Loading...
error_text
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: کتابخانه عربی
اندازه قلم
۱  ۲  ۳ 
بارگزاری مجدد   
پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی :: استحباب إتيان المساجد وزيارة قبور الشهداء بالمدينة

استحباب إتيان المساجد وزيارة قبور الشهداء بالمدينة ويستحبّ إتيان المساجد التي في المدينة، وقبور الشهداء خصوصاً حمزة[1] ومشربة أُمّ إبراهيم[2] ـ غرفتها التي كانت فيها ـ وهي مارية القبطّية، ويقال: إنّها ولدت إبراهيم (عليه السلام) فيها.

--------------------------------------------------
[1]. يستحبّ زيارة حمزة (رضي الله عنه) وباقي الشهداء بأُحُد، روي عن النبيّ الأكرم (صلّى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله) أنّه قال: من زارني ولم يزر عمّي فقد جفاني.
كان رسول الله (صلّى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله) أمر في حياته بزيارة قبر حمزة (رضي الله تعالى عنه) وكان يلم به وبالشهداء، ولم تزل فاطمة بعد وفاته تعذو إلى قبر حمزة، والمسلمون يثابرون على زيارته وملازمة قبره. وفي الحديث: إنّ فاطمة عليها السلام عاشت بعد أبيها خمسة وسبعين يوما لم ترفيها ضاحكة متبسمة، وكانت تخرج يومي الاثنين والخميس من كلّ أسبوع إلى زيارة حمزة وباقي الشهداء. (الكافي 4: 561، الحديث 4، وسائل الشيعة 14: 356، كتاب الحجّ، أبواب المزار وما يناسبه، الباب 13، الحديث 1).
في العام الهجري الثالث وقعت حرب بين المسلمين والكفّار في شمال المدينة المنوّرة قريبا من جبل أحد، وكانت الغلبة فيها أوّل الأمر للمسلمين، حتى تخلّف بعض المسلمين عن الامتثال لأوامر رسول الله، فأدّي ذلك إلى تراجع المسلمين ولجوئهم إلى جبل أحد مخلفين أكثر من سبعين شهيدا، كان حمزة سيّد الشهداء منهم.
[2]. إنّ الولد الذكر الوحيد الذي رزقه رسول الله (صلّى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله) هو إبراهيم من مارية القبطيّة التي أهديت له مع أختها سيرين من قبل حاكم مصر.
ولد إبراهيم في شهر ذي الحجّة في العام الثامن من الهجرة وعمّ المدينة مناخ من الفر الحديث والسرور، وقد كان مولده في موضع يعرف بمشربة أُمّ إبراهيم، وقد توفّي إبراهيم في طفولته، فاستولي على رسول الله حزن شديد وكان يبكي ويقول: إنّ القلب ليخشع، وإنّ العين لتدمع، ولكن لا تقول ما يسخط الربّ، وقد دفن إبراهيم في البقيع.

المشربة: بفتح الميم وفتح الراء وضمّها: الغرفة ومنه: «مشربة أُُمّ إبراهيم (عليه السلام) »، وإنّما سمّيت بذلك؛ لأنّ إبراهيم بن النبيّ (صلّى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله) ولدته أُمّه فيها، وتعلّقت حين ضربها المخاض بخشية من خشب تلك المشربة، وقد ذرعت من القبلة إلى الشمال أحد عشر ذراعا. (مجمع البحرين 2: 89).

ـ(632)ـ

--------------------------------------------------
وينبغي أن يبدأ «بمسجد قبا»[1] منها، ثمّ يكثر من الصلاة فيه، فإنّه أوّل مسجد صلّي رسول‏الله (صلّى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله) فيه، وهو المسجد الذي أسس على التقوى من أوّل يوم ثم ليأت مشربة أمّ إبراهيم، فإنها مسكن رسول الله (صلّى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله) ومصلاّه، ثمّ «مسجد الفضيخ» فليصل فيه. فإذا قضيت هذا الجانب أتيت جانب «أحد» فبدأت بالمسجد الذي دون الحرة فصليت فيه، ثمّ مررت بقبر حمزة بن عبد المطلّب فسلّمت عليه، ثمّ مررت بقبور الشهداء رحمهم الله فقمت عندهم، وقلت: «السلام عليكم يا أهل الديار، أنتم لنا فرط وإنّا بكم لاحقون»، ثمّ تأتي المسجد الذي في المكان الواسع إلى جنب الجبل عن يمينك حين تأتي «أحد»، فتصلّي فيه، فمن عنده خرج النبيّ (صلّى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله) إلى «أحد» حين لقي المشركين فلم يبرحوا حتى حضرت الصلاة فيه، ثمّ حين ترجع تصلّي عند قبور الشهداء رحمهم‏‏الله ما كتب الله لك، ثمّ امض على وجهك حتى تأتي مسجد الأحزاب فتصلّي ما شئت وتدعو فيه، فإنّ رسول الله (صلّى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله) دعا فيه يوم الأحزاب، وقال: «يا صريخ المكروبين، ويا مجيب دعوة المضطرّين ويا مغيث الملهوفين، اكشف همّي، وكربي، وغمّي، فقد تري حالي وحال أصحابي». والظاهر إنّ هذا المسجد هو مسجد الفتح؛ لأنّ فيه دعا النبيّ (صلّى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله) يوم الأحزاب، فاستجاب‏الله تعالى بالفتح على يدي أمير

--------------------------------------------------
[1]. مسجد قبا: فإنّه المسجد الذي أسس على التقوى من أوّل يوم حينما هاجر رسول الله (صلّى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله) إلى المدينة المنوّرة ونزل في قبا وقام فيها بضعا وعشرين ليلة ينتظر قدوم ابن عمّه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وأُسّس هذا المسجد الشريف قبل أيّ مسجد بالمدينة، وفيه نزل قوله تعالى: «لمسجدٌ أُسِّسَ على التَّقوى مِنْ أوَّلِ يَومٍ اَحَقُّ أن تَقُومَ فيه، فيه رجالٌ يُحيّونَ أن يَتَطَهَّرُوا والله يُحِبُّ المُطَّهِّرينَ» (التوبة (9): 107).

ويستحبّ الصلاة في هذا المسجد الشريف. وعن عقبة بن خالد قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) إنّا نأتي المساجد التي حول المدينة فبأيّها أبدأ؟ فقال: أبدأ بقبا فصلّ فيه وأكثر، فإنّه أوّل مسجد صلّي فيه رسول الله (صلّى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله) في هذه العرصة. (الكافي 4: 560، الحديث2، التهذيب 6: 17، الحديث 39، وسائل الشيعة 14: 354، كتاب الحجّ، أبواب المزار وما يناسبه، الباب 12، الحديث 1).

وعن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله): من أتي مسجد قبا فصلّي فيه ركعتين رجع بعمرة. (كامل الزيارات: 25، وسائل الشيعة 14: 355، كتاب الحجّ، أبواب المزار وما يناسبه، الباب 12، الحديث 5).

ـ(633)ـ

--------------------------------------------------
المؤمنين، وسيّد الوصيّين بقتله عمرو بن عبدود، وانهزام الأحزاب، وهو الذي يسمّي بـ «مسجد الفضيخ»، بل هو الذي ردت فيه الشمس لأمير المؤمنين (عليه السلام) حتى صلّي العصر حين فاته الوقت بسبب نوم النبيّ (صلّى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله) في حجره، فلمّا فرغ من الصلاة انقضّت انقضاض الكوكب.

وينبغي أيضاً أن يأتي مقام جبرئيل[1]، وهو تحت الميزاب، وليقل: «أي جواد، أي كريم، أي قريب، أي بعيد، أسألك أن تصلّي على محمّد وأهل بيته وأن تردّ على نعمتك». وهذا المقام من خواصّه لا تدعو فيه حائض بدعاء الدم إلاّ رأت الطهر فيه.

وكذا يستحبّ زيارة إبراهيم بن رسول الله (صلّى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله)، وعبد الله بن جعفر، وفاطمة بنت أسد، وجميع من في البقيع من الصحابة، والتابعين. ولا إشكال في استحباب المجاورة بالمدينة من حيث نفسها، وإلاّ فقد يكون فيها ما يحرم معه مجاورته لمحذور شرعيّ. والله العالم[2].

تكملة:[في بعض المسائل التي يكثر السؤال عنها]

تتضمّن بعض المسائل التي يكثر السؤال عنها، وتعمّ البلوى بها:

الأولى: لو كان من يريد الحجّ عازماً- عند وصوله إلى الميقات أو ما يحاذيه- أن يبدأ بزيارة المدينة المنوّرة لم يجب عليه(1) الإحرام إلاّ عند توجّهه من المدينة إلى مكّة، فيحرم حينئذ من مسجد الشجرة(2)، وهو أفضل المواقيت. وكذا لو كان ـ عند وصوله إلى الميقات ـ عازماً(3) على التوجّه إلى

--------------------------------------------------
[1]. تستحبّ الصلاة والدعاء في مقام جبرائيل، وهو المقام كان يطلب فيه جبرائيل الإذن من النبيّ (صلّى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله) عند نزوله عليه، ويقع تحت الميزاب الواقع فوق الباب السيّدة الزهراء (عليها ‏السلام)، وهو الذي تقول بعض الروايات: إنّه قبرها، وهو الباب المحاذي لقبره.

وعن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): ائت مقام جبرئيل (عليه السلام) وهو تحت الميزاب، فإنّه كان مقامه إذا استأذن على رسول الله (صلّى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله) فقل: أي جواد، أي كريم... (الكافي 4: 557، الحديث 1، التهذيب 6: 8، الحديث 17، وسائل الشيعة 14: 346، كتاب الحجّ، أبواب المزار وما يناسبه، الباب 8، الحديث 1).

[2]. وسائل الشيعة 14: 347، كتاب الحجّ، أبواب المزار وما يناسبه، الباب 9.

ـ(634)ـ

--------------------------------------------------
الطائف مثلاً، أو بعض بلاد نجد، ثمّ التوجّه منه إلى مكّة.

(1) لاختصاص ما دلّ على وجوب الإحرام من الميقات بمن كان يريد الدخول إلى مكّة أو الحرم، على ما عرفت من عدم جواز دخول مكّة، أو الحرم بلا إحرام، فإنّ ذلك الإحرام إنّما يكون من الميقات، ولا يجوز العبور عنه بدونه، والذاهب إلى المدينة، وإن كان يريد الدخول إلى مكّة بعدها، غير المنصرف إليه من النصوص.

(2) لا يجب الإحرام من داخل مسجد الشجرة، ويجوز خارجه أيضا إلى المقدار الذي يعدّ جزءا من ذي الحليفة ويقع صحيحا، وعليه، يصحّ الإحرام في مواقف السيّارات والمحال التجاريّة والشوارع المجاورة والقريبة من المسجد. (صانعي)

(3) وكذا إذا كان عازماً على التوجّه إلى جدّة، ومنها إلى مكّة؛ لما عرفت من انصراف أدلّة وجوب الإحرام من المواقيت، وعدم جواز العبور عليها بدون إحرام إلى خصوص من كان عابراً عليها إلى مكّة رأساً على ما جرت عليه سيرة المسافرين العابرين على تلك المواقيت، فلا يشمل من كان عابراً عن الميقات إلى جدّة، ولأجل ذلك لا يجب الإحرام على المسافرين بالطائرة؛ سواء كان من بغداد إلى جدّة أو من بيروت إليها، أومن دمشق إليها، أومن إيران إليها، أو من المدينة إليها، فإنّ المسافرين في الطائرة في الخطوط المذكورة لما كانوا قاصدين إلى جدّة ومنها إلى مكّة، لا إلى مكّة رأساً لم يجب عليهم الإحرام؛ لخروجهم عن منصرف النصوص الدالّة على عدم جواز العبور عن الميقات بغير إحرام، بل أهل «رابغ» إذا أرادوا السفر إلى جدّة، ثمّ إلى مكّة لم يجب عليهم الإحرام من الجحفة، بل يجوز لهم العبور على الجحفة، بدون إحرام إلى جدّة، ثمّ إمّا أن يحرموا من جدّة بالنذر، أومن أدني الحلّ بين مكّة وجدّة، وهذا حكم من ورد جدّة من الحجّاج بالطائرات أو السفن البحريّة، فإنّهم جميعاً- على اختلاف بلادهم- إمّا أن يحرموا بالنذر من جدّة، أو يحرموا من أدني الحلّ بين جدّة ومكّة.

نعم، قد ينافي ذلك رواية إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: «سألته عن قوم وردوا المدينة فخافوا كثرة البرد، وكثرة الأيّام- يعني الإحرام من الشجرة- وأرادوا أن يأخذوا منها

الثانية: لو أحرم في الميقات، أو قبله بعد نذره، ثمّ بدأ له أن يبدأ بزيارة المدينة لم يتحلّل(1) عن إحرامه إلاّ بأن يرد مكّة، ويطوف ويسعي، ثمّ يقصّر، ولا يجوز له شيء من

ـ(635)ـ

--------------------------------------------------
إلى ذات عرق فيحرموا منها؟ فقال (عليه السلام): لا، وهو مغضب من دخل المدينة فليس له أن يحرم إلاّ من المدينة»[1]، لكنّ الظاهر عدم العمل بها.

ثمّ الظاهر أنّه لا فرق في ما ذكرنا ـ من عدم وجوب الإحرام على من قصد جدّة ثمّ مكّة بين أن تعبر طيارته على مكّة إلى جدّة كبعض المسافرين من أهل المشرق وغيرهم؛ فإنّ العبور على مكّة في السماء لا يكون دخولاً إلى مكّة حتى يجب الإحرام لأجله. وحينئذٍ لا مانع من أن يبقي محلّلاً إلى أن يرد إلى جدّة، ثمّ يحرم إمّا منها بالنذر، أومن حدود الحرم.

فإن قلت: إذا كانت الأدلّة قاصرة عن شمول من كان قاصدا غير مكّة فإحرامه من الميقات لا وجه له، وحينئذٍ لا يصّح إحرام الحجّاج الواردين إلى المدينة من مسجد الشجرة إذا كانوا قاصدين جدّة؛ لأن ذلك غير ميقات لهم، فإذا لم يجب عليه الإحرام منه لم يصحّ. قلت: الظاهر إنّه لا إشكال في صحّة الإحرام منه، ولا ملازمة بين وجوب الإحرام وصحّته وإن كانت الملازمة هي مقتضي الجمود على عبارة النصوص، لكنّ الظاهر التسالم على الصحّة، وإن قلنا بعدم الوجوب، وقد يستفاد ذلك ممّا دلّ على عدم جواز الإحرام قبل الميقات. فلاحظ.

(1) لانحصار التحلّل بذلك، كما يقتضيه إطلاق الأدلّة من دون فرق بين الفرض وغيره.

--------------------------------------------------
[1]. التهذيب 5:57، الحديث 179، وسائل الشيعة 11:318، كتاب الحجّ، أبواب المواقيت، الباب 8، الحديث 1.

ـ(636)ـ

--------------------------------------------------
محرّمات الإحرام قبل ذلك، ولو اقتضت الضرورة أن يلبس المخيط، أو يغطي رأسه جاز مع الفداء، ويتكرّر بتكرّر اللبس، وفي التغطية إشكال، ويلحق التظليل أيضاً بلبس المخيط(1)، وتتكرّر كفّار ته بتكرّر الأيّام على الأحوط(2).

الثالثة: يجوز الخروج من مكّة المعظّمة بعد الإحلال من عمرة التمتّع لزيارة المقامات الشريفة كلّها. وكذا إلى أدني الحلّ لأن يحرم للعمرة المفردة(3)، وغير ذلك ممّا هو دون المسافة بلا إشكال، وإنّما يختصّ الإشكال بالسفر إلى ما يبلغ(4) حدّ المسافة، وتقدّم ما هو الأقوى فيه.

الرابعة: لو كان النائب أجيراً للحجّ، وزيارة المدينة المنوّرة جمعاً، ولم يزر المدينة يرجع من الأجرة المسمّاة قدر ما وقع(5) في العقد بإزاء الزيارة.

وطريق تشخيصه: أن يرجع إلى أهل الخبرة في معرفة ما لزيارة المدينة المنوّرة من النسبة إلى مجموع العمل، يرجع من الأجرة بتلك النسبة. أمّا إذا وقعت الإجارة على الحجّ وكانت الزيارة شرطاً في ضمن العقد على الأجير كان للمستأجر أن يفسخ العقد لفوات الشرط، ويستحقّ الأجير حينئذٍ أجرة مثل عمله، وإن زادت على الأجرة المسمّاة في العقد، أو نقصت عنها بكثير.

(1) بل لا يلحق، ويكفي فيه كفّارة واحدة لكلّ من النسكين، وكذلك الحكم في التغطية أيضاً. (صانعي)

(2) وقد عرفت أنّ مقتضي بعض النصوص الاكتفاء بفداء واحد لإحرام العمرة بتمامه. وكذا لإحرام الحجّ، فراجع.

(3) على القول بجوازها، لكنّ الأحوط عدم جوازها فلا يجوز على الأحوط الإتيان بعمرة مفردة بعد أداء عمرة التمتّع وقبل الإتيان بحجّ التمتّع ولو أتي بها فصحّتها محلّ إشكال، ولكن لا يوجب ذلك إشكالاً في عمرته وحجّه كما مرّ. (صانعي)

(4) قد عرفت أنّ ظاهر نصوص المنع هو الخروج عن مكّة بحدودها، وإن كان إلى ما دون المسافة.

(5) الظاهر أنّ له خيار تبعّض الصفقة، فإن فسخ رجع النائب عليه بأجرة المثل، كما في الفرض

ـ(637)ـ

--------------------------------------------------
الآتي.

ـ(638)ـ
--------------------------------------------------

الخامسة: تقدّم في مبحث النيابة أنّ إطلاق عقد الإجارة لمثل الحجّ من الأعمال المختلفة ماليتها، ورغبات الناس فيها يقتضي مباشرة الأجير له بنفسه، وعدم جواز استئجاره نائباً آخر إلاّ مع التنصيص به، أو قيام قرينة على ذلك. لكن لو تعذّر مباشرة النائب في أثناء الطريق، لمرض، أو غير ذلك، فلا يبعد أن يكون تعذّرها، وعدم رضي المستأجر بفوات الحجّ في تلك السنة، مع سائر ما يترتّب من المضار على بقاء قيديّة المباشرة في ذلك الحال قرينة نوعيّة على سقوطها(1) وتسلّط النائب على استئجار نائب آخر من ذلك المكان، بل نفوذ وصيّته أيضاً بذلك.

ثم لو مات النائب من دون أن يوصي إلى أحد باستئجار نائب آخر من ذلك المكان(2)، فإن كان هناك من وكلّه الحاكم الشرعيّ في تصدّي الأمور الحسبيّة كانت له الولاية على ما كان مع المتوفى من الأموال، وإلاّ كانت الولاية على ضبط ذلك المال وحفظه راجعة إلى من هناك من عدول المؤمنين، ولا يبعد أن يكون استئجار نائب آخر من ذلك المكان؛ لأنّ يحجّ عن المنوب عنه، مع عدم المغالاة في الأجرة، واجتماع سائر ما يعتبر في كونه صلاحاً للمستأجر، وورثة المتوفّى من الأمور الحسبيّة التي لا بأس بتصديه،

(1) هذا يتمّ لو كانت المباشرة ملحوظة قيداً زائداً على موضوع الإجارة، بأن يكون موضوعها الحجّ عن فلان بشرط أن يؤدّيه بنفسه، أمّا لو كان موضوع الإجارة نفس عمله فبتعذّره تبطل- كما لو انهدمت الدار- لانكشاف عدم المنفعة واقعاً، وحينئذ ترجع الأجرة ملكاً للمؤجر في ذمّة الأجير، فإيقاع الإجارة من النائب يكون من قبيل العقد الفضولي، ولا تنفذ وصيّته بذلك.

(2) إن كانت الحجّة ميقاتيّة لا يتعيّن الاستئجار من ذلك المكان، بل يكفي الاستئجار من الميقات كما هو المستأجر عليه، وإن كانت الحجّة بلديّة لم يكف الاستئجار من ذلك المكان؛ لما عرفت من عدم جواز تعدّد النائبين ولو مع ترتّبهم في المسير، ولابدّ حينئذٍ من استئجار نائب من البلد، وكذا الإشكال في صورة موته ووصيّته باستئجار نائب أو تولي الحاكم الشرعيّ لذلك.

ـ(639)ـ

--------------------------------------------------
بناء على ثبوت الولاية المطلقة على مال الغائب، وعدم كونها مقصورة على مجرّد الضبط والحفظ، كما لا يبعد أن يكون هو الأقوى، فلا يكون استئجار وكيل الحاكم، أو عدول المؤمنين حينئذ فضولياً متوقّفاً على الإجازة، ولا تسليم الأجرة إلى من استؤجر للحجّ من التصرّف غير المأذون فيه، وموجباً لضمان الدافع، وإنّما هو تصرّف ممّن له الولاية عليه، ومحض إحسان لا ضمان فيه، خصوصاً مع القطع برضي المستأجر وورثة المتوفّى جميعاً.

السادسة: إذا اجتمعت أسباب مختلفة للكفّارة، كالصيد، واللبس، وتقليم الأظفار، والطيب لزم من كلّ واحد كفّارة؛ سواء فعل ذلك في وقت واحد، أو وقتين، كفّر عن الأوّل، أولم يكفّر، بل لو كرّر السبب الواحد وكان كالصيد، والوط‏ء، ونحوهما ممّا لم يفرّق الشرع ولا العرف ـ في صدق السبب من مسمّاه ـ بين اتّحاد المجلس والوقت، وتعدّدهما، وتخلّل التكفير، وعدمه لزمه أيضاً لكلّ مرّة كفّارة.

نعم، لو كرّر الإيلاج والإخراج في وطي واحد فلا يبعد عدم تكرّر الكفّارة إلاّ إذا تعدّد المجلس، أو تعقّب السابق بالإنزال فيعدّ اللاحق حينئذ في العرف وط‏ء آخر. وكذا لو حلق بعض رأسه غدوة، والآخر عشيّة، بخلاف ما إذا كرّر الحلق في وقت واحد بإعادة الموسى على رأسه للمبالغة في إزالة الشعر، فإنّه يكون حلقاً واحداً. ولو لبس ثياباً متعدّدة واحداً بعد واحد تكرّرت الكفّارة، وإن كان في مجلس واحد، وكانت الثياب من صنف واحد، بل لو كرّر لبس الثوب بأن ينزعه ثمّ يلبسه، وإن كان في يوم واحد(1)، وهكذا تكرّرت أيضاً، ولو لبس الثياب المتعدّدة دفعة واحدة لم يتكرّر الفداء(2) على الأصحّ،

(1) مع تخلّل التكفير فيما كان الملبوس واحداً، كالقميص مثلاً، وإلاّ فمع عدم تخلّل التكفير فلا تتعدّ الكفّارة. (صانعي)

(2) في الأصحيّة تأمّل، فالأحوط الكفّارة لكلّ واحد منها. (صانعي)

ـ(640)ـ

--------------------------------------------------
ولو تطيّب مرّة بعد أُخرى تعدّدت أيضاً، أمّا إذا جمع أنواعاً من الطيب وتطيّب به دفعة فلا تعدّد. وكذا لو تكرّر منه تناول الطيب في وقت واحد على وجه يعدّ تطيّباً واحداً، ولو قبّل متعدّداً بأن نزع فاه، ثمّ عاد فقبّل تكرّرت أيضاً، بل الأحوط إن لم يكن أقوي تكرّرها بتكرّر التقبيل وإن لم ينزع فاه. وبالجملة، فالمدار على صدق تعدّد السبب عرفاً واتّحاده، وكلّ محرم لبس، أو أكل عامداً عالماً ما لا يحلّ أكله، أو لبسه، ولم يكن له مقدّر شرعيّ كان عليه(1) دم شاة، بل هو كذلك في كلّ محرّم على المحرم ممّا لم ينصّ على عدم الكفّارة فيه، أو نصّ على أنّ فيه دماً من غير تعيين.

والله تعالى هو العالم بحقائق أحكامه، وأفضل صلاته وتحيّاته على أشرف أنبيائه وآله الأئمّة الطاهرين صلواته عليهم أجمعين- وقد تمّ كتاب الحجّ مقتصراً على مهمّات مسائله التي تعمّ بها البلوى على يد مؤلّفه أفقر البريّة وأحوجهم إلى رحمة ربّه الغني محمد حسين الغروي النائيني في 12 شوّال سنة 1341 إحدى وأربعين بعد الألف والثلاثمائة من الهجرة المقدّسة النبويّة على مهاجرها أفضل الصلاة والتحيّة في المشهد المقدّس الغروي زيد شرفاً وعزّاً(2).

(1) بلا خلاف أجده فيه كما في الجواهر[1]، واستدلّ له بصحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): «من نتف إبطه، أو قلّم ظفره، أو حلق رأسه، أو لبس ثوباً لا ينبغي له لبسه، أو أكل طعاماً لا ينبغي له أكله وهو محرم، ففعل ذلك ناسيا، أو جاهلاً فليس عليه شيء، ومن فعله متعمّداً فعليه دم شاة»[2]، لكن في إثباته لعموم الدعوة الثانية إشكالاً ظاهراً، والحمد للّه كما هو أهله، والصلاة على محمّد وآله الطاهرين. «1» ذي الحجّة «1357» هجريّة.

(2) وقدتمّ التعليقة على مهمّات مسائله في 20 جمادي الثاني 1429 (يوم ولادة الصدّيقة الطاهرة رزقنا الله شفاعتها) من الهجرة النبويّة على مهاجرها أفضل الصلاة والتحيّة في جوار كريمة أهل البيت قم المشرّفة.

--------------------------------------------------
[1]. الجواهر 20: 438.
[2]. التهذيب 5: 369، الحديث 1287، وسائل الشيعة 13: 157، كتاب الحجّ، أبواب بقيّة كفّارات الإحرام، الباب 8، الحديث1.

ـ(641)ـ
--------------------------------------------------
ـ(642)ـ
عنوان بعدیعنوان قبلی




کلیه حقوق این اثر متعلق به پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی صانعی می باشد.
منبع: http://saanei.org