجملة، فلو وجد قائل به فلا بأس.

ومثله القول بوجوب النيّة من أوّل الليل مع وجوب المقارنة في النيّة في غير الصوم، فالشبهة مشتركة مع الجواب، مع أنّ مصادفة النيّة أوّل الفجر غير مضرّ مع الإمساك في جزء ما قبله، بخلاف الغسل فإنّه لابدّ من حصوله قبله بقليل من باب المقدّمة على تقدير وجوبه للصوم ليلاً، فتأمّل في الفرق بينهما، والظاهر عدم الإشكال في الصحّة على تقدير عدم اعتبار الوجه، فتأمّل.

ودليل ندبيّته لدخول المساجد خبر: «فطوبى لمن تطهّر في بيته ثمّ زارني في بيتي»(6) ، أي جاء إلى المسجد، كما يُفهم من صدر الخبر المذكور في الكافي(16).
__________________________________________________________
(16) ولعلّ الكافي مصحّف الفقيه من النسّاخ، فإنّا لم نعثر عليه في الكافي، والخبر منقول مسنداً في العلل(7) وثواب الأعمال(8) أيضاً، والسند فيهما إلى كليب الصيداوي صحيح، لكنّه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]). مختلف الشيعة 2: 443، المسألة 309.
([2]). رسائل الشريف المرتضى 2: 364، المسألة 19 من جوابات المسائل الرسيّة الاُولى.
([3]). وسائل الشيعة 10: 67، أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك، الباب 19 ـ 21.
([4]). أي: إنّ الظاهر وجوب الغسل نفسيّاً، لاغيريّاً.
([5]). مختلف الشيعة 1:159، المسألة107.
([6]). المقنع: 89، بهذا اللفظ، الفقيه 1: 154، الحديث 721، وفيه: «فطوبى لعبد تطهّر»، وسائل الشيعة 5: 199، أبواب أحكام المسجد، الباب 3، الحديث 5، نقلاً عن الفقيه.
([7]). علل الشرائع: 318، باب العلّة التي من أجلها أمر الله بتعظيم المساجد...، الحديث 2.
([8]). ثواب الأعمال: 51، ثواب إتيان المساجد.


ـ[62]ـ


...............................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ويدلّ عليه أيضاً في الجملة رواية زرارة(17)، عن أبي جعفر(عليه السلام)، قال: «إذا دخلتَ المسجد وأنتَ تُريد أن تجلس فلا تدخل إلاّ وأنتَ طاهر»(1)، فتأمّل فيه(18)،
__________________________________________________________
حسن غير ثقة، فراجع الوسائل(2).

(17) لعلّ زرارة مصحّف «عمّن رواه» من النسّاخ; لقربهما في الكتابة، فتكون العبارة الصحيحة: «رواية عمّن رواه»، فإنّها الواقع في السند.

(18) الضمير راجع إلى الدليل، وأمره بالتأمّل فيه في محلّه; لما في الخبر من احتمال كون المراد من التطهير في البيت: الطهارة الخبثيّة بالاستنجاء المطهّر والتخلّي; لإشعار تقييد التطهّر بالبيت بذلك، لاسيّما في أزمنة صدور الخبر، لا الطهارة الوضوئيّة الحدثيّة; لعدم المناسبة لها مع التقييد بالبيت، كما لا يخفى.
ويشهد على هذا الإشعار ما في المنتهى في أحكام الوضوء وتوابعه، ففيه: «مسألة: يجوز الطهارة في المسجد، لكن يكره من الغائط والبول، وهو مذهب علماء الإسلام.
وروى ابن يعقوب في كتابه(3) في الصحيح، عن رفاعة بن موسى، قال: سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن الوضوء في المسجد، فكرهه من الغائط والبول»(4).
والمستفاد من فتوى علماء الإسلام بالكراهة، ودلالة الصحيحة عليها، أنّ محبوبيّة التطهّر في البيت في الخبر إنّما كانت لمكان عدم تحقّق التخلّي والوضوء من الغائط والبول في المسجد، فلا ارتباط للخبر باستحباب الوضوء لدخول المسجد بما هو دخول المسجد، كما لا يخفي ولما في المرسلة أنّ غاية الأمر فيها على تسليم دلالتها على استحباب الوضوء، فلا دلالة فيها على أزيد من استحبابه للجلوس في المسجد، وأنّي فيها الدلالة على استحبابه للدخول،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]). التهذيب 3: 263، الحديث 743، وسائل الشيعة 5: 245، أبواب أحكام المساجد، الباب 39، الحديث 2.
([2]). وسائل الشيعة 1: 381، أبواب الوضوء، الباب 10، الحديث 4.
([3]). الكافي 3: 369، باب بناء المساجد وما يؤخذ منها...، الحديث 9، وسائل الشيعة 1: 492، أبواب الوضوء، الباب 57، الحديث 1.
([4]). منتهى المطلب 2: 149.


ـ[63]ـ


...............................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وكأنّه يرتفع بالشهرة(19)، ويمكن كونه إجماعيّاً.

ولعلّ في قراءة القرآن أيضاً الخبر وما رأيته(1)، أو الإجماع، وأيضاً يؤول في الأكثر إلى المسّ والقلب، ولأنّ العقل يجد حسنه، وللتعظيم(20)، كما قال في المنتهى في حمل المصحف(2).
_________________________________________________________

مع مباينته مفهوماً ومصداقاً للجلوس، بل وبذلك يظهر عدم دلالته على استحبابه للدخول في الجملة أيضاً.

(19) الشهرة الجابرة إنّما تكون جابرة للضعف في السند، لا في الدلالة، كما لا يخفى; لعدم حجّية فهم المشهور من المجتهدين على غيرهم من المجتهدين، فإنّ فهم كلّ مجتهد حجّة لنفسه، لا لغيره; قضاءاً لحقيقة الاجتهاد.

(20) حاصل ما ذكره في مقام الاستدلال لاستحباب الوضوء للقراءة وجوه أربعة:

أحدها: الخبر أو الإجماع.

ثانيها: أوْل القراءة في الأكثر إلى المسّ والقلب ممّا يستحبّ له الوضوء.

ثالثها: وجدان العقل حسنه.

رابعها: التعظيم.

وفي الجواهر، الاستدلال عليه مضافاً إلى التعظيم بالرواية، ففيه: «وعلى الثامن: أي تلاوة القرآن مع التعظيم، ما روي عن الخصال: قال أمير المؤمنين(عليه السلام): «لا يقرأ العبد القرآن إذا كان على غير طهر ـ طهور ـ حتّى يتطهّر»(3)، وما عن قرب الإسناد، عن محمّد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن(عليه السلام): أقرأ المصحف ثمّ يأخذني البول فأقوم وأبول وأستنجي وأغسل يدي وأعود إلى المصحف وأقرأ ـ فأقرأ ـ فيه ؟ قال: «لا، حتّى تتوضّأ للصلاة»(4) والظاهر أنّ مراده

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]). سيأتي ذكر بعض الأخبار الدالّة على استحباب الوضوء لقراءة القرآن في التعليقة 20، فراجع.
([2]). منتهى المطلب 2: 157.
([3]). الخصال: 687، حديث أربعمائة باب، وسائل الشيعة 6: 196، أبواب قراءة القرآن، الباب 13، الحديث 2.
([4]). قرب الإسناد: 395، الحديث 1386، وسائل الشيعة 6: 196، أبواب قراءة القرآن، الباب 13، الحديث 1.


ـ[64]ـ


...............................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
...............................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مثل الوضوء للصلاة. وفي كشف اللثام:(لقول الصادق(عليه السلام) فيما وجدته مرسلاً عنه: «لقارىء القرآن بكلّ حرف يقرأ في الصلاة قائماً مائة حسنة، وقاعداً خمسون حسنة، ومتطهّراً في غير الصلاة خمس وعشرون، وغير متطهّر عشر حسنات»(1)، وأرسل نحوه عن أمير المؤمنين(عليه السلام) )(2)»(3) انتهى.

والاستدلال بتلك الأخبار لا يخلو من المناقشة، ففي ما عن الخصال بأنه لا يدلّ على أزيد من النهي عن القراءة بدون الطهارة، وأنّها مكروهة، وأنّ الكراهة مرتفعة بالطهارة. وأمّا على استحباب الوضوء والطهارة للقراءة، فلا دلالة فيه على ذلك، حيث إنّ استحباب الوضوء أمر آخر مستقلّ عن تلك الكراهة، ومن ارتفاعها بالطهارة والوضوء المشروع، فأني فيه الدلالة على استحباب الوضوء للقراءة والتلاوة.
وما في قرب الإسناد عن محمّد بن الفضيل، أنّ مدلول الخبر الوضوء للصلاة، لا الوضوء للقراءة المورد للبحث.
وما ذكره الجواهر في تقريب الاستدلال به من كون المراد المماثلة لوضوء الصلاة، ففيه: الفرق واضح بين قوله: «حتّى تتوضّأ كوضوء الصلاة» ممّا يدلّ على المماثلة والتشبيه، لمكان حرف الكاف، وبين قوله: «حتّى تتوضّأ للصلاة» ممّا يدلّ على الغاية، والغرض لمكان حرف اللاّم.
وما في الخبر الثاني، وما يدلّ على المقصود في المقام هو الأوّل الذي ليس في الخبر منه أثر.
وفيما نقله عن كشف اللثام، فيظهر النظر والمناقشة فيه ممّا بيّناه في حديث الخصال، فإنّهما يرتضعان من ثدي واحد في هذه الجهة كما لا يخفى.
وهذه الروايات الثلاث كلّها على ما ذكره الجواهر وعليه الوسائل، منقولة في غير الكتب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]). عدّة الداعي: 269، وسائل الشيعة 6: 196، أبواب قراءة القرآن، الباب 13، الحديث 3.
([2]). كشف اللثام 1: 121.
([3]). جواهر الكلام 1: 15.


ـ[65]ـ


...............................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وفي كلّ ما ذُكر أيضاً الأخبار موجودة، إلاّ الكون والقراءة، فكأنّ دليله الخبر، وما أعلم(21)، ويمكن أخذه من قوله(عليه السلام): «المؤمن معقّب ما دام متطهّراً»(1)،
__________________________________________________________

الأربعة، من الخصال، وقرب الإسناد، وعدّة الداعي، وذلك ينبغي أن يكون عذر المتن في عدم رؤيته الخبر، مع ما عليه من الإحاطة بالكتاب والسنّة، فإنّ المتعارف للفقهاء قبل الجوامع الأخيرة وهي ـ البحار والوسائل والوافي ـ المراجعة إلى المجامع الأوليّة، وهي الكتب الأربعة المعتمدة: الكافي والفقيه والاستبصار والتهذيب، بل الظاهر عدم وجود غير واحد من كتب الأخبار غير الأربعة عندهم، حتّى يراجعوها إن شاؤوا، والماتن منهم ظاهراً، كما يظهر من المراجعة إلى ما ذكره في الصوم في ذيل عبارته، فيكون هذا أيضاً عذراً له.

(21) وفي المدارك بعد ذكره الموارد التي يستحبّ لها الوضوء، وأنهائها إلى ثلاثين، ولم يشذّ ظاهراً منه شيء من الموارد المذكورة في الإرشاد، والقواعد(2)، والذكرى(3) وغيرها من الكتب الفقهيّة المبيّنة لها، قال ما هذا لفظه: «وقد ورد بجميع ذلك روايات إلاّ أنّ في كثير منها قصوراً من حيث السند»(4). انتهى.
فعلى ما في المدارك الخبر في القراءة والكون أيضاً موجود كالبقيّة; لكونهما من تلك الموارد الثلاثين المعدودة فيه.
نعم، للمدارك مع ما له من الدقّة، خلط في المقام; لعدّه(رحمه الله) الأُمور التي ليس الوضوء مستحبّاً لها وفيما قبلها لأجلها، بل كان الوضوء مستحبّاً بعدها; لحصول الطهارة عن تلك الأُمور التي تكون شبيهة بالنواقض، وإن لم تكن نواقض مثل المذي والقيء والرعاف، وغيرها من موارد استحباب الوضوء، وهو كما ترى، فإنّ استحباب الوضوء بعد ما فيه مماثلة للنواقض، مباين لاستحبابه قبل أمر فيه مسألة التعظيم والاحترام، فافهم واغتنم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]). في المصدر: «ما دام على وضوئه». الفقيه 1: 359، الحديث 1576، وسائل الشيعة 6: 457، أبواب التعقيب، الباب 17، الحديث 2.
([2]). قواعد الأحكام 1: 177.
([3]). ذكرى الشيعة 1: 193.
([4]). مدارك الأحكام 1: 13.


ـ[66]ـ

...............................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فتأمّل(22)، أو الإجماع، وتحسين العقل، وأنّه عبادة غير مؤقّتة فيستحبّ فعله دائماً، فتأمّل(23).
والمراد باستحباب الوضوء للكون الاتّصاف برفع الحدث، فالخبر لا قصور فيه; لأنّ معناه: يستحبّ الوضوء، أي إيجاد هذه الأفعال لحصول الأثر الخاصّ الذي رتّب عليه الشارع، فدلّ على أنّه لا يحتاج استحبابه إلى غرض آخر، فإنّ هذا الأثر غرض صحيح يستحقّ الفعل لأجله، فلا يحتاج إلى غاية أُخرى.
وهذا يدلّ على حصول رفع الحدث بالوضوء المندوب مطلقاً ولو كان للنوم، وليس فيه شكّ عند التأمّل، إلاّ ما عُلم عدمه، مثل وضوء الحائض ونوم الجنب وجماع المحتلم، وإن كان لحصول كمال ما يتوقّف كماله عليه، وهو ظاهر، سواء نوى رفع الحدث أو استباحة هذه الأُمور; إذ المقصود حصول إباحته على
__________________________________________________________

(22) فإنّ المحتمل، بل الظاهر منه، أن يكون المراد أنّ مجرّد البقاء على الوضوء كاف في ثواب التعقيب، فالمستفاد منه استحباب البقاء عليه، تداركاً لثواب التعقيب، فلا دلالة فيه على استحباب الوضوء للكون على الطهارة حتّى في حال التعقيب، فضلا عن استحبابه له على الإطلاق، ولا يخفى عليك أنّ في تمسّكه(قدس سره) بالمرسلة المنقولة عن الصادق(عليه السلام) في نوادر الصلاة من الفقيه دون أبواب الوضوء منه، شهادة ودلالة على كثرة إحاطته(قدس سره) بالأخبار والآثار.

(23) كيف يستدلّ بالأخير من الوجوه، مع أنّ عباديّة الوضوء فضلا عن كونه عبادة غير مؤقتة، متوقّفة على استحبابه; لعدم كونه عبادة ذاتيّة كالخضوع والخشوع لله تعالى، بل هو عبادة عرضيّة ناشئة من الأمر العبادي إليه، فعباديّته وكشف عباديّته إنّما تكون بالأمر العبادي إليه من الشارع، فكيف يحرز ويكشف استحبابه المطلق بعباديّته المطلقة، وهل هذا إلاّ دور في الإثبات ؟ !


ـ[67]ـ


...............................................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوجه الذي يتوقّف حصوله على الوضوء، وهو ظاهر، ولا ينبغي النزاع، فيصحّ به جميع العبادة الواجبة الموقوفة صحّتها عليه من غير شكّ.
بل يمكن أن يقال: لو قصد عدم حصول الرفع وقصد مجرّد دخول المساجد مثلاً لم يصحّ وضوؤه، ولا يترتّب عليه أثره الذي قصد، وهو ظاهر; لأنّه إنّما يصحّ مع الرفع; إذ لا يتحقّق بدونه الكمال المطلوب به ولم يحصل لقصد عدمه، إلاّ أن يقال: إنّه يحصل لقصد دخول المسجد ولم يعتبر ما ينافيه، وهو بعيد.
وفي بعض الأخبار إشارة إلى ما ذكرتُ من عدم الاحتياج إلى وضوء آخر، مثل خبر «فطوبى»(1)، الدالّ على استحبابه لدخول المسجد، فإنّه ظاهر في جواز الصلاة به في المسجد ولو كانت للتحيّة. وبالجملة الأمر واضح.

واعلم أنّ الأخبار المعتبرة تدلّ على ذكر الحائض(2)، فلا ينبغي لها الترك،
وكذا على التجديد مطلقاً(24)، فلا ينبغي التخصيص فيه(25)،
__________________________________________________________

(24) مثل ما في الخبر من قول الصادق(عليه السلام): «الوضوء على الوضوء نور على نور»(3).
وقوله(عليه السلام) أيضاً: «مَن جدّد وضوءه لغير حدث جدّد الله توبته من غير استغفار»(4).
ومن قوله(عليه السلام): «قال أمير المؤمنين(عليه السلام): الوضوء بعد الطهور عشر حسنات، فتطهّروا»(5).

(25) بكونه مشروطاً للصلاة، كما عن التذكرة والمنتهى(6)، أو بكونه مشروطاً لها في من لا يحتمل صدور الحدث منه دون غيره، فالاستحباب بالنسبة إليه مطلق دون سابقه، فإنّه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]). تقدّم تخريجه في الصفحة 61، الهامش 6.
([2]). وسائل الشيعة 2: 345، أبواب الحيض، الباب 40.
([3]). الفقيه 1: 26، الحديث 82، وسائل الشيعة 1: 377، أبواب الوضوء، الباب 8، الحديث 8.
([4]). الفقيه 1: 26، الحديث 82، وسائل الشيعة 1: 377، أبواب الوضوء، الباب 8، الحديث 7.
([5]). الفقيه 1: 26، الحديث 82، وسائل الشيعة 1: 377، أبواب الوضوء، الباب 8، الحديث 10.
([6]). تذكرة الفقهاء 1: 203، منتهى المطلب 2: 156.


عنوان بعدیعنوان قبلی




کلیه حقوق این اثر متعلق به پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی می باشد.
منبع: http://saanei.org